عندما أقرأ عن سيرة الصحابة والتابعين وأئمة الإسلام أرى خشيتهم وإيمانهم عميقين، وإذا قرؤوا القرآن يبكون كثيراً، فأنا عندما أقرأ عنهم تمنيت أن أكون مثلهم، وتمنيت لو كنت في عصرهم، وأخشع مثلهم، ولكن بهذا الزمان فتن كثيرة، وغزوٌ فكري خطير يشكك المسلم في دينه، وأنا الآن في ضيق شديد، أريد أن يطمئن قلبي بالإيمان واليقين، وأنال خشية الله، وأن يشرح صدري، وأريد أن يكون حب الله ورسوله أحب إلي من الدنيا وما فيها، ويجعل الدنيا بيدي ولا يجعلها في قلبي، وأقصر الأمل، وأريد أن أتلذذ بطاعة الله، ويجعل الله قرة عيني الصلاة، ولكن لم أستطع، قرأت القرآن ولم يحدث في قلبي خشية إلا قليل، وأنا خائفة أن يدركني الموت ولم أنل تقوى الله حق التقوى وخشيته حق الخشية، كيف؟ أرشدوني فإني - تقول كلمة ليتها لم تصف بها نفسها- في حيرة، وهذا السؤال مهم جداً في حياتي بل هو حياتي كلها؛ لأني لم أُخلق إلا لعبادة الله. هذه هي الرسالة بل هذه هي القضية شيخ عبد العزيز، أرجو أن تلقى عنايتكم جزاكم الله خيراً.
أيها الأخت في الله أبشري بالخير العظيم، ما دمت بهذه المهابة والحرص على الخير ومحبة السلف الصالح، وتمنيك أن تكوني في زمانهم وعلى طريقتهم فاحمدي الله على هذا الخير، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم- لما سئل: قال له رجل: يا رسول الله، المرء يحب قومه ولما يلحق بهم، قال عليه الصلاة والسلام: (المرء مع من أحب)، فأنت مع من أحببت وعليك أن تجتهدي في طاعة الله، وترك معصيته، والإكثار من ذكره سبحانه والاستغفار والدعاء، وقراءة القرآن الكريم بتدبر وتعقل في الأوقات المناسبة من الليل أو النهار وأبشري بالخير، أبشري بالخير والعاقبة الحميدة، فالله جل وعلا، رؤوف رحيم وقريب مجيب، سبحانه وتعالى وهو يحب من عباده أن يسألوه ويضرعوا إليه كما في الحديث الصحيح يقوله عليه الصلاة والسلام، يقول الله عز وجل: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا دعاني، فعليك بحسن الظن بالله، وعليك بالإكثار من دعائه وسؤاله أن يهديك وأن يصلح قلبك وعملك وأن يبقيك على الإسلام، وأن يمنحك خشيته ومراقبته وتعظيم أمره ونهيه ومن يتق الله يجعل له مخرجاً، وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان، وهو القائل سبحانه: ادعوني أستجب لكم، فإياك والقنوط، وإياك والشك في رضى الله وكرمه، وعليك بحسن الظن بالله أحسني الظن بالله، وأبشري بالخير، وعليك بفعل المستطاع في طاعة الله ورسوله وفي حب الله ورسوله وفي إيثار محاب الله ورسوله، وفي كف ما نهى الله عنه ورسوله، ولك العقبى الحميدة، كما قال الله تعالى: فاصبر إن العاقبة للمتقين، جعلنا الله وإياكم من المتقين. ترجوا دعائكم شيخ عبد العزيز؟ أصلح الله قلبها وعملها، أصلح الله قلبها وعملها، ورزقها الله الخشية العظيمة والاستقامة على أمره. وصفت نفسها بوصف لم أقرؤه في ثنايا الرسالة شيخ عبد العزيز والآن أعرضه وأستشير سماحتكم فيه، تقول عن نفسها إنها في ضلال، هل يجوز للمسلم وإن كان يؤنب ضميره، هل يجوز له أن يصف نفسه بهذا الوصف؟ لا ما يصح هذا، ولكن يقول إني ظلمت نفسي، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- للصديق ــــ قال قل: (اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً) الحديث، وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: (اللهم اغفر لي ذنبي كله، جله ودقه وأوله وآخره وعلانيته وسره)، وما أشبه ذلك من الدعاء، فعليها أن تدعو ربها أن الله يغفر لها ذنوبها وظلمها لنفسها وهكذا تسأل ربها دائماً أن يهديها الصراط المستقيم وأن يغفر لها ذنوبها، هذه وصيتي للأخت في الله. أيضاً ترجو من سماحتكم الدعاء في ظهر الغيب وتقول إنه دعاء مستجاب؟ وهذا الدعاء الذي حصل، ودعاء بالغيب، بأن يصلح الله حالها، نسأل الله أن يتقبل منا ومنك، ونسأل الله أن يصلح قلوبنا جميعاً.