بتـــــاريخ : 11/20/2008 9:44:13 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1301 0


    رتيبــــــــة

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : ماري رشو | المصدر : www.awu-dam.org

    كلمات مفتاحية  :
    قصة رتيبــــــــة ماري رشو

    تردّد اسمها كثيراً على سمعي وكنت أرغب زيارة المدينة الأخرى، كي أغتنم الفرصة وأتعرف إليها، مادامت تربطني بها قرابة بعيدة.‏

    وصلت إلى المدينة منهكة القوى، غير راضية عن تلك الزيارة، لكن السفر الشاق، دفعني لأحلم بمقعد وكوب من الماء وبعض الراحة.‏

    درج البناية طويل، أو هكذا خيّل إلي. تهاويت على أول مقعد صادفته. رحت أراقب الزوّار وانتشارهم داخل الغرف الصغيرة. أرسم الابتسامات لمن تلتقي نظراتي بهم، أو أتمتم بكلمات تعبّر عن سعادتي بلقياهم.‏

    استقبلتني رتيبة ضاحكة. عانقتني بحرارة، وانصرفت. لاحظت حركتها الرشيقة، روحها المرحة. حيث تتعمّد الاهتمام بالجميع. تتعمّد إضحاكهم وغمرهم بالأسئلة. رحت أتابع طيفها المرح، أحاول التقاط بعض أحاديثها، وهي تشرح للضيوف سر نضارة نباتاتها الموزّعة، في زوايا البيت والشرفة.‏

    اقتربت مني بخطوات عفويّة، وفوق وجهها ابتسامة لا تصنّع فيها، لتقول مؤكّدة على قرابتنا:‏

    ـ كان والدك أقربهم إلى قلبي، وأحبّهم.‏

    شكرتها بنظرة امتنان، وكانت تتابع قائلة:‏

    ـ حكايتي مع الأقارب والأصحاب غنيّة وشرحها يطول. لقد كافحت دائماً من أجل الحياة.‏

    قلت:‏

    ـ حديثك جميل.‏

    ضحكت وهي تعيد ترتيب خصلات شعرها. قالت:‏

    -جميعهم يقولون هذا.‏

    عادت للمتابعة. كنت أشعر باستعداد لاستيعاب كل كلمة، وبتيقّظ جدّد خلاياي، إذ شعرت فجأة بقدرة لا محدودة، وهي تدفعني للاهتمام بها والإنصات إليها، قلت:‏

    -حدّثيني أكثر‍!‏

    توقّفت وكأنها تذكّرت شيئاً، لتتحدّث عن حبها للأطفال، ذلك الحب الذي لا يموت، وحين توقّفت قليلاً، رأيت دمعة قاسية تتحجّر في عينيها، وهي تتمتم:‏

    -كان زوجي عظيماً؟. أحببناه وأحبنا.‏

    وانتقلت دون مقدمات لتقول:‏

    -لن أحزنك معي. اسمعي حكايتي مع التمثيل.‏

    قلت باستغراب:‏

    -هل مارست التمثيل؟‏

    قالت:‏

    -لا.. منذ فترة طلب إليّ القيام بأحد الأدوار. اندفعت برغبة. أعجبهم تمثيلي وأنا في هذا العمر. رحبّوا بي، وعلمت حين انتهى العمل، أنّهم تقاسموا أجري. غادرتهم دون رجعة.‏

    قلت:‏

    -لماذا؟ هل من أجل فقدان الأجر؟‏

    أجابت:‏

    -على العكس. شعرت بالخيبة. أنا لا أحب المال أبداً.‏

    كنت أراقبها بهدوء. غمرني إحساس بالأمل. غابت رتيبة قليلاً وعادت تحمل صوراً من شبابها، وتعلّق بكلمة أو فكرة. لاحظت أنها تتذكّر أحاديث لها علاقة بالحب، وفي عينيها يطوف الأمل. اغتنمت الفرصة، وأنا‏

    أتساءل قائلة:‏

    -أنت تتحدّثين عن الحب بإعجاب. ألم يبدّل الزمن من قناعاتك؟‏

    أجابت بصوت جريء، واضح النبرة:‏

    -إنه الحياة. لولاه لما كنت، لقد عشته في بيتي، وبلدي، وحياتي، والأجمل أن نعيشه بصدق.‏

    قبل مغادرة البيت، طغت مشاعر الحب على روحي ونظّفتها. كانت الحياة أمامي تكبر وتعطي. شعرت بحرية التصرّف والقول. سألتها بصوت يحمل الجرأة:‏

    -كم تبلغين من العمر يا عزيزتي رتيبة؟‏

    ضحكت. هزّت رأسها وهي تجيب:‏

    -لقد اعتدت على هذا السؤال. إني أتوقّعه دائماً. لقد تجاوزت الثمانين أيتها العزيزة!‏

    خرجت من بيت رتيبة وحلم ربيعي متجدّد يراودني. حملت صورها الشابّة، ورحت أبحث عن الحياة

    كلمات مفتاحية  :
    قصة رتيبــــــــة ماري رشو

    تعليقات الزوار ()