بتـــــاريخ : 6/3/2008 4:43:37 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 647 0


    صناعة النفس

    الناقل : heba | العمر :43 | الكاتب الأصلى : عبد الله بن سُليمان العُتَيِّق | المصدر : saaid.net

    كلمات مفتاحية  :
    دعوة بناء الداعية

    للإنسان قُدْرَةٌ في إظهار نفسه و تكوينها ، و هو في ذلك غنيٌّ عن إظهار غيره له .
    و هذه حال كثيرين يعتمدون على غيرهم ، و يرتقون على أكتاف كبرائهم لإظهار أنفسهم .
    و هذا فيه ما فيه من هضم النفس ، و هَدْرٍ لما وهبها الله من آليَّات النهوض بها ، و الرقي بها في سماء العلو .
    و لذا كانت وظيفة ( صناعة النفس ) سائدة لدى فئة من الناس لا يُزَاحَمُوْنَ في وظيفتهم ؛ و هذا إنما هو : لقلَّتِهم ، و لعلو همتهم ، و لقوة عزيمتهم .
    فَمِنْ شابههم سلك دروبهم . و مَنْ لا فلا .
    و هذه أسطرٌ كاشف فيها معاني ( صناعة النفس ) من خلال مباني الأحرف .
    و مؤصِّلاً وظيفة ( صناعة النفس ) موافِقَاً أصول الشريعة ، مراعياً أُسُسَ التربية .

    معنى ( صناعة النفس ) :
    قـد يتبادر إلى الذهن معنى لـ ( صناعة النفس ) غيرُ مُرادٍ لي ؛ و دفعـاً لتلك المبادرة أُبيِّنُ المعنى من (صناعة النفس ) و هو :
    سعيُ الإنسان _ الجادّ _ نحو إظهار نفسه ، و الكشف عن مكنوناتها و مهاراتها التي تؤدي بها نحو عالم الإبداع . مع اعتماده على ذاته وما كان خافياً فيها من قُدَرٍ .
    و هذا المعنى هو من بنيَّات الفكر ، و بَوْحِ الخاطر .

    قواعدُ( صناعة النفس ) :
    لـ ( صناعة النفس ) قواعدُ و أصولُ بها تُتْقَنُ و تُحْكَمُ ( صناعة النفس ) ، و بدونها ، و حال تخلُّفِها يكون الخلل ، و يُخَيِّمُ الفشل .
    و ههنا أمورٌ أربعة هنَّ أصولٌ لـ ( صناعة النفس ) :
    الأول : معرفة قُدُرَاتُ النفس :
    إن الله _ تعالى _ متَّعَ الخلق بقُدَرٍ و مواهبَ ؛ و هذه المواهب و القُدَرُ متفاوتةٌ بين الناس ، و هم فيها متباينون .
    فإذا عرف الإنسان قُدُرَاتُ نفسِه أحسن استعمالها ، و انشغل بها عن غيرها .
    و معرفة قُدَرُ النفس مُرْتَكِزَةٌ على رَكِزَتَيْن

    :
    الأولى : عدم رَفْعِ النفس فوق قدْرِها .
    حيث ترى _ و هو كثير _ مَنْ يُخادع نفسه و يُلْبِسُها لباس الزور فيُنزلها منازل كبيرةً عليها ، ليست هي من أهلها و لا قَرُبَتْ من أحوالهم .
    الثانية : عدم إهانتها و إنزالها عن قدرها .
    و هذه كسابقتها في الكثرة و الانتشار .
    و أعني بقُدَرِ النفس : ما تعرف النفس أنها ميَّالَةٌ إليه ، و تتيقَّنُ أنها تُنْتِجُ فيه أكثر .

    الثاني : حُسْنُ إدارة النفس :
    إدارة النفس تعني : قُدْرَةُ الفرد على توجيه مشاعره و أفكاره و إمكانياته نحو ما يريد تحقيقه ، و ما يصبو إلى تحصيله ( ).
    فَحِيْن يستطيع الإنسان أن يوجِّهَ خواطره و مشاعره نحو ما يسعى إليه في حياته يكون بدءُ ( صناعة النفس ) .
    و إدارة النفس فنُّ له أصوله و قواعده و مهاراته ، فليس هو أمرٌ بالهيِّن ، و لا بالشأن السَّهل

    .
    الثالث : تزكيةُ النفس :
    تزكية النفس هي : تنميتها ، و تطهيرها .
    فتنميتها تكون بـ : الطاعات ، و الفضائل .
    و تطهيرها يكون بـ : التخلِّي من الآفات ؛ المعاصي ، سفائل الأخلاق .
    هذان أُسَّان في تربية النفس و تطهيرها .

    الرابع : التدرُّج :
    النفس توَّاقةٌ نحو الدَّعَةِ ، و ساعيةٌ إلى الخمول و السُّكون ، فإذا أراد صاحبها أن يُبْدِعَ في ( صنلعة النفس ) فلا بدَّ له من نقلها من مواطن الركود و الدعة إلى مشارف العلو و الرفعة .
    و هذا يحتاج إلى أن يتدرَّج بها صاحبها من الدُّوْنِ إلى العلو ؛ شيئاً فشيئاً قليلاً قليلاً .
    و سرُّ ذلك : أن في التدرُّج تنقُّلٌ مُمَهَّدٌ يستدعي تقبُّلَ النفس لتلك الصناعة .
    و العكس ذو آفة يعرفها من أدرك حقيقة ذاك السر .

    الخامس : الحكمة :
    إن ( صناعة النفس ) تقتضي التعامل بالحكمة مع النفس ؛ فلا تُجْهَد ، و لا تُطْلَق لها الأزِمَّة .
    فيراعيها في موطنين :
    الأول : موطن الإقبال نحو المعالي ؛ فيغتنم تلك الفرصة لتربيتها ، و تنميتها .
    الثاني : موطن الإحجام عن الفضائل فيستعمل معها سياسة القيادة من جهتين :
    الأولى : الترغيب ؛ فيرغب نفسه بفضائل الأفعال ، و مقامات الكمال .
    الثانية : الترهيب ؛ فيرهب نفسه بعواقب الدُّنُوِّ ، و يُبَيِّنُ لها مساويء الأعقاب .

    طرقُ( صناعة النفس ) :
    لـ ( صناعة النفس ) طريقان مهمان :
    الأول : طريق ( الذات ) :
    و أعني به : أن يكون الإنسان هو الصانع لنفسه ؛ و ذلك من خلال القواعد الخمس السابقة .
    الثاني : طريق الغير :
    و أعني به : أن تكون ( صناعة النفس ) للإنسان من خلال من هو خارج عنه _ أي : عن نفسه _ من : صاحب ، أو عالم ، أو أبٍ ، … .

    مجالات( صناعة النفس ) :
    المجالات كثيرة و متعدِّدَةٌ ، و لكن ما يهمُ هنا هو ما يتعلَّق بالأمور المتعلِّقة بالإسلام ؛ و هما مجالان :
    الأول : مجال العلم :
    فإن أغلب الناس _ الصَّالحين _ ممن أعملَ نفسَه في العلم : طلباً ، و تعليماً ، و تأليفاً ... .
    و هذه مَحْمَدَةٌ و مَنْقَبَةٌ يُفرَح بها .
    لكن الأمر المُؤْسِف أن يكون من يشتغل بالعلم دائمَ الصعود و الظهور على أكتاف أشياخه ، ملازماً لتقليدهم ، حَذِرَاً من إبداء أي رأي له خَشْيَةَ عدم المُوَافَقَة .
    و هذه سلبية لا إيجابية .

    إذ الواجب على الإنسان أن يكون مُسْتَقِلاًّ بنفسه ، مُعْتَمِدَاً عليها .
    و هذا هو شأن كثير من العلماء ما أظهرهم إلا هم ، سعوا جادِّيْن نحو ( صناعة النفس ) فأبدعوا و أنتجوا ، في حين أن غيرهم ممن سيطر عليه الخوف ما بَرِحَ مكانه .
    و لا أعني بكلامي هذا إسقاط ما للعلماء من مكانة و تأثير في نفس الإنسان ، و إنما أُريدُ أن يكون الإنسان ذا رأي مُعْتَبِرَاً لنفسه قَدْرَاً و وزْنَاً ، و يَنْفَرِدُ بالسعي في تَحْصِيْلِ العلم بعد أخذ مفاتحه و أصوله على مشايخه .

    الثاني : مجال الدعوة :
    و هذا أكثر و أشهر من سابقه .
    و ( صناعة النفس ) فيه تكون بأن يَعْتَمِدَ الإنسان على ذاته في تبليغ الدعوة ، و نشر الدين في أوساط الناس .
    و كذلك أن يسعى لإيجاد طرائق مُتَعَدِّدَةٍ لتبليغ الدين ، و نشر الدعوة في أوسع نطاق .

    كلمات مفتاحية  :
    دعوة بناء الداعية

    تعليقات الزوار ()