من أعلم المؤلف بأن هامان كان وزيراً لفرعون ؟ وهذا السؤال على معنى أن هامان اسم شخص . ولا أحد أعلمه بأن هامان اسم شخص إلا الرواة الذين لا يوثق بمروياتهم . وإذا أصرّ على أن هامان اسم شخص. فليسلّم بأن فرعون اسم شخص . ومعلوم أنه لقب " الملك " كان لرئيس المصريين فى زمن يوسف ـ عليه السلام ـ وأن لقب " فرعون " كان لرئيس المصريين فى زمن موسى ـ عليه السلام ـ مما يدل على تغير نظام الحكم .
وإذا صح أن " هامان " لقب لكل نائب عن الملك ، لا اسم شخص . فإنه يصح أن يُطلق على النائب عن فرعون أو عن أى ملك من الملوك . وعلى ذلك يكون معنى : ( إن فرعون وهامان وجنودهما ) (1) هو إن رئيس مصر الملقب بفرعون ، ونائبه الملقب بهامان ( وجنودهما كانوا خاطئين ) ومثل ذلك : مثل لقب الملك الذى يُطلق على رؤساء البلاد ؛ فإنه يطلق على رؤساء فارس واليونان ومصر واليمن وسائر البلاد ، ولا يتوجه على إطلاقه خطأ من أخطاء التاريخ .
وفى الإنجيل أن اليهود كانوا يطلقون لقب " المضلّ " على من يخالفهم فى الرأى . وإذا أطلقه العبرانيون على رجل منهم يقولون له : يا سامرى ، بدل قولهم يا مضل . وذلك لأنهم يعتبرون السامريين كفاراً . وإذا أطلقه السامريون على رجل منهم يقولون له : يا عبرانى ، بدل قولهم يا مضل . وذلك لأنهم يعتبرون العبرانيين كفاراً . وإذا سمع العبرانى عنهم كلمة " سامرى " لا يفهم منها أنها اسم شخص ، وإنما يفهم منها أنها لقب للذم . وعن هذا المعنى جاء فى إنجيل يوحنا أن علماء اليهود قالوا لعيسى ـ عليه السلام - : " إنك سامرى ، وبك شيطان " ورد عليهم بقوله : " أنا ليس بى شيطان ، لكنى أكرم أبى وأنتم تهينوننى . أنا لست أطلب مجدى . يُوجد من يطلب ويدين " [ يو 8 : 48ـ50 ] .
الهوامش:
----------------
(1) القصص : 8.
|