كم تأسفت لأنني لم أجرّب ذاك الذي جفّت الأقلام في وصفه شعراً ونثراً، كم عاتبته لأنه جاء من الباب وتمنت أن يأتي من الشباك أو السطح أو رصيف الشارع المقابل أو يأتيني مطوياً في وردة حمراء أو صفحة دفتر زهرية اللون مرسوم عليها قلب وسهم وطبعة لشفاه مجهولة، فقط لأجرب ذاك الساحر الذي يذهب العقل وينبت للقلب أجنحة وعلى الخدين ينثر الأزاهير وتزهو بظهوره الألوان وتقصر الأيام وتطول معاً.
قلت أحب زوجي قالوا ليس هذا قلت أطفالي قالوا ولا ذاك، هذا حب العقل وهذي الأمومة- أحب أمي قالوا هو الحب المقدس، إنه شكل آخر.. سكنني الفضول لكني سلمّت أسلحتي لأعوامي وشيب رأسي وشارب ابني البكر ونهدي ابنتي ونسيت الموضوع.
لكن غالباً ما تأتي الأماني حين ننساها أو نتناساها... ورأيته.. ووحدي كنت في الظلام، ورآني وعلقت عيناي بوجهه، واستغرق هو فيّ، سكنني شعور جديد وغريب خفق قلبي بعنف وتسارع دفق الدماء في عروقي، طارت روحي وابتسم كياني كله، ونبتت لي آلاف الأجنحة وانتثرت ملايين الزهرات ارتفعت عن الأرض لا أدري كيف، إنه هو ما تناسيته من زمن، تاقت ذراعاي لضمه والذوب فيه وتاقت شفتاي للاحتراق بناره ولف رأسي بانتشاء يشبه السكر، صار يبين ويختفي يلتف بغيمة يروح بعيداً.. يتلاعب بأعصابي أكيدة أنا إنه ما كنت تائقة إليه لا تفسير آخر لشعور لم يمر بي مذ خلقت سكنني فرح ليس كالفرح وخشوع وسكينه، ودمعت عيناي وعلى الأرض سجدت رافعة يداي إلى السماء وأسبلت أجنحتي وقالت روحي أشهد أن لا إله إلا أنت خالق هذا الجمال والعشق ورب القلوب.