الإقامة:
الإقامةسنة مؤكدة في الفرائض الوقتية والفائتة، على المنفرد والجماعة، للرجال والنساء عند الجمهور غير الحنابلة. أما الحنابلة فقالوا: ليس على النساء أذان وإقامة.
واختلف العلماء في صفة الإقامة على آراء ثلاثة:
فقال الحنفية: الإقامة مثنى مثنى مع تربيع التكبير مثل الأذان، إلا أنه يزيد فيه بعد الفلاح: "قد قامت الصلاة مرتين" فتكون كلماتها عندهم سبع عشرة كلمة، بدليل ما روى ابن أبي شيبة، قال: حدثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن عبد الله بن زيد الأنصاري جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: "يا رسول الله، رأيت في المنام، كأن رجلاً قام وعليه بُرْدان أخضران، فقام على حائط، فأذن مثنى مثنى، وأقام مثنى مثنى".
وروى الترمذي عن عبد الله بن زيد، قال: "كان أذان رسول الله صلى الله عليه وسلم شفعاً شفعاً في الأذان والإقامة".
وعن أبي محذورة قال: "علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم الأذان تسع عشرة كلمة والإقامة سبع عشرة كلمة". رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
وقال المالكية: الإقامة عشر كلمات، تقول: قد قامت الصلاة" مرة واحدة، لما روى أنس قال: "أمر بلال أن يشفع الأذان، ويوتر الإقامة".
وقال الشافعية والحنابلة: الإقامة فرادى، إحدى عشرة كلمة، إلا لفظ الإقامة: "قد قامت الصلاة" فإنها تكرر مرتين، لما روى عبد الله بن عمر أنه قال: "إنما كان الأذان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين مرتين، والإقامة مرة مرة، غير أنه يقول: قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة".
أحكام الإقامة كأحكام الأذان السابقة، ويزاد عليها ما يأتي:
- يسن إدراج الإقامة أو حدرها: أي الإسراع بها مع بيان حروفها، فيجمع بين كل كلمتين منها بصوت، والكلمة الأخيرة بصوت، عملاً بالحديث السابق عن جابر: "إذا أذنت فترسّل - أي تمهل - وإذا أقمت فاحدُر، واجعل بين أذانك وإقامتك مقدار ما يفرُغ الآكل من أكله".
- الأفضل في المذاهب الأربعة أن يتولى الإقامة من أذن، اتباعاً للسنة: "من أذن فهو يقيم"، كما بينا في شروط الأذان، فإذا أذن واحد وأقام غيره جاز.
لكن قال الحنفية: يكره أن يقيم غير من أذن إن تأذى بذلك، لأن اكتساب أذى المسلم مكروه، ولا يكره إن كان لا يتأذى به.
- يستحب عند الحنابلة أن يقيم في موضع أذانه، لأن الإقامة شرعت للإعلام، فشرعت في موضعه، ليكون أبلغ في الإعلام، إلا أن يؤذن في المنارة أو مكان بعيد من المسجد، فيقيم في غير موضعه، لئلا يفوته بعض الصلاة.
وقال الشافعية: يستحب أن تكون الإقامة في غير موضع الأذان، وبصوت أخفض من الأذان.
ولا يقيم حتى يأذن له الإمام، فإن بلالاً كان يستأذن النبي صلى الله عليه وسلم، وفي حديث زياد بن الحارث الصدائي قال: "فجعلت أقول للنبي صلى الله عليه وسلم أقيم أقيم ؟" وقال صلى الله عليه وسلم: "المؤذن أملك بالأذان، والإمام أملك بالإقامة".
- لا يقوم المصلون للصلاة عند الإقامة حتى يقوم الإمام أو يقبل، لقوله عليه الصلاة والسلام: "إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني". متفق عليه.
وأما تعيين وقت قيام المؤتمين إلى الصلاة: فقال المالكية: يجوز للمصلي القيام حال الإقامة أو أولها أو بعدها، فلا يطلب له تعيين حال، بل بقدر الطاقة للناس، فمنهم الثقيل والخفيف. وقال الحنفية: يقوم عند "حي على الفلاح" وبعد قيام الإمام.
وقال الحنابلة: يستحب أن يقوم عند قول المؤذن "قد قامت الصلاة" لما روي عن أنس "أنه كان يقوم إذا قال المؤذن: قد قامت الصلاة".
وقال الشافعية: يستحب أن يقوم المصلي بعد انتهاء الإقامة إذا كان الإمام مع المصلين في المسجد، وكان يقدر على القيام بسرعة، بحيث يدرك فضيلة تكبيرة الإحرام، وإلا قام قبل ذلك بحيث يدركها.
- يسن كما في الأذان أن يقيم قائماً متطهراً، مستقبل القبلة، ولا يمشي في أثناء إقامته، ولا يتكلم، ويشترط ألا يفصل بين الإقامة والصلاة بفاصل طويل، وينبغي إن طال الفصل أو وجد ما يعد قاطعاً كأكل أن تعاد الإقامة. ويسن أن يحرم الإمام عقب فراغ الإقامة، ولا يفصل إلا بمندوب كأمر الإمام بتسوية الصفوف. ولا تجزئ إقامة المرأة للرجال.
ويسن عند الشافعية لمن كان أهلاً أن يجمع بين الأذان والإقامة والإمامة. وكذلك قال الحنفية: الأفضل كون الإمام هو المؤذن، لأنه عليه السلام - كما في الضياء - أذن في سفر بنفسه وأقام وصلى الظهر.
ولا يسن في الإقامة كونها في مكان مرتفع، ولا وضع الأصبع في الأذن، ولا الترجيع فيها والترتيل.
- إذا أذن المؤذن وأقام، لم يستحب لسائر الناس أن يؤذن كل منهم أو يقيم، وإنما يقول مثل ما يقول المؤذن، لأن السنة وردت بهذا.
- يستحب للإمام تسوية الصفوف، يلتفت عن يمينه وشماله، فيقول: استووا رحمكم الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سووا صفوفكم، فإن تسوية الصف من تمام الصلاة" متفق عليه.