عندما كنت أسمع أي أذان أدعو الله وأطلبه وأؤدي الصلوات الخمس تقريباً جماعة، وبعد صلاة الفرض كنت أدعو لمدة عشر دقائق، ثم أقوم لأكمل صلاة السنة، ولكن عندما فتحت المدرسة لم أستطع أن أستمر على ذلك، فقد كنت عندما أسمع صوت الأذان منهمك في حفظ أو قراءة ما، ولا أقدر أن أترك ما في يدي وأدعو الله، كما أنني بعد صلاة الفرض لم أكن أدعو بل أصلي صلاة السنة المباشرة، فهل أنا معاقب على ذلك أم لا؟
السنة للمؤمن إذا سمع الأذان أن يجيب المؤذن، وأن يقول كما يقول المؤذن كما أمر به النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال عليه الصلاة والسلام: (إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا عليّ، فإنه من صلى عليه واحدةً صلى الله عليه بها عشراً، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة)، فالسنة لك يا أخي، ولغيرك ممن يسمع الأذان أن يجيب المؤذن بمثل قوله، فإذا قال المؤذن: الله أكبر الله أكبر يقول مثل ذلك، وإذا قال: أشهد أن لا إله إلا الله يقول مثله، وإذا قال: أشهد أن محمداً رسول الله يقول مثله، ويقول عند الشهادتين: رضيت بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبحمد رسولاً – عليه الصلاة والسلام – وإذا قال المؤذن حي على الصلاة حي على الفلاح يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله عند كل كلمة، كما بينه النبي عليه الصلاة والسلام، فإذا قال: الله أكبر الله أكبر قال مثله، فإذا قال: لا إله إلا الله قال مثله، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-في مثل هذا (أنه إذا قال هذه الكلمات من داخل قلبه دخل الجنة)، وهذا فضل عظيم، فينبغي لك أن لا تفرط في هذا الخير، من سمع النداء يقول مثل المؤذن، سواء كان السامع رجلاً أو امرأة، السنة للجميع إجابة المؤذن بمثل قوله، إلا في الحيعلتين فيقول لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم بعد الفراغ يصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم-ثم يقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمد الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته، هكذا جاء الحديث. وفي حديث عمر -رضي الله عنه- عند مسلم أن من قالها من قلبه دخل الجنة، هذا فضل عظيم في إجابة المؤذن، ويقول عند الشهادتين، إذا قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله؛ يقول عند ذلك: رضيت بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبحمد رسولاً -عليه الصلاة والسلام- جاء في الحديث في هذا المقام عند سعد بن أبي وقاص أن النبي -صلى الله عليه وسلم-قال في مثل هذا حين يسمع الشهادة: رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً وبحمد رسولاً، قال: غفر له ذنبه، هذا يدل على فضل هذه الكلمات عند إجابة المؤذن في الشهادتين يقول عند ذلك: رضيت بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبحمد رسولاً، وأن هذا من أسباب المغفرة. أما الدعاء فيستحب الدعاء، فيدعو بين الأذان والإقامة، جاء في الحديث أن (الدعاء بين الأذان والإقامة لا يرد)، فيستحب للمؤمن أن يكثر الدعاء بين الأذان والإقامة، وأنت يا أخي أيها السائل إذا سمعت الأذان فينبغي لك أن تهتم بالإجابة، وأن تذهب بعد ذلك إلى المسجد، وأن تدع الشغل الذي في يدك إلى ما بعد الصلاة، تذهب إلى الصلاة، وتصلي ما شرع الله لك بعد الأذان، وتستعد لأداء الفريضة، والصلاة قبل الفريضة سنة قد تكون راتبة، مثل سنة الظهر أربعاً قبل الصلاة، وقد تكون نافلة ما استطعت مثل أربعاً قبل العصر، ثنتين بعد المغرب، ثنتين قبل العشاء، هذه مستحبة وليست رواتب ثم تصلي بعد الفرائض ثنتين بعد الظهر وإن صليت أربعاً فهو أفضل، ثنتين بعد المغرب وثنتين بعد العشاء، ثنتين قبل صلاة الصبح، هذه كلها رواتب تفعلها بعد الصلوات ولكن بعد الذكر، بعض الناس إذا سلم قام يؤديها حالاً، وهذا خلاف السنة، بل الأفضل والسنة أنه بعدما يسلم يقول: استغفر الله ثلاث مرات، ثم يقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام، ثم يدعو الله، يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. ثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه يأتي بهذا الذكر بعد الصلوات الخمس، هذه الأذكار ثبتت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه يأتي بهذا الذكر بعد الصلوات الخمس، أما الاستغفار ثلاثاً، واللهم أنت السلام... الخ، هذا ثبت في حديث ثوبان عند مسلم، وأما الأذكار الأخرى التي سمعت فقد ثبتت بعضها من حديث الغيرة في الصحيحين، وبعضها من حديث عبد الله بن الزبير عند مسلم فينبغي للمصلي أن لا يدعها، رجلاً كان أو امرأة، وأنا أعيدها بعد الفرائض الخمس إذا سلم الإمام المنفرد والمأموم، يقول كل واحد: أستغفر الله ثلاثا، اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام، هذا يقوله الإمام والمأموم والمنفرد بعد السلام، ثم ينصرف الإمام للناس بعد ذلك، يعطيهم وجهه، ثم يقول كل واحد بعد ذلك: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء ٍ قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد، ومعنى ذلك: لا ينفع ذا الغنى والحظ منك غناه وحظه؛ بل الكل فقراء إلى الله سبحانه وتعالى، كلهم فقراء إلى الله فلا مانع لما أعطى الله ولا معطي لما منع الله، ولا ينفع ذا الغنى غناه، بل الكل فقراء إلى الله -عز وجل-ثم بعد هذا يسبح الله ثلاثاً وثلاثين، يحمد الله ثلاثاً وثلاثين، يكبر الله ثلاثاً وثلاثين، سبحان الله والحمد لله والله أكبر، ثلاثاً وثلاثين مرة، ثم يقول في تمام المئة:لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير، وهذا مستحب، قبل أن يأتي بالدعوات التي أشار إليها السائل، ثم يقرأ آية الكرسي: الله لا إله إلا هو الحي القيوم، هذا أفضل إلى قوله: ولا يؤده حفظهما وهو العلي العظيم، هذه آية الكرسي، ثم يقرأ قل هو الله أحد، والمعوذتين بعد كل صلاة، الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، هذا أفضل، وفي المغرب يكررها ثلاث، قل الله أحد والمعوذتين يكررها ثلاث في المغرب والفجر، يكرر قل هو الله أحد والمعوذتين ثلاث مرات، هذا هو الأفضل، وإن قام ولم يأتِ بهذا فلا حرج عليه، لكن هذا هو الأفضل، وإن دعا بعد هذا، بينه وبين ربه خاصة من دون رفع يديه، بينه وبين ربه من دون رفع يديه، سراً بينه وبين ربه فلا بأس إذا دعا بعد هذا الذكر، أما من حين يسلم يدعو أو يرفع يديه هذا لا أصل له، ولكنه يسلم ويستغفر بالذكر الشرعي، فإذا دعا بعد ذلك بينه وبين نفسه وبين ربه من دون رفع يدين فلا بأس في ذلك، ولا حرج في ذلك، وإن ترك هذا وقام ولم يجلس للدعاء ولم يأت بالذكر جاز ذلك، لكن ترك الأفضل، السنة أن يأتي بهذه الأذكار بعد كل فريضة تأسياً بالنبي عليه الصلاة والسلام، وهذه مهمة ينبغي للمؤمن أن يلاحظها، أنا شاهدت بعض الناس ولا سيما في المسجد الحرام ومسجد النبي عليه الصلاة والسلام، بعض الناس إذا سلم نهض في الحال يصلي الراتبة، وهذا خلاف السنة، بل السنة أن يبقى يذكر الله ويأتي بهذه الأذكار ثم بعد هذا يقوم ويأتي بالسنة بعد ذلك، لا يعجل، ينبغي أن يفهم هذا جيداً، وينبغي لمن سمع هذا الدرس أن يبلغه غيره، أرجو من إخواني السامع لهذا الدرس أن يبلغ كل واحد غيره هذه الفائدة؛ لأن هذا من باب التعاون على البر والتقوى ومن باب التواصي بالحق والصبر عليه، ومن باب الدعوة إلى الله عز وجل، رزق الله الجميع التوفيق والهداية.