المرأةُ البيضاءُ
|
ذاتُ الصمت والإصغاءِ ...
|
منحلّاً على وجهِ الغديرِ جمالها الورديُّ
|
كانت قربَ نبعِ الصبحِ
|
تملأُ كأسها الفضيَّ بالماءِ القراح
|
وقلبها الشفّافُ ينبضُ مثلَ موجٍ
|
رائقِ الجريانِ في ماء الغروبْ .
|
...
|
تنحلُّ شمسُ بياضها الصافي
|
ضياءً أنثويّاً ( أبيضاً ) سكرانَ
|
في الأبصارِ ،
|
والرمان يهطلُ مسكرَ القطراتِ
|
من نحر حليبيِّ العذوبة والطيوب ْ .
|
...
|
يا ليتَ لي امرأة
|
تربّي العطرَ بين أنوثةِ الأزهارِ في أصص ِالصباحِ
|
ووجهها الورديُّ يسبحُ في موسيقى العطر
|
مثل المزهريّةِ ، مشتهى ماء القلوبْ !
|
...
|
لأرى انعكاسَ صفاء ِ لونِ العين ِفي الأزهارِ
|
شفّافاً كماءِ الآسِ
|
والقبلَ التي لا تُشتهى
|
إلا على مرآى شروقِ الشمسِ
|
بين شفاهها السكرى تذوب ْ .
|
...
|
لأشمَّ كالنعناعِ فوحَ نسائمِ الريحانِ
|
أو غيبوبةَ العطرِ المراهق ِ
|
في انسدالِ الشعرِ حتى الخصرِ
|
في تكويرةِ التفّاحِ قبل قطافهِ عن أمّهِ الخضراءِ الزهراء
|
حينَ يفوح ُماءُعبيرها فوق السهوبْ .
|
...
|
يا ليت لي امرأة
|
لأسقيها خزامى الكأسِ بالنعناعِ
|
كي تُروى رواءَ الروحِ
|
أو لتكونَ لي سمّي الذي أُسقاهُ عند الموتِ
|
مسرايَ المؤنثَ في ازهرارِِ سماءِ ليلِ الصيفِ
|
نحو معارجِ العشاق ِ
|
حيث البدرُ مجروحٌ بشهوتهِ
|
ومحروسٌ بأخوتهِ النجومُ
|
يضمّهُ ليلٌ حليبيّ
|
وتغسلهُ بماءِ النورِ ربّاتُ المساءْ .
|
...
|
حيث الكنائسُ عالياتُ الحزن
|
يسبحُ صمتها في الليلِ كالأسرارِ
|
يصعدُ ضوؤها المولودُ من ندمِ الشموس
|
إلى مصافي الحزن كي يبكي يسوعاً ضاعَ
|
والتسبيحُ تحتَ ملامسِ الأجراسِ
|
يوقظُ مريمَ الثكلى على كلّ البكاءْ !
|
...
|
حيث القصائدُ مسكراتُ الرجعِ
|
ترفعها إلى الإعجازِ أسرار ُالمجازِ العذبِ
|
ترفعها إلى يائيّةِ العشاقِ
|
قيسيّاتُ ليلى العامريةِ
|
كي تصيرَ كليمةَ العذريِّ في نجواهُ
|
والقطعُ الصغيرةُ من جمالِ الصوت
|
تصعدُ سلّم َالإنشادِ في هيمانها الصوفي
|
ياءً بعد ياءْ .
|
...
|
المرأة ُالبيضاء ُ...
|
تسميةُ النعومةِ بالحماماتِ الصغيرةِ ،
|
أوقطاةِ الصبحِ عند هديلها الشفّافِ
|
تسمبةُ العذوبةِ بالرؤى ، ورهافةِ الأطيافِ
|
بالضوءِ الذي ينشقُّ عن ماءِ الأنوثةِ
|
عارياً كالأقحوانةِ ،
|
صافياً مثل الهلالْ .
|
...
|
هيَ عشقنا للغيمِ قبلَ هطولهِ في بركةِ الرغباتِ ،
|
خيطُ الحزنِ مشدوداً على وترِ الحنينِ المرِّ ،
|
رغبةُ روحنا بالموتِ في الوطنِ المؤنثِ
|
كي نصيرَ تموّجاً أعمى على وجهِ الرمالْ .
|
...
|
هي توقنا للنومِ في مجرى المياهِ العذب ِ
|
كالأطفالِ
|
عودتنا إلى رحم ِ البداية ِسابحين َ
|
لكي نهوّمَ في سماء ِاللون ِأطيافاً
|
يخلّقها الخيالْ .
|
...
|
محدودباً فوقَ الغديرِ
|
كجذع ِصفصاف ٍقديم ِالدمع ِ
|
أبصرُ في مرايا الماء ِأطياف َالنساءِ ،
|
أرى هبوب َجمالهنَّ المشتهى
|
يعلو على مرأى البياضِ الطلق ِ ،
|
والثلج َالذي ينحلُّ من أجسادهنَّ
|
كسائلٍ أعمى
|
ليتخذ َالأنوثة َجدولاً ويسيل ..
|
مبتعداً إلى برك ٍسيشربها الغزال ْ .
|
...
|
وأرى اغتسالَ المرأةِ الشهَّاء ِبالمطرِ الرضيعِ ،
|
أرى فتاة ًحمَّمتها الشمس ُبالصابونِ
|
في ماءِ الغيومِ
|
لكي تصيرَ عروسة َالعشّاقِ
|
حين يلوّح ُالرمّانُ في شجر ِالصباحِ ..
|
أرى نهوداً عذبةَ التفاحِ
|
يرشحُ من تشهّيها رحيق ٌعاطرُ الشهواتِ
|
في الماءِ الزلالْ .
|
...
|
لو أنني يا نهرُ أُعطيتُ الطفولةَ
|
لاتكأتُ على ضفافِ الماءِ كالصفصافِ
|
أسمع ُصوتَهُ المنساب َفي الأسماعِ كالأجراسِ
|
والمهدُ الذي تهتزّ ُفوق وليدهِ الأغصانُ
|
مهديْ !
|
لو أنني يا نهرُ أُعطيت ُالسكينةَ
|
لانحنيتُ على حليبِ النبعِ كالمفطومِ
|
أنهل ُنهلة َالظمآن ِ
|
من حرّي وبَرْدِي !
|
لكأن َّسطرَ الماءِ تحتَ محابرِ الصفصافِ
|
خيطُ اللذَّةِ المسروقُ من ضوءِ العيونِ السودِ
|
خيطُ حنيننا الموصولُ بالأمِّ البعيدةِ
|
قبل َأنْ تغدو الحياةُ تطلّعاً من شرفةِ الماضي
|
إلى ندم السماءْ .
|
...
|
وكأنَّ المرأةَ البيضاءَ آخرُ ما نحبّ ُمن النساء ْ .
|