هذا مقال مختصر بديع للدكتور محمد موسى الشريف -حفظه الله- عن موضوع يكثر طرحه من أهل الصحف ومدعي الثقافة والفكر، ممن لايرتضي مسلك هذه الدولة الشرعي، ويريد صرفها عنه بشتى الحيل. هذا الموضوع هو مايسمى: " تجديد الخطاب الديني" !
يقول الدكتور:
كلمة حق أريد بها باطل..
"تجديد الخطاب الديني مسألة تعلق بها أصناف من غير الإسلاميين طويلاً، ودندنوا حولها كثيراً، وهي في رأيي -بالنسبة لهؤلاء- كلمة حق أريد بها باطل، إذ يريدون من تجديد الخطاب الديني مضمون الخطاب ومحتواه لا هيكله، ويريدون التخفف من تكاليف الشرع المطهر تحت هذا العنوان البرّاق الجذّاب، ويريدون -فيما يريدون- أن يأخذوا بالشاذ من الأقوال المنسوبة إلى العلماء، وبالضعيف من المفهوم والاستنباطات، ويجعلوها هي المعتمد لا لشيء إلا لأنها توافق هواهم وما يرتضونه من طرائق العيش، هذا وقد خبرنا عدداً من هؤلاء فوجدنا دينهم رقيقاً، وأفكارهم مشوشة مضطربة.
ولقد ساعدهم على ذلك نفر من الصالحين انخدعوا بدعواهم وارتضوا شيئاً من طريقتهم، فصاروا يرددون عبارات التجديد في الخطاب الديني دون وعي كامل بخطورة ما يقولون، ولا بما تجرّه من عواقب، وتعدّوا القول إلى التنفيذ، إذ رأينا نفراً ممن نؤمل منهم الخير والصلاح -وهم كذلك إن شاء الله تعالى- تساهلوا في عرض العورات، واستضافة الكاسيات العاريات في برامجهم بدعوى إتاحة الفرصة للرأي الآخر وللمناقشة الحرة، ورأينا برامج فضائية تربوية -أو هكذا يزعم القائمون عليها- يتصدر فيها لمناقشة مسائل مهمة من تربية الأولاد نساء غير ملتزمات بالحجاب، وأفكارهن فيها عوج ظاهر وميل واضح عن جادة الشريعة، ورأينا بعض المجلات الإسلامية التي جددت خطابها -فيما يزعمون- تتساهل في إظهار صور النساء على صفحاتها، وبعضهن جميلات فاتنات، بدعوى أنهن محجبات !! ويظهرون المرأة وهي ضاحكة أو مبتسمة، وربما ظهر شيء من شعرها وزينتها.
فيا عباد الله أي تجديد هذا؟!
وهل يقول فقيه واحد -ممن يقول بجواز كشف الوجه- بجواز ظهور المرأة على صفحات المجلات وهي ضاحكة تثير الغرائز، وتلوي أعناق الشباب، وتفتن المراهقين بحجة أنها غطت شعر رأسها؟!
هذا ولم تكتف المرأة بذلك بل غطت رأسها بغطاء جميل ملون ولبست (بلوزة) جميلة وأرسلت لضحكتها العنان بعد ذلك، فهل هذه حجاب؟!
إن الحجاب شرع لستر مفاتن المرأة فهل حقق هذا الذي يسمونه حجاباً هذا المقصد الشرعي الذي لا خلاف عليه بين جمهور الفقهاء ؟! إن هذا ليس بتجديد بل هو فتنة واستدراج وكيد من الشيطان اللعين وحزبه المضلين.
وأيضاً سوّل الشيطان لنفر من المشايخ الأخذ بالأقوال الضعيفة والرخص المرذولة المتروكة فظهرت فتاوى عجيبة غريبة، رحّب بها دعاة التجديد في الخطاب الديني -أو إذا أردنا الدقة دعاة تجديد الدين نفسه وتكاليفه- وطنطنوا بها وملأوا الدنيا ضجيجاً حولها، وقرأنا كتابات صحفية كتبها كتّاب مشهورون ومغمورون، كلها تنادي بالتجديد والعصرنة والعقلنة للخطاب الديني، وكلها دعاوى إذا مُحّصت واختصرت يظهر منها أن القوم لا يفهمون الفارق الكبير بين تجديد الخطاب والتفلّت من التكاليف الشرعية كلها أو بعضها.
إننا مطالبون دوماً بمسايرة العصر في طرائق العرض والجذب لأكبر عدد ممكن من الناس؛ لكن ليس على حساب شرعنا المطهر، ويمكن الجمع -لمن تحقق له التقوى والورع- بين جمال العرض وصحة المضمون.