كالذئبِ أعدو خلفَ أطيافِ الغيابِ
|
أطاردُ الأصداءَ من جبلٍ إلى جبلٍ
|
وأنحتُ في جذوعِ الحورِ خسرانيْ.
|
لكأنَ هذي البيدَ مرثاتي الطويلةُ
|
والرياحُ محادلُ الأشجانِ عن جَلَدِيْ وصوَّانيْ.
|
متأبّدٌ في الريحِ
|
أرعى رجعَهَا الموجوعَ
|
في بريَّةٍ منهوبةِ الأمطارِ
|
لا غيمٌ يسجِّيني على نهرٍ
|
لأتبعَ مسقطَ الرمانِ،
|
لا قزحٌ يلوّحُ في أعالي الصحوِ
|
قمصاني.
|
أغلقتُ خمسَ أصابعٍ في الليلِ
|
ثم فتحتها
|
فإذا بشمسِ العمرِ غاربةً،
|
وأيلولِ الفراغِ مدويّاً..
|
والأرضُ تنأى عن مواعيدي (وتنآني).
|
"أبداً أجرُّ ندامتي خلفي"
|
وأنهدُ في الفراقِ
|
كجرحِ جيتارٍ عتيقٍ
|
شقَّهُ في الصدرِ سكّينُ النغمْ.
|
أبداً يحالفني الألمْ!
|
وأنا أجيرُ طفولةَ العشاقِ
|
من ثكلِ الزمانِ،
|
وأرفعُ الشهواتِ ضدَّ الموتِ،
|
والأشعارَ في وجهِ الهرمْ.
|
أبداً أعيدُ إلى الخريفِ دموعَهُ الصفراءَ
|
أسندُ شَجْرَةَ الحورِ العتيقةِ في الغروبِ
|
مسلّماً روحيْ لأسرابِ الزغاريدِ الكليمةِ
|
بالندمْ.
|
أنا قيسُ هذا الليل،
|
قدّيسْ الهلالِ وطفله الباكي،
|
وحزنُ قميصهِ المسفوحِ فوقَ الماءِ
|
من دمعٍ ودمْ.
|
أبداً أقاتلُ وحشةَ العشاقِ
|
بالتحديقِ في كأسٍ
|
يزاوجُ زهرةَ الرمانِ بالأحزانِ
|
في روحيْ
|
ويلطمُ بالرنينِ العذبِ
|
أقفيةَ العدمْ.
|
هل كانَ ذنبي أنني
|
(أحببتُ حتى الموت) أن أبكي
|
شقائي فوق صدرِ العامريةِ
|
كي أحدَّ من الألمْ؟
|
هل كانَ ذنبي أنني أغفيتُ أحزاني
|
على نهدٍ كريم اللوزِ،
|
أبيض من ثريّاتِ الذهبْ.
|
فلمستُ في النهدينِ أزرارَ البنفسجِ
|
وهي تزهرُ مثلَ حبّاتِ العنبْ.
|
فشعرتُ أنَّ الصبحَ يلعبُ بالحمائمِ
|
في دروبِ الروحِ،
|
والغزلان تركضُ في براري الفجرِ
|
كالشهواتِ،
|
والرعشاتُ تذروني كموّالٍ على إبر القصبْ.
|
وسمعتُ صوتاً من أعالي الغيبِ
|
ينهاني عن التفاحِ:
|
لاتمسسْ هديلَ الريحِ في خصرِ امرأهْ!
|
لكنني ألفيتُ نفسي شارداً في البيدِ
|
أتبعُ صوتها النائي،
|
ويتبعني صدايْ.
|
كنواحِ مزمارٍ جريحٍ
|
في عراءِ الأرضِ
|
يزفرُ حزنَهَ وجعاً ونايْ.
|
أبداً يرجّعني صدايْ!
|
ويردّني نهرٌ إلى قمرٍ
|
يسافرُ في صبايْ.
|
فتهيمُ بيْ ليلايَ
|
بنتُ الدمعِ والبجعِ الحزينِ على ضفافِ الصبحِ،
|
أجملُ صدفةٍ للموتِ
|
أين عرفتِ هذا الطعنَ بالسكِّينِ
|
ياامرأة الحنينِ المرِّ؟
|
كانَ القمحُ يتركُ شعرَهَا عبرَ السنابلِ،
|
والأنوثةُ تصطفيها من دموعِ الوردِ
|
أختُ الكحلِ وابنتهُ
|
وشهرٌ من غناءْ.
|
شهرُ الحساسينِ السماويُّ
|
الذي يرمي بزرقتهِ سحاباتِ المساءْ.
|
ونداءُ أجراسٍ لأعيادِ الأناجيلِ
|
التي تنداحُ كالتسبيحِ في سَمْعِ الحداءْ.
|
وأنا عماءُ الغيمِ في أفقٍ من الصبواتِ
|
أفردُ راحتيْ للحبِّ
|
كالصقرِ الجريحِ
|
كأنَّ هذا القفرَ مرآتيْ على الأيامِ،
|
والفقدانَ توأمُ حسرتيْ
|
عندَ الفراقْ.
|
أبداً يخالفني العراقْ!
|
في حبِّ ليلى
|
هلْ حرامٌ أن أراها؟
|
كالحمامةِ في إناءِ الصبحِ
|
تغمسُ ريشةً زرقاءَ في حبرِ الأغاني،
|
ثم تدرجُ بالهديلْ.
|
بيضاءُ لوَّحها بسمرتهِ سحابُ الصيفِ
|
فاشتعلتْ
|
وباكرها الرحيقُ السلسبيلْ.
|
لكأنما قلبيْ لشدِّةِ حزنهِ
|
راحتْ تطاردهُ الثعالبُ
|
في اصفرارِ الدمعِ
|
لا قمرٌ ليبكي أمَّهُ في الليلِ
|
لا ضوءٌ يناديهِ تعالَ..
|
يدورُ هذا العمرُ في عجلٍ
|
ويركضُ في عراءِ الطينِ ذئباً نابحاً
|
ينعى أناجيلي وينعاني.
|
وأنا أردّدُ في الرياحِ ضراعتيْ
|
كالشاعر الأعمى،
|
وأشردُ في فراغِ المغربِ القانيْ.
|
لكنني والليلُ يأفلُ بالغناءِ أنوحُ
|
وردَ جمالِها المفقودَ،
|
والحزنَ الذي راءى انكساراتي
|
وراءاني
|
لكأنني فزاعةٌ للموتِ في حقلٍ من الغربانِ..
|
تخطئني نبالُ الشهوةِ السوداءُ
|
يقتتلانِ
|
في روحي الظلامُ مع النهار،
|
الشوكُ والأزهارُ
|
لكني ألامسُ في شروقِ الشمسِ
|
قطناً رائعَ الأهدابِ
|
يغمرني بفضتهِ..
|
وألمحُ زهرةَ العبَّادِ
|
طالعةً كسورةِ يوسفٍ في وجهِ
|
إلحادي وإيماني
|