تعليق الأوراق التي يكتبها السادة والحلف بهم
سائل يقول: عندنا إذا مرض الشخص فإنه يذهب إلى السادة، فيكتبون له أوراقاً يعلقها في رأسه. فهل يجوز هذا أم لا؟ كذلك هناك من يحلف بغير الله أو يحلفون بهؤلاء السادة. فما حكم ذلك؟
تعليق التمائم على الأولاد خوف العين أو خوف الجن أمر لا يجوز، وهكذا تعليق التمائم على المرضى وإن كانوا كباراً لا يجوز؛ لأن هذا فيه نوع من التعلق على غير الله، فلا يجوز لا مع السادة المنسوبين إلى الحسن أو الحسين أو غيرهما، ولا مع غيرهم من العلماء ولا مع غيرهم من العباد، لا يجوز هذا أبداً، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له))، وفي رواية عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من تعلق تميمة فقد أشرك)).
والتميمة: هي ما يعلق على الأولاد أو على الكبار عن العين أو عن الجن من خرز، أو ودع، أو عظام، أو غيرها، أو أوراق مكتوب فيها كتابات حتى ولو من القرآن على الصحيح، حتى ولو آية الكرسي أو غيرها لا يجوز التعليق مطلقاً، ولو كان من القرآن؛ لأن الحديث عام، فالرسول صلى الله عليه وسلم عمم وأطلق، ولم يستثن شيئاً، فدل ذلك على أن التمائم كلها ممنوعة، وهي ما يعلق على الأولاد عن العين أو عن الجن، أو يعلق على المرضى أو الكبار كله لا يجوز.
والمشروع في هذا أن الإنسان يسأل ربه العافية، ولا بأس أن يقرأ عليه المؤمن العارف بالقراءة، يقرأ عليه بعض آيات، ويدعو له بدعوات شرعية، وينفث عليه، فهذه رقية شرعية ولا بأس بها، أما أن يعلق شيئاً في قرطاس أو في خرقة في عضده أو في رقبته، فهذا لا يجوز، وهذا من الشرك الأصغر، وقد يكون من الأكبر إذا اعتقد صاحبه أنها تدفع عنه، وأنها تكفيه الشرور دون الله، فهذا يكون من الشرك الأكبر، وأما إذا اعتقد أنها من الأسباب فهذا شركٌ أصغر، والواجب قطعها وإزالتها.
وكذلك الحلف بغير الله لا يجوز، وهو من الشرك الأصغر أيضاً، وقد يكون من الشرك الأكبر إذا اعتقد الحالف بغير الله أن محلوفه مثل الله، أو أنه يستحق أن يدعى من دون الله، أو أنه يتصرف في الكون، فإنه يكون شركاً أكبر والعياذ بالله.
والحاصل: أن الحلف بغير الله لا يجوز، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من كان حالفاً فليحلف بالله، أو ليصمت))، متفق على صحته، وقال: ((لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم ولا بالأنداد))، وقال عليه الصلاة والسلام: ((من حلف بشيء دون الله فقد أشرك)) رواه الإمام أحمد رحمه الله عن عمر رضي الله عنه بسند صحيح، وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام: ((من حلف بالأمانة فليس منا))، وخرج أبو داود والترمذي بإسناد صحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك)).
وأدرك يوماً بعض أصحابه في السفر وهم يحلفون بآبائهم، فقال لهم عليه الصلاة والسلام: ((إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، من كان حالفاً فلا يحلف إلا بالله، أو ليصمت)).
وقال ابن عبد البر النمري الإمام المغربي المعروف، المتوفى سنة 463هـ: إن العلماء أجمعوا على أنه لا يجوز الحلف بغير الله، وهذا يفيدنا أن الحلف بالأمانة، أو بالنبي، أو بالكعبة، أو بحياة فلان، أو شرف فلان محرم لا يجوز بالإجماع، وإنما يكون الحلف بالله وحده، يقول: بالله، تالله، والله، هذا هو المشروع، أما الحلف بغير الله كائناً من كان فلا يجوز؛ لما تقدم.
فتاوى نور على الدرب الجزء الأول