بتـــــاريخ : 11/20/2008 9:16:04 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1137 0


    هـــنا لا رقابة

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : مســعود بوبو | المصدر : www.awu-dam.org

    كلمات مفتاحية  :

    يبدو لي أحياناً أنّ نوعاً من العدوى تفشّى في بؤرتين مغفلتين من الرقابة - سهواً أو عمداً- أو بدأ ينتقل من الأولى إلى الثانية. ويُخشى أن ينتقل إلى غيرهما.... في غفلة من عيون الرقباء، أو في غمرة ديمقراطيّة القول وفق الهوى والقناعات!.. وبؤرة الفساد الأولى معايير الأسعار.. فالأسعار ترتفع على وفاق هوى البائعين، وفي كلّ يومٍ بعد أن كانت ترتفع في كلّ فصل.. ولو أنّ أحداً يعنيه الأمر لقلنا بالأرقام، وبالدليل العقليّ الذي لا يُردّ كيف يتمّ ذلك.. لكن.. قل مادام دخل الفرد يرتفع أيضاً في كلّ يوم فالمسألة محلولة.... ولمّا استمرأ البائعون هذا الوضع الرخيّ، حسدهم بعض المشتغلين في مؤسساتنا الإعلاميّة، فقالوا في دخائل أنفسهم: مادام هؤلاء يخالفون ولا أحد يكلف نفسه مساءلتهم، بل ربّما كانوا "مدعومين"، فلم لا نخالف نحن!؟ وهكذا تخمرت بؤرة الفساد الثانية، فبدأت المخالفات اللغوية تستشري، ولا رقابة!... مع أن مجتمعنا بدأ يفرز قطاعاً واسعاً من قليلي العمل حرفتهم الأصلية البحث عن الأخطاء في المؤسسات.‏

    ومانراه ونعانيه من المخالفات في الأسعار قد لا نجرؤ على الخوض في حيثياته وتفصيلاته ومنشئه، لذا ندعه لأطراف العلاقة.. ونعلم أنه لن يكون هناك إجراء. أما المخالفات اللغوية فقد نجرؤ على الدخول في بعض تفصيلاتها، ونعلم أيضاً أنه لن يكون هناك إجراء.. لكننا نفيء إلى قول السيد الرئيس في عدم السكوت على خطأ يرتكب. وقد يقال: ليس من المناسب الآن، وفي هذه الظروف الدقيقة التي تمر بها أمتنا إثارة مثل هذه القضايا... فنقول: أمضى يوم لم نسمع فيه عبارة: "في هذه الظروف الدقيقة التي تمر بها أمتنا"!؟... ثم أيحتاج المرء إلى مسوغات وتعليلات ليدافع عن لغته القومية؟ إذا كان ذاك فسنحتاج إلى من يقنعنا بالدفاع عن الوطن!..‏

    ونسوق في هذه العُجالة بعضاً من الأمثلة التي لا تحتاج إلى فضل تفنيد وإيضاح فمن ذلك حديث "بصوت امرأة" عن إحدى الصحف المحليّة يقول: "نطالع على صفحاتنا الإثنا عشر... (وفي العبارة غلطتان كما لا يخفى)... ونسمع صوت رجلٍ يقول: "تتضمّن مواداً إعلاميّة.. (مواداً)!؟ أفيعرف هذا شيئاً عن الإدغام أو الأوزان، أو الممنوع من الصرف؟! ونسمع صوتاً آخر يقول: وإلى اللقاء مع سحوبات قادمة..(سحوبات) كأنّها جمع "سحوبة" مثل عقوبة وخصومة وبطولة.. أو لعلّها على لغة الأطفال في جمعهم الرسم على "رسومات". ويقول مسؤولٌ واثقٌ من نفسه: إنّنا نصدّر القطن كغزولٍ.. كغزول؟! فما يضيره لو قال: مغزولاً!؟‏

    وتقول واحدةٌ: - في حادثةٍ ذهب ضحيّتُها نحو عشرون رجلاً.. "تضمّ التاء من ضحّيتها"، كأنّ الذين ماتوا فاعلون.. وترفع المضاف إليه غير عابئة بمن يسمعها.. أليس المكان الذي تتكلّم منه ملكاً لها؟! ويقول آخر: بلغت تَكْلُفَتُها كذا... يقولها بضمّ اللام على غرار الخطأ الذي صار فاشياً بضمّ راء "تجربة"... كأنّ القارئين أعجبهم وزن "تهْلُكة" فعمّموه.. ولم يعجبهم وزن "تبرئة" أو تدفئة... ويقول آخر: كان النشاط الرياضي (كتيرقليل) "كثير قليل...كأنّه يقول: أسود أبيض"، هذا بصرف النظر عن عمل "كان". والعبارة شبيهة بقولٍ آخر: "غيومٌ على ارتفاع منخفض، أو تطير على ارتفاعٍ منخفض...(ارتفاع منخفض! كيف؟) وتقول واحدةٌ: قالت صحيفة "أرب نيوز" السعوديّة التي تصدر بالإنجليزيّة؟!: إنّ لا أحد يقبل ببقاء العراق في الكويت..إن لا أحد يقبل" ماذا يحصل لو كان "إنّ أحداً لا يقبل..."... وتقول أخرى للأطفال: والآن أحبّائي الأطفال أدَعْكُم مع هذا.. وتسكّن العين في كلمة "أدعْكم" فتظنّ أنّ هناك تعميماً بوجوب التسكين.. ثمّ تليها أخرى فتقول: والآن تعالوا، "وتضمّ اللام" نبحثُ "وترفع الثاء" عن هذه الكلمات في المعجمات... ويُسقط في يدك. فالأخت الفاضلة تعلّم أبناءنا العربيّة... وتقع في العبارة الواحدة في خطأين، ولا أقول في غلطتين، فالخطأ أكبر من الغلط عند أهل اللغة.. وعن أبي عبيدة: "كان أبان بن عثمان بن عفّان فصيحاً، فقام يوماً يصلّي، فمرّ رجلان يتحدّثان، وأحدهما يقول لصاحبه: ركبت بغلةً فقمصت بي قُماصاً شديداً (بضم القاف) فقطع أبان الصلاة وقال: قِماصاً، لا أمّ لك. يعني "بكسر القاف"... ويعني الخبر أنّه قطع صلاته -مع ما للصلاة من قدسيّة- ليصحّح غلطاً لغويّاً.. أمّا نحن.. فلا رقابة؟!‏

    وقديماً قيل:يلحنون ويربحون،ونحن لا نلحن، ولا نربح...

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()