بتـــــاريخ : 11/8/2008 6:09:18 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1226 0


    صوم رمضان و تكفير الخطايا

    الناقل : heba | العمر :43 | المصدر : www.dar-alifta.org

    كلمات مفتاحية  :

    الشبهة
    جاء في حديث عن ابن عباس:" إذا كانت ليلة القدر أمر الله جبريل أن ينزل إلى الأرض وينزل معه سبعون ألف ملك سكان سدرة المنتهى ومعهم ألوية من النور فيركزون ألويتهم في المسجد الحرام ومسجد نبي الإسلام وبيت المقدس ويركز جبريل لواء أخضر على ظهر الكعبة ثم تتفرق الملائكة في أقطار الأرضين فيدخلون على كل مؤمن يجدونه في صلاة أو ذكر يسلمون عليه ويصافحونه ويؤمنون على دعائه ويستغفرون لجميع أمة محمد حتى مطلع الفجر"وفي حديث آخر "إن الله يعتق في كل يوم من رمضان ستمائة ألف عتيق من النار فإذا كان آخر يوم منه أعتق بقدر ما مضى"0
     ونحن نسأل: هل مجرد صوم رمضان يؤدي إلى الخلاص ويغفر الخطايا؟ ألا ينافي هذا عدل الله وقداسته؟ لقد وفق الله بحكمته بين عدله وحكمته وجعل المسيح بتجسده يموت عن الخطاة ليخلصهم من الخطية ويمنحهم القوة للعيشة بالبر والقداسة. إن الاتكال على رحمة الله فقط دون النظر للفداء يطعن في عدل الله فيكون الله كملك يصدر قانونا ويتهاون في تنفيذه فلا يعاقب كاسريه! 
     
    الرد عليها
    مركز الأبحاث الشرعية بدار الإفتاء المصرية
    أحاديث في ميزان النقد:
         هذه الحديث من الأحاديث الواهية الموضوعة على النبي صلى الله عليه وسلم، ولا بد لمن ينقل الأخبار أن يتحرى الخبر الذي يوثق به دون الخبر الواهي الذي لا يعرف له زمام و لا خطام."فقد أورد ابن الجوزي في الواهيات بعض هذا الحديث من طريق أصرم ثم قال: قال ابن حبان: هذا متن باطل ثم أورده من طريق عباد بن عبد الصمد وأعله به، ثم قال: وقد روى هذا الحديث من حديث ابن عباس بألفاظ أخر من طريق لا يصح أيضا فذكره ثم قال فيه الضحاك ضعيف وعنه القاسم بن الحكم العربي مجهول والعلاء بن عمرو الخراساني قال ابن حبان: "لا يجوز الاحتجاج به.([1])

    لماذا يكون الصوم كفارة:
         ليست العبرة في أعمال المكلفين بالمشقة التي تحصل من الأعمال و إنما العبرة بما يتركه العمل الذي يقدمه المتعبد من أثر إيماني في القلب ومن تربية سلوكية تصله بالرب عز وجل، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة :183] وقال –بعد أن أوصى المسلمين إذا قاموا إلى الصلاة بالوضوء أو التيمم-: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة :6]
    وإنما يحصل تكفير الخطايا والذنوب بمقدار ما يكون في القلب من هذا الأثر، وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم هذا الإيمان القلبي قيداً رئيساً في تكفير الذنب بالصوم إذ يقول صلى الله عليه وآله سلم: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه )([2])، فليست العبرة -الأولى- بما يقع على المرء من مشقة وإنما العبرة بما يقع في القلب من إيمان وصلة بالله والصوم ليس شكلاً وإنما وراءه ما وراءه.

    الكفارة في الكتاب المقدس:
         قد جاء في الكتاب المقدس ما يدل على أن من الأعمال ما يكون تكفيراً للخطايا [انظر ما جاء في سفر اللاويين16] حيث تحدث عن يوم الكفارة وما كان يحدث للشعب فيه من الصيام والذبح ليتم التكفير وفيه {وحينَ يُقَرِّبُ هارونُ عِجلَ الخطيئةِ الذي لَه ويُكفِّرُ عَنْ نفْسهِ وعَنْ أهلِ بَيتهِ} [لاويين16 :11 ] وفيه {وبَعدَ ذلِكَ يذبحُ تَيسَ الخطيئةِ الذي للشَّعبِ، ويدخلُ بِدَمِهِ إلى داخلِ الحِجابِ ويَرُشُّ مِنهُ على وجهِ الغِطاءِ وأمامَه، كما فعَلَ بدَمِ عِجلِ الخطيئةِ، ويُكفِّرُ عنِ القُدْسِ مِنْ نَجاسةِ بَني إِسرائيلَ ومعاصيهِم وجميعِ خطاياهُم، وكذلِكَ يفعلُ بخيمةِ الاجتِماعِ القائمةِ وسَطَ نجاساتِهِم} [لاويين16 :15 ،16]

     بين كفارة الصوم و كفارة المسيح:
         أما مدى توافق هذا الأمر مع عدل الله تعالى فنحن –معاشر المسلمين- نعتقد- بما أملاه علينا ديننا- أن الله تعالى هو المتفضل على عباده على كل حال وأنه مهما بلغت أعمالنا فإن الغفران يقع برحمة الله عز وجل وحده لا بعمل أحدنا.
        ونعتقد أنه ليس من بين ما كتب الله على نفسه من العدل و الرحمة أبداً أن يحمل الله ذنوب بني آدم واحدا منهم مهما بلغت نقاء سريرته، ولا أن يحمل بني آدم ذنباً يتوارثونه و لم يقترفوه فيقتضي ذلك التكفير عن البشرية أجمع، بل مقتضى العدل و الرحمة أن يحاسب كل واحد بما عمل، فإذا جعل الله المغفرة مقترنة بشيءٍ من العمل صوماً كان أو صلاة أو غير ذلك فهو المتفضل أولاً و آخراً ،وقد جاء هذا المعنى في أكثر من آية في القرآن الكريم:
          {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَباًّ وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} [الأنعام :164] وقال تعالى:{مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نبْعَثَ رَسُولاً} [الإسراء :15] ، وقال:{إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلاَ يَرْضَى لِعِبَادِهِ الكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [الزمر :7] وقال:{أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى، وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى،وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى}[النجم38:40]
     

     
     
     
     
     
    الهوامش:
    ------------------------
    ([1]) تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأحاديث الشنيعة الموضوعة2/144، وانظر العلل المتناهية3/534
    ([2]) رواه البخاري في صحيحه 1/22 حديث 38 ، و مسلم في صحيحه 1/523 حديث  760 كلاهما من حديث أبي هريرة .

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()