سألت الطفلة أباها، وهي تنظر إلى ثوبها الذي تهلهل نسيجه، وبهتت ألوانه:
- متى تشتري لي ثوباً جديداً؟!
قال الأب بحنان: غداً.
- واللعبة التي وعدتني بها؟!
- غداً...
قالت: متى يكون لنا بيت واسع، وحديقة تزّينها أزهار ملونة؟!
لم يجد جواباً، فقال متردداً والغصّة في حلقه:
- غداً...
قالت معاتبة بدلال:
- غداً... غداً!! منذ زمن طويل وأنت تقول غداً، فمتى يأتي الغد؟!
صمت طويلاً... ابتلع غصته، وسرح مع أفكاره التي تشتتت وشردت كخيول جامحة. احتضن الطفلة، ضمّها إلى صدره، رفع رأسه إلى السماء، وقال بصوت يائس حزين:
- غداً.. عندما تشرق الشمس.
مساءً... تكوّرت الطفلة في زاوية الغرفة الوحيدة في البيت القديم، تحلم بالثوب واللعبة والبيت والحديقة رغم شدة البرد وقسوة الجوع.
وفي الصباح.. أشرقت الشمس، ورأت في عينيها دمعتين تنحدران على وجنتيها، فتوارت واحتجبت وراء الغيوم بخجل