بتـــــاريخ : 11/12/2008 6:10:58 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1842 0


    عــصـف الــرّيـح الـــعقل شـــرط الــــخلافـــة

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : ابراهيم كبة | المصدر : www.awu-dam.org

    كلمات مفتاحية  :

     

     

    نقر الدّف والمزاهر يوائم نبض القلب.والمغيب يقطر حمرة ورقّة.نزعت به الأشواق الى التّكية) .هرع لا يلوي على شيء.لا يروق له ويفتنه الاّ الذكر ومواجيده. التّكية) دوحة المباهج وألوان المسرّة.وعلالة الصادى.نازعته نفسه الى غشيانها.حين ناهز سنّ الحلم.والتاث عليه علاج هنات لا تفتأ تكدّر صفاء نفسه ونقاء ذهنه.اقتحم الجنس مسرى حياته.سحر يلفّعه ضباب ونشوة عجماء لا تبين.اضطرم اللهب في الأحاسيس.واستعار اللذّة في الجوارح.ثم ثاب الى نفسه.وقد هدأ جيشان الرّغبة.وسكن وجيب القلب.وخلت نفسه الاّ من عكارة الندم وغاشية الأسف.‏

     

     

    محال أن يصفو لي ذهن بعدئذ.ثوى في منزله لايبارحه الإ لماماً.يمعن النظر في اثمه الذي سامه خسفا.الى أن تناهى الى أسماعه قرع الدّف.وأصاخ الى أصوات الذكر.عندئذ سرى عنه.واطمأنّ التّكية) على مقربة من منزله.وطالما تناهى الى أسماعه الانشاد بيدانه عجز عن تفسير ما يسمع وتبريره.وعجز أيضا عن أساغته.وربما أنكره.الى أن اضطرم ندمه.وهاج أساه.عندئذ دفعه هاتف خفيّ الى غشيان التّكية) .لكنّه تردّد مليّا.شكمه الوجل وهيبة المقام.وحثّه ضرام الأسى.وعصر أحد الأيام ، ساقه ضناه الى التكية.ولج الزّقاق الذي يفضي اليها وقد وجف قلبه.وغامت نظراته.لم يلبث أن هدأ روعه.حين رأى اكتظاظ ساحة الذكر تلوّى وتثنى.وخال انّ الانشاد ينبعث من أعماقه.سمت نشوته ونضح فؤاده مسرّة لا توصف.في صدر الساحة وقف الشيخ أبو العلا يحفّ به أشياعه وأتباعه.وتبدّى في هالة من بهاء.‏

     

     

    عكس منظره سيماء الولاية.حركاته وانثناءاته لغة غامضة ترشح من جوارحه حين يشرئب يمنة ويشرئب يسرة.نظرته هادئة عميقة.حين فضّ الشيخ مجلس الذكر.آب ميمون الى منزله وقد فاض الرّضا في نفسه.واطمأنّ.سكن روعه.وغاض جزعه.اعتزم أن يغشى التّكية كلّما تسنّى له.أخلد الى الرقاد تلك الليلة وقد قرّت بلابله وسما في أجواء ساجية.لا أثر لما جاس في أعماقه قبل ليلة الأمس . رنّق الكرى بين عينيه وغطّ في نومه.مضى الأسبوع الذي تلى ليلة الذكر بين انكفاء ولهفة.وغيظ.وتشوّف الى مجالس الألحان.وحين حمّ ميعاده.هرع اليه يحثّه خمار نشوة الأنغام.وجذل الطرب.لم يبدأ الذكر بعد.جلس الشيخ يمازح أشياءه.دارت أكواب الشاي على الجميع.ثمّة غلمان وكهول.بدأ الذكر واعتكر . الليل جاشت نشوته.ونفض ضميره سخام الماضي,ليت الساعة تدوم.والمسرّة تبقى.عكف على الصلاة.وجلا الايمان حسّه.حين يمسّ قرص الشمس حافة الأفق.وتخف ّوقدة الحرّ.يمضي نحو النهر.حيث يروق له السير على جسره.ويرصد مغيب الشمس.سمرة الغروب تشجيه.وظلاله تسحره.ترى من يرصد الآن انبلاج الفجر؟‏

     

     

    عبّ هواء نقيّا.رنا الى سحائب الظلمة.شيّع بصره الشمس.حان وقت الاياب.أضواء المدينة مثل شعلة نيران.آب من نزهته.الطريق يلفّه الظلام.والشجر يتثنى مع الرّيح.مزق عواء كلب ضال صمت الليل.دحر وساوسه.وهزم شيطانه.اقتصّ من نفسه.دأب على غشيان التّكية.ولازم الشيخ في درس الاثنين.غرف من كنز المعرفة.ورقى الى سدّة النّجاة.أنصت واختزن.جدّ وسعى.انصرم عام على اجتهاده.لم يداخله كلل.ولا اعتراه ضجر.انفض درس الاثنين.أومأ اليه الشيخ أن يتريث.فاجأه الأمر.اضطرب له.نظرة الشيخ هادئة باسمة.قال له:‏

     

     

    -أجر المؤمن لايضيع‏

     

     

    ثمّ أضاف:‏

     

     

    -احذر نزغ الشيطان‏

     

     

    مدّ له يده.لثمها.وانصرف.‏

     

     

    انصرم عام.لجّ في دأبه.حزبه حديث الشيخ.همّ أن يسأل عن مغزاه.ثمّ نكل.الأشياع أخوان الصفا.في منامه هاجمته أفعى ضخمة.ناء ذهنه تحت وطأة الجثام.نفس تنزع الى الصفاء بيد أنّ قتامة تغشى الأفق.تجلّت له سحر.طفرت من ظلال الحلم شعلة أنوثة وجاذبية.وجمرة لاهبة.تتراءى في الشرفة ساعة الأصيل تروى نباتات الزّينة.‏

     

     

    جاهد غرائز الظلمة.واحترز من عثرة لااقالة منها.‏

     

     

    تفادى طريق الشرفة.وتحاشى النظر الى شعاع القمر.ويل لمن حاد عن صراط التقوى.وجادّة الحقّ.ثمّة همس كالأنفاس يزّين له الأوبة الى طريق الشرفة. كابوس مثل غمام الشتاء.يعصف في المنام ويدرّ كربا وهلعا في اليقظة.نضح وجهه صفرة ظاهرة.الليل جحيم لايطاق.اختلافه الى التّكية يشحذ توتّره.ويثير هيجانه.وطيف سحر لايبارح مخيلته.جاهد نفث ابليس حتى فلّ اليأس عزيمته.وغلا في زهده حين أشفى على الزّلل.انّ فتاة الشرفة هي أفعى الجثام.حدست سرّذهابه وايابه.لمح مرّة طيف ابتسامة على محيّاها خرجت تخطر في معطف رمادىّ.حبكته على جسم أهيف.سارت متئدة.اقتفى أثرها وقد شخص بصره نحوها.غالب حياءه وتردّده حثّ خطاه حتى حاذاها.تولاها الحياء.وغضّت بصرها.لم تبدر أى أمارة تنّم عن احتجاج.تمتم قائلا:‏

     

     

    -مساء الخير‏

     

     

    لزمت الصمت.بينما استطرد قائلا:‏

     

     

    -عذرا..لكن أنت..تدركين‏

     

     

    ازدرد ريقه.أنكر صوته.اختلطت الأعيان أمام ناظريه.تداخلت الألوان والظلال.وتمعن في الصمت،‏

     

     

    -أنا..يجب أن‏

     

     

    لا أثر يشفّ عن أيّما تعبير.‏

     

     

    -الصمت أقسى من الصد‏

     

     

    قالت بنبرة تحذير:‏

     

     

    -قد يرانا أحد.وأبي لا يرحم‏

     

     

    قال بضراعة:‏

     

     

    -أتوسل اليك‏

     

     

    قالت بنبرة حاسمة:‏

     

     

    -لقد بلغت مبتغاى.وأرجو أن تكفّ عن العبث‏

     

     

    لماذا تدور الأفلاك؟.لبث تحت الشرفة لا يريم.عصف ريح الخريف عواء أليم.وسحائب متفرّقة تجرى في سماء المدينة.ذوى عوده بينما أصرت على ملازمة المنزل.لاتبارحه.‏

     

     

    حتى ساعة الأصيل ضنّت بها.فاء الى منزله يعتصره القنوط والأسى ، اندسّ في فراشه وهو يرتعد من فرط الاضطراب.غاب عن الوعي.نفث بدنه عرقا غزيرا.دهمه الجثام.ثم تجلّى له الشيخ هائجا.لوّح بيده.وارتسم الغضب على قسماته.تكوّر في فراشه.وهو يئنّ ويرتجف.تتراءى سحر وقد انفرجت أساريرها.وافترّ ثغرها عن ابتسامة مريبة.أجفل.ذبّ الشيخ الأفعى عنه.التحم الاثنان في صراع عنيف.خارت قواه.وغطّ في نوم عميق.غدا ذهوله سمة من سماته.حين يتعالى نقر الدّف يهرع الى التّكية.لايجرؤ على غشيان حلقة الانشاد.حسبه أن يرى ويغتبط.ثّم يمضي الى طريق سحر) .بينما تعصف ريح الخريف مثل عواء أليم.‏

     

     

    - 6/9/989 -‏

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()