طلعَ الهلالُ على سطوحِ الصيفِ
|
والعشاقُ يرتجلونَ شَمْلَ القمحِ
|
يا ظبياتُ ردّدنَ الأغاني
|
في أعالي الليل!
|
إنّ النايَ راقصةٌ كذيلِ سحابةٍ
|
والنايُ زاجلةُ الحمامْ.
|
وافركنَ أجراسَ النهودِ البيضِ بالريحانِ!
|
سرّحنَ السنابلَ عذبةً للروح!
|
يا للروحِ غنَّتْ عالياً
|
نشوانةً بالخمرِ
|
يصهلُ مهرُ زرقتها المحبَّرُ بالغمامْ.
|
أوّاه يا للكأسِ
|
إنَّ الخمرَ مغريةٌ!
|
وبابُ الصبحِ مفتوحٌ
|
وإبريقي حرامْ!
|
فاتركْ دموعَ الشوقِ في شبَّاكِ أغنيةٍ
|
تذوبُ تساقطاً،
|
واتركْ لهذا الحزن ما للحزنِ،
|
واجنحْ نحو خابيةِ المدامْ!
|
يا طيبها من قهوةٍ
|
تنسابُ في فرحٍ بكأسِ الفضةِ الصافي
|
فَيُوجِعُ مسكها مُزْنٌ
|
وتبدأُ بالتزاوجِ في رحابِ الفجرِ
|
أسراب اليمامْ.
|
قد جاءني طيرٌ
|
وغرَّبَ في الغروبِ
|
ولمَّ أيلولُ الكئيبُ رسائلَ العشاقِ
|
وافتضحَ الهيامْ.
|
* * *
|
طلعَ الهلالُ
|
وذي سماءُ الصيفِ ضاحكة على الليمونِ
|
بيضُ ثيابها فلُّ
|
وسودُ عيونها كحلُ.
|
وتطلَّعتْ بالحبِّ من عليائها
|
قُمْ أيها المعشوقُ!
|
إنَّ الروحَ مجروحٌ بحبّكَ
|
والدموعُ الآنَ جارية لحزنكَ
|
نحنُ كالعصفورِ كلُّ فتاتنا في الصبحِ خبزٌ،
|
نحنُ كالإبريقِ كلُّ دموعنا طلُّ.
|
يا قمحُ
|
يا غزلَ البناتِ،
|
وشعرهنَّ الأسودَ المجدولَ للأفراحِ
|
لو يا قمحُ تعطيني الحفيفَ
|
لكنتُ من ولهي سأعلو.
|
هذا غناءُ الصيفِ
|
يرتفعُ الأرزُّ إلى شغافِ النهدِ
|
ترتفعُ القرى زرقاءَ،
|
صاديةً لذاك الغيم
|
تحتارُ الصبيةُ في تصابيها
|
وتحسرُ ثوبها عن نفسها
|
والحبُّ يحلو.
|
لو كنتُ من شيرازَ يا بغدادُ
|
ما ملَّ الهوى حزني
|
ولا العشاقُ ملّوا.
|
* * *
|
طلعَ الهلالُ الطفلُ
|
وانشرحتْ ليالي الصيفِ
|
يا فلاحُ فاحملْ سلّةَ الرمان
|
للبستانِ!
|
أفلتَ طائرُ الأحزانِ من صدري
|
فنفسي كلُّها شغفٌ،
|
وكأسي مزَّةٌ،
|
والقلبُ صبُّ.
|
من بردةِ الأفراحِ هبَّ الوحيُ
|
والعشاقُ هبُّوا.
|
لا ينطقُ العشاقُ في هذا الصبا
|
إلا بأغنيةٍ
|
وهم كالطيرِ في نغماتهِ لاهينَ
|
ليسَ يحدُّهمْ في حبّهمْ حدُّ
|
وليس يَضيرهم في الشدو ذنبُ.
|
يا قمحُ يا غزلَ البناتِ
|
وشعرهنَّ الأسودَ المجدول للأعراسِ
|
لو يا قمحُ تعطيني الخفيفَ
|
لكنتُ ملتُ مع السنابلِ
|
كلما هبَّ النسيمُ،
|
وكنتُ همتُ مع الجداولِ
|
كلما طلعتْ نجومُ الليلِ
|
والقمرُ الأحبُّ
|