بتـــــاريخ : 9/14/2008 7:14:19 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 922 0


    عم مساءً أيها الرجل الغريب

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : طالب همّاش | المصدر : www.adab.com

    كلمات مفتاحية  :

     

    إلى غوغان‏

    *

    عم مساءً أيها الفردُ الصموتْ!‏

    * * *‏

    سأمٌ يملأُ قاعَ الروحِ بالوحشةِ‏

    والأُفْقُ غرابٌ ناعبٌ يخفقُ‏

    في العزلةِ‏

    والليلُ حزينُ الملكوتْ!‏

    أيَّ حزنٍ رعرعتهُ الريحُ‏

    في عُهدةِ أشجاري،‏

    ليغدو الحورُ في الأرضِ غريبيْ..‏

    وخريفي لا يموتْ؟‏

    لكأني مطرٌ يبكي على جذعِ الحواكيرِ‏

    صدى أيلولهِ المرِّ..‏

    وتعوي عند مشتاهُ الذئابُ.‏

    لكأني جدولٌ ينحتُ في الصخرِ‏

    مراياهُ؛‏

    ليصغي لخرير الماءِ في أوردةِ‏

    الموجِ‏

    فيعروهُ اضطرابُ.‏

    لكأني قمرٌ يغتالهُ‏

    ليلٌ غرابُ.‏

    وحداءٌ رجَّعَ الأعرابُ‏

    عند الليلِ‏

    مبكاهُ الإلهيَّ الحزينْ.‏

    ليردّوا هاجسَ الموتِ اللعينْ.‏

    كلما أغمضتُ جفنيْ سمعَ اللحنُ‏

    حفيفاً‏

    ولَهَتْ عن حزنهِ الأجراسُ،‏

    وارتدَّ الربابُ.‏

    * * *‏

    عم مساءً أيها الضيفُ الغريب!‏

    تعبَ الليلُ وأشجاكَ النحيبْ.‏

    فوراء الأفقِ غيمٌ ضارعٌ‏

    يسقطُ كالظلِّ على ليلِ المنافي،‏

    ومناديلُ سوادٍ "تلطمُ الروحَ"..‏

    وأسرابٌ من الغربانِ‏

    تجثو فوق أخشابِ الصليبْ.‏

    ووراء الأفقِ يُصْدِي‏

    رَجْعُ إنجيل المغيبْ!‏

    * * *‏

    سأمٌ يملأُ قاعَ الروحِ‏

    بالوحشةِ‏

    والليلُ أناجيلُ مراثٍ،‏

    ومواعيدُ قضتْ...‏

    لا خمرَ كي تصحو دمائي من سباتيْ،‏

    لا حساسينَ ليغري صوتُهَا‏

    خلفَ الصباحاتِ صلاتيْ.‏

    لكأني كالمرايا‏

    هائمٌ في بحرِ ذاتي.‏

    أستعيدُ الدمعَ من ثدي المناحاتِ،‏

    وعن تنهيدةِ الريحِ أردُّ الروحَ...‏

    لاشيءَ سوى ثعلبةِ الحزنِ،‏

    ولونِ الندمِ الأسودِ‏

    واليأسِ، وأصداءِ الرثاءْ!‏

    فارقتْ أحبابها الأرضُ وغابتْ‏

    من سيبكي في المغيب النايُ،‏

    أم ركبُ الشقاءْ؟‏

    ... وأرى الناياتِ تبكي‏

    في الصدى:‏

    "مافي حدا"‏

    لا ترجموا بالحزنِ قلبي!‏

    إنهُ خِلُّ البكاءْ.‏

    * * *‏

    عم مساءً أيها الكهلُ الحزينْ..‏

    ضارباً في وحشةِ البحرانِ‏

    وحدكْ!‏

    فارفعِ المرساةَ واضربْ بعصاكَ‏

    الأرض،‏

    واحفرْ في سوادِ الليلِ لحدكْ!‏

    عبرَ شقِّ البابِ يبكي قمرُ الحزنِ،‏

    وتنسابُ سنينْ.‏

    وهناكَ امرأةٌ تجهشُ خلف السورِ‏

    كالنايِ،‏

    وقلب نائحٌ فوق ضريحِ الغائبين.‏

    عم مساءً أيها الكهلُ الحزينْ!‏

    * * *‏

    وتراءى الغيمُ ليْ‏

    لذعةَ حزنٍ أبديٍّ‏

    فبكاني القمحُ والحورُ‏

    وأفضيتُ لكأسيْ بعتابي.‏

    قمرُ الليلِ حزينٌ لغيابي.‏

    والمواويلُ التي غنّيتها يوماً‏

    بكتني، ورَثَتْني..‏

    فأنا في الأرضِ أيلولُ المساكينِ،‏

    اصفرارُ العشبِ،‏

    واليأسُ غُرابي.‏

    * * *‏

    عمْ مساءً أيها الكهلُ الكَهُوْلْ!‏

    فاتحٌ كفّيكَ للريحِ‏

    تنادي الشجرَ الهائلَ والشجوَ‏

    وأشجانَ القفولْ!‏

    فهناكَ امرأةٌ‏

    ترقصُ كالعذراءِ فوقَ الصخرِ،‏

    طيرٌ هائمٌ فوقَ الفيافي،‏

    وأناشيدُ حدادٍ‏

    وطبولْ.‏

    ومواويلُ مقفَّاةٌ لحرَّاسِ الليالي،‏

    ونحيبٌ هائلُ الحزنِ‏

    تُصاديهِ الطلولْ!‏

    عم مساءً‏

    يا غريباً جالساً‏

    يقرأُ توراةَ الأفولْ!

     

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()