إسلام تايم-عمر منطاش
قسم أحد الدعاة الناس إلى أربعة أصناف، في تربصهم للطاعات وتحينهم لنفحات رب الأرض والسماوات..
الصنف الأول .. وهو صنف لاهي ساخر لا يهتم بمواسم الطاعات والنفحات، التي يرسلها ربنا سبحانه وتعالى، فهذا نسأل الله أن لا نكون مثله.
الصنف الثاني.. وهو صنف لاهي ساخر ولكن يرق قلبه إذا ذكره أحد بالله، فتجده يخفض رأسه خشية مما هو عليه، ولكنه لا يهتم بمواسم الطاعات والنفحات، التي يرسلها الله عز وجل إلا بعد نهايتها، فهذا يقول في نهاية المطاف: ( يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما).
الصنف الثالث .. وهو صنف غافل لا يهتم إلا أن يذكره أحد، ولكنه عندما يعلم ميعاد النفحة فتجده يظل يهيئ نفسه ببطء، حتى يدرك القليل منها فهذا الصنف نوصيه وأنفسنا بالاجتهاد وطلب المزيد.
الصنف الرابع.. وهو الصنف الذي يهرول إلى الطاعات ويتحينها فتجده دائما ينتظر النفحة بعد النفحة، ينتظر الخير بعد الخير وتجده منتبها لما يحدث من حوله ، ودائما ما تجده في ساحات الطاعات وتفتقده في ساحات المعاصي ، تراه يذكرك بالله وتفتر في مقابلته فيرق قلبك للقياه، تقترب منه تشعر كأنك أقرب الناس إليه، بل أنت فعلا أقرب الناس إليه، الكلمة منه تخرج من قلبه فتصل إلى قلبك، فهو قد اجتهد في تحقيق مراحل التقوى لله ، نسأل الله أن يجمعنا في الجنة وإياه .
النفحة المقبلة
وقد يخطر على ذهن كل من يقرأ سؤالا يريد له الجواب، دعونا الله بقلوبنا أن نكون من هذا الصنف فما هي النفحة المقبلة.
النفحة المقبلة هي الشهر الذي تمنى الصحابة أن تكون السنة كلها هو، هو الشهر الذي كانت تتربص له الصحابة قبله بستة أشهر، وتودعه بعد انتهاءه بستة أشهر، هو الشهر الذي من أدركه ولم يغفر له خاب وخسر، هو الشهر الذي يعتق الله فيه من النار المئات والآلاف، هو الشهر الذي يتذكر فيه القوي الضعيف، ويتذكر فيه الغني الفقير، هو الشهر الذي يعرف الناس فيه القيام، الذي غفلوا عنه سنين وأيام هو الشهر الذي يأكل السيئات كما تأكل النار الحطب،هو شهر الخير واليمن والبركات، من أدركه بوقفة مع النفس فقد ربح، هو الشهر الذي يحقق التقوى لتكون ممن رضي الله عنهم في الدنيا والآخرة { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } البقرة (183)
هو شهر ممتلئ بالخير وفيه رحمة للمريض والمسافر والضعيف، فقال عز من قائل: { أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } البقرة (184)
فهو شهر القرآن شهر الهدى والفرقان، هو شهر جاء لنشكره على نعمه الذي أنعم بها علينا، فمن شهده منكم فقد أمره الله أن يرعاه { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } البقرة (185)
حتى نظل ثابتين
حتى لا نفتر في شهر رمضان، حتى ندرك الخير كله، حتى نظل ثابتين إلى أن نفوز بالرحمة والمغفرة والعتق من النيران، فعلينا بعض الواجبات كي نرضي رب الأرض والسماوات، وكي نغنم برضاه في يوم أن نلقاه.
أولا التوبة والتوبة لها شروط وفوائد .
شروطها: أن تقلع عن الذنب وأن تندم عليه، وأن تعزم على عدم الرجوع إليه.
وفوائدها:أن تكون بعيدا يوم القيامة من النيران، وأن تنال جنة عدن حشيشها الزعفران ، وأن تغنم برضا ورؤية الرحمن .
ثانيا: فض الخصومات مع كل من أسأت أنت إليه أو أساء هو إليك . فقد قال فيها المصطفى: ( ثلاثة لا ترفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبرا ،،، منهم وأخان متصارمان)، لكي تأمن على حسناتك أن تصل فعليك بفض الخصومات .
وابدأ أخي الحبيب بفض الخصومات مع الأم والأب، فقد قال صلى الله عليه وسلم:( خيركم خيركم لأهله) .
وأخيرا أن تتعود على الطاعات وفعلها، أن تروض نفسك على الطاعة وأن تعلمها من الذنوب القناعة وأن تطلب من الرحمن أن يجعلك من عباده الأتقياء، الأخفياء، الذين قيل فيهم { كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ }(17)الذاريات.
فهيا نطلب من ربنا جل في علاه أن يجعلنا من ذوي الهمم العالية وأن يجعلنا من المجتهدين في طاعته وأن يجعلنا يوم القيامة من الفائزين برحمته وجنته، فالمتعة الحقيقية هي الجنة التي فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، ولتذكر قول من قال
فحي على جنات عدن، فإنـــها ** منازلنا الأولى وفيها المخــيم
ولكننا سبي العدو فهل تــــرى ** نعود إلى أوطاننا ونســلم
وقد زعموا أن العدو إذا نـــأى ** وشطت به أوطانه فهو معـرم
وأي اغتراب فوق غربــتنا التي ** لها أضحت الأعداء فينا تحكـم
وحي على السوق الذي فيه يلتقي الـ ** محبون ذاك السوق للقوم يعـلم
فما شئت خذ منه بلا ثمـن له ** فقد أسلف التجار فيه وأسلمـوا
وحي على يوم المزيد الذي به ** زيارة رب العرش فاليوم موسـم
وحي على واد هنالك أفـيح ** وتربته من إذفر المسك أعـظم