فكيف يمكن استغلال تجمع الحجيج في الدعوة إلى ثوابت الدين الحنيف الصحيح، بعيداً عن الخرافات والجهل، وتوعيتهم بكيفية أداء المناسك بالطريقة الصحيحة؟!
يجيبنا على ذلك دعاة عاملون في هذا المجال منذ سنوات عديدة.. يقول فضيلة الشيخ "عباس نديم" (الذي يعمل في مجال دعوة غير المسلمين لدين التوحيد، وأسلم على يديه ما يزيد عن ألفي شخص): الحج من أعظم القربات لله سبحانه وتعالى، وبما أن الإسلام دين علم وعمل، فقد حقق الحج للمسلم ذلك كله في أيام معدودات، وكل من أتى الحج بنية معينة ـ فهذا متمتع وذاك قارن وآخر مفرد ـ ولكن جميعهم يؤدي المناسك التي لا اختلاف فيها من قدوم وسعي ووقوف بعرفة.. إلى آخر مناسك الحج.
ولأن الكثيرين من المسلمين يرتكب أخطاء عن جهل وعدم وعي، كان لابد للدعاة العاملين أن يبصروا إخوانهم بكل الوسائل الممكنة، في غير تحيز لحزب أو نحلة، فإن الدين عند الله الإسلام.. كما لابد أن تكون الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، ولذلك أبعد الأثر في قلب من تدعوه إلى الوحدانية والحنيفية السمحة، وبما أن مجالي في الدعوة بما هو معروف للبعض، أذكر أني في يوم 15 شعبان، على وجه التحديد، طلبت مني جهة كريمة الحضور إليهم ومساعدتهم في اثنين من غير المسلمين طلبا لهدايتهم، وذهبت معتمداً على الله، فإذا بي أجد الرجلين من الإنجليز أصلاً، وأنا أعرف أن مثل هذا النوع لا يذعن جزافاً، بل لابد من القناعة وكان كل شيء يبدو صعباً، وتوكلت على الله وبلغة واضحة رحبت بهما وشرعت في زرع بذور الألفة بيني وبينهما كعباد من خلق الله في رحاب الإنسانية، وأخذت أشرح لهم الخلط السائد بين معرفة حقيقة الخالق وبين من خلق.. وشاء الله أن ينير بصيرتهما قناعة ورضا وفهماً وأعلن الرجلان إسلامهما، فالناس وعامتهم من الشعوب يحتاجون إلى صفاء الدعوة ونقائها.
وبالنسبة للحجيج، ينبغي أن ينبه الحاج إلى صحة سعيه لرمي الجمرات، فيسعى بكل سكينة واطمئنان، وأخذ الحذر كل الحذر من دفع الآخرين ووطئهم بأقدامه، فهناك من كبار السن نساءً أو رجالاً قد يلقى حتفه تحت وطأتك أو دفعك له، ولاشك يكون الحاج عندئذٍ قد ارتكب إثماً عظيماً.. أيضاً الكتيبات التعريفية والنشرات والأشرطة التي يوزعها ثلة من الدعاة وأهل الخير وما توزعه الدعوة والإرشاد وأهل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لاشك أن له أطيب الأثر في مساعدة الحجيج في سلامة حجهم ونيل مبتغاهم بحج مبرور.
ويؤكد الدكتور "عبدالله أبو سيف الجهني" (الأستاذ المساعد بكلية الحديث في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة) على أن الحج محضن تربوي ورصيد كبير لنقل التجارب الحية الفاعلة في جميع الميادين ومختلف جوانب الحياة وإفادة المسلمين بها.. والحج بوتقة كريمة لصهر القدرات وتنمية المواهب وتفجير الطاقات الكامنة وتبادل هذه الخبرات والتجارب بين مختلف الوافدين إليه من كل فج عميق فتتلاقح أفكارهم وتتلاحم آراؤهم لينتج عنها ـ بإذن الله تعالى ـ تخطيط سليم يفرز بعون الله مجداً عزيزاً للأمة الإسلامية.
|