وجوه الإحرام وأنواعه مرة أخرى :
أحببت أن أعود بالقارىء إلى أنواع الإحرام مرة أخرى لأذكر له بعض التفاصيل التي لها أهميتها ولم يسبق ذكرها ، وإليك البيان :
وجوه الإحرام وأنواعه أربعة :
(1) : الإحرام بالحج مفردا .
(2) : التمتع وهو أداء طواف العمرة أو أكثره في أشهر الحج ، ثم الحج من عامه من غير إلمام صحيح بأهله .
(3) : القران وهو الإحرام بالحج والعمرة معا ، أو الإحرام بالحج بعد الإحرام بالعمرة والإتيان بأكثر طوافها ، وحينئذ يعتبر قارنا غير مسيء . والقارن المسيء هو الذي يحرم بالحج ، ثم يحرم بالعمرة قبل طواف القدوم .
وكل من الإفراد والتمتع والقران ثابت بالقرآن والسنة وإجماع الأمة .
فقوله تعالى : ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا دليل الإفراد .
وقوله تعالى : وأتموا الحج والعمرة لله ، دليل صالح للقران .
وقوله تعالى : فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي ، دليل على التمتع .
وسبقت الأحاديث في ذلك .
(4) : إفراد العمرة بالإحرام وحدها .
وقد اختلف العلماء في الأفضل من الإفراد والتمتع والقران وسبق الكلام في ذلك . فالأحناف يرون القران أفضل ؛ ولهم في كيفية القران رأي ينفردودن به ، فهم يقولون في كيفية القران إنه الإحرام بالعمرة والحج في زمن واحد أو يدخل أحدهما على الآخر ويصلي ركعتي الإحرام ثم يلبي ناويا الحج والعمرة ، فإذا دخل مكة طاف للعمرة سبعة أشواط مضطبعا يرمل في الثلاثة الأول ، وبعد الطواف يصلي ركعتين ، ثم يسعى بين الصفا والمروة ، ثم بعد ذلك يطوف مرة ثانية طواف القدوم للحج ، ثم يسعى كما مر ، واستدلوا على ذلك بحديث عن ابن عمر ، ولكن الحديث ضعيف ، وبحديث عن علي كذلك فالأخذ بالصحيح متعين ، والمتعين هو ما قال به عامة الفقهاء من أنه يكفي القارن لحجته وعمرته طواف واحد وسعي واحد مثل الإفراد ، غير أن الهدي واجب عليه وسنة على المفرد والأحاديث الصحيحة في ذلك كثيرة منها حديث مسلم : من جمع بين الحج والعمرة كفاه طواف واحد ، ولم يحل حتى يحل منهما جميعا
ومن أحرم بالعمرة أولا ثم بالحج بعد التحلل من العمرة فهو المتمتع وقد سبق ذكر أعماله... والهدي واجب كما عرفت على المتمتع .
ومن كان قارنا أو متمتعا ولا يقدر على شراء شاة للهدي فإن عليه صيام ثلاثة أيام في الحج قبل يوم النحر وسبعة إذا رجع إلى أهله وبلده ، فإن صام السبعة في الحج لم يجزئه وعليه دم عند الثلاثة ، ويجوز عند الأحناف ولو كان بمكة .
ومن لم يصم الأيام الثلاثة قبل يوم النحر أو قبل يوم عرفة عند من يكره صوم يوم عرفة أثم وعليه صيامها بعد أيام التشريق عند الشافعي وأحمد، وقال مالك: يصومها أيام التشريق.