إذا وضعت الملابس التي احتلمت فيها وفيها المني، ووضعتها في صحن كبير أو في الغسالة للغسيل، وأثناء عملية الغسيل تقع علي وعلى ثيابي بعض القطرات من هذا الماء، فهل أتنجس أنا وثيابي، وهل غسلة واحدة تكفي، وما مقدار القلتين؟
اعلم يا أخي أن المني طاهر ليس بنجس فإذا وضعت الثوب الذي فيه المني في صحن كبير أو في غيره وطار منه ما الغسل الرشاش لا يضرك وليس بنجس، المني أصله، هو أصل الإنسان وهو طاهر، وكانت عائشة رضي الله عنها ربما حكته من ثوب النبي - صلى الله عليه وسلم - من دون غسل، ولو كان نجساً لاحتاج إلى غسل فالمقصود أن الصحيح أنه طاهر فقط، وليس بنجس، فلا يضر ما يقع من رشاش في غسله، وكذلك الماء الذي لا تعرف نجاسته، الأصل فيه الطهارة، هذا هو الأصل، في جميع المياه الطهارة إلا ما عرفت نجاسته، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (إن الماء طهور لا ينجسه شيء)، والقلتان، فسرت القلتان بأنهما خمس قرب تقريباً وقيل أن القلتان كل واحدة بقدر ما يقله الرجل المعتدل الخلقة فهما قريب من خمس قرب تقريباً، فهذا عند ...من أهل العلم في القلتين، واختلف العلماء هل القلتان وما يقاربهما ينجسان بمجرد الملاقاة أو لا بد من التغير، والصواب أن الماء لا ينجس إلا بالتغير، هذا الذي عليه المحققون من أهل العلم، لا ينجس الماء إلا بالتغير، إذا تغير طعمه أو لونه أو ريحه من النجاسة فيتنجس، وإلا فلا يتنجس لمجرد الملاقاة لنجاسةٍ قليلة التي لا تؤثر فيه شيئاً ولو كان أقل من القلتين، اللهم إلا ما كان قليلاً عرفاً كالذي يقع في الأواني المعتادة فهذا ينبغي أن يراق، إذا وقعت فيه نجاسة ولم تغيره، لأن البني - صلى الله عليه وسلم - أمر أن يراق ما ولغ فيه الكلب من الأواني فهذا وأمثاله يدل على أن الإناء المعتاد إذا وقع فيه نجاسة قليلة، يعني لا تغير لونه ولا ريحه ولا طعمه أنه يراق، كما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بإراقة الإناء الذي ولغ فيه الكلب لأنه في الغالب يتأثر إذا وقع فيه وإن لم يظهر فيه أثر التغير مثل الريح أو اللون أو الطعم، لكن في الغالب أن الإناء الصغير يتغير، أما ما كان كبيراً كما يقارب القلتين أو قريب من ذلك هذا لا ينجس إلا بالتغير، لكن إذا ترك ذلك من باب الاحتياط كونه ........ ترك استعمال ما وقع فيه نجاسة لم تغيره وهو أقل من القلتين هذا من باب الاحتياط ومن باب الورع، ومن باب: (دع ما يريبك إلا ما لا يريبك)، فالحاصل أن هذا، أن القلتين وهما خمس قرب تقريباً عند أهل العلم لا تنجس إلا بالتغير، وما كان أقل من القلتين ينجس بملاقاة عند جمعٍ من أهل العلم، والصواب أن الجميع لا ينجس إلا بالتغير، بالطعم أو اللون أو الريح، إذا لم يتغير فهو باقي على طهوريته، اللهم إلا الشيء القليل الذي يكون في الأواني فهذا إن وقعت فيه نجاسة وإن لم تغيره فالأولى إراقته عملاً بالحديث الصحيح الذي فيه أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بإراقة الإناء الذي ولغ في الكلب وقد خرجه مسلم في الصحيح.