يا جسم قد حلت بك الآلام = وانسد عرق والحشى أسقام
يا جسم مالك قد غدوت مفككا = والحزن حولك فاتك ضرغام
الجسم للأرواح مثل مكامن = تغدو نفوسا ترتروي وتنام
ما أجمل الأبدان وقت ينوعها = فالجسم خام والقوام ريام
الروح من هون العظام تململت = والروح قد ضاقت بها الأجسام
الجسم للأمراض أصبح موطنا = كمَوَاطن حكمت بها الظلاّم
اين الخدود الحمر اين بريقها = اين الأديم الدر حين يدام
اين العيون الخضر حين تلوحها = فكأن فيها للجمال زحام
اين المحاسن في الجسوم وقد رسى = فيها المزلزل والقذى وحطام
وجع العليل سواده لا ينجلي = وسريره شوك به وسهام
ولسانه مر المذاق كانما = فيه المرارة مضغة وطعام
مغص بحوض الكليتين طريحه = كالبز يقتله الهوى ورجام
العين تعشو في الظلام وطيفه = والنور فيها طاله الأعتام
هذي العظام تنخرت فنتاجها = الظهر محني والعصى أقدام
كصرير باب في المفاصل عازف = من ضيقها ونمت بها الآلام
الذهن من هم الحياة مزلزل = والفكر قد لعبت به الأوهام
حزني لمن عاش الليالي جالسا = من ضيق صدر والسعال ضرام
جسد تناهشه المصائب والعدى = مرض وحرمان سطا وحِمام
حمى الزكام الى الشباب مصائب = كيف المصاب إذا غزت أورام
في كل يوم أشتكي من علة = فكأن جسمي للبلاء مقام
بعض من الأوجاع عسعس عالمي = وأصاب جلدي عارض وجذام
الضرّ ربي مسّني متواترا = أنت الكريم وكاشف وسلام
الم بضرسي كالسعير قساوة = ونحول قلبي للشهيق لجام
مرّت عليّ مصائب ونوائب = من ثقلها مادت لها الأهرام
ليلي سكون رغم نار تألّمي = والصبر فيه بالسميع عصام
صبرا أصارع بالرجاء مواجعي = صبري دعاء والسكوت كلام
سوء الغذاء فلا محالة ممرض = وكثيره سمّ لنا وحرام
الغيض يقتل والتلوث والعمى = واليأس موتٌ فى الرؤى وصدام
الأرض قد ملئت مفاسد آدم = وشروقها يعلو به الأجهام
ظهر الفساد , وفي البحور والثرى = لم يبق قطعا للحياة نظام
غابت عن الأرض الضمائر والتقى = وانساب فيها عابث وركام
الجسم يضعفه الزمان وغدره = والعسر يرهق والأسى هدّام
رغم العلوم فسادنا من جورنا = مرض وفقر مطبق وخصام
قد غير الأنسان كل طبيعة = فإذا الفساد بنفسه أحكام
أمراض من عاش المواجع صابرا = نعم تزكي والجنان ختام
حاشاك ربي ان دعاك معسّر = ويعود منك مكبّلا ويضام
يا خالق الأنسان تعرف صنعه = فرضاك في كسب الشفاء لزام
الجود حتما فاق كل حوائج = فلقد دعا ربي بكن معتام
أنت المشافي واللطيف ومنقذ = لولاك ما شفيت لنا أسقام
للمؤمنين بلاءهم زاد لهم = وثوابهم عند العزيز وئام
فأنين عبد مؤمن لمواجع = كفارة , وجزاءه الأكرام
وقعُ المواجع في فؤاد يائس = كالطفل يذبحُ والذبيحُ حَمام
العمر يوم في مراحل سيره = فجر وظهر قد علا وظلام
بثلاث آلاء نعيش سعادة = ستر وتقوى والنفوس سلام
لو كانت الأمراض يوما امرءا = لقتلته , فالقتل فيه غرام
كفارة اللآثام علّة مؤمن = تجلي الذنوب ويشفها العلاّم
الصبر في الأمراض مكسبه الرضا = وجنان ربّك للوفاة سهام
راجعْ مسيرَك ان بلغت مُعافيا = فبلاءُ دهرك للصلاح إمام