بتـــــاريخ : 6/4/2008 4:01:01 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 921 0


    تذليل العقبات .. كيف تسير نحو الضوء عندما يعم الظلام

    الناقل : heba | العمر :43 | الكاتب الأصلى : خالد رُوشه | المصدر : www.almoslim.net

    كلمات مفتاحية  :
    ايمان كلمة

    ثيرا ما نسعى وراء الفاعلية والأثر وكثيرا ما نتألم من عوائق الطريق ولكننا يوما ما لم نقف لنسأل أنفسنا ما هي تلك العوائق التي تمنعنا من تلك الفاعلية وما هو ذلك المانع الذي يمنعنا من الإنجاز ؟ ونحن في هذا المقال نحاول أن نقف معا حول مجموعة من العوائق التي نظنها مؤثرة سلبا في سبيل التقدم الشخصي والجماعي وبعضا من الطرائق التي تمهد الطريق وتزيل تلك العوائق وتدفع نحو الإنجاز .

    * * القلب المشترك :

    قلب الإنسان كالمرآة ينطبع فيها ما يقابلها والمهدي من هداه الله فعلق قلبه بمحبته وتمكن توحيده أن يملأ جنباته و إلا لم تجد أنوار الإيمان أضواء فيه .
    والذين يجرون ويهرولون وراء الماديات إنما تراكمت في قلوبهم صور مظلمة فانطمس النور شيئا فشيئا .
    إن القلب ليس له إلا عبودية واحدة إذا أراد أن يشرق وأن يستشرف العالم من حوله فليبدأ إذن بالطريق الصائب الصحيح وهو الإخبات لله سبحانه وتعالى وأن يملأ جوفه بالإيمان به , لأن الضدين لا يجتمعان , وكما أن العمل المشترك لا يحبه الله تعالى لأن فيه الرياء كذلك القلب المشترك الذي فيه حب غير الله تعالى ينادد ولاءه له , إن القلب المشترك يرتد منه النور وترتحل منه السعادة ويرى فيه الشيطان مرتعا .

    * * قيد الشهوة :

    إنها قيود حقيقية وتكبيلات قوية لهذا القلب المسكين وهذه النفس - التي يضعها صاحبها مفتًرسا سهلا لشهواته - إنها هي التي تكبله عن السير.
    إن الشهوة لها لذتها , وهذه اللذة تأسر قوى الإنسان فيعود ضعيفا وَهِنا أمامها , وضؤها الباهر يلفت ناظري المرء الأسير فلا يستطيع أن يلتفت عنها , إنه عندئذ يكون حقا أسيرا , فيكون رجاؤه تحقيق شهوته , ويكون أمله تفريغ شحنته .
    والشهوة ولا شك بهذا الشكل تطمس إشراقات القلب وتوقف فاعليته , إنه لابد من الفرار من وطن الشهوة والانتقال إلى وطن الحرية , فالحرية حيث لا تجد قيدا ولا أسرا لنفسك , فقط تجد راحة وريحانا وإقبالا على حياة رحبة مفتوحة لا نهائية أنت فيها الكوكب السيّار, تسير في فلك رحب حسب مدارات العبودية وعندئذ تكون فعالا على مستوى النفس .

    * * ضياع المبادئ :
    إن ضياع المبادئ هو أصل الانهيار والمرء الذي يبحث عن تأثير يضمن له ذكرى مضيئة لا يمكن إلا أن يكون رجل مبادئ فالمبادئ لا تموت ولا تنقضي آثارها عبر الأزمان .
    إن رجل المبادئ هو الداعية الحق الذي لا يتغير مهما تغيرت الوقائع من حوله فهو معدن أصيل نفيس وهو نفس سامقة راقية تموت ولا تنحني أبدا .
    إن رجل المبادئ يملأ قصص الصالحين الذين سطروا صفحات مشرقة كانت للتاريخ شرفا أن يذكرهم بين طياته .
    واليوم نحن في أمس الحاجة إلى رجال المبادئ الذين لا ينحنون إلا لله ولا يلتفتون للمتاع و لا يبيعون قيمهم بثمن بخس ولا يبدون بشعار ويخفون آخر , ويتغطون بوثار ويلبسون آخر ...

    إن أفضل الانجازات إنما تأتي من الثبات على المبادئ فهي لا تتبدل بتبدل الزمان أو المكان إنها كالمنارة التي تهدي السفن وتجنبها الارتطام في الصخور فالمسلم دوما هو رجل المبادىء , وهو لا يصدق في مكان ويكذب في مكان آخر , ولا يعدل مع أناس ويظلم غيرهم , إن أموراً مثل الغش والخداع وغياب الإتقان والنفور من النظام لا يمكن أن تأتي بنتائج إيجابية بل تفسد الحياة اليومية وتجعل الإنسان مطعونا في بنيته الأخلاقية ووجوده الاجتماعي .

    * * ضبابية الرؤية :
    عائق آخر يعوقنا عن الأثر , وهو متكرر معنا بدوام الأفعال وبطول الأيام , ذاك ماأسميته ضبابية الرؤية , وعدم وضوع السبيل ..
    كثيرا ما نحب إنسانا – ليكن داعية أو عالما أو غيره – فنحب اتباع طريقته وموافقته على سبيله , هذا لمجرد ما وجدته في قلبك من حبك له أو إعجابك به .. إن الحياة لون آخر ياأيها الكريم .. الحياة تجربة واحتكاك وتدبر وخبرة واختبار لمنهج الآخرين , قبل أن توافق أي أحد عليك أن تستجلي الرؤية جيدا وتفهم ما يحيط بهذا السبيل الذي ترتجيه وماهي محدداته ؟ ثم تقيم ذلك من خلال الخبراء والعلماء والأقربين من أهل النصيحة والتجربة ..

    فإذا تبين لك صوابية ما رأيت فلابأس بأن تسير , ولكن دوما اجعل لنفسك مقوما كل عدة أيام ومقياسا للإنجاز والإيجابية , فإن أنت وجدت نفسك في تقدم – عملي – فلا بأس بأيام أخرى وإن وجدت نفسك في تراجع إيماني أو علمي أو تردد قلبي , فقف مع نفسك وقفة جريئة , وأنصحك دوما أن تكون حيث كان قلبك بعدما تختبر السبيل بدقة وتستوضحه بجلاء فتتكون عندك الرؤية المتكاملة ..

    إن الإنسان حينما يملك رؤية متكاملة للطريق الذي يضع أقدامه عليه فسيستطيع أن يفجر طاقاته ويضاعف إنتاجه إن وضوح الرؤية جعل أصغر جندي في جيوش المسلمين يتحرك وسبيله مضىء منير أمامه يحمل رسالته التوحيدية الإصلاحية السامية بكل جرأة وتضحية وقناعة , إنه يريد الإصلاح دوما بمنهج واضح له بكل تأكيد ..( إخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة الله ، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة ) .
    إن أولى خطوات الرشد لهي وضوح الهدف والرؤية وحملها يعطي الإنسان سعة في الأفق وقوة في القلب وأمنا ورشادا .
    " أما الفارغ المملوء بالحزن والشكوى فلا يكون فعالا أبدا , لقد كانت الرؤية واضحة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما أزاح الصخرة أثناء حفر الخندق ويقول : ( أضيئت لي قصور كسرى وقيصر ) هذه بشارة ، أن المسلمين سيفتحون هذه البلاد ويملكونها ، وهذا يعطي ثباتا وقوة لتحقيق رسالة الإسلام .
    إن وضوح الهدف يدفع لمقاومة التردد والخوف . لنتصور إنسانا أنشأ مشروعا كمدرسة أو مشفى ولكنه لم يحدد أهدافه فكيف ستكون النتائج . "وفي سؤال لمتدربين إداريين عن الوقت الذي يضيع في معالجة آثار عدم الوضوح فكان الجواب 60% كحد أدنى يهدر من الوقت والجهد .. وفي مثل هذه الأمور " البوصلة التي تحدد الاتجاه أهم من الساعة التي تضبط الوقت "

    * * التوافه تجر للخلف ..
    إن داعية إلى الله ارتضى لنفسه أن تكون حياته كلها ثرثرة ونقد , وبحث عن عيوب الآخرين , وتصيد لأخطاء المحيطين , فماذا يجني أمثاله وبماذا يرحلون ؟ إنهم لن يرحلوا سوى بالمبادلة الخائبة ..
    لنرجع إلى أنفسنا ونسألها كم من الوقت أخذ منا الرد على المخالف والبحث في عيوب الآخرين والبحث في تصويب أو تخطىء الآخر ..كم من الجهد ضاع ؟ وكم من الذنب اقترف ؟!
    أليس الأجدر أن تكون أولويات جهدنا وعملنا هو منهجيتنا الواضحة والمسائل الكبرى التي تهم الأمة ؟ والسبل الناجحة لنشر تلك الدعوة في جميع ربوع الأرض؟!

    ماذا لو أخبرتك أن ببلدك الملايين من المسلمين حتى الآن لا يستطيعون قراءة آية من القرآن بغير خطأ ! ماذا لو أخبرتك أن الملايين من أمتك لا يعلمون إلا القليل جداعن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن أحكام دينه ..ماذا لو أخبرتك أن هناك بالعالم نصف مليار هندوسي يعبد البقر وبوذي يعبد التماثيل وغيرهم ..ماذا لو أخبرتك أن أيتام الأمة يبلغون عشرات الملايين ..

    هل تستطيع أن تتصور أن آلافا مؤلفة من الشباب المسلمين يتمايلون في الليالي مع أنغام المغنيات والراقصات وآلافا غيرهم يسهرون الليل في شرب المخدرات ؟! ... ماذا لو أخبرتك أن أمتك تحتاج إلى الصناع والخبراء والعلماء والمنجزون الناجحون الذين يأخذون بيديها لتقوى على القيام ؟! هل تترك ذلك كله وتنشغل بقيل وقال ؟!

    ثم هل أنت بحاجة أن أعرفك ماذا يحصل في بلاد المسلمين الآن؟ وكيف انتهكت حرماتها وداسها عدوها وسام أهلها المر والهوان ..هل تحتاج أن أذكرك أنهم جاءوها من الشمال والجنوب والشرق والغرب وأنهم تكاتفوا على أمتك وأن أمتك تئن جريحة كسيرة منكوبة ثكلى ..تصرخ كل يوم ألف صرخة بكل لسان وتنادي عليك بكل اللغات ..!

    ولننظر على المستوى الشخصي بنظرة أكثر تركيزا ونسأل ..هل رتبنا أولويات حياتنا ؟ " إن فقه هذه الأولويات يوفر كثيرا من الجهد ويقلل كثيرا من الخسائر ، ويساعد على البناء ، وأحيانا يطلب من المسلم ماهو فوق طاقته فإذا لم نبدأ بالأهم ، فلا يستطيع الفرد تحمل كل هذه الأعباء ، وسنقع في الإخفاق والتراجعات , لقد لاحظ أبو حامد الغزالي هذا التشوش في الأولويات عند المسلمين فكتب مستنكرا على الأغنياء : " بما يحرصون على إنفاق المال في الحج فيحجون مرة بعد أخرى ، وربما تركوا جيرانهم جياعا ، وفرقة أخرى يشتغلون بالعبادات البدنية كصيام النهار ، وإنما حال هذا إطعام الجياع هو أفضل له من تجويع نفسه " ونحن نشاهد اليوم كثيرا من أغيناء المسلمين ينفقون الأموال على زخرفة المساجد . ويتركون الإنفاق على تأهيل رجال دعاة علماء أذكياء ليكونوا قادة الأمة ، أو علماء في العلوم والطبيعة لتستفيد منهم الأمة "
    لست أحب أن أكون ممن يبثون الآلام في قلوب القراء , ولكنني أيضا أرى أن من الأمانة على كل كاتب وناصح أن يأخذ بيد الآخرين إلى حيث شعاع النور الصادر من النبع الأصيل ..فإنه عندئذ يظل تابعا له حتى يصل النبع ويغمره النور العميم

    كلمات مفتاحية  :
    ايمان كلمة

    تعليقات الزوار ()