إن وقت رمي الجمار أيام التشريق من زوال الشمس إلى غروبها، لما رواه مسلم في صحيحه أن جابراً رضي الله عنه قال: ((رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر ضحى ورمى بعد ذلك بعد الزوال))، وما رواه البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سئل عن ذلك فقال: ((كنا نتحين، فإذا زالت الشمس رمينا)). وعليه جمهور العلماء، ولكن إذا اضطر إلى الرمي ليلاً فلا بأس بذلك، ولكن الأحوط الرمي قبل الغروب لمن قدر على ذلك، أخذاً بالسنة وخروجاً من الخلاف، وأما الحديث الصحيح الذي رواه البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل يوم النحر بمنى فيقول: ((لا حرج))، فسأله رجل حلقت قبل أن أذبح؟ قال: ((اذبح ولا حرج))، فقال: رميت بعدما أمسيت، فقال: ((لا حرج)). فهذا ليس دليلاً على الرمي بالليل؛ لأن السائل سأل النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر فقوله: (بعدما أمسيت) أي بعد الزوال، ولكن يستدل على الرمي بالليل بأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم نص صريح يدل على عدم جواز الرمي بالليل، والأصل جوازه، لكنه في النهار أفضل وأحوط، ومتى دعت الحاجة إليه ليلاً فلا بأس به في رمي اليوم الذي غابت شمسه إلى آخر الليل. أما اليوم المستقبل فلا يرمى عنه في الليلة السابقة له ما عدا ليلة النحر في حق الضعفة في النصف الأخير، أما الأقوياء فالسنة لهم أن يكون رميهم جمرة العقبة بعد طلوع الشمس، كما تقدم في الأحاديث الواردة في ذلك. والله أعلم.
رواه البخاري معلقا في (الحج) باب رمي الجمار، ومسلم في (الحج) باب بيان وقت استحباب الرمي برقم 1299
رواه البخاري في (الحج) باب رمي الجمار برقم 1746.
رواه البخاري في (العلم) باب الفتيا وهو واقف على الدابة وغيرها برقم 83، ومسلم في (الحج) باب من حلق قبل النحر أو نحر قبل الرمي برقم 1306.