كان صلاح الدين إذا سمع أنَّ العدو قد داهم المسلمين خرَّ إلى الأرض ساجداً لله، داعياً بهذا الدعاء:اللهم قد انقطعت أسبابي الأرضية في نصرة دينك، ولم يبق إلا الإخلاد إليك، والاعتصام بحبلك،والاعتماد على فضلك، أنت حسبي ونعم الوكيل ويقول
: ورأيته ساجداً ودموعه تتقاطر على شيبته ثمَّ على سجَّادته، ولا أسمع ما يقول ، ولم ينقض ذلك اليوم إلاّ ويأتيه أخبار النصر على الأعداء، وكان أبداً يقصد بوقفاته الجمع، سيما أوقات صلاة الجمعة تبركاً بدعاء الخطباء على المنابر، فربما كانت أقرب إلى الاستجابة .
رحمك الله يا صلاح الدين لم تكتف أن ترفع يديك إلى السماء ..حتى تطأطئ جبهتك لله تعالى..بل وتسبل الدمع مدرارا ..تسأل ربك أن يعز الإسلام وأهله ..ويخذل الكفر وحزبه ..فمن منا فعل مثل فعل صلاح الدين رحمه الله ؟!!
من منا خر إلى الأرض ساجدا لله..داعياً ربه .. سائلاً لإخوانه المسلمين النصر والتمكين ..أم أشغلتنا الأخبار والدرهم والدينار ؟!!
هاهي بلاد المسلمين في كل يوم تستباح..فمن منا قام في الثلث الأخير من الليل يناشد ربه الكريم ..أن ينصر المجاهدين ..ويرفع راية الدين ؟!!
هاهي بلاد المسلمين داهمها العدو.. فمن منا من رفع نداءاته لله رب العالمين يسأل ربه أن يفرج كربة إخوانه المسلمين في كل مكان ؟!!
في كل يوم نسمع صرخات العفيفات ..فمن منا أرسل سهام الليل ..مع دموع منهمرة ..وعين خاشعة ..ونفس مستكينة ؟!
في كل يوم نسمع بيوت الله تهدم على رؤوس المصلين ..فهل قنت أئمتنا الكرام في مساجدهم لإخوانهم المسلمين ؟!! أم تكاسلوا وتخاذلوا حتى في القنوت والدعاء؟!!
و إني لأدعو الله و الأمر ضيق **عليّ فما ينفك أن يتفرجا
وربّ فتى ضاقت عليه وجوهه ** أصاب له في دعوة الله مخرجا
ومع تصاعد هذه البلايا ترى كم من متضرع صاف قدميه رافع يديه، وجل قلبه، دامعة عينه، يسأل الله رفع البلاء عن المسلمين..إنها عبودية الضرّاء يُمتحن بها المسلمون في أوقات الأزمات و الشدائد لعلهم يرجعون : ((أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ)) (النمل: 62) .
فالله الله في الدعاء ..ولله أخلصوا، و بالإجابة أيقنوا.. اللهم انصر المجاهدين في كل مكان.. واشدد وطأتك على الكافرين يا رب العالمين .