الآيات والأحاديث المتشابهة:
معنى المحكم: وهو النص الذي لا يحتمل إلا معنى واحداً محدداً لا اشتباه فيه.مثل قوله تعالى:
{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1].
معنى المتشابه: هو النص الذي يحتمل أوجهاً عديدة فيكون له أكثر من معنى.
مثال الآيات المتشابهات: {الرَّحْمَانُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:5].
{وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [الفجر: 22].
{هَلْ يَنظُرُونَ إِلا أَنْ يَأْتِيَهُمْ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنْ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ} [البقرة: 210].
وغير ذلك مما يشابهها.
__________________
(1) المادة التي يكتب بها.
(2) فني وفرغ.
(3) يزيده.
(4) ما تركت وما نفيت.
قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُوْلُوا الأَلْبَابِ * رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [آل عمران: 7 - 8].
وفي الأحاديث قوله صلى الله عليه وسلم: "ينزل الله عزَّ وجل كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: "من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، ومن يستغفرني فأغفر له" رواه البخاري ومسلم.
الصعوبة في معرفة الحقيقة الكاملة من الألفاظ المتشابهة:
قال الله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ} فاللفظ المتشابه لا ينطبق تمام الانطباق على الحقيقة التي يرمز إليها إنما يشابهها في وجه من الوجوه.
ومن أراد أو حاول معرفة هذه الحقيقة الكاملة من الألفاظ المتشابهة فلن يصل إلى نتيجة مرضية بل سيقع في زيغ.
ولنضرب مثالاً لتوضيح الفكرة في الأذهان:
لنفرض أن شخصاً في هذا العصر أراد توعية قوم عاشوا قبل ألف سنة، فقال لهم: قد أصبح الحديد يتكلم، ولم يشأ أن يخبرهم بكيفية كلام الحديد الذي يعتمد على الدوائر الكهربائية والموجات أو الملفات المغناطيسية والذبذبات الصوتية لأنهم لن يفهموا بدقة هذه الأمور.
ولكن بعد أن تركهم أرادوا أن يعرفوا الحقيقة في كلام الحديد من اللفظ المتشابه (الحديد يتكلم).
فقال أحدهم: لقد قال لنا: الحديد يتكلم، وهل يتكلم الحديد بغير لسان؟ إذاً لابد أن الحديد لساناً!.
وقال آخر: وهل يكون للحديد لسان دون أن يكون له فم؟ إذاً لابد له من فم!.
وقال آخر: وبما أن الحديد له فم، إذاً لابد له أن يتغذى ويأكل!.
وقال آخر: وبما أن الحديد يتغذى ويأكل، إذاً لابد أن له معدة وأمعاءً، ولابد أنه يبحث عن طعامه!.
فانظر يا أخي إلى أي ضلال ذهب الذين لم يعرفوا حقيقة الألفاظ المتشابهة وأرادوا معرفة الحقيقة منها.
الموقف من الآيات والأحاديث المتشابهة:
أهل الإيمان يؤمنون بأنها حق من عند الله {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُوْلُوا الأَلْبَابِ}.
قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى وقد سئل عن الأحاديث المتشابهة: "نؤمن بها ونصدق بها، ولا كيف ولا معنى ولا نَرُدُّ منها شيئاً، ونعلم أن ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم حق إذا كان بأسانيد صحاح ولا نرد على الله قوله، ولا يوصف الله تبارك وتعالى بأكثر مما به وصف به نفسه بلا حدّ ولا غاية. {ليسَ كمِثْلِهِ شيءٌ}. ذكره الخلال في كتاب السنة.
وجاء رجل إلى الإمام مالك رحمه الله تعالى، فقال: يا أبا عبد الله {الرَّحْمَانُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} كيف استوى؟ فأطرق مالك رأسه ثم علاه الرخصاء، ثم قال: الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أراك إلا مبتدعاً، فأمر به أن يخرج. رواه البيهقي بإسناد جيد.
وعن محمد بن الحسن الشيباني صاحب أبي حنيفة رحمهما الله قال: "اتفق الفقهاء كلهم من المشرق إلى المغرب على الإيمان بالقرآن والأحاديث التي جاءت بها الثقات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في صفة الرَّب عزّ وجلّ من غير تفسير ولا وصف ولا تشبيه". رواه أبو القاسم الألكائي في كتاب السنة.
وسئل الإمام الأوزاعي ومالك وسفيان الثوري والليث بن سعد عن هذه الأحاديث فقالوا: أمِرُّوها كما جاءت بلا كيفية. رواه البيهقي.
وقال سفيان بن عينية: كل ما وصف الله به نفسه في كتابه، فتفسيره تلاوته والسكوت عليه. رواه البيهقي وهو صحيح الإسناد.
وقال الإمام البيهقي: وفي الجملةيجب أن يعلم أن استواء الله سبحانه وتعالى ليس باستواء
اعتدال عن اعوجاج، ولا استقرار في مكان، ولا مماسة لشيء من خلقه لكنه مستو على عرشه كما أخبر بلا كيف، بلا أين، بائن من جميع خلقه، وأن إتيانه ليس بإتيان من مكان إلى مكان، وأن مجيئه ليس بحركة وأن نزوله ليس بنقلة، وأن نفسه ليس بجسم وأن وجهه ليس بصورة، وأن يده ليست بجارحة، وأن عينه ليست بحدقة وإنما هذه أوصاف جاء بها التوقيف فقلنا بها، ونفينا عنه التكييف، فقد قال: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11].
وقال: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص: 4].
وقال: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} [مريم: 65].
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذه الآية: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُوْلُوا الأَلْبَابِ} [آل عمران: 7].
قالت رضي الله عنها: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فإذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم". رواه البخاري ومسلم