بتـــــاريخ : 11/12/2008 10:42:15 AM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 962 0


    الإيمان والأمان في مواجهة العدوان

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : maes811 | المصدر : sayadla.com

    كلمات مفتاحية  :
    الأيمان الأمن مواجهة العدوان

     

    الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً ...
    ونحن نعيش هذه الظروف العصيبة ، والتكالب الرهيب ، والعدوان الظالم نحتاج إلى مثل هذه الوقفات والحق أن الخواطر كثيرة ، وأن المشاعر متداخلة وأن الواجبات والمواقف والتنبيه والتوجيه حاجتنا إليه ماسة ومتشعبة ، وحسبنا - بمشيئة الله تعالى - أن نذكر هنا ما عسى أن يكون الأهم فالأهم ، وما سأذكره إنما أذكر خلاصته وأسسه معرضا عن كثير من التفاصيل والتشعبات التي يستحق معها كل قسم من أقسام حديثنا وموضوعنا أن يفرد في محاضرة خاصة به ، ولعلي أشير الإشارات التي ألخص بها ما سيأتي في حديثنا بعون الله :
    سنبدأ بوقفة مع حقيقة الإيمان ، ثم نعرج على أثر الإيمان بالأمن والأمان ، وننتهي ونخلص إلى أثر الإيمان والأمان في مواجهة العدوان .

    حقيقة الإيمان :
    أمره مهم وعظيم ؛ لأن قضية الإيمان هي القضية الكبرى والمسألة العظمى في حياة البشرية كلها .. قضية الإيمان لأجلها خلق الله الخلق ، وخلق السماوات والأرض ، وأنزل الكتب ، وأرسل الرسل ، ونصب الموازين ، وجعل الحساب والثواب والعقاب ، وخلق الجنة والنار .. قضية الإيمان هي قضية الوجود الدنيوي وما بعد الوجود الدنيوي .. هي قضية الحياة الدنيا وما وراءها في الحياة الأخرى .. هي قضية تتعلق بالإنسان في أعماق نفسه ، وسويداء قلبه ، وخواطر عقله ، وكلمات لسانه ، وأفعال جوارحه ، وطموحات نفسه ، تتناول الإنسان في علاقاته وصلاته ومعاملاته وتشريعاته ، تتناول الإنسان في سائر جوانب حياته المختلفة ، وفي سائر ظروف وتقلبات حياته وأحواله المتنوعة ، ومن ثم فإنه القضية الكبرى التي لابد من العناية بها ، والتذكير بها ، والتعلم لحقائقها ، والتذكير بثوابتها ، والإشاعة لمعانيها ، والتقوية لها في النفوس والقلوب ؛ لأنها هي محور الحياة وجوهرها .
    وكما قلت لعل هذا يكون كذلك موضوعا كاملا قائما برأسه ولكنا نشير إلى المهم منه :
    الإيمان ليس مجرد نطق اللسان وإعلان الشهادة وحده فحسب ؛ فإن الله - جل وعلا - قد نفى ذلك بقوله : { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ } [البقرة:8 ] ، فأثبت إعلانهم للإيمان ونفى حقيقته عنهم .
    وليس الإيمان كذلك هو قناعة العقل بصحة البرهان وقوة الحجة على وجود الله أو وحدانيته ؛ فإن ذلك قد كان ظاهراً جلياً لكفار قريش لم يكن عندهم شك في صدق محمد – - ولم يكن عندهم نقص في البراهين والأدلة على ثبوت نبوته ، ومع ذلك كفروا وجحدوا ، وقد أخبر الحق - سبحانه وتعالى - بذلك فقال : { وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً } [ النمل: من الآية14] ، قد كانت الحقائق عندهم في درجة اليقين من حيث وضوح الأدلة ومن حيث قيام الحجة ومع ذلك جحدوا ، والجحد هو الإنكار بعد المعرفة ، لماذا ظلما وعلوا ؟ وقال سبحانه وتعالى : { فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ } [ الأنعام: من الآية33 ] ، وقصها وبينها أبو جهل عليه لعنة الله عندما قال: " كنا نتنافس وبنو هاشم الشرف والسيادة ؛ فإن كانت لهم سقاية كانت لنا رفادة ، وإن كان لهم كذا كان لنا كذا ، حتى إذا تساوينا وتجاثينا على الركب قالوا : منا نبي فمن أين لنا بنبي ؟ فوالله لا نصدقه الدهر كله " .
    فليست القضية مجرد قناعة العقل ولا تسليم القلب بصدق أو بحقيقة هذه المعرفة الإنسانية .
    وليس الإيمان كذلك هو مجرد العمل أو القيام بأداء الفرائض وحدها مجردا ؛ فإن المنافقين - كما نعلم -خلت قلوبهم من الإيمان ، قال تعالى : { يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ } [ الفتح: 11] ، ويشاركون أهل الإيمان في صلاتهم ، وربما يخرجون أموالاً من زكاة وغير ذلك ، ونفى الله - سبحانه وتعالى - عنهم الإيمان كما بينت آياته - جل وعلا - في مثل قوله سبحانه وتعالى : { وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلا }[ النساء: من الآية142 ] .
    وأخبر - سبحانه وتعالى - أنهم يتخذون ما ينفقون مغرماً إلى غير ذلك مما هو معلوم .
    فإذا لم يكن الإيمان نطق اللسان ، وإذا لم يكن هو اعتقاد الجنان وحده ، ولم يكن هو عمل الأركان فما هو ؟!.
    إنه مجموع ذلك كله ، ومن ثم قال أهل العلم في تعريفه أنه: " اعتقاد بالجنان ونطق باللسان وعمل بالأركان " .
    وهذا الجمع - لاشك - أنه يحتاج إلى تأمل ، إنه حينئذ يصور لنا شمول هذا الإيمان وعمقه وانتظامه للإنسان في كل خصائصه وانعكاسه من بعد على كل تفاعلاته وأحواله ؛ فإن هذا الإيمان هو اعتقاد القلب ، وهو خفقة القلب بالمشاعر والعواطف ، وهو كذلك كلمات اللسان وضبطها وهو كذلك خواطر العقل والفكر ، وهو كذلك ممارسات الجوارح كلها .
    وإذا أردنا أن نعمق هذا المعنى ونوضحه ، فالأمثلة فيه كثيرة ، لكنني أشير إلى المعنى وأضرب مثالاً واحداً فنقول :
    إن الإيمان صبغة جديدة ينصبغ بها صاحبها فتكون له صورة وهوية تنقض كل ما سبقها ، وتخالف كل ما يعارضها ، وتنشئه نشأة جديدة ، قاعدتها وأساسها التوحيد والإيمان ولا إله إلا الله محمد رسول الله ، فيختلف حينئذ عن كل الناس في سائر أحواله .. في أقواله وكلماته .. في آماله وطموحاته .. في أعماله وأفعاله .. في علاقاته وصلاته .. في ولائه وبرائه .. في محبته وبغضه .. في كل شيء ؛ لأن هذا الإيمان يغير فيه إذا كان صادقاً وحقيقياً كل شيء ويجعله منضبطا بهذا الإيمان ، ومنه ينطلق وإليه يرجع ، وفي ضوءه يقيس ، وعلى هداه يسير ، فيحكم الإيمان حينئذ كل شيء في حياته بدءاً من داخله ، وانتهاءً بأعماله وانتهاءً بعلاقاته كذلك .

    وهذا مثالٌ نضربه من القرآن ، قصه الله - عز وجل - علينا في قصة موسى - عليه السلام - وما كان مع بني إسرائيل ، والقصة باختصار شديد تعرفون كثيرا من تفاصيلها نقف فيها عند المواجهة التي كانت بين موسى داعية الإيمان وفرعون داعية الكفر والطغيان استعان فرعون بالسحرة وأراد أن يكونوا وسيلة له لإظهار الحق وإطفاء نوره وتشويه صورته وصرف الناس وردهم عنه فقال للسحرة يوم جاء بهم وأرادهم أن يقوموا بهذه المهمة نريد أن ننظر إلى هؤلاء السحرة صورتهم أفكارهم أقوالهم قبل وبعد الحدث الذي وقع لننظر فعلا إلى ما هو التغير لندرك به حقيقة الإيمان جاء السحرة إلى فرعون أول شيء قالوه وأول خاطر خطر لهم وأول أمل تعلقت به نفوسهم. { أَإِنَّ لَنَا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ }[ الشعراء: 41]. ذلك كان مطلبهم ومطمحهم وهذا هو أملهم وأمنيتهم.{ أَإِنَّ لَنَا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِين }[الشعراء: 41].
    لم يسألوا هل القضية حق أو باطل ؟ .. عدل أو ظلم ؟ هل تترتب عليها مفسدة أو مصلحة ؟ هل يتضرر بها أحد أو ينتفع بها أحد ؟ لم يكن ذلك يعنيهم في شيء لأنه ليست عندهم مبادئ ولا قيم ولا مرتكزات ولا معتقدات كانت أهواؤهم تسيرهم كان خضوعهم لفرعون وعبوديتهم وذلتهم له تسيرهم ولذلك قالوا هذا القول فقال لهم فرعون، { قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ } [لأعراف:114]. سيزيدهم فوق العطاء المادي عطاء معنوياً بأن يكونوا من أصحابه وخلصائه والمقربين منه .
    ثم وقعت الواقعة - كما نعلم - ألقوا عصيهم وحبالهم .. سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم وكانوا هم صفوة السحرة وأعلم العلماء بالسحر ليس أحد فوقهم وليس أحد أقدر منهم عليه وفي لحظة واحدة وربما ثانية وحدة، { فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ } (الشعراء:45)، مباشرة في هذه اللحظة عرف أولئك أن هذا ليس بسحر وأنها ليست قوة بشر أدركوا من واقع خبرتهم وعرفوا من حقيقة تجربتهم هذه الحقيقة فمباشرة وصفت آيات القرآن ما الذي وقع { فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ , قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ , رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ } [الشعراء 46 , 47 , 48 ] .
    وذكر هارون هنا مثير للسؤال لمَ ذِكَروا هارون وهو لم يذكر في تلك القصة والمواجهة ، ولم يلق عصا مع موسى ، ولم يكن له في هذا شأن مذكور ؟ أرادوا أن يقولوا قد آمنا بالمعتقد والمبدأ لا بالصورة الظاهرة والعمل الملموس ، فنحن أدركنا الحقيقة التي وراء ذلك ، وأدركنا المفهوم الذي وراء ذلك، { قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ , رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ }[ الشعراء:47 , 48 ] .
    نريد الآن لنقف لنرى كيف أصبحت مواقفهم ؟ كيف تغيرت كلماتهم ؟ ما هي الآن طموحاتهم وآمالهم ؟ فرعون كان مجرد ذكر اسمه تنخلع له القلوب ، وتصتك له الركب ، وتدور الأعين في محاجرها خوفاً وهلعاً .. هذا فرعون الذي يعرفون بطشه وجبروته وطغيانه قال: {فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَاباً وَأَبْقَى} [طـه: 71 ] .
    ماذا قالوا له؟ قالوا: {فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} [ طـه: 72 ]، افعل ما بدا لك ، فلا خوف في قلوبنا منك ، ولا شيء يردنا عن ما أخذنا به من الإيمان والاعتقاد ، لماذا ؟ لأن الأمر قد اختلف ، والتصور قد اتسع ، واليقين قد عظم ، والإيمان قد رسخ ، فنحن لم تعد حياتنا هي الدنيا ، بل أصبحت أعظم من ذلك .. افعل ما تشاء ؛ فإن ما تفعله لا يتجاوز هذه الدنيا وما فيها من الأسباب التي قد يكون بعضها ميسراً لك ، {فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} [ طـه: 72 ] ، ثم ماذا؟ قالوا: {إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ} [ الشعراء:51] .
    كانوا يريدون المال ، واليوم يقولون : نحن يكفينا وأملنا وطموحنا وأعظم ما تتعلق به قلوبنا ، وتشرئب إليه أعناقنا أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن كنا أول السابقين إلى الإيمان والإسلام .. لقد اختلفت مقالتهم ، واختلفت مشاعرهم ، واختلفت مواقفهم ، وظهرت قوتهم وتجلى ثباتهم ما الذي تغير؟ ما الذي طرأ؟ ما الذي جد؟.
    ليس إلا الإيمان حينئذ نقول الفرق ما بين هذا وهذا في لحظات هو الإيمان الذي أنشأهم نشأة جديدة ، وصبغهم صبغة جديدة ، حولتهم في كل جانب من جوانب حياتهم ظاهرها وباطنها ، فإذا بهم حينئذ ينشؤون ويقفون ويتكلمون ويشعرون ويواجهون بغير ما كانوا عليه من قبل ، هذه صورة موجزة لحقيقة الإيمان .

    وأجلى منها وأوضح وأكثر أمثلة ما فعله رسول الله - - إذ جاء إلى العرب وهم في جاهلية جهلاء ، وعماية ظلماء ، وفي كل ما هو معروف من سخف عقولهم ، ومن همجيتهم وحميتهم في الباطل وغير ذلك .
    ولم يغير فيهم شيئا من اقتصاد ولا سياسة ، ولا اجتماع ، إنما جاءهم بهذا الإيمان والإسلام فأنشأهم نشأة أخرى ، وصاغ منهم أمة فريدة لا نظير لها في تاريخ البشرية والإنسانية .. هذه إطلالة وخلاصة سريعة وليس هذا موضوعنا.

    ننتقل إلى جوهر مهم في موضوعنا وهو:
    أثر الإيمان في الأمان
    ونحن نعلم أن الظروف العصيبة تصيب الناس في مكامن ومقاتل مختلفة ، لكن أعظمها وأشدها خطراً أن تصيب يقينهم وإيمانهم فتسلب أمنهم وأمانهم ، لننظر أثر الإيمان القوي الصحيح الراسخ في الإيمان ، ونذكر في ذلك نقاطاً أربع :

    الأثر الأول: صحة النهج وصواب الفكر
    الإيمان يورث رشد العقل ونور البصيرة يصبح المؤمن على بينة من أمره .. يعرف الحق من الباطل ويعرف الحق معرفة جلية واضحة .. لا يلتبس فيها معه غيره من الباطل ويثبت على ذلك ؛ لأنه يرجع إلى أصل وركن ركين وأساس متين مرتبط بما لا يتغير ولا يتبدل من كتاب الله - عز وجل - وسنة رسله – - وهذا يسمونه اليوم بـ [ الأمن الثقافي والفكري ] لا تتبدل أفكارنا ولا تتغير تصوراتنا ، حتى وإن عظم القائلون بما يخالفنا ، وإن أكثروا منه ، وإن نوعّوا أساليب عرضه ، وإن تفننوا بالإغراء به ، وإن شددوا أو أرهبوا في ضرورة التزامه ؛ فإن ذلك عند أهل الإيمان لا يغيرهم مطلقاً ، لا يمكن يوما من الأيام أن يغير شيئا مما هو ثابت قاطع في حقائق الإيمان من آيات القرآن وهدي المصطفى العدنان – - ولعلي أشير إلى معنى تتجلى به هذه الحقيقة في آية من كتاب الله عز وجل : { قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ مَا عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ } [ الأنعام:57 ] .
    تأملوا أيها الأخوة الأحبة في هذه الآية : {قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي } [الأنعام: من الآية57].
    وضوح وبيان ومنهج سديد .. ليس من أفكار عقولنا ، ولا من اجتهاد علمائنا ، ولا من مجامع فقهائنا ..كلا ! بل هو من الله - عز وجل - معصوم .. كامل لا نقص فيه .. صحيح لا باطل معه .. ثابت لا شك يعتريه مطلقا .. {قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ } [ الأنعام : من الآية57 ] .
    إن كذبت الدنيا كلها وخالفت ، فلا يعني أن نعود لنراجع أو نبحث لنصحح ، أو نجتمع لنرى هل هذا ما زال عاملاً ، وما زال فاعلاً ، وما زال صحيحاً ؟ أم أنه - كما يقولون - نحتاج إلى إعادة النظر في مناهجنا وإعادة النظر في ثوابتنا وغير ذلك ..{قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ مَا عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِه} [ الأنعام: من الآية57 ] .

    قد يقول القائلون - وهذا يقال الآن - : هؤلاء المسلمون .. هؤلاء المؤمنون ما بالهم لا ينصرون؟ هؤلاء الكافرون .. هؤلاء المعتدون ما بالهم يسيطرون ويهيمنون ، ويمد لهم في أسباب العدوان أو في أسباب القوة والهيمنة والسيطرة ؟ كأن بعض الناس ربما يخالط عقله ويخامر نفسه شيء من الاضطراب والحيرة والشك أو التبديل والتغيير ، والله - عز وجل - يقول على لسان رسوله عليه الصلاة والسلام : {مَا عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ} [الأنعام: من الآية 57] .
    إن كانت عندكم أفكار وأشياء قد اضطركم إليها أو قذف بها إليكم واقع معين ؛ فإن الثوابت هي التي تحكم عليه ، وهي التي تضبطه وقد جاء خباب بن الأرت -كما نعلم - وقال لرسول الله عليه الصلاة والسلام : " ألا تدعوا لنا ألا تستنصر لنا؟ " وقد بلغ الأمر مبلغه في البلاء والإيذاء الذي حل به وبعض الصحابة - رضوان الله عليهم - فأخبرهم النبي - عليه الصلاة والسلام - بمن كان قبلهم ممن تعرضوا إلى العذاب الشديد .
    ثم قال- عليه الصلاة والسلام - : ( والله ليبلغن هذا الدين حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخشى إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم قوم تستعجلون ) .
    لم يجبهم إلى عواطفهم ..لم يوافقهم على ضرورتهم وإن كان يدعو - عليه الصلاة والسلام - لكن المنهج واضح .. لكن الرؤية جلية ليس فيها غبش .. ليس في أجزائها شيء من التراب مطلقاً ، ولذلك الأمر الفكري نحن لن نؤمن أبداً لا اليوم ولا غداً ولا بعد غد بالديموقراطية الغربية التي يبشرون بها .. لن نغير أبدا في أسس بناء حياتنا الاجتماعية القائمة على كتاب الله وسنة رسوله ؛ لنوافق - كما يقولونه - من أفكار في تحرير الشعوب ، أو حقوق الإنسان ، أو حرية المرأة على مناهجهم المختلة ، وعلى تصوراتهم الفاسدة ، وعلى مناهجهم الزائغة ؛ لأننا لسنا في شك من ديننا ، بل نحن على بصيرة ، وهذا أمر مهم ؛ فإن الأمن الفكري والثقافي هو صمّام الأمان الأول ، وهو خط الدفاع الأول إذا وقع فيه الاضطراب ما جاء بعده .
    كما نرى - نسأل الله عز وجل السلامة - ممن يتقاذفون هذه المقالات ، ويروجون هذه الشائعات ، ويزينون هذه المفتريات والمبتدعات ؛ لأنهم ليسوا على بينة من أمرهم كما قال الله عز وجل هنا: {مَا عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ} [ الأنعام: من الآية57 ]، وكما قلت ليس حديثنا مستفيض في كل نقطة وإنما هي ومضات .

    كلمات مفتاحية  :
    الأيمان الأمن مواجهة العدوان

    تعليقات الزوار ()