ذات مساء سراني
|
جلسَ الشاعر ُوالراهب والسكّيرُ
|
إلى طاولةِ الحزن
|
وراحوا يرتشفونَ لبابَ الخمرة ِ
|
في زاوية الحانْ .
|
جلسوا عُمياً عن ضوء الحزن المشدود
|
كخيط بين عيون الناس
|
وعن عمر ِالليل المحدودب ِكعجوز ٍ
|
فوق ضهور الكهان .
|
لم ينتبهوا
|
للقمر ِالطالعِ من بغداد َ
|
يفيضُ بحزنِ صوفيِ في دنياه ُ
|
ولا لحداءِ الغصّة ِفي قلب ِامرأةٍ
|
ترضعُ من شرفتها الغيم َالظمآنْ .
|
كان الأوّلُ ملتفّاً بقميص ِالدمع ِالشفّاف
|
يصيخ ُالسمع َإلى صوت ِامرأة
|
يتهادى كمواويل ِالليل
|
وثانيهم يتأمّلُ في الأفق ِالشرقيّ
|
ملاكا نورانيّ الطلعةِ
|
يكشفُ عن حزن ِالدنيا في عينيه
|
وتحملهُ فوقَ قباب ِالغيم
|
(قرائينُ )بياض ٍ، وأناجيل ُحنانْ .
|
فقط الثالثُ ظلّ يغوصُ بقاع ِالصمت
|
وحيداً ،
|
يحسو الخمرَ
|
وينصت ُللشاعرِ وهو يدبُّ على الأرض كأعمى
|
ويحدّقُ في حزن ِالراهب ِكالسكران ْ.
|
قال الشاعر ُللراهب ِ:
|
منذ زمانٍ وأنا أرقدُ في تابوت ِالعزلةِ
|
منتظراً أن تأتي امرأةٌ كملاك ِالموت
|
لتقتلني ،
|
وتهزّ َعلى موتي النائم أجراسَ الهذيانْ .
|
قال الراهب ُ:سبع ُليال ٍ
|
وأنا أصغي لنحيب ِالمطر ِالأبيض في الليل
|
ولم تأت ِالنشوة ُ
|
كي أشربها كنبيذ ِالرمان ْ.
|
رفأَ الشاعرُ عينيه ِ ،
|
وهامَ الراهبُ في التيه ِ
|
وسال َعلى وجه ِالسكيرِ بكاء ٌأبيض ُ
|
وانطفأَ الحان ْ.
|
وانتشر َالليلُ أميراً
|
فوق جميع العميانْ
|