الدكتور محمد صالح جرار (استشاري أمراض دم وأورام الأطفال في مدينة الملك عبدالعزيز الطبية للحرس الوطني بالرياض)
تعتبر أمراض فقر الدم من أكثر أنواع الأمراض التي تصيب الأطفال بشكل عام، وأكثرها شيوعاً هو مرض فقر الدم (الأنيميا) الناتجة عن نقص الحديد في جسم الطفل.. وهي منتشرة بكثرة في العالم، وفي منطقتنا أيضاً.
ومرض فقر الدم الناجم عن نقص الحديد، هو مرض له علاقة مباشرة بالتغذية وتنوع الغذاء، وهناك أنواع أخرى تتعلق بنقص مواد غذائية أخرى، مثل حامض الفوليك، وفيتامين B. ولكنها أقل شيوعاً من نقص الحديد. كما أن بعضها مرتبط بأمراض وراثية، والتي تسبب بخلل في إنتاج خلايا الدم الحمراء أو عملها. ومن أشهرها في منطقتنا مرض الأنيميا المنجلية، والثلاسيميا.
سبب المرض:
مرض نقص الحديد لدى الأطفال، غالباً ما يسببه نقص تناول الحديد، أي نقص تناول الأغذية التي فيها كمية حديد كافية.
على سبيل المثال، من السيناريوهات التي نراها بشكل متكرر في عالمنا، أن الطفل عندما يتعدى سن الستة أشهر، تستمر الأم بإعطاءه الحليب فقط، كغذاء كامل ووحيد تقريباً له. رغم أنه من المفروض أن يتناول أغذية متنوعة، ولا يقتصر طعامه على الحليب فقط. بل أحياناً نرى أن الطفل يكبر ويصبح عمره عاماً أو عامين، وطعامه يقتصر على الحليب فقط. هذه الحالة تسبب نقصاً في الأغذية الأساسية التي يحتاجها الطفل بعد سن الستة أشهر، ومن بينها نقص الحديد، الذي لا يوجد في الحليب بكمية كافية للأطفال ما فوق الستة أشهر. فهو غذاء كامل للأطفال ما دون هذا السن فقط. بينما يحتاجون لأنواع أخرى من الطعام بعد ذلك، لرفد أجسامهم بالمواد الغذائية اللازمة. ومن أهمها الحديد.
مخاطر نقص الحديد:
إن نقص الحديد لدى الأطفال يؤدي إلى حصول مرض "فقر الدم" والذي يتسبب بهبوط نسبة الهيموغلوبين في الدم عن المستوى الطبيعي. وهذا قد يتسبب بمشاكل صحية أكبر للأطفال.
فنقص الحديد يسبب هبوطاً في مستوى الهيموغلوبين، وعلاجه بسيط، ولا يؤثّر كثيراً على صحة الطفل، ولكن إذا طالت فترة إصابة الطفل بنقص الحديد، فإن ذلك قد يؤثر على قدراته العقلية والذهنية، ويؤّثر كذلك على نشاطه ونموّه. فالحديد مهم لتكوين الهيموغلوبين، والهيموغلوبين مهم لأشياء كثيرة في الجسم، كنمو الطفل ونشاطه وقدراته الذهنية والعقلية.
كيف أعرف أن ابني مصاب بفقر الدم:
أكثر وأهم العلامات التي قد تظهر على الطفل المصاب بمرض فقر الدم الذي يسببه نقص الحديد، هو الشحوب وضعف النمو، وقلة الرضاعة، والخمول وقلة الحركة.
وعلى الأم التي تلاحظ هذه العلامات في طفلها، أن تلجأ لإجراء فحص الدم العادي، والذي يدعى سي بي سي، والذي يمكن أن يبيّن لدينا كمية الهيموغلوبين في الدم.
فإذا كانت نتيجة الفحص تشير إلى وجود نقص في مادة الهيموغلوبين، فوقتها يجب إجراء فحوصات أخرى، لمعرفة سبب نقص هذه المادة، هل هو نقص حديد، أم مرض وراثي، أم الثلاسيميا.
العلاج:
يتمثل علاج الأطفال المصابين بفقر الدم، بإعطاء الطفل المريض الحديد، والذي يؤخذ على شكل شراب، أو حبوب، أو أنواع أخرى.. هذا بالإضافة إلى ضرورة تناوله أغذية متنوعة بكميات جيدة ومناسبة لعمره، تحتوي على نسبة جيدة من الحديد. وهذا العلاج يجب أن يستمر لفترة من شهر ولغاية 3 أشهر.. والأفضل أن يستمر لمدة 3 أشهر.
بالنسبة لطعام الطفل، يجب أن لا يقتصر بعد سن العمر سنوات. بل يجب أن يكون له طعان متنوع، ويجب أن يعطى أنواع من الأغذية غنية بالحديد، أو فيها كميات كافية من الحديد. وإجمالاً، فإن أي طفل يأكل أنواع متعددة من الأغذية، من المفروض أن لا يصبح لديه نقص حديد.
|