بتـــــاريخ : 9/19/2008 12:25:45 AM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1151 0


    الغاية

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : جمعان الكرت الغامدي | المصدر : www.arabicstory.net

    كلمات مفتاحية  :

     

    وقف أمام الكرسي .. أحنى قامته .. تمتم بكلمات هامسة .. (عاد أدراجه إلى الوراء) بخطوات وئيدة . اتّجه نحو غرفة صغيرة . واستأنف يفتّش عن ورقة اندسّت بين كمّ الأوراق المتناثرة على سطح طاولة خشبية عتيقة . . منذ لحظة رؤيته الكرسي الدوار ..لم ينفك تفكيره .. امتشق غطاء القلم الأحمر وأمضى بسنه على حروف أربعة كانت تتراقص بين أحرف متشابكة ملأت بياض الصفحة .. وبعدها تنهّد وقال: المشوار طويل .. طويل ..

     

    أكثر ما كان يثير حفيظة (زاهي) الكرسي الدوّار في هذه المرّة.. تسمّر أمام الكرسي واستمرّ يناظره بلهفة وشوق .. وما إن يقدّم الملفات حتى ينكص إلى الوراء ويعود وقد امتلأ صدره بالهواء يزيحه بزفرات متتابعة .. بدأت حروف الأسماء تتآكل من وجه الورقة البيضاء .. وعربد اللون الأحمر بصخب في تشكيلات عريضة . بعدها شعر بنشوة عارمة .. يلجمها بكلمات مقتضبة ... المشوار طويل .. طويل . مكث عدة أشهر وسن القلم الأحمر لم يطفح بدمه القاني وظلّت الحروف البليدة تسبح باشتهاء على الورقة . في تلك الليلة لم يغمض له جفن .. كان يشاهد خيوطاً متشابكة تنطلق من رؤوس أصابعه . لتتعلّق في الفضاء بعدها تتساقط طيور بيضاء وقد اصطبغت أجنحتها بلون أحمر قان .. يتقدّم نحوها ويدوسها بغيظ . . في هذه الليلة شاهد طيراً ضخماً بمنقار ومخالب حادة وقتها كان يتلوى من الألم .. سرعان ما سقط ميتاً.. تناثرت ضحكات من شدقيه لتشكّل لوحة سوداء, واستمرّ في الرقص على جثّة الطير الجارح ...

     

    حروف قليلة ظلّت تقاوم أمامه .. والمشوار طويل .. طويل وسحابة بيضاء لسعته على رأسه . كاد قلمه الأحمر يفقد لونه . وكاد يفقد حلمه وظلّت خيوطه منصوبة في فضاء معتم .. أما الطائران الشرسان فاستمرّا يسبحان في الهواء بهدوء ودعة .... أمّا عينا (زاهي) فقد تغشّاهما ضباب رمادي .. هنا لا بدّ أن ينبرى إلى حلم جديد.. حلم شهي .. بالفعل خبّأ مسماراً حاداً . وقال في قرارة نفسه الغاية .. بعدها نام بهدوء .. واستيقظ أيضاً بهدوء .. وهرول إلى الكرسي .. ووقف أمامه بكل استحياء ..وقتها كان الكرسي أنيقاً ومتسعاً . . حينها اعترته نشوة أفضت إلى ابتسامة غادرة ، انصرف تاركاً رزمة أوراق على طاولة المدير .. لم يفاجأ أبداً حينما شاهد الحروف تأكل بعضها بنهم كتم أنفاسه فرحاً إلا أنّ غمامة من الحزن مرّت من أمام عينيه كذبابة تصدر طنيناً متواصلاً الحروف أربعة فقط والمشوار طويل والكرسي الدوار يشعّ هيبة .

     

    في يوم كانت الشمس ترسل شواظها على جسد الأرض وجد ورقة باهتة مدوّن عليها .. أنت مطرود .. لأنك تركز النظر وتلسع بعينيك طراوة الكرسي .

     

    لمح ورقة أخرى فوجد الحروف الأربعة ترقص بعنفوان .. انكسرت عيناه بخطوات ثقيلة.. اتّجه إلى الكرسي الدوّار, ومكث يطيل النظر إليه .. وتقدّم بغرض تلمس ليونته ورخاوته . وقبل أن تمتدّ يده .. تحوّل الكرسي بغتة إلى قلم أحمر ينّز دماً ساخناً
    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()