يحكون في بلادنا
|
يحكون في شجن
|
عن صاحبي الذي مضى
|
و عاد في كفن
|
*
|
كان اسمه.. .
|
لا تذكروا اسمه!
|
خلوه في قلوبنا...
|
لا تدعوا الكلمة
|
تضيع في الهواء، كالرماد...
|
خلوه جرحا راعفا... لا يعرف الضماد
|
طريقه إليه. ..
|
أخاف يا أحبتي... أخاف يا أيتام ...
|
أخاف أن ننساه بين زحمة الأسماء
|
أخاف أن يذوب في زوابع الشتاء!
|
أخاف أن تنام في قلوبنا
|
جراح نا ...
|
أخاف أن تنام !!
|
-2-
|
العمر... عمر برعم لا يذكر المطر...
|
لم يبك تحت شرفة القمر
|
لم يوقف الساعات بالسهر...
|
و ما تداعت عند حائط يداه ...
|
و لم تسافر خلف خيط شهوة ...عيناه!
|
و لم يقبل حلوة...
|
لم يعرف الغزل
|
غير أغاني مطرب ضيعه الأمل
|
و لم يقل : لحلوة الله !
|
إلا مرتين
|
لت تلتفت إليه ... ما أعطته إلا طرف عين
|
كان الفتى صغيرا ...
|
فغاب عن طريقها
|
و لم يفكر بالهوى كثيرا ...!
|
-3-
|
يحكون في بلادنا
|
يحكون في شجن
|
عن صاحبي الذي مضى
|
و عاد في كفن
|
ما قال حين زغردت خطاه خلف الباب
|
لأمه : الوداع !
|
ما قال للأحباب... للأصحاب :
|
موعدنا غدا !
|
و لم يضع رسالة ...كعادة المسافرين
|
تقول إني عائد... و تسكت الظنون
|
و لم يخط كلمة...
|
تضيء ليل أمه التي...
|
تخاطب السماء و الأشياء ،
|
تقول : يا وسادة السرير!
|
يا حقيبة الثياب!
|
يا ليل ! يا نجوم ! يا إله! يا سحاب ! :
|
أما رأيتم شاردا... عيناه نجمتان ؟
|
يداه سلتان من ريحان
|
و صدره و سادة النجوم و القمر
|
و شعره أرجوحة للريح و الزهر !
|
أما رأيتم شاردا
|
مسافرا لا يحسن السفر!
|
راح بلا زوادة ، من يطعم الفتى
|
إن جاع في طريقه ؟
|
من يرحم الغريب ؟
|
قلبي عليه من غوائل الدروب !
|
قلبي عليك يا فتى... يا ولداه!
|
قولوا لها ، يا ليل ! يا نجوم !
|
يا دروب ! يا سحاب !
|
قولوا لها : لن تحملي الجواب
|
فالجرح فوق الدمع ...فوق الحزن و العذاب !لن تحملي... لن تصبري كثيرا
|
لأنه ...
|
لأنه مات ، و لم يزل صغيرا !
|
-4-
|
يا أمه!
|
لا تقلعي الدموع من جذورها !
|
للدمع يا والدتي جذور ،
|
تخاطب المساء كل يوم...
|
تقول : يا قافلة المساء !
|
من أين تعبرين ؟
|
غضت دروب الموت... حين سدها المسافرون
|
سدت دروب الحزن... لو وقفت لحظتين
|
لحظتين !
|
لتمسحي الجبين و العينين
|
و تحملي من دمعنا تذكار
|
لمن قضوا من قبلنا ... أحبابنا المهاجرين
|
يا أمه !
|
لا تقلعي الدموع من جذورها
|
خلي ببئر القلب دمعتين !
|
فقد يموت في غد أبوه... أو أخوه
|
أو صديقه أنا
|
خلي لنا ...
|
للميتين في غد لو دمعتين... دمعتين !
|
-5-
|
يحكون في بلادنا عن صاحبي الكثيرا
|
حرائق الرصاص في وجناته
|
وصدره... ووجهه...
|
لا تشرحوا الأمور!
|
أنا رأيتا جرحه
|
حدقّت في أبعاده كثيرا...
|
" قلبي على أطفالنا "
|
و كل أم تحضن السريرا !
|
يا أصدقاء الراحل البعيد
|
لا تسألوا : متى يعود
|
لا تسألوا كثيرا
|
بل اسألوا : متى
|