فى المختار القمار المقامرة . وتقامروا لعبوا القمار . . والميسر قمار العرب بالأزلام ، وفى تفسير الألوسى كان للعرب أقداح تسمى الأزلام والأقلام وهى عشرة سبعة منها لكل منها نصيب محدد معروف لأولها سهم ولثانيها سهمان ولثالثها ثلاثة أسهم وهكذا إلى السابع له سبة أسهم . والثلاثة الباقية غفل لا نصيب لواحد منها ، وكانوا يذبحون الجزور ويقسمون لحومها أقساما . ويضعون الأزلام فى خريطة توضع على يد عدل منهم يجلجلها ويخلطها ببعضها ثم يدخل يده فيخرج باسم رجل منهم قدحا وباسم آخر قدحا وهكذا ، فمن خرج له قدح من ذوات الأنصباء أخذ النصيب المرسوم به ذلك القدح . ومن خرج له قدح مما لا نصيب له لم يأخذ شيئا وغرم ثمن الجزور كله مع حرمانه . وكانوا يدفعون هذه الأنصباء إلى الفقراء ولا يأكلون منها ، وكانوا يفتخرون بذلك ويذمون من لم يدخل فيه . وكان ذلك يحمل فى كثير على أكل أموال الناس بالباطل ودفع المقامرين إلى السرقة وتلف النفس وإضاعة العيال وارتكاب الأمور القبيحة والرذائل الشنيعة وإثارة العداوة والبغضاء بينهم . فحرمه الله تحريما قاطعا بقوله تعالى { إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون . إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء فى الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة . فهل أنتم منتهون } المائدة 90 ، 91 ، وفى حكم ذلك المقامرة بلعب النرد والشطرنج وجميع أنواع القمار وجميع أنواع المخاطرة والرهان وعن ابن سبرين كل شىء فيه خطر فهو من الميسر . وفى تفسير الجصاص . أحكام القرآن الميسر القمار . قال ابن عباس المخاطرة قمار . وأن أهل الجاهلية كانوا يخاطرون على المال والزوجة . وقد كان ذلك مباحا إلى أن ورد تحريمه ، ولا خلاف بين أهل العلم فى تحريم القمار . فإذا نظرنا إلى قمار العرب بالأزلام وإلى لعب النرد والشطرنج نظير مال يعطيه المغلوب للغالب وإلى الرهان وإلى كل صور المخاطرة - نجد فيها تعليق أخذ المال على حصول شىء غير موجود بالفعل ، وهو على خطر الوجود قد يوجد وقد لا يوجد ، وفيه أكل أموال الناس بغير حق ولا مسوغ شرعى ، ويؤدى إلى المفاسد والشرور التى أشرنا اليها فيما نقلناه من تفسير الألوسى ، ومن ثم حرمه الله تعالى ونهى عنه نهيا قاطعا - والصورة التى تعملها الشركة على سبيل الدعاية ليست قمارا وليس فيها معنى القمار وإنما هى تخصيص أنواع وألوان من الهدايا النقدية أو العينية لمن يشترون منجاتها وايصالها اليهم يطرق وأساليب تغريهم وتجملهم على شراء منتجاتها وتضمن بذلك كثرة التوزيع واتساع نطاقه إلى حد يعود عليها بالنفع والكسب الوفير . والمشترون لمنتجات الشركة لا يدفعون شيئا مطلقا نظير هذه الهدايا أو فى مقابلها ، وإنما يدفعون فقط ثمن الصابون الذى يشترونه والذى توزعه الشركة بالسعر المحدد له والسائد فى الأسواق العامة ، ولدى سائر الشركات دون زيادة قليلة أو كثيرة . وبذلك يتمحض ما يحصلون عليه من أموال نقدية أو عينية هدايا من قبل الشركة ، وبذلك أيضا يبعد صنيع الشركة عن اليانصيب الذى تقوم به بعض الجمعيات بطبع أوراق ذات أرقام معينة تبيعها للجمهور بثمن معين ، وتخصص مبالغ مالية للأوراق ذات الأرقام كذا وكذا . وبعد تمام التوزيع وبيع الأوراق تعلن عن أرقام الأوراق التى خصصت لها المبالغ ، ويتقدم حاملو هذه الأوراق ومن وقعت فى أيديهم لأخذ المبالغ المخصصة لها كل بحسب ما خصص لورقته ورقمه . هذا اليانصيب حرام وغير جائز شرعا لأنه من أنواع القمار وصوره ، إذ تحصل فيه الجمعية على رأس المال جميعه من الجمهور مشترى الأوراق وتخصص جزءا مما تحصل عليه لبعض الأوراق ، ويحصل صاحب الورقة الرابحة على المبلغ بالثمن الذى دفعه فى الورقة وهو زهيد لا يساوى شيئا بالنسبة لما حصل عليه فهى مخاطرة وقمار - يدفع قروشا على أمل أن يحصل على مئات الجنيهات . وقد يحصل ذلك وقد لا يحصل . فهو يأخذ مال الغير بدون مقابل ومن غير سبب مشروع وبطريق المخاطرة . أما عمل الشركة موضوع الاستفتاء فلا يدفع الجمهور شيئا مطلقا نظير ما يحصل عليه من الهدايا - وإنما يدفع فقط ثمن الصابون الذى يشتريه ، وإذا حصل على هدية فهو يحصل عليها بدون مقابل تشجيعا له على شراء منتجات الشركة . ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء بالسؤال . والله سبحانه وتعالى أعلم .
|