بتـــــاريخ : 11/2/2008 5:19:26 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1462 0


    كشف وجه المرأة

    الناقل : heba | العمر :43 | المصدر : www.dar-alifta.org

    كلمات مفتاحية  :
    فتوى الحجاب المرأة المسلمة النساء

    الموضوع: كشف وجه المرأة
    مصدرها: قسم الأبحاث الشرعية بدار الإفتاء المصرية
    التاريخ: 11/09/2008

    بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وبعد.. فهذا بحث في كشف وجه المرأة.
    الكشف في اللغة هو: رفع الشيء عما يُواريه ويغطّيه، و(كشف) الشيء وعنه – كشفًا: رفع عنه ما يواريه ويغطيه. ويُقال: كشف الأمر، وعنه: أظهره، وكشف الله غمه: أزاله، (كشف) فلان كشفًا انحسر مقدم رأسه وانهزم في الحرب، (اكتشفت) المرأة بالغت في إبداء محاسنها، والأمر: كشف عنه بشيء من الجهد، (انكشف) الشيء: ظهر(1 )
        ولا يخرج المعنى الاصطلاحي عن المعنى اللغوي، وهو: أن يرفع عن الشيء ما يواريه ويغطيه.
    والوجه في اللغة: مأخوذ من المواجهة، وهو مستقبل كل شيء. وقد يعبر بالوجه عن الذات، يُقال: واجهته: إذا استقبلت وجهه بوجهك(2 ).
        وفي الاصطلاح: الوجه في الإنسان: ما بين منابت شعر الرأس غالبًا وإلى أسفل ذقنه طولا، وما بين شحمتي الأذنين عرضًا(3 ).

    فصل في تحرير محل النزاع:
        وقد اتفق العلماء أن الزي الشرعي المطلوب من المرأة المسلمة يلزم أن تتوفر فيه ثلاثة شروط:
    الأول: أن لا يصف مفاتن الجسد.
    الثاني: أن لا يشف عما تحته.
    الثالث: أن يكون ساترًا.
        ثم بعد ذلك اختلفوا فيما يجب ستره من جسد المرأة، وما الذي يجوز كشفه، فهناك من فرَّق بين عورة المرأة في الصلاة وخارجها – أي عورة النظر - وهناك من لم يُفرِّق.
        أما في الصلاة فالمتفق عليه بين المذاهب الأربعة المعتمدة أن عورة المرأة فيها جميع بدنها عدا الوجه والكفين، وكذا في حال إحرامها.
        ففي الكنز وشرحه للزيلعي من كتب الحنفية: "(وبدن الحرة عورة إلا وجهها وكفيها وقدميها)؛ لقوله تعالى: {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ}[النور: 31] والمراد محل زينتهن وما ظهر منها الوجه والكفان قاله ابن عباس وابن عمر واستثنى في المختصر الأعضاء الثلاثة للابتلاء بإبدائها; ولأنه عليه الصلاة والسلام نهى المحرمة عن لبس القفازين والنقاب، ولو كان الوجه والكفان من العورة لما حرم سترهما بالمخيط، وفي القدم روايتان والأصح أنها ليست بعورة للابتلاء بإبدائها"(4 ) .
        وفي كفاية الطالب الرباني من كتب المالكية: "يجب على المرأة في الصلاة أن تستر ظهور قدميها وشعرها وعنقها ودلاليها, ويجوز أن تظهر وجهها وكفيها في الصلاة خاصة"(5 ).
        وفي الشرح الكبير من كتبهم أيضًا: "(و) كره (انتقاب امرأة) أي تغطية وجهها بالنقاب وهو ما يصل للعيون في الصلاة؛ لأنه من الغلو، والرجل أولى - أي بالكراهة من المرأة - ما لم يكن من قوم عادتهم ذلك"(6 ).
        وفي المنهاج وشرحه للرملي من كتب الشافعية: "(و) عورة (الحرة) (ما سوى الوجه والكفين) فيها ظهرًا وبطنًا إلى الكوعين؛ لقوله تعالى{وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ}[النور: 31] قال ابن عباس وعائشة: هو الوجه والكفان؛ ولأنهما لو كانا عورة في العبادات لما وجب كشفهما في الإحرام"(7 ).
        وفي شرح المنتهى من كتب الحنابلة: "(والحرة البالغة كلها عورة في الصلاة) حتى ظفرها نصا (إلا وجهها)؛ لحديث: {المرأة عورة} رواه الترمذي وقال حسن صحيح. وهو عام في جميعها ترك في الوجه للإجماع, فيبقى العموم فيما عداه، وقول ابن عباس وعائشة في قوله تعالى: {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ}[النور :31] قالا: (الوجه والكفين) خالفهما ابن مسعود. فقال: "الثياب"، ولأن الحاجة لا تدعو إلى كشف الكفين كما تدعو إلى كشف الوجه, وقياسا لهما على القدمين"(8 ).
        أما خارج الصلاة فالمعتمد أن عورة المرأة المسلمة الحرة جميع بدنها إلا الوجه والكفين، فيجوز لها كشفهما. وهذا هو مذهب جمهور العلماء من الحنفية والمالكية والشافعية، وهو مذهب الأوزاعي وأبو ثور من مجتهدي السلف، وقول في مذهب أحمد، وهذا المذهب لم يُفرِّق بين عورة الحرة في الصلاة وخارجها، وفيما يلي ذكر ما استدلوا به من أدلة.

    فصل في أدلة القائلين بجواز كشف وجه المرأة:
        استدل القائلون بجواز كشف وجه المرأة بأدلة كثيرة، وهي كما يلي:
    الدليل الأول:
        قوله تعالى: {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ}[النور :31]، قال ابن عباس: "وجهها وكفيها"، وهذا التفسير مروي أيضًا عن عطاء وسعيد بن جبير والضحاك والأوزاعي، وقال الحسن: الوجه والثياب. روى هذا الإمام الطبري في تفسيره ثم قال: "وأولى الأقوال في ذلك بالصواب: قول من قال: عنى بذلك: الوجه والكفان، يدخل في ذلك إذا كان كذلك: الكحل، والخاتم، والسوار، والخضاب. وإنما قلنا ذلك أولى الأقوال في ذلك بالتأويل؛ لإجماع الجميع على أن على كلِّ مصلٍّ أن يستر عورته في صلاته، وأن للمرأة أن تكشف وجهها وكفيها في صلاتها، وأن عليها أن تستر ما عدا ذلك من بدنها، إلا ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أباح لها أن تبديه من ذراعها إلى قدر النصف. فإذا كان ذلك من جميعهم إجماعًا، كان معلومًا بذلك أن لها أن تبدي من بدنها ما لم يكن عورة، كما أن ذلك للرجال; لأن ما لم يكن عورة فغير حرام إظهاره؛ وإذا كان لها إظهار ذلك، كان معلومًا أنه مما استثنى الله تعالى ذكره بقوله: {إِلاَّ مَا ظَهَرَ} لأن كل ذلك ظاهر منها"(9 ).
        وقال الإمام القرطبي: "لَمَّا كان الغالب من الوجه والكفين ظهورَهما عادةً وعبادةً وذلك في الصلاة والحج، فيصلح أن يكون الاستثناء راجعًا إليهما"(10 ).
        وقال الجصاص الحنفي : "ويدل على أن الوجه والكفين ليسا بعورة أيضا أنها تصلي مكشوفة الوجه واليدين، فلو كانا عورة لكان عليها سترهما، كما عليها ستر ما هو عورة"(11 ).

    الدليل الثاني:
        ما رواه البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين"(12 )، ووجه الدلالة: أنه لو كان تغطية الوجه والكفين فرضًا لما أبيح كشفهما في حال الإحرام ويصير تغطيتهما بهذه الهيئة من محظورات الإحرام، ولو كان الوجه والكف عورة لما حرم سترهما.
    وقد أجاب المانعون عن الاستدلال بهذا الحديث، بل إنهم استدلوا به على وجوب تغطية المرأة لوجهها، وسوف يأتي بيان ذلك كله عند مناقشة أدلتهم.

    الدليل الثالث:
        ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان الفضل رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءت امرأة من خثعم فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه وجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر فقالت يا رسول الله إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخًا كبيرًا لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: (نعم). وذلك في حجة الوداع(13 ).
        وهذا الحديث بمختلف طرقه كان في حجة الوادع؛ فهو متأخر عن آية الإدناء، ووجه الدلالة: أنه لو كان الوجه عورة يلزم ستره لما أقرها النبي صلى الله عليه وسلم على كشفه بحضرة الناس, ولأمرها أن تسبل عليه من فوق, ولو كان وجهها مغطى ما عرف ابن عباس أحسناء هي أم شوهاء.
        فإن قيل: إنها محرمة، والمحرمة منهية عن لبس النقاب، قلنا: نعم هي منهية عن لبس النقاب لكنها ليست منهية عن تغطية الوجه، ودليل مشروعية تغطية الوجه قول أسماء بنت أبي بكر: "كنا نغطي وجوهنا من الرجال وكنا نمتشط قبل ذلك في الإحرام"(14 )، فإذا كانت تغطية الوجه غير واجبة في الإحرام فهي غير واجبة في غير الإحرام وهو المطلوب إثباته.
        فإن قيل: إنها كانت من العجائز قلنا: جاء في روايات للحديث أنها شابة، ولو كانت عجوزًا فالمرأة كانت وضيئة الوجه تشتهى للزواج فليست داخلة في اللاتي يجوز لهن وضع الجلباب.
        قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في الفتح: "قال ابن بطال: في الحديث الأمر بغض البصر خشية الفتنة، وفيه دليل أن نساء المؤمنين ليس عليهن في الحجاب ما يلزم أزواج النبي صلى الله عليه وسلم؛ إذ لو لزم ذلك جميع النساء لأمر النبي صلى الله عليه وسلم الخثعمية بالاستتار، ولما صرف وجه الفضل، وفيه دليل على أن ستر المرأة وجهها ليس فرضا"(15 ).

    الدليل الرابع:
        عن جابر بن عبد الله قال: شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة يوم العيد فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة ثم قام متوكأ على بلال فأمر بتقوى الله وحث على طاعته ووعظ الناس وذكرهم، ثم مضى حتى أتى النساء فوعظهن وذكرهن فقال تصدقن فإن أكثركن حطب جهنم فقامت امرأة من سطة النساء سفعاء الخدين فقالت: لم يا رسول الله؟ قال: لأنكن تكثرن الشكاة وتكفرن العشير. قال: فجعلن يتصدقن من حليهن يلقين في ثوب بلال من أقرطتهن وخواتمهن(16 ).
        ووجه الدلالة من الحديث: قول راوي الحديث سيدنا جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنه وأرضاه (سفعاء الخدين) وهي تعني المرأة التي خدها فيه حمرة مشوبة بالسواد، فكيف رأى ذلك الصحابي الجليل وجه المرأة ووصفه إن لم تكن كاشفة له.
        وقد أجاب المانعون عن هذا الحديث: بأنه ليس فيه ما يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم رآها كاشفة عن وجهها، وأقرها على ذلك، بل غاية ما يفيده الحديث أن جابرًا رأى وجهها، وذلك لا يستلزم كشفها عنه قصدًا، وكم من امرأة يسقط خمارها عن وجهها من غير قصد، فيراه بعض الناس في تلك الحال، فعلى المحتج بحديث جابر المذكور، أن يثبت أنه صلى الله عليه وسلم رآها سافرة، وأقرها على ذلك، ولا سبيل له إلى إثبات ذلك. وقد روى القصة المذكورة غير جابر، فلم يذكر كشف المرأة المذكورة عن وجهها، وقد ذكر الإمام مسلم في صحيحه ممن رواها غير جابر فذكر أبا سعيد الخدري، وابن عباس، وابن عمر، وذكرها غيره عن غيرهم. ولم يقل أحد ممن روى القصة غير جابر أنه رأى خدي تلك المرأة السفعاء الخدين، وبذلك يُعلم أنه لا دليل على السفور في حديث جابر المذكور.  
        ويُناقش هذا بأنه إذا كان سيدنا جابر حريصًا على نقل القصة بتفاصيليها لدرجة أنه وصف المرأة التي سألت بأنها سعفاء الخدين، فلو سقط خمارها فبان وجهها لذكر ذلك وبيَّنه.
        وقد ذهب بعضهم(17 ) مذهبًا آخر في الجواب عن هذا الحديث فقال بأن هناك حرفًا مغيَّرًا في الحديث ورجَّح ما نقله القاضي عياض عن حذاق شيوخه من أن: لفظ (سطة النساء) غلط في صحيح مسلم، وأن الصواب: (امرأة من سلفة النساء) - كما جاء في شرح مسلم للنووي، والرواية مُخرَّجة في سنن النسائي(18 ) -.
        ثم قال: "قوله - أي في الحديث -: (سفعاء الخدين) فمعناه: فيها تغير وسواد، فعلى هذا فقوله: (امرأة من سفلة النساء سفعاء الخدين) أي: ليست من علية النساء - بل هي من سفلتهم- وهي سوداء وهذا القول يُشعر ويشير إشارة قوية إلى أن المرأة كانت من الإماء وليست من الحرائر، وعليه فلا دليل في هذا لمن استدل به على جواز كشف وجه المرأة؛ إذ أنه يغتفر في حق الإماء ما لا يغتفر في حق الحرائر".
        وقد أجاب عن هذا الإمام النووي في شرحه على مسلم فقال: "وهذا الذي ادعوه من تغيير الكلمة غير مقبول بل هي صحيحة، وليس المراد بها من خيار النساء بل المراد امرأة من وسط النساء جالسة في وسطهن، قال الجوهري وغيره من أهل اللغة: يُقال وسطت القوم أسِطُهم وسَطًا وسِطة أي:  توسطتهم. قوله (سفعاء الخدين) بفتح السين المهملة أي فيها تغير وسواد"(19 ).
        وعلى فرض التسليم بأن الحرف مُغيَّر، فإن لفظ (سفلة) لا يدل دلالة قطعية على أنها كانت من الإماء؛ بل هو مجرد احتمال لا يخلو من نظر عند التحقيق، ففي القاموس وشرحه للزبيدي: "(وسِفْلَةُ النَّاسِ، بالكسْرِ)، على التَّخْفِيفِ بِنَقْلِ كَسْرَةِ الْفاءِ إِلَى السِّينِ، نَقَلَهُ ابنُ السِّكِّيتِ عن بعضِ العَرَبِ، (وكفَرِحَةٍ: أسافِلُهُمْ، وغَوْغَاؤُهُمْ)، وأَرَاذِلُهُم، وسُقَّاطُهُم، (و) السَّفَالَةُ (بالفتحِ: النَّذَالَةُ)"(20 ). فانظر إلى هذا فإن الشيخ مع تقصِّيه للمعاني الواردة في اللغة لم يذكر ولو إشارة إلى أن هذا اللفظ قد يستخدم مع الإماء.  
        وأخيرًا: حتى وإن سقط الاستدلال بهذا الدليل على دعوانا من جواز كشف المرأة لوجهها، فإن بطلان الدليل المعين لا يدل على بطلان المدلول المعين.

    الدليل الخامس:
        عن سهل بن سعد: أن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله: جئت لأهب لك نفسي، فنظر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فصعد النظر إليها وصوبه ثم طأطأ رأسه، فلما رأت المرأة أنه لم يقض فيها شيئًا جلست فقام رجل من أصحابه فقال يا رسول الله إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها فقال: "هل عندك من شيء". فقال لا والله يا رسول الله قال: "اذهب إلى أهلك فانظر هل تجد شيئًا". فذهب ثم رجع فقال لا والله يا رسول الله ما وجدت شيئًا قال: "انظر ولو خاتمًا من حديد". فذهب ثم رجع فقال لا والله يا رسول الله ولا خاتمًا من حديد ولكن هذا إزاري - قال سهل ما له رداء - فلها نصفه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما تصنع بإزارك إن لَبِستَه لم يكن عليها منه شيء وإن لَبِسَته لم يكن عليك شيء". فجلس الرجل حتى طال مجلسه ثم قام فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم موليًا فأمر به فدعي فلما جاء قال: "ماذا معك من القرآن". قال معي سورة كذا وسورة كذا وسورة كذا عدها قال: "أتقرؤهن عن ظهر قلبك". قال: نعم. قال: "اذهب فقد ملكتكها بما معك من القرآن"(21 ).
        فهذه الواقعة تشير إلى أن المرأة كانت مكشوفة الوجه، وإلا فما حكمة تدقيق النظر فيها من النبي صلى الله عليه وسلم؟، وكذلك ما سبب طلب الصحابي زواجها ولم ير منها شيئًا.
        فإن قيل: إن المقام مقام تزويج وخطبة، قلنا: لو سلمنا بذلك فإن الرواية ليس فيها ما يومئ إلى أنها غير كاشفة لوجهها ثم قامت بكشفه.
        وإن قيل إنه يُحتمل أن ذلك كان قبل الحجاب، قلنا: نقل هذا الحافظ ابن حجر في الفتح عن ابن العربي وأجاب عنه فقال: "وسلك ابن العربي في الجواب مسلكًا آخر فقال: يحتمل أن ذلك قبل الحجاب أو بعده لكنها كانت متلفعة وسياق الحديث يبعد ما قال"(22 ).
        وعلى فرض التسليم بأن هذا كان قبل آية الحجاب فلا يدل على شيء؛ إذ لا فرق بين حدوث هذا قبل آية الحجاب أو بعده؛ لأن آية الحجاب خاصة بنساء النبي صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين - كما سيأتي -.

    الدليل السادس:
        ما روي عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: "يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم تصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا" وأشار إلى وجهه وكفيه، قال أبو داود: هذا مرسل خالد بن دريك لم يدرك عائشة رضي الله عنها(23 ).
        قال الإمام البيهقي: "مع هذا المرسل قول من مضى من الصحابة رضي الله تعالى عنهم في بيان ما أباح الله من الزينة الظاهرة فصار القول بذلك قويًّا وبالله التوفيق"(24 ).

    الدليل السابع:
        أن الحاجة تدعو إلى إبراز الوجه للبيع والشراء وإلى إبراز الكف للأخذ والعطاء فلم يجعل ذلك عورة. 

    فصل في نصوص العلماء من المذاهب الأربعة على جواز كشف وجه المرأة خارج الصلاة:
        قال الإمام الميرغناني الحنفي في الهداية: "وبدن الحرة كله عورة إلا وجهها وكفيها"(25 ).
    وقال الشيخ الدردير في الشرح الكبير من كتب المالكية: "(و) هي - أي العورة - من حرة (مع) رجل (أجنبي) مسلم (غير الوجه والكفين) من جميع جسدها" (26 ).
        وجاء في أسنى المطالب من كتب الشافعية لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري: "(وعورة الحرة في الصلاة وعند الأجنبي) ولو خارجها (جميع بدنها إلا الوجه, والكفين)"(27 ).
        وقال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: "الصحيح من المذهب أن الوجه ليس بعورة. وعليه الأصحاب .. وفي الكفين روايتان" (28 ).

    فصل في ذكر من أوجب ستر الوجه من العلماء:
        من العلماء من فرَّق بين عورة النظر - أي: خارج الصلاة - وعورة الصلاة، فرأى بعض متأخري الشافعية والحنابلة وجوب ستر جميع بدن المرأة بما في ذلك وجهها وكفيها - خارج الصلاة -، وهذا هو المنقول عن أبي بكر بن عبد الرحمن التابعي.
        ففي الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع للخطيب الشربيني من كتب الشافعية وهو يتحدث عن شروط الصلاة ذكر منها ستر العورة وقال: "وعورة الحرة غير الوجه والكفين ظهرًا وبطنًا إلى الكوعين". علَّق الشيخ البجيرمي في حاشيته على قوله (وعورة الحرة) قائلا: "أي في الصلاة. أما عورتها خارج الصلاة بالنسبة لنظر الأجنبي إليها فهي جميع بدنها حتى الوجه والكفين, ولو عند أمن الفتنة"(29 ).
        وفي شرح ابن القاسم لمتن أبي شجاع في الفقه الشافعي: "وعورة الحرة في الصلاة ما سوى وجهها وكفيها ظهرًا وبطنًا إلى الكوعين، أما عورة الحرة خارج الصلاة، فجميع بدنها" علَّق الشيخ البيجوري في حاشيته عليه قائلا: "أي عند الرجال الأجانب"(30 ).
        وقال الشيخ منصور البهوتي الحنبلي في كشاف القناع: "(وهما) أي: الكفان (والوجه) من الحرة البالغة (عورة خارجها) أي: الصلاة (باعتبار النظر, كبقية بدنها)"(31 ).

    فصل في أدلة من أوجب ستر الوجه ومناقشتها:
        استدل من أوجب على المرأة تغطية الوجه -قديمًا وحديثًا- بما يلي:

    أولا: الأدلة من القرآن:

    الدليل الأول:
        قوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ}[الأحزاب: 53].
        ووجه دلالة الآية على وجوب تغطية الوجه: أن الآية وإن نزلت في نساء النبي صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وأنه إذا كانت نساء النبي صلى الله عليه وسلم مأمورات بتغطية وجوههن فبقية نساء الأمة مأمورات من باب أولى، وقد وردت نقول للمفسرين تبين وجوب الستر.
        قال أبو جعفر الطبري: "وإذا سألتم أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم ونساء المؤمنين اللواتي لسن لكم بأزواج متاعًا فاسألوهن من وراء ستر بينكم وبينهن، وسؤالكم إياهن المتاع إذا سألتموهن ذلك من وراء حجاب أطهر لقلوبكم وقلوبهن من عوارض العين فيها التي تعرض في صدور الرجال من أمر النساء، وفي صدور النساء من أمر الرجال، وأحرى من أن لا يكون للشيطان عليكم وعليهن سبيل"(32 ).
        وقال ابن كثير: "قوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} أي: وكما نهيتكم عن الدخول عليهن، كذلك لا تنظروا إليهن بالكلية، ولو كان لأحدكم حاجة يريد تناولها منهن فلا ينظر إليهن، ولا يسألهن حاجة إلا من وراء حجاب"(33 ).(34 )
        ويُناقش هذا بأن كلًّا من الإمامين ابن جرير الطبري والقرطبي قد ذهبا إلى القول بعدم وجوب تغطية الوجه في تفسير آية سورة النور: {إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} – كما مرَّ - فهذا قد يحمل منهما على السهو، أو يحمل في ما هذه الآية على خصوصيته بأمهات المؤمنين وما سورة النور على عامة نساء الأمة.
        وهذه الآية خاصة بأمهات المؤمنين، ومن قال إن العبرة بعموم اللفظ عليه أن يثبت أولا أن اللفظ عام في قوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ}[الأحزاب: 53] حتى يمكن تعميمه على بقية نساء الأمة، فالضمير في قوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ} خاص بنساء النبي صلى الله عليه وسلم، كما أن سياق الشاهد في الآية ليس فيه أي لفظ من ألفاظ العموم المنصوص عليها في كتب الأصول.
        إضافة إلى ما سبق فهناك حديث في صحيح البخاري يشير إلى كون التغطية واجبة في حق أمهات المؤمنين فعن أنس رضي الله عنه قال: أقام النبي صلى الله عليه وسلم بين خيبر والمدينة ثلاث ليال يبنى عليه بصفيه فدعوت المسلمين إلى وليمته وما كان فيها من خبز ولا لحم وما كان فيها إلا أن أمر بلالا بالأنطاع فبسطت فألقى عليها التمر والأقط والسمن فقال المسلمون إحدى أمهات المؤمنين أو ما ملكت يمينه؟ فقالوا: إن حجبها فهي إحدى أمهات المؤمنين وإن لم يحجبها فهي مما ملكت يمينه. فلما ارتحل وطأ لها خلفه ومد الحجاب(35 ).
        وقال الحاكم: أخبرني مخلد بن جعفر الباقرحي ثنا محمد بن جرير قال : قال أبو عبيدة معمر بن المثنى : ثم تزوج رسول الله صلى الله عليه و سلم حين قدم عليه وفد كندة قتيلة بنت قيس أخت الأشعث بن قيس في سنة عشرة ثم اشتكى في النصف من صفر ثم قبض يوم الإثنين ليومين مضيا من شهر ربيع الأول ولم تكن قدمت عليه و لا دخل بها ووقت بعضهم وقت تزويجه إياها فزعم أنه تزوجها قبل وفاته بشهر وزعم آخرون أنه تزوجها في مرضه وزعم آخرون أنه أوصى أن يخير قتيلة فإن شاءت فاختارت النكاح فزوجها عكرمة بن أبي جهل بحضرموت فبلغ أبا بكر فقال: لقد هممت أن أحرق عليهما فقال عمر بن الخطاب: ما هي من أمهات المؤمنين ولا دخل بها النبي صلى الله عليه و سلم ولا ضرب عليها الحجاب وزعم بعضهم أنها ارتدت (36 ).

        فإن قال المانعون للكشف: وإن سلمنا لكم بأن اللفظ هنا خاص بنساء النبي صلى الله عليه وسلم، وأنهن مأمورات بالحجاب وهن العفيفات الطاهرات، أفليس غيرهن من نساء الأمة أولى بهذا منهن؟ قلنا: هذا مُناقش من وجهين:- 
    الأول: أن الأمر مع نساء النبي صلى الله عليه وسلم مبناه على التشدد أكثر من غيرهن، قال تعالى: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ}[الأحزاب: 32].
    الثاني: أنه لو كان الأمر كذلك لأمرنا نحن عامة المسلمين بتكاليف أكثر من النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن الله تعالى قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر إضافة إلى عصمته صلى الله عليه وسلم من الذنوب ونحن المعرضون للذنوب والعذاب، لكنَّا وجدنا أنه صلى الله عليه وسلم قد خص بتكاليف أشد وأشق مما كلف به سائر المسلمين كقيام الليل مثلا.

    الدليل الثاني:
        قوله تعالى: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَـاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَـارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ ءَابَآئِهِنَّ أَوْ ءَابَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَآئِهِنَّ أَوْ أَبْنَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَتِهِنَّ أَوْ نِسَآئِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَـانُهُنَّ أَوِ التَّـابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِى الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُواْ عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَآءِ وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُواْ إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[النور: 31].(37 )
        وبيان دلالة هذه الآية على وجوب الحجاب على المرأة عن الرجال الأجانب وجوه:
    1- أن الله تعالى أمر المؤمنات بحفظ فروجهن والأمر بحفظ الفرج أمر به وبما يكون وسيلة إليه، ولا يرتاب عاقل أن من وسائله تغطية الوجه؛ لأن كشفه سبب للنظر إليها وتأمل محاسنها والتلذذ بذلك، وبالتالي إلى الوصول والاتصال. وفي الحديث: "العينان تزنيان وزناهما النظر". إلى أن قال: "والفرج يصدق ذلك أو يكذبه"(38 ). فإذا كان تغطية الوجه من وسائل حفظ الفرج كان مأموراً به؛ لأن الوسائل لها أحكام المقاصد(39 ).
        ويُناقش هذا بأن غض البصر مأمور به الرجال والنساء على حد سواء، وتغطية المرأة لوجهها ليس فيه ما يمنع نظرها للرجل ومع ذلك لم يأمر الرجال بتغطية وجوههم، فكما أن وجه المرأة فتنة بالنسبة للرجل فكذلك وجه الرجل أيضًا فتنة بالنسبة للمرأة، ثم بعد ذلك نسأل: هل زنا العينين مختصٌ بنظر الرجل للمرأة فقط أم نظر الرجل للمرأة وأيضًا نظر المرأة للرجل؟ وهل يجب على الرجل الجميل الحسن الوضيء أن يُغطي وجهه خشية افتتان النساء به؟ فلو أوجبتم على المرأة تغطية وجهها حفظًا لفرج الرجل فيلزمكم أيضًا إيجاب تغطية الرجل لوجهه حفظا لفرج المرأة؛ لاتحاد العلة، واللازم لا يصح فبطل الملزوم، وإن أوجبتم التغطية بالنسبة للنساء دون الرجال كان هذا تناقض واضح؛ لأن الأمر بحفظ الفرج للرجال والنساء جميعًا.
    2- قوله تعالى: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ}. فإن الخمار ما تخمر به المرأة رأسها وتغطيه به كالغدفة فإذا كانت مأمورة بأن تضرب بالخمار على جيبها كانت مأمورة بستر وجهها، إما لأنه من لازم ذلك، أو بالقياس فإنه إذا وجب ستر النحر والصدر كان وجوب ستر الوجه من باب أولى؛ لأنه موضع الجمال والفتنة. فإن الناس الذين يتطلبون جمال الصورة لا يسألون إلا عن الوجه، فإذا كان جميلاً لم ينظروا إلى ما سواه نظراً ذا أهمية. ولذلك إذا قالوا فلانة جميلة لم يفهم من هذا الكلام إلا جمال الوجه فتبين أن الوجه هو موضع الجمال طلباً وخبراً، فإذا كان كذلك فكيف يفهم أن هذه الشريعة الحكيمة تأمر بستر الصدر والنحر ثم ترخص في كشف الوجه(40 ).
        ويُناقش بأنه لا يلزم من الضرب بالخمار على الجيب تغطية الوجه، ففي اللغة أن الخِمَار -بالكَسْرِ - للمرأَة: هو النَّصِيفُ، ومنه خِمَارُ المَرْأَةِ تُغَطِّي به رَأْسَها(41 ) إذن فالضرب بالخمار إنما هو على الجيب لا على الوجه.
        قال أهل التفسير: الخُمُر: جمع خِمار، وهو ما يُخَمر به، أي: يغطى به الرأس، وهي التي تسميها الناس المقانع. والجيوب جمع جيب وهو فتح في أعلى القميص يبدو منه بعض الجسد. والمراد: أن الله تعالى أمر المؤمنات بستر نحورهنّ وصدورهن بخمرهن لئلا يُرى منها شيء، وكان النساء يغطين رؤوسهن بالخمر ويسدلنها كعادة الجاهلية من وراء الظهر فتبدو نحورهن وبعض صدورهن، فأمرهن سبحانه وتعالى بهذا ليخالفن شعارَ نساء أهل الجاهلية، فإنهن لم يكن يفعلن ذلك( 42).
        وكذلك أيضًا يدل على صحة تفسير الخمار بأنه ما يُغطى به الرأس ما روي عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لايقبل الله صلاة حائض إلا بخمار"(43 )، مع اتفاق العلماء على صحة صلاة المرأة وهي كاشفة لوجهها. ومعنى الخمار واحد في الصلاة وخارجها.
        ثم إنه لو كان الأمر بتغطية الوجه مطلوبًا قصدًا لنصت الآية عليه.
    3- أن الله تعالى نهى عن إبـداء الزينة مطلقًا إلا ما ظهـر منها، وهي التي لابد أن تظهر كظاهر الثياب ولذلك قـال: {إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} لم يقل إلا ما أظهرن منها، ثم نهى مرة أخرى عن إبداء الزينة إلا لمن استثناهم، فدل هذا على أن الزينة الثانية غير الزينة الأولى.
        فالزينة الأولى هي الزينة الظاهرة التي تظهر لكل أحد ولا يمكن إخفاؤها، والزينة الثانية هي الزينة الباطنة التي يتزين بها، ولو كانت هذه الزينة جائزة لكل أحد لم يكن للتعميم في الأولى والاستثناء في الثانية فائدة معلومة(44 ).
        ويُناقش هذا بأن تفسير قوله تعالى: {إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} بظاهر الثياب غير مسلم لما يلي:
    أولا: أن الله تعالى قال في الآية: {إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا}، ولم يقل: إلا الظاهر، وهناك فارق كبير بينهما، فلو كان المقصود الثياب لقالت الآية إلا الظاهر منها، أما كلمة {ظَهَرَ} فتعنى بدو الشيء بعد الخفاء، قال ابن منظور في اللسان: "الظهور بدو الشيء الخفي"(45 )، إذن فليس المقصود الثياب؛ لأنها ظاهرة لا يمكن إخفاؤها. أما مواضع الزينة فيمكن إخفاؤها.
    ثانيًا: الاستثناء في الآية: {إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} بعد النهي عن إبداء الزينة، فيه إشارة إلى نوع من الرخصة والتيسير، وظهور الثياب الخارجية ليس فيه شيء من الرخصة أو رفع الحرج؛ لأن ظهوره أمر اضطراري لا حيلة فيه.
    ثالثًا: أننا نُسلم بأن الزينة الثانية غير الزينة الأولى. فالأولى هي الزينة الظاهرة التي تظهر لكل أحد ولا يمكن إخفاؤها، والثانية هي الزينة الباطنة التي يتزين بها، ولو كانت هذه الزينة جائزة لكل أحد لم يكن للتعميم في الأولى والاستثناء في الثانية فائدة معلومة، لكننا لا نُسلم أن لا يكون الوجه والكفين من الزينة الأولى بل هو الراجح كما مر من أدلتنا.
    4- أن الله تعالى يرخص بإبداء الزينة الباطنة للتابعين غير أولي الإربة من الرجال وهم الخدم الذين لا شهوة لهم، وللطفل الصغير الذي لم يبلغ الشهوة ولم يطلع على عورات النساء فدل هذا على أمرين:
    أحدهما: أن إبداء الزينة الباطنة لا يحل لأحد من الأجانب إلا لهذين الصنفين.
    الثاني: أن علة الحكم ومداره على خوف الفتنة بالمرأة والتعلق بها، ولا ريب أن الوجه مجمع الحسن وموضع الفتنة فيكون ستره واجباً لئلا يفتتن به أولو الإربة من الرجال(46 ).
        ويُناقش هذا بأننا لا نسلم أن الوجه والكفين من الزينة الباطنة، بل هما من الزينة الظاهرة التي في إخفائها حرج على المرأة. كما مر في أدلتنا من بيان معنى قوله تعالى: {إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا}.
        قال الطاهر بن عاشور: "وفسر جمع من المفسرين الزينة بالجسد كله وفسر ما ظهر بالوجه والكفين قيل والقدمين والشعر . وعلى هذا التفسير فالزينة الظاهرة هي التي جعلها الله بحكم الفطرة بادية يكون سترها معطلاً الانتفاع بها أو مدخلاً حرجاً على صاحبتها وذلك الوجه والكفان، وجمهور الأئمة على أن استثناء إبداء الوجه والكفين من عموم منع إبداء زينتهن يقتضي إباحة إبداء الوجه والكفين في جميع الأحوال لأن الشأن أن يكون للمستثنى جميع أحوال المستثنى منه"(47 ).

    وقال ابن العربي المالكي: "اختلف في الزينة الظاهرة على ثلاثة أقوال:
    الأول: أنها الثياب يعني أنها يظهر منها ثيابها خاصة; قاله ابن مسعود.
    الثاني: الكحل والخاتم ; قاله ابن عباس والمسور.
    الثالث: أنه الوجه والكفان. وهو والقول الثاني بمعنى, لأن الكحل والخاتم في الوجه والكفين, إلا أنه يخرج عنه بمعنى آخر, وهو أن الذي يرى الوجه والكفين هي الزينة الظاهرة يقول ذلك ما لم يكن فيها كحل أو خاتم, فإن تعلق بها الكحل والخاتم وجب سترها وكانت من الباطنة فأما الزينة الباطنة فالقرط والقلادة والدملج والخلخال وغيره"(48 ).
        وقد أجاب أبو بكر الجصاص عن قول ابن مسعود أن ما ظهر منها هو الثياب: بأنه لا معنى له; لأنه معلوم أنه ذكر الزينة والمراد العضو الذي عليه الزينة, ألا ترى أن سائر ما تتزين به من الحلي والقُلْب(49 ) والخلخال والقلادة يجوز أن تظهرها للرجال إذا لم تكن هي لابستها؟ فعلمنا أن المراد موضع الزينة كما قال في نسق التلاوة بعد هذا: {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ} والمراد موضع الزينة, فتأويلها على الثياب لا معنى له; إذ كان ما يرى الثياب عليها دون شيء من بدنها كما يراها إذا لم تكن لابستها.
        وأما القول أن علة الحكم ومداره على خوف الفتنة بالمرأة والتعلق بها، ولا ريب أن الوجه مجمع الحسن وموضع الفتنة فيكون ستره واجباً لئلا يفتتن به أولو الإربة من الرجال. فيُناقش بأنه لا يدل على وجوب تغطية المرأة لوجهها؛ لأن كل هذا يدور حول علة يستوي فيها الرجال والنساء على حد سواء.
    5- قوله تعالى: {وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ}.
        يعني لا تضرب المرأة برجلها فيعلم ما تخفيه من الخلاخيل ونحوها مما تتحلى به للرجل، فإذا كانت المرأة منهية عن الضرب بالأرجل خوفاً من افتتان الرجل بما يسمع من صوت خلخالها ونحوه فكيف بكشف الوجه.
        فأيهما أعظم فتنة أن يسمع الرجل خلخالا بقدم امرأة لا يدري ما هي وما جمالها؟! لا يدري أشابة هي أم عجوز؟! ولا يدري أشوهاء هي أم حسناء؟! أيهما أعظم فتنة هذا أو أن ينظر إلى وجه سافر جميل ممتلىء شباباً ونضارة وحسناً وجمالاً وتجميلاً بما يجلب الفتنة ويدعو إلى النظر إليها؟! إن كل إنسان له إربة في النساء ليعلم أي الفتنتين أعظم وأحق بالستر والإخفاء(50 ).
        ويُناقش هذا بأنه قياس مع الفارق؛ فقد أمرنا بغض البصر ولكننا لم نأمر بسد الأذنين، ثم إن العلة المذكورة يشترك فيها الرجال والنساء، فما وجه تخصيص المرأة دون الرجل؟

    الدليل الثالث:
        قوله تعالى: {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَآءِ الَّلَاتِى لاَ يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَـاتِ بِزِينَةٍ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عِلِيمٌ}[النور: 60].
        وجه الدلالة من هذه الآية الكريمة أن الله تعالى نفى الجناح وهو الإثم عن القواعد وهن العواجز اللاتي لا يرجون نكاحاً لعدم رغبة الرجال فيهن لكبر سنهن. نفى الله الجناح عن هذه العجائز في وضع ثيابهن بشرط أن لا يكون الغرض من ذلك التبرج بالزينة. ومن المعلوم بالبداهة أنه ليس المراد بوضع الثياب أن يبقين عاريات، وإنما المراد وضع الثياب التي تكون فوق الدرع ونحوه مما لا يستر ما يظهر غالباً كالوجه والكفين فالثياب المذكورة المرخص لهذه العجائز في وضعها هي الثياب السابقة التي تستر جميع البدن وتخصيص الحكم بهؤلاء العجائز دليل على أن الشواب اللاتي يرجون النكاح يخالفنهن في الحكم، ولو كان الحكم شاملاً للجميع في جواز وضع الثياب ولبس درع ونحوه لم يكن لتخصيص القواعد فائدة.
        وفي قوله تعالى: {غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتِ بِزِينَةٍ}. دليل آخر على وجوب الحجاب على الشابة التي ترجو النكاح؛ لأن الغالب عليها إذا كشفت وجهها أن تريد التبرج بالزينة وإظهار جمالها وتطلع الرجال لها ومدحهم إياها ونحو ذلك، ومن سوى هذه نادرة والنادر لا حكم له(51 ).
        ويُناقش هذا بأن هذه الآية ليس فيها ذكرٌ لتغطية الوجه أو كشفه فضلا عن أن تصلح دليلا على وجوب التغطية، بل هي تتحدث أصلا عن أمر آخر محصله: أن العجائز ليس فرضًا عليهن لبسُ الجلباب، فالمراد بالثياب هنا الجلباب، وهو تفسير مروي عن بعض الصحابة كابن عباس وابن مسعود رضي الله تعالى عنهما، فقد روى أبو جعفر الطبري عن ابن عباس، قوله: {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا} وهي المرأة لا جناح عليها أن تجلس في بيتها بدرع وخمار، وتضع عنها الجلباب ما لم تتبرّج لما يكره الله، روى أيضًا عن عبد الله، في قوله: {فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ} قال: الجلباب أو الرداء(52 ).
        والجِلْبابُ القَمِيصُ والجِلْبابُ ثوب أَوسَعُ من الخِمار دون الرِّداءِ تُغَطِّي به المرأَةُ رأْسَها وصَدْرَها وقيل هو ثوب واسِع دون المِلْحَفةِ تَلْبَسه المرأَةُ وقيل هو المِلْحفةُ(53 ).

    الدليل الرابع:
        قوله تعالى: {يأَيُّهَا النَّبِىُّ قُل لأزْوَاجِكَ وَبَنَـاتِكَ وَنِسَآءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا}[الأحزاب: 59].
        قال ابن عباس رضي الله عنهما: "أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب ويبدين عينًا واحدة"(54 ). وتفسير الصحابي حجة، بل قال بعض العلماء إنه في حكم المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلّم، وقوله رضي الله عنه: "ويبدين عينًا واحدة" إنما رخص في ذلك لأجل الضرورة والحاجة إلى نظر الطريق فأما إذا لم يكن حاجة فلا موجب لكشف العين.
        والجلباب هو الرداء فوق الخمار بمنزلة العباءة. قالت أم سلمة رضي الله عنها لما نزلت هذه الآية: "خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من السكينة وعليهن أكسية سود يلبسنها"(55 ). وقد ذكر عبيدة السلماني وغيره أن نساء المؤمنين كن يدنين عليهن الجلابيب من فوق رؤوسهن حتى لا يظهر إلا عيونهن من أجل رؤية الطريق(56 ).
        ويُناقش هذا بما يلي:
    أولا: عدم صحة الاستدلال بحديث ابن عباس في تغطية الوجه؛ لأنه ضعيف رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس وعليٌّ هذا تكلم فيه الإمام أحمد(57 )، وروايته عن ابن عباس مرسلة(58 ).
    وإن سلمنا بصحة الرواية، فقول الصحابة ليس بحجة فيما هو مقول بالاجتهاد المحض؛ لأن المجتهد يجوز عليه الخطأ، ولم يثبت أن الصحابة ألزموا غيرهم بأقوالهم، ومرتبة الصحبة وإن كانت شرفًا كبيرًا لا تجعل صاحبها معصومًا من الخطأ(59 ).
        وعلى التسليم بحجية قول الصحابي فقد ورد عن ابن عباس نفسه وغيره من الصحابة الكرام رضوان الله تعالى عنهم أجمعين خلاف المروي عنه ههنا كما مر في أدلتنا على جواز الكشف في آية سورة النور وهو ما قواه الإمام الطبري.
    ثانيًا: عدم صحة استدلال الشيخ بأثر عَبِيدَة السلماني: فهذا الأثر أخرجه السيوطي في الدر المنثور(60 )، وهو ضعيف؛ لأنه مقطوع، فعبيدة السلماني تابعي اتفاقًا، فلا حجة فيه إذن.
        ولو سلمنا بالأخذ به فليس في كلام عَبِيدَة السلماني حجة؛ فهو مجرد رأيه وتفسيره للآية أو هو إخبار منه عن واقع النساء في هذا العصر ليس أكثر من ذلك.
    ثالثًا: أن معنى الجلباب ليس فيه ما يفيد أنه غطاء الوجه - كما مرَّ -.

    الدليل الخامس:
    قوله تعالى: {لا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِى ءَابَآئِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآئِهِنَّ وَلاَ إِخْواَنِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلاَ نِسَآئِهِنَّ وَلاَ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ شَهِيداً }[الأحزاب: 55].
    قال ابن كثير رحمه الله: لما أمر الله النساء بالحجاب عن الأجانب بيّن أن هؤلاء الأقارب لا يجب الاحتجاب عنهم كما استثناهم في سورة النور عند قوله تعالى: {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ}.. الآية(61 ).(62 )
        ويُناقش هذا بأن سياق الآية في أمهات المؤمنين، ثم إنه ليس فيه دلالة على وجوب تغطية الوجه فغاية ما يفيده الأمر أن الاحتجاب إنما هو خاص بالأجانب وأن الأقارب المذكورين في الآية مستثنون من ذلك –وهذا خارج عن محل النزاع-.

    ثانيًا: الأدلة من السنة:-

    الدليل الأول:

        عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل" قال: فخطبت جارية فكنت أتخبأ لها حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها وتزوجها فتزوجتها(63 ).
        ووجه الدلالة منه: أن النبي صلى الله عليه وسلم نفى الجناح وهو الإثم عن الخاطب خاصة إذا نظر من مخطوبته بشرط أن يكون نظره للخطبة، فدل هذا على أن غير الخاطب آثم بالنظر إلى الأجنبية بكل حال، وكذلك الخاطب إذا نظر لغير الخطبة مثل أن يكون غرضه بالنظر التلذذ والتمتع به ونحو ذلك. (64 )
        ويُناقش هذا بأنه ليس فيه ما يدل على وجوب تغطية الوجه، بل فيه ما يدل على جواز نظر الخاطب إلى من يريد خطبتها، ثم إنه ليس فيه نص على رؤيته وجه المخطوبة بخصوصه فقط؛ لأن النظر في الحديث مطلق غير محدد، وأحاديث النظر للمخطوبة جاءت مطلقة لم تحدد مقدار نظر الخاطب لمخطوبته، لذلك نجد أن أقوال العلماء قد اختلفت في مقدار نظر الخاطب لمخطوبته، فلا يُفهم من ذلك وجوب ستر وجه المرأة في عامة الأحوال.

    الدليل الثاني:
        أن النبي صلى الله عليه وسلّم لَمَّا أمر بإخراج النساء إلى مصلى العيد قلن: يا رسول الله: إحدانا لا يكون لها جلباب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لتلبسها أختها من جلبابها"(65 ). فهذا الحديث يدل على أن المعتاد عند نساء الصحابة أن لا تخرج المرأة إلا بجلباب، وأنها عند عدمه لا يمكن أن تخرج.  ولذلك ذكرن رضي الله عنهن هذا المانع لرسول الله صلى الله عليه وسلم، حينما أمرهن بالخروج إلى مصلى العيد فبين النبي صلى الله عليه وسلم، لهن حل هذا الإشكال بأن تلبسها أختها من جلبابها ولم يأذن لهن بالخروج بغير جلباب، مع أن الخروج إلى مصلى العيد مشروع مأمور به للرجال والنساء، فإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يأذن لهن بالخروج بغير جلباب فيما هو مأمور به فكيف يرخص لهن في ترك الجلباب لخروج غير مأمور به ولا محتاج إليه؟! بل هو التجول في الأسواق والاختلاط بالرجال والتفرج الذي لا فائدة منه. وفي الأمر بلبس الجلباب دليل على أنه لابد من التستر(66 ).
        ويُناقش هذا بأنه ليس فيه دليل على وجوب تغطية الوجه؛ فالجلباب كما مر من معناه ليس فيه أنه يغطي الوجه بل تُغطي به المرأة رأسها وظهرها وصدرها.

    الدليل الثالث:
        ما روي عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يصلي الفجر فيشهد معه نساء من المؤمنات متلفعات بمروطهن ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد من الغَلَس، وقالت: لو رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم، من النساء ما رأينا لمنعهن من المساجد كما منعت بنو إسرائيل نساءها(67 )، وقد روى نحو هذا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
    والدلالة في هذا الحديث من وجهين:
    أحدهما: أن الحجاب والتستر كان من عادة نساء الصحابة الذين هم خير القرون، وأكرمها على الله عز وجل، وأعلاها أخلاقًا وآدابًا، وأكملها إيماناً، وأصلحها عملاً فهم القدوة الذين رضي الله عنهم وعمن اتبعوهم بإحسان، فإذا كانت تلك طريقة نساء الصحابة فكيف يليق بنا أن نحيد عن تلك الطريقة التي في اتباعها بإحسان رضا الله تعالى.
    والثاني: أن أم المؤمنين عائشة وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما وناهيك بهما علمًا وفقهًا وبصيرة في دين الله ونصحاً لعباد الله أخبرا بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لو رأى من النساء ما رأياه لمنعهن من المساجد، وهذا في زمان القرون المفضلة تغيرت الحال عما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم، إلى حد يقتضي منعهن من المساجد. فكيف بزماننا هذا وقد اتسع الأمر وقل الحياء وضعف الدين في قلوب كثير من الناس؟!(68 ).
        ويُناقش هذا بأنه لا يصلح دليلا على وجوب تغطية الوجه، فليس فيه ما يدل على التغطية أو الكشف، بل هو وصف لعادة نساء ذلك الزمان، وإن كنا لا نسلم بأنهن كن يغطين وجوههن لما يلي:
    أولا: قول السيدة عائشة رضي الله عنها: (متلفعات بمروطهن) معناه: متلففات والتلفع يستعمل في الالتحاف مع تغطية الرأس وقد يجيء بمعنى تغطية الرأس(69 ).
    ثانيًا: قول السيدة عائشة رضي الله عنها: (ما يعرفهن أحد من الغَلَس) – وهو بقايا ظلام الليل – معناه: لا يُعرفن أنساء أم رجال، أي: لا يظهر للرائي إلا الأشباح خاصة كما نقله الحافظ ابن حجر عن الداودي(70 ) ففيه إشارة إلى أن الذي يمنع من معرفتهن هو بقايا الظلام لا كونهن يغطين ووجوههن، ولو أردت السيدة عائشة رضي الله عنه أن تقل هذا المعنى لبيَّنته.
    ثالثًا: أنه قد وردت رواية أخرى فيها نص على عدم معرفة الوجوة خاصة لا مطلق المعرفة؛ فقد روى أبو يعلى في مسنده بسند صحيح عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنه أنها قالت: لو رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم من النساء ما نرى لمنعهن من المساجد كما منعت بنو إسرائيل نساءها لقد رأيتنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر في مروطنا و ننصرف و ما يعرف بعضنا وجوه بعض(71 ).
        وإن سلمنا بأنهن كن يغطين ووجوههن فغاية ما يدل عليه هو جواز التغطية لا الوجوب.

    الدليل الرابع:
    أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة". فقالت أم سلمة: فكيف يصنع النساء بذيولهن؟ قال: "يُرخينه شبرًا". قالت إذن تنكشف أقدامهن. قال: "يُرخينه ذراعًا ولا يزدن عليه"(72 )،ففي هذا الحديث دليل على وجوب ستر قدم المرأة وأنه أمر معلوم عند نساء الصحابة رضي الله عنهم، والقدم أقل فتنة من الوجه والكفين بلا ريب. فالتنبيه بالأدنى تنبيه على ما فوقه وما هو أولى منه بالحكم، وحكمة الشرع تأبى أن يجب ستر ما هو أقل فتنة ويرخص في كشف ما هو أعظم منه فتنة، فإن هذا من التناقض المستحيل على حكمة الله وشرعه(73 ).
        ويُناقش هذا بأنَّا سلمنا أن قدم المرأة عورة يجب سترها، لكنا لا نسلم بوجوب ستر الوجه والكفين قياسًا على ستر القدم من باب قياس الأولى؛ لأن هذا قياس فاسد الاعتبار؛ لمعارضته النصوص الدالة على جواز كشف المرأة لوجهها.

    الدليل الخامس:
        قوله صلى الله عليه وسلّم: "إذا كان لإحداكن مكاتب وكان عنده ما يؤدي فلتحتجب منه"(74 ). ووجه الدلالة من هذا الحديث: أنه يقتضي أن كشف السيدة وجهها لعبدها جائز مادام في ملكها فإذا خرج منه وجب عليها الاحتجاب لأنه صار أجنبيًا فدل على وجوب احتجاب المرأة عن الرجل الأجنبي(75 ).
        ويُناقش هذا بأنه خارج عن محل النزاع فغاية ما يدل عليه احتجاب المرأة عن الأجانب، وهو خارج عن محل النزاع، وليس تغطية المرأة وجهها عن الأجانب.
        ثم إن هذا الحديث من مشكل الأحاديث؛ وذلك لأنه لو تأملنا معنى قوله هذا "إذا كان لإحداكن مكاتب وكان عنده ما يؤدي ...إلى آخره" أي عنده ما يفي بما بقي عليه من كتابته أن تحتجب منه, وهو مازال غير عتيق يكون ذلك عنده قبل أدائه إياه عن نفسه من كتابته إلى من كان كاتبه ووجدنا الله تعالى ذكر ما أباح لأزواج نبيه عليه السلام من النظر إلى من أباح لهن النظر إليه من الناس وأباح لمن أباح لهن ذلك منه النظر إليهن بقوله: {لاَ جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ} إلى {وَلاَ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ}[الأحزاب: 55].
        وجوابه: أن من كاتبن مما ذكرنا قد دخل فيما ملكت أيمانهن بالدلالة على ذلك من هذا الحديث وكان ما دل على من كاتبن من المكاتبة مما إذا أداه المكاتب الذي قد حل عليه عتق به وحرم عليه النظر إلى سيدته التي هي من أزواج النبي عليه السلام وكان تأخيره ذلك ليسع له النظر إليها بملكها إياه حراما عليه ; لأنه منع واجبا عليه ليبقى له ما يحرم عليه إذا أدى ذلك الواجب لمن هو له عليه فهذا وجه قوله صلى الله عليه وسلم لزوجته أم سلمة: "إذا كان لإحداكن مكاتب وكان عنده ما يؤدي فلتحتجب منه"(76 ).
         وهذا الوجه ذكره الشيخ محمد أنور الكشميري في العرف الشذي(77 ) واستحسنه، ففُهِم منه وجه هذا الحديث وأنه لا علاقة له بوجوب تغطية الوجه.

    الدليل السادس:
        عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع الرسول صلى الله عليه وسلّم، فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها على وجهها من رأسها.فإذا جاوزونا كشفناه"(78 )،. ففي قولها: "فإذا جاوزونا" تعني الركبان "سدلت إحدانا جلبابها على وجهها" دليل على وجوب ستر الوجه؛ لأن المشروع في الإحرام كشفه، فلولا وجود مانع قوي من كشفه حينئذ لوجب بقاؤه مكشوفًا. وبيان ذلك أن كشف الوجه في الإحرام واجب على النساء عند الأكثر من أهل العلم والواجب لا يعارضه إلا ما هو واجب، فلولا وجوب الاحتجاب وتغطية الوجه عن الأجانب ما ساغ ترك الواجب من كشفه حال الإحرام، وقد ثبت في الصحيحين وغيرها أن المرأة المحرمة تنهى عن النقاب والقفازين(79 ).
    ويُناقش هذا من ناحيتين:
    الأولى: من ناحية السند ففي إسناده يزيد بن أبي زياد، ضعفه العلماء وقالوا عنه لا يحتج بحديثه؛ لأنه ليس بالقوي، وليس بالحافظ، قال عنه الحافظ ابن حجر في تقريب التهذيب: "ضعيف"(80 )، وقال الحافظ في الفتح عن هذا الحديث: "في إسناده ضعف"(81 )، وقال الإمام النووي في المجموع عن إسناد هذا الحديث: "ضعيف"(82 ).
        وعلى فرض التسليم بصحته فلا يصح الاستدلال به على وجوب تغطية الوجه لسائر نساء الأمة، وهذه هي الناحية الثانية، فهذا الحديث قد يكون خاصًّا بأمهات المؤمنين، وعلى فرض عدم اختصاصهن به، فهذا الفعل منهن أو من غيرهن لا يدل على الوجوب، فمجرد الفعل بمفرده لا يدل على الوجوب وإن صدر من النبي صلى الله عليه وسلم فما بالك إن صدر عن غيره، فغاية ما في الحديث مشروعية تغطية الوجه في الإحرام من غير لبس للنقاب.
        وأما عبارة: "الواجب لا يعارضه إلا واجب": فهي عبارة غير دقيقة؛ لأن المعارضة تكون بين الأدلة والحجج لا بين الأحكام، فإن قيل: أردنا "الواجب لا يُترك إلا لواجب". قلنا: المراد لا يدفع الإيراد، ومع ذلك نُجيب فنقول: كشف الوجه ليس واجبًا حال الإحرام حتى يُترك بالستر فيصير هو واجبًا، وإنما الواجب ترك النقاب، ثم إن كلام السيدة عائشة غاية ما يدل عليه هو الجواز والمشروعية لا الوجوب.
        وبعد ذلك فإننا نستطيع أن نستدل بهذا الحديث على عدم إيجاب تغطية الوجه أنه لو كان تغطية الوجه والكفين فرضًا لما أبيح كشفهما في حال الإحرام ويصير تغطيتهما بهذه الهيئة من محظورات الإحرام، ولو كان الوجه عورة لما حرم ستره.

    الدليل السابع:
        ما روي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان"(83 )، فدل هذا الحديث على أن المرأة كلها عورة ولم يستثن صلى الله عليه وسلم منها شيئاً(84 ).
        ويُناقش هذا بأن الحديث لا يفيد هذه "الكلية" التي ذكروها، بل غاية ما يفيده: أن الأصل في المرأة هو التصون والستر، لا التكشف والابتذال(85 )، والمعنى: أن المرأة إذا خرجت من بيتها طمع بها الشيطان ليغويها أو يغوي بها، لا أنها يجب عليها ستر وجهها.
        وعلى فرض التسليم بعمومية هذا الحديث فالوجه والكفان مخصوصان بالأدلة من هذا العموم؛ فقد استثنى الشرع الوجه والكفين بقوله تعالى: {ولَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} إلى غير ذلك من الأدلة الأخرى التي تُجيز كشف الوجه.

    الدليل الثامن:
        فعل أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنه في قصة الإفك، ففيها: "قالت عائشة وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني من وراء الجيش فأدلج فأصبح عند منزلي فرأى سواد إنسان نائم فأتاني فعرفني حين رآني، وكان يراني قبل الحجاب فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني فخمرت وجهي بجلبابي"(86 ).
        ووجه الدلالة: أنه لو لم يكن رآها قبل الحجاب لم يكن ليعرفها برؤيته لها، وهذا الحديث نص في شمول الحجاب للوجه، ويفيد أن الحجاب يمنع الرائي من معرفة المرأة بوجهها؛ لكون الوجه مستورًا تمام الستر(87 ).
        ويُناقش هذا بأن هذا الحديث غير صريح في وجوب التغطية في حق أمهات المؤمنين؛ فليس فيه أمر بل هو مجرد فعل منها رضوان الله عليها، فكيف يستدل به على وجوب النقاب في حق غيرهن؟! وفعل النبي صلى الله عليه وسلم نفسه بمفرده لا يدل على الوجوب، فكيف بفعل غيره؟! فغاية ما يفيده أنها غطت وجهها.
        وعلى فرض التسليم بأنه يدل على الوجوب فهذا في حقهن فهن أمهات المؤمنين، وقد قال تعالى: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ}[الأحزاب: 32].

    الدليل التاسع:
        عن عائشة رضي الله عنه قالت: "خرجت سودة بعدما ضرب الحجاب لحاجتها وكانت امرأة جسيمة لا تخفى على من يعرفها فرآها عمر بن الخطاب فقال: يا سودة أما والله ما تخفين علينا فانظري كيف تخرجين"(88 )، وفي هذا الحديث دلالة واضحة على أن وجهها كان مستوراً وأنه رضي الله عنه لم يعرفها إلا بجسمها(89 ).
        ويُناقش هذا بأنه حكاية فعل إحدى أمهات المؤمنين، والفعل غاية ما يفيده المشروعية فلا يُستدل منه على الوجوب.

    الدليل من القياس:
        واستدل موجبو التغطية بالقياس فقالوا: إنه قد وُجِد أن السفور وكشف المرأة وجهها للرجال الأجانب يشتمل على مفاسد كثيرة وإن قدر فيه مصلحة فهي يسيرة منغمرة في جانب المفاسد. فمن مفاسده:
    1- الفتنة، فإن المرأة تفتن نفسها بفعل ما يجمل وجهها ويبهيه ويظهره بالمظهر الفاتن. وهذا من أكبر دواعي الشر والفساد(90 ).
        ويُناقش هذا بأنه غلو في سد الذرائع، والجمال أمر نسبي وغير مطرد، وأين الأمر بغض البصر؟! وأن هذا قد يكون من باب الفتوى لا الحكم فمع تغير الزمان وفساده تتغير الفتوى لا الحكم، ثم إن الفتنة قد تحدث من مجرد النظر إلى الثياب وحجم الجسم.
        وأيضًا أن هذه العلة يشترك فيها الرجال والنساء فقد تفتتن المرأة بوجه الرجل الجميل ومع ذلك لم يؤمر الرجال بتغطية وجوههم.
    2- زوال الحياء عن المرأة الذي هو من الإيمان ومن مقتضيات فطرتها. فقد كانت المرأة مضرب المثل في الحياء. «أحيا من العذراء في خدرها»، وزوال الحياء عن المرأة نقص في إيمانها، وخروج عن الفطرة التي خلقت عليها(91 ).
        ويُناقش بأنه لا علاقة بين زيٍّ معين وبين الحياء.
    3- اختلاط النساء بالرجال، فإن المرأة إذا رأت نفسها مساوية للرجل في كشف الوجه والتجول سافرة لم يحصل منها حياء ولا خجل من مزاحمة، وفي ذلك فتنة كبيرة وفساد عريض. وقد خرج النبي صلى الله عليه وسلّم، ذات يوم من المسجد وقد اختلط النساء مع الرجال في الطريق فقال النبي صلى الله عليه وسلّم: "استأخرن فإنه ليس لكن أن تحتضن الطريق. عليكن بحافات الطريق"(92 ). فكانت المرأة تلصق بالجدار حتى إن ثوبها ليتعلق به من لصوقها. ذكره ابن كثير عند تفسير قوله تعالى: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ}(93 ).
        ويُناقش هذا بأنه لا علاقة بين الاختلاط وستر الوجه أو كشفه ثم إن الحياء – وحقيقته أنه الحياء خلق يبعث على ترك القبيح ويمنع من التقصير في حق ذي الحق (94 ) - هو صفة للرجال والنساء وليست مقصورة على النساء فحسب ودعوى زواله بالمزاحمة متوهمة لا ينبني عليها حكم شرعي.

    الدليل من العرف:
        ومما يُستدل به على وجوب التغطية العرف العام الذي جرى عليه عمل المسلمون عدة قرون بستر النساء لوجوههن بالبراقع والنقب وغيرها.
    فقد ذكر الإمام الغزالي في الإحياء أنه: لم يزل الرجال على ممر الزمان مكشوفي الوجوه والنساء يخرجن منتقبات(95 )
        كما حكى الحافظ ابن حجر في الفتح أنه: لم تزل عادة النساء قديما وحديثًا يسترن وجوههن عن الأجانب(96 ).
        ويُناقش هذا بأنه ليس فيه ما يدل على وجوب تغطية الوجه بل هو مجرد وصف لحالهن وأن من عادتهن في زمانهن أن يسترن وجوههن.

    شبهة وجوابها:
        يذهب القائلون بوجوب تغطية الوجه إلى القول: بأنَّا سلَّمنا بأدلة مشروعية كشف الوجه، وأن المرأة في العصر الأول كانت لا تغطي وجهها إلا في أحوال قليلة لكن ذلك العصر كان عصرًا مثاليًّا وعصر نقاء وصفاء وهذا الزمان الذي نعيش فيه زمان فتنة وفساد فالأولى بالمرأة أن تغطي وجهها.

    وجواب هذا ما يلي:
    1- أن حد زمن الفتنة غير منضبط؛ فمن عصر التابعين وهناك من يقول: زماننا هذا زمان فتنة، كما أن الجمال أمر نسبي.
    2- أن هذا يكون من باب الورع، والورع بابه واسع، ونحن في زمان حد الحلال والحرام، ولو فتحنا هذا الباب وسلكنا هذا في المسلك المتشدد لنُسخ كثير من أحكام الشريعة بمجرد الرأي بدعوى الورع والاحتياط.

    خلاصة البحث ونتائجه:
    والذي نَخْلُص إليه في ختام هذا البحث ما يلي:
    1) أن تغطية المرأة لوجهها أو كشفها له من الأمور الخلافية التي لا إنكار فيها على الفعل أو الترك.
    2) أن الرأي المختار عندنا هو جواز الكشف، وهو رأي الجمهور؛ لما سبق من قوة مذهبهم وظهور أدلتهم.
    3) أن تغطية المرأة لوجهها فضيلة لا فريضة، فمن غطته كانت مأجورة ومن كشفته لم تكن مأزورة.
    4) أن القول بأن تغطية الوجه غير واجبة ليس معناه أنه لا يجوز أو أنه بدعة.
    والله تعالى أعلى وأعلم.

    كتبه:
    مصطفى عبد الكريم مراد (الباحث بقسم الأبحاث الشرعية)
    22/5/2008م

    قرأه وحكَّمه وأجازه للنشر:
    أ.د/ عبد الله ربيع عبد الله (أستاذ أصول الفقه بجامعة الأزهر)




    مراجع البحث
    -----------------------------
    1. إبراز الحق والصواب في مسألة السفور والحجاب لصفي الرحمن المباركفوري، ط: دار الطحاوي بالرياض، حديث أكادمي فيصل آباد.
    2. أحكام القرآن لابن العربي المالكي – ط: دار الكتب العلمية.
    3. أحكام القرآن للجصاص الحنفي – ط: دار الفكر.
    4. إحياء علوم الدين للإمام أبي حامد الغزالي - الناشر: دار المعرفة - بيروت.
    5. أدلة الحجاب لمحمد إسماعيل المقدم، ط: دار الإيمان بالأسكندرية.
    6. أسنى المطالب شرح روض الطالب – ط: دار الكتاب الإسلامي.
    7. أصول الفقه الإسلامي للدكتور وهبة الزحيلي – ط: دار الفكر – الطبعة الأولى 1406هـ - 1986م.
    8. أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن للشيخ محمد الأمين الشنقيطي-ط: مجمع الفقه الإسلامي بجدة المطبوعة في دار عالم الفوائد.
    9. الإنصاف للمرداوي – ط: دار إحياء التراث العربي.
    10. تاج العروس من جواهر القاموس للزبيدي - تحقيق: مجموعة من المحققين – ط: الكويت.
    11. تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق لعثمان الزيلعي – ط: دار الكتاب الإسلامي.
    12. التحرير والتنوير لمحمد الطاهر بن عاشور – ط: دار سحنون للنشر والتوزيع - تونس - 1997م.
    13. تحفة الحبيب على شرح الخطيب (حاشية البجيرمي على الإقناع) – ط: دار الفكر.
    14. تفسير ابن سعدي - ط. مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى سنة 2000م.
    15. تفسير الطبري المسمى بجامع البيان في تأويل القرآن - تحقيق: أحمد محمد شاكر - الناشر: مؤسسة الرسالة - الطبعة الأولى 1420هـ - 2000م.
    16. تفسير القرآن العظيم لأبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير - تحقيق: سامي بن محمد سلامة - الناشر: دار طيبة للنشر والتوزيع - الطبعة الثانية 1420هـ - 1999م.
    17. تفسير روح المعاني للآلوسي – ط: دار إحياء التراث العربي – بيروت – المصورة على طبعة إدارة الطباعة المنيرية.
    18. تقريب التهذيب لابن حجر العسقلاني - ط: دار الرشيد – سوريا - الطبعة الأولى 1406هـ 1986م - تحقيق: محمد عوامة.
    19. تهذيب الكمال للمزي - تحقيق : د. بشار عواد معروف - ط: مؤسسة الرسالة – بيروت -الطبعة الأولى ، 1400 - 1980
    20. جامع التحصيل في أحكام المراسيل للعلائي - تحقيق : حمدي عبد المجيد السلفي - ط: عالم الكتب – بيروت - الطبعة الثانية 1407هـ - 1986م.
    21. الجامع لأحكام القرآن للقرطبي – ط: دار الكتب والوثائق القومية بالقاهرة – 1386هـ - 1967م.
    22. حاشية البيجوري على فتح القريب – ط: مصطفى البابي الحلبي – 1343هـ.
    23. الحجاب أدلة الموجبين وشبه المخالفين لمصطفى العدوي – ط: مكتبة الطرفين – الطائف - الطبعة الثانية 1410هـ.
    24. الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - ط: دار الفكر – بيروت – 1993م.
    25. دقائق أولي النهى لشرح المنتهى للبهوتي – ط: عالم الكتب.
    26. رسالة الحجاب لابن عثيمين ضمن مجموعة رسائل في السفور والحجاب، بلا بيانات.
    27. سنن ابن ماجه – ط: دار الفكر – بيروت - تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي.
    28. سنن أبي داود – ط: دار الفكر - تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد.
    29. سنن الترمذي – ط: دار إحياء التراث العربي – بيروت - تحقيق: أحمد محمد شاكر وآخرون.
    30. السنن الكبرى للبيهقي – ط: مكتبة دار الباز - مكة المكرمة 1414هـ 1994م - تحقيق: محمد عبد القادر عطا.
    31. سنن النسائي (المجتبى من السنن) – ط: مكتب المطبوعات الإسلامية – حلب - الطبعة الثانية 1406هـ 1986م - تحقيق: عبد الفتاح أبو غدة.
    32. الشرح الكبير للشيخ الدردير على مختصر خليل – بحاشية الدسوقي عليه – ط: دار إحياء الكتب العلمية.
    33. شرح صحيح مسلم للنووي – ط: دار إحياء التراث العربي – بيروت - الطبعة الثانية 1392هـ.
    34. صحيح البخاري - ط: دار ابن كثير، اليمامة – بيروت - الطبعة الثالثة. 1407هـ 1987م. تحقيق : د. مصطفى ديب البغا.
    35. صحيح مسلم - ط: دار إحياء التراث العربي – بيروت - تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي.
    36. الضعفاء الكبير للعقيلي - تحقيق : عبد المعطي أمين قلعجي - ط: دار المكتبة العلمية – بيروت - الطبعة الأولى 1404هـ - 1984م.
    37. العرف الشذي شرح سنن الترمذي - محمد أنور شاه ابن معظم شاه الكشميري الهندي - الطبعة الأولى – المحقق: محمود أحمد شاكر – المدقق: مؤسسة ضحى للنشر والتوزيع.
    38. فتاوى معاصرة للشيخ القرضاوي – ط: دار الوفاء للطبع والنشر والتوزيع – المنصورة – مصر.
    39. فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني - ط: دار المعرفة - بيروت 1379هـ.
    40. فتح القدير للكمال بن الهمام – ط: دار الفكر.
    41. كشاف القناع عن متن الإقناع للبهوتي – ط: دار الكتب العلمية.
    42. كفاية الطالب الرباني لعلي بن خلف المنوفي – بحاشية العدوى عليه – ط: دار الفكر.
    43. لسان العرب لابن منظور - الناشر: دار صادر – بيروت - الطبعة الأولى.
    44. المجموع شرح المهذب للنووي – ط: المطبعة المنيرية.
    45. المستدرك على الصحيحين للحاكم - تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا - ط: دار الكتب العلمية - بيروت - الطبعة الأولى – 1411هـ - 1990م.
    46. مسند أبي يعلى - دار المأمون للتراث – دمشق - الطبعة الأولى 1404هـ 1984م - تحقيق: حسين سليم أسد.
    47. مسند أحمد بن حنبل - مؤسسة قرطبة – القاهرة.
    48. مشكل الآثار للطحاوي – ط: دار الكتب العلمية.
    49. المصباح المنير للفيومي – ط: المكتبة العلمية.
    50. المعجم الوسيط لمجموعة من العلماء – مجمع اللغة العربية – الطبعة الرابعة 1425هـ - 2004م – مكتبة الشروق الدولية.
    51. مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج للخطيب الشربيني – ط: دار الكتب العلمية.
    52. نهاية المحتاج للشمس الرملي – ط: دار الفكر.
    53. الهداية شرح البداية للميرغناني – معه شرح العناية – ط: دار الفكر.
     

     

    الهوامش:
    --------------------------
    (1 )المعجم الوسيط مادة (ك ش ف) صـ788، 789 لسان العرب لابن منظور مادة ( ك ش ف) 9/300، تاج العروس من جواهر القاموس للزبيدي مادة (ك ش ف) 24/312 .
    ( 2)المصباح المنير للفيومي مادة ( و ج ه ) صـ649 .
    ( 3)فتح القدير للكمال بن الهمام 1/15، مغني المحتاج للخطيب الشربيني 1/173 .
    ( 4) تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 1/96 .
    ( 5) كفاية الطلب الرباني على رسالة أبي زيد القيرواني لعلي بن خلف المنوفي 1/313 .
    ( 6) الشرح الكبير للشيخ الدردير - بحاشية الدسوقي عليه - 1/218 .
    ( 7) نهاية المحتاج شرح المنهاج 2/7، 8 .
    ( 8) شرح منتهى الإرادات للبهوتي 1/150 .
    ( 9) جامع البيان في تأويل القرآن للطبري 19/157 وما بعدها .
    ( 10) الجامع لأحكام القرآن 12/229 .
    ( 11)أحكام القرآن 3/460 .
    ( 12) صحيح البخاري (1741) .
    ( 13) متفق عليه: صحيح البخاري (1442)، صحيح مسلم (1334)، و(رديف): أي راكبا وراءه. و(خثعم): اسم قبيلة من اليمن .
    ( 14) المستدرك على الصحيحين للحاكم 1/623 ، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين و لم يخرجاه هكذا، ووافقه الذهبي في التلخيص.
    ( 15) فتح الباري شرح صحيح البخاري 11/10 .
    ( 16) صحيح مسلم ( 885 )،و(الشكاة): أي الشكوى ( وتكفرن العشير )، و(أقرطتهن): جمع. قيل: ما علق من شحمة الأذن فهو قرط سواء كان من الذهب أو خرز، وأما الخرص: فهو الحلقة الصغيرة من الحلي.
    (17 ) الشيخ مصطفى العدوي في كتابه الحجاب صـ73 وما بعدها .
    ( 18) سنن النسائي (1575) .
    (19) شرح صحيح مسلم للنووي 6/175 .
    ( 20)تاج العروس من جواهر القاموس مادة (س ف ل) 29/ 204، 205 .
    ( 21) متفق عليه: صحيح البخاري (4742)، صحيح مسلم (1425) . (فصعد) رفع . (صوبه) خفضه . (طأطأ رأسه) خفضه . (عن ظهر قلبك) من حفظك غيبا . (ملكتكها) زوجتكها . (بما معك) بما تحفظ فتعلمها إياه .
    ( 22) فتح الباري شرح صحيح البخاري 9/210 .
    ( 23) سنن أبي داود (4104) 2/460 .
    ( 24)سنن البيهقي الكبرى 2/226 .
    ( 25) الهداية 1/258 .
    ( 26) الشرح الكبير للشيخ الدردير 1/214 .
    ( 27) أسنى المطالب شرح روض الطالب 1/176
    ( 28) الإنصاف للمرداوي 1/425 .
    ( 29) تحفة الحبيب على شرح الخطيب 1/450 .
    ( 30) حاشية البيجوري على فتح القريب 1/146 .
    ( 31) كشاف القناع عن متن الإقناع 1/266 .
    ( 32) جامع البيان (تفسير الطبري) 20/313 .
    ( 33) تفسير ابن كثير 6/455 .
    ( 34) راجع: أضواء البيان للشنقيطي 6/ 642-644، إبراز الحق والصواب للمباركفوري ص 20-27، أدلة الحجاب للمقدم ص 251-271، الحجاب لمصطفى العدوي ص10 -20.
    ( 35)صحيح البخاري (3976)، ومعنى (وطأ لها خلفه) أي: أصلح لها مكانًا على الراحلة لتركب عليها .
    ( 36)المستدرك على الصحيحين 4/40 .
    ( 37) راجع: رسالة الحجاب لابن عثيمين ص44-46 -ضمن مجموعة رسائل في السفور والحجاب-، إبراز الحق والصواب للمباركفوري ص 15-20، أدلة الحجاب للمقدم ص 283، 284، 310-318، الحجاب لمصطفى العدوي ص44 -62.
    ( 38) متفق عليه: صحيح البخاري (5889)، صحيح مسلم (2657) .
    ( 39) رسالة الحجاب لابن عثيمين ص 44، 45 -ضمن مجموعة رسائل في السفور والحجاب-.
    ( 40)رسالة الحجاب لابن عثيمين ص45.
    ( 41)تاج العروس من جواهر القاموس للزبيدي مادة (خ م ر) 11/214 .
    ( 42)تفسير ابن كثير 6/46، تفسير روح المعاني للآلوسي 18/142 .
    ( 43) سنن أبي داود (641)، وسنن الترمذي (377)، وسنن ابن ماجه (655) .
    ( 44) رسالة الحجاب لابن عثيمين ص45.
    ( 45) لسان العرب مادة (ظ هـ ر) 4/520 .
    ( 46)رسالة الحجاب لابن عثيمين ص45، 46.
    ( 47) التحرير والتنوير 18/207، 208 بتصرف .
    ( 48) أحكام القرآن 3/380، 382 .
    ( 49) "قُلْبُ الفضة بالضم سوار غير ملوي مستعار من قلب النخلة لبياضه" المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للفيومي مادة (ق ل ب) صـ512 .
    ( 50) رسالة الحجاب لابن عثيمين ص46.
    ( 51) راجع: تفسير ابن سعدي ص574، رسالة الحجاب لابن عثيمين ص46، 47، أدلة الحجاب للمقدم ص 318-328، الحجاب لمصطفى العدوي ص 63-67.
    ( 52)جامع البيان (تفسير الطبري) 19/216، 217 .
    ( 53) لسان العرب لابن منظور مادة (ج ل ب) 1/272 .
    ( 54) ذكره ابن كثير في التفسير 3/569.
    ( 55) رواه ابن أبي حاتم كما في تفسير ابن كثير 2/569.
    ( 56) راجع: رسالة الحجاب لابن عثيمين ص47، إبراز الحق للمباركفوري ص27-46، أدلة الحجاب للمقدم ص191-237، الحجاب للعدوي ص 26-38.
    ( 57)ضعفاء العقيلي3/234.
    ( 58)تهذيب الكمال20/490، وجامع التحصيل صـ240.
    ( 59) أصول الفقه الإسلامي للدكتور وهبة الزحيلي 2/857 .
    ( 60) الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي 6/659 .
    ( 61) تفسير ابن كثير 6/456 .
    ( 62)راجع: رسالة الحجاب لابن عثيمين ص 48، إبراز الحق للمباركفوري ص50، 51، أدلة الحجاب للمقدم ص 352.
    ( 63) سنن أبي داود (2082)، ومسند أحمد 3/334 .
    ( 64)رسالة الحجاب لابن عثيمين ص45.
    ( 65) متفق عليه: صحيح البخاري (318)، صحيح مسلم (890) .
    ( 66) راجع: رسالة الحجاب لابن عثيمين ص49.
    ( 67) صحيح البخاري (553)، (829)، صحيح مسلم (645) .
    ( 68) راجع رسالة الحجاب لابن عثيمين ص49، 50.
    ( 69)فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر 1/ 183.
    ( 70)فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر 2/55 .
    ( 71) مسند أبي يعلى 7/466 .
    ( 72) سنن الترمذي (1731)، وقال: هذا حديث حسن صحيح، سنن النسائي (5336)، سنن ابن ماجه (3571) .
    ( 73)راجع: رسالة الحجاب لابن عثيمين ص50، 51، أدلة الحجاب للمقدم ص335-337.
    ( 74) سنن أبي داود (3928)، سنن الترمذي (1261) وقال: هذا حديث حسن صحيح ومعنى هذا الحديث عند أهل العلم على التورع وقالوا لا يعتق المكاتب وإن كان عنده ما يؤدي حتى يؤدي، سنن ابن ماجه (2520)، مسند أحمد 6/289 .
    ( 75) راجع: رسالة الحجاب لابن عثيمين ص51، أدلة الحجاب 341، 342.
    ( 76) مشكل الآثار للطحاوي 1/275 .
    ( 77) العرف الشذي شرح سنن الترمذي 3/38 .
    ( 78) سنن أبي داود (1833)، سنن ابن ماجه (2935)، مسند أحمد 6/30 .
    ( 79) راجع: رسالة الحجاب لابن عثيمين ص51، إبراز الحق للمباركفوري ص 49، 50، أدلة الحجاب للمقدم ص350، 351.
    ( 80) تقريب التهذيب صـ601 .
    ( 81)فتح الباري شرح صحيح البخاري 3/406 .
    ( 82) المجموع شرح المهذب 7/266 .
    ( 83) سنن الترمذي (1173)، وقال: هذا حديث حسن غريب.
    ( 84) راجع: كشاف القناع للبهوتي 1/ 266، أدلة الحجاب للمقدم ص 329-330، الحجاب للعدوي 38-41.
    ( 85) فتاوى معاصرة للشيخ القرضاوي 2/329.
    ( 86) متفق عليه: صحيح البخاري (2518)، صحيح مسلم (2129) .
    ( 87) راجع: إبراز الحق للمباركفوري ص 49، أدلة الحجاب للمقدم ص 342، الحجاب للعدوي ص42.
    ( 88)متفق عليه: صحيح البخاري (4517)، صحيح مسلم (2170) .
    ( 89) راجع: إبراز الحق والصواب للمباركفوري ص 48، 49، أدلة الحجاب للمقدم ص361، الحجاب للعدوي ص23-25.
    ( 90)رسالة الحجاب لابن عثيمين ص52.
    ( 91)رسالة الحجاب لابن عثيمين ص52.
    ( 92) سنن أبي داود (5272) .
    ( 93)رسالة الحجاب لابن عثيمين ص52، 53.
    ( 94) شرح صحيح مسلم للنووي 2/6 .
    (95 ) إحياء علوم الدين 2/47 .
    ( 96) فتح الباري شرح صحيح البخاري 9/324 .

    كلمات مفتاحية  :
    فتوى الحجاب المرأة المسلمة النساء

    تعليقات الزوار ()