بتـــــاريخ : 9/11/2008 8:48:45 AM
الفــــــــئة
  • الصحــــــــــــة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1881 0


    أمراض المعدة والأمعاء في رمضان

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : د. عبير مبارك | المصدر : www.meshkat.net

    كلمات مفتاحية  :

    يُعاني عادة واحد من كل أربعة أشخاص من مشاكل في الهضم وفي عمل أجزاء الجهاز الهضمي، ما يتسبب بإزعاج متفاوت الدرجة لدى الكثيرين. ويظهر اليوم مُصطلح حالات الأمعاء الحساسة Sensitive Gut للتعبير عن تلك الاضطرابات العضوية أو الوظيفية في أجزاء متفرقة من الجهاز الهضمي، بدءا من المريء والمعدة ووصولاً إلى الأمعاء الغليظة أو القولون. وفي شهر رمضان على وجه الخصوص، شهر الصوم بالنهار، والإفطار والسحور بالليل، تظهر لدى الكثيرين مشاكل هضمية تنغص عليهم الراحة في الصوم والراحة في تناول الأطعمة. وإن كان من الطبيعي أن على المرء أن يُحسن التعامل مع جهازه الهضمي الحساس طوال العام، فإن من الواجب المؤكد أن يُحسن ذلك التعامل، وبرفق، في شهر الصوم.

    أمعاء حساسة

    وحالات الأمعاء الحساسة تختلف تماماً عن حالات حساسية الأمعاء لتناول أطعمة معينة، كذلك عن حالات عدم تقبل الأمعاء لتناول أطعمة معينة. وللتفريق، فإن حالات الأمعاء الحساسة تشمل اضطرابات مزمنة في سوء الهضم، مثل ترجيع عصارات المعدة إلى المريء والاضطرابات المزمنة في أجزاء الجهاز الهضمي مثل القرحة المزمنة في المعدة أو الإثني عشر، ومثل تهيجات القولون العصبي. أما الحالات الأخرى لاضطرابات الجهاز الهضمي عند تناول منتجات غذائية معينة فلا يُطلق عليها إلا حالات الحساسية من تناول أطعمة معينة Food Allergy وحالات عدم تقبل الجسم لتناولها Intolerance Food.

    معالجات للقولون العصبي

    والقولون العصبي أحد أوسع أمراض الجهاز الهضمي انتشاراً بين الناس. وإن كان الصوم بحد ذاته احدى أهم وسائل تخفيف أعراض القولون العصبي ومعالجته، إلا أنه يظل اليوم لدى كثير من مرضى القولون العصبي أكثر تهيجاً في رمضان. وأسباب ذلك عديدة، لكن أهمها هو تهيجه مع اضطرابات تناول الأكل بطرق غير صحية. وهو ما يفرض معرفة هؤلاء المرضى للطرق الطبيعية في التغلب على تهيج القولون بصفة عامة.

    وحالات تهيج القولون العصبي تتسبب بنوبات متكررة من ثلاث حالات، إما الإمساك أو الإسهال أو كلاهما معاً بشكل متعاقب. أي أن ثمة ثلاثة أنواع من حالات القولون العصبي بناءً على نوعية الإخراج من القولون. ويصحب ذلك كله ألم في البطن متفاوت الشدة والنوعية، إلى حد المغص، وكثرة خروج الغازات، وحالات انتفاخ البطن بشكل مزعج. وما تشير إليه المصادر الطبية حتى اليوم هو أن الحالة هي عبارة عن اضطرابات وظيفية في القولون، وليست عضوية ناجمة عن تقرحات أو ما شابهها في بنية أجزاء القولون، بمعنى أن شكل القولون وبنيته التشريحية تبدو سليمة للعيان عند فحصه. وكان قد سبق لي في ملحق الصحة في "الشرق الأوسط" ، بتاريخ 2 فبراير 2006 ، عرض جوانب أعراض القولون العصبي وكيفية تشخيصه.

    ولا يُوجد اليوم أي علاج يشفي ويُزيل الإصابة بالقولون العصبي، وهذه حقيقة يجب على المرضى به تقبلها. كما أن حال الأدوية المتوفرة هو ما تقدم عرضه. وبالتالي فإن الحاجة ماسة جداً لكي يتفهم المرضى هؤلاء كيفية التعامل مع هذا المرض ونوبات تهيجه بطرق طبيعية، وفق ما هو الغالب من أعراض أنواع القولون العصبي لدى كل إنسان مُصاب به.

    حالات الإمساك

    المواد المكونة للكتلة كالنخالة المحتوية بغزارة على الألياف، أو الحبوب المركزة من الألياف مثل سيليم Psyllium أو ميثايلسلليلوز Methylcellulose ، يُمكنها الامتزاج بمحتويات القولون من مواد الفضلات الجاهزة للإخراج. وحال تناول الماء بوفرة فإنها تعمل على تكوين كتلة مرنة وطرية للفضلات تلك، ما يُسهل إخراجها من دون عناء كبير. لكن الإشكالية المُصاحبة لاستخدامها هي في تسببها بنشوء غازات في القولون، لأنها في نهاية الأمر تراكيب معقدة من السكريات. وأحد أفضل الحلول للتغلب على مشكلة الغازات الناشئة هو التدرج في تناول كميات الألياف، سواء التي في النخالة الطبيعية أو في أنواع الحبوب الدوائية المركزة منها. والمهم، إضافة إلى التدرج في تناولها، الحرص على شرب كميات كافية من الماء لتسهيل عمل الألياف. وإلا فإنها لن تُجدي نفعا، بل قد تزيد الأمور في الأمعاء تلبكاً وتعقيداً، وتفقد بالتالي جدواها. والواقع أن كثيراً من الناس الذين يستخدمون المُلينات من نوع الألياف الطبيعية أو الصناعية عليهم شرب الماء بكثرة لتسهيل عملها، وشكواهم من أنها لا تُجدي ليس مردها في الغالب تعود الأمعاء عليها أو عدم عملها، بل قلة تناولهم للماء معه تناولها.

    وبشكل عام فإن الملينات آمنة وفاعلة متى ما تم تناولها بحكمة ووفق الحاجة والضرورة ومع مراعاة الحاجة إلى الإكثار من شرب الماء. لكن التنبه هو في استخدام أنواع الملينات التي تعمل على تهييج جدران القولون وحصول نوبات من المغص المصاحب جراء ذلك، والتسبب بالتالي بسهولة الإخراج نتيجة لذلك كله. أي ليس نتيجة لزيادة كتلة وليونة مواد الفضلات نفسها. والمقصود أدوية من نوع السنامكي أو Senokot أو حبوب ديلكولاكس Dulcolax أو غيرهما.

    حالات الإسهال

    وهنا بالطبع لن يُجدي نفعاً تناول الملينات المتقدمة الذكر، بل أدوية مثل لوبريمايد Loperamide (Imodium) هو ما يُفيد. لأنها تُقلل من انقباضات الأمعاء وتُقلل أيضاً من إفرازات السوائل ضمن مكونات الفضلات الجاهزة للإخراج في القولون، ولذا ستُخفف من نوبات الإسهال. لكن من المهم التنبه إلى أن تناول الأطعمة الدسمة أو القهوة أو المشروبات الكحولية يزيد لدى مرضى القولون العصبي من نوبات الإسهال وألم البطن المُصاحب لها. ويرى الباحثون من كلية الطب بجامعة هارفارد أن تناول العلك أو المشروبات المحتوية على مُحليات من نوع سوربيتول Sorbitol أو تناول سكر الفركتوز، الموجود بكميات جيدة في العسل الطبيعي وفي كثير من الفاكهة، يُمكنه كذلك أن يزيد من حالات الإسهال وإطلاق الإخراج. وهو ما يجب ضبط تناوله وربما الحذر منه حال المعاناة من نوبات الإسهال.

    الغازات وانتفاخ البطن

    ويحتار الكثيرون في ما هو الأفضل للتعامل مع الغازات والتخلص منها. وثمة اليوم في الأسواق أنواع متعددة من المنتجات الدوائية الموجهة لمعالجة الغازات. والواقع أن الباحثين من جامعة هارفارد، على سبيل المثال، يقولون انها في الغالب غير مُجدية لأي نفع. وأعطوا أمثلة للأدوية المحتوية على مركبات سيميثيكون Simethicone أو المحتوية على الفحم أو ألفا غلاكتوساديز Alpha-Galactosidase وغيرها. والسبب وراء اتجاه كثير من الباحثين إلى القول بعدم جدواها هو التجربة التي يلحظها غالبية مُستخدميها من ناحية عدم استفادتهم منها. والتوجه الصحيح هو نحو عدم إعطاء فرصة لتكوين ونشوء غازات في الجهاز الهضمي، والتي مردها في الغالب إلى نوعية الطعام الذي نتناوله، مثل البقول أو مشتقات الألبان أو المشروبات الغازية أو التفاح أو الموز أو الملفوف أو القرنبيط أو البروكلي.

    ألم البطن

    ويُفيد في حالات كثيرة من ألم البطن المُصاحب لحالات القولون العصبي، تناول أدوية مضادات المغص Antispasmodics لدورها الفاعل في تخفيف حدة تقلصات وتشنجات انقباض عضلات الأمعاء. كما يُفيد في بعض الحالات تناول كميات ضئيلة من الأدوية المضادة للاكتئاب قبل النوم، مثل أمايلتربتولين Amitriptyline أو غيره. لكن يجب أن يتم تناولها تحت الإشراف الطبي وفي حالات القولون العصبي المصحوب بالإسهال لأنها بذاتها تتسبب بالإمساك كأثر جانبي. لكن وسائل طبيعية مثل كمادات دافئة على البطن أو وضع قربة الماء الدافئ على البطن يُجدي كثيراً في تخفيف الألم دون اللجوء إلى الأدوية. هذا بالإضافة إلى تقليل تناول أي مشروبات تحتوي على الكافيين، مثل الشاي أو القهوة أو المشروبات الغازية. أما بالنسبة إلى النعناع أو الأدوية المحتوية على زيت النعناع Peppermint oil ، فإنه مفيد جداً كما تشير المصادر الطبية في تخفيف مغص وألم البطن. لكنها تُحذر من الإفراط في تناوله من قبل منْ لديهم حالات ترجيع محتويات المعدة إلى المريء Gastroesophageal Reflux Disease ، لأن النعناع يزيدها سوءا.

    البكتيريا الصديقة

    البكتيريا الصديقة Probiotics هي بكتيريا حية تُوجد بشكل طبيعي في لبن الزبادي وغيره من الأطعمة. وتكتسب اليوم شهرة نظراً لصدور العديد من الدراسات الطبية التي تحدثت عن فوائدها العلاجية للعديد من الحالات المرضية أو اضطرابات عمل أعضاء شتى في الجسم. وكان ملحق الصحة بـ " الشرق الأوسط" قد عرض بشيء من التفصيل تلك الدراسات بتاريخ 22 ديسمبر 2005. وتتوفر اليوم إضافة إلى ما في مشتقات الألبان وغيرها، على هيئة كبسولات دوائية تُباع في الصيدليات.

    والمعلوم حتى اليوم أنها مهمة جداً في حفظ التوازن الطبيعي داخل الأمعاء لتنشيط عمل الأمعاء وللمحافظة على أداء طبيعي لجهاز مناعة الجسم. ولذا تتعدى الحالات التي تُفيد فيها تلك البكتيريا الصديقة اضطرابات القولون لتصل إلى التهابات الجهاز التنفسي ونوبات الربو وحساسية الجلد وغيرها من حالات اضطرابات المناعة في الجسم.

    وثمة العديد من الدراسات الطبية التي أثبتت أنها مفيدة في تخفيف أعراض حالات القولون العصبي. ومن غير المعلوم أي أنواع تلك البكتيريا المُقدرة بالملايين هو المفيد بالذات. لكن كثيرا من المصادر الطبية ترى أن أنواعاً منها مثل L. Plantarum و B. Infantis ، مفيدة في تخفيف الغازات ونفخ البطن والإسهال لدى مرضى القولون العصبي.

    للتعامل مع القولون العصبي.. الحاجة تدعو إلى وسائل غير دوائية

    مما هو ملاحظ للأسف أن مجموعة من الأدوية التي نزلت إلى الأسواق في السنوات الأخيرة لعلاج حالات القولون العصبي، قد تم سحبها من قبل الهيئات الطبية المعنية بسلامة استخدام الأدوية العلاجية. وكان آخرها في مارس الماضي، حيث انه، ووفقاً لما يقوله الباحثون من جامعة هارفارد بالولايات المتحدة، تم سحب دواء زيلنورام Zelnorm (Tegaserod) ، وهو عقار كان يُستخدم للمعالجة قصيرة المدى لحالات الإمساك من أنواع القولون العصبي. وسبب اعتراض إدارة الغذاء والدواء الأميركية عليه هو أن الدراسات اللاحقة أثبتت أنه أسوأ من "العقار الوهمي" في التسبب بارتفاع مخاطر الإصابات بالنوبات القلبية وألم الذبحة الصدرية والسكتة الدماغية لدى متناوليه. ولم تكن هذه هي المرة الأولى في التحذير منه، لأنه تم وفي عام 2004 إلزام الشركة المنتجة له وضع تحذير على عبواته بأنه يُمكن أن يتسبب بحالات إسكيميا الأمعاء Ischemic Colitis ، أي نقص تروية أجزاء من الأمعاء بالدم، ما يُؤدي إلى آلام في البطن أو تلف تلك الأجزاء من الأمعاء وظهور حالات الغرغرينا فيها.

    والواقع أن زيلنورام هو الثاني في أدوية معالجة القولون العصبي التي يتم سحبها من الأسواق. وكان عقار لوترونكس Lotronex (Alosetron) قد تم السماح بتناوله عام 2000، إلا أن تسببه بإسكيميا الأمعاء وانسداد الأمعاء أدى إلى وقف تداوله وسحبه من الأسواق بعد تسعة أشهر فقط من نزوله إليها.

    لكن ولأن نوعي العلاج فاعلان في تخفيف معاناة مرضى القولون العصبي، فإن الباحثين من جامعة هارفارد لا يزالون يرون أن فوائدهما تغلب في أحيان كثيرة المضار المحتملة جراء تناول أي منهما. ويتوقعون أنه كما حصل مع عقار لوترونكس، من ناحية وضع ضوابط أشد صرامة في وصفه تحت الإشراف الطبي المباشر، فإن المتوقع أن تتخذ إدارة الغذاء والدواء نفس الإجراء مع عقار زيلنورام.

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()