بتـــــاريخ : 2/18/2009 5:58:07 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 780 0


    تزكية القلوب وإصلاحها

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : د. معاذ حوا | المصدر : www.yaqin.net

    كلمات مفتاحية  :
    تزكية القلوب وإصلاحها

    القلب عليه مدار الخير أو الشر في نفس الإنسان، قال صلى الله عليه وسلم : « ألا وإن في الجسد مضغةً إذا صلحتْ صلحَ الجسدُ كلُّه، وإذا فسدتْ فسدَ الجسد كله، ألا وهي القلب » أخرجه البخاري ومسلم.

    البيئة التي تهيئ للقلب الظرف الأنسب لتزكية النفس وهي:
    التذكُّر ووسائله
    - مهما حاول الإنسان أن يزكي نفسه وقلبه؛ فإن سيره في تزكية النفس يبقى ضعيفاً، ما لم تتهيأ له البيئة المناسبة للبعد عن المعاصي وأسبابها، والبيئة المناسبة لإقامة الطاعات والتقرب إلى الله.
    - وأهم أمر يرجع إليه تزكية القلب وبه تتهيأُ البيئة المناسبة لتزكية القلب وتطهيره؛ هو التذكر.
    فبعد معرفة الإنسان للحقائق الكبرى والعقائد السليمة التي يعرف بها الإنسان ربه وصفاته، ويعرف نفسه وعبوديته، ويعرف بها الرسالة التي طلبت منه، والرسول الذي جاء بها، ويعرف بها الآخرة التي يسير إليها، ونحو ذلك من الحقائق المهمة والتي يترتب عليها مسار حياة الإنسان، بعد معرفة هذه الأمور؛ لا بد أن يتذكرها المسلم، وأن تكون حاضرة في قلبه حتى تُوجِد تعلُّقاً نفسياً صحيحاً، وتوجهاً قلبياً سليماً، وتدفع إلى عمل صحيح.
    لذلك أَمَرَنا الله تعالى بالتذكر وعنَّف الذي لا يتذكرون، في مثل قوله: { أَفَلا تَذَكَّرُونَ } [الصافات: 155]، { وَإِذَا ذُكِّرُوا لا يَذْكُرُونَ } [الصافات: 13].

    ومدح الله تعالى أهل التذكر وبين أن التذكر لا يكون ذلك إلا من أهل العقول والقلوب وأهل الإنابة والرجوع إلى الحق: { وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ } [البقرة: 269]، { وما يتذكر إلا من ينيب }.

    وأمر الله أنبياءه صلوات الله عليهم وسلامه أن يكون مذكرين للناس، قال تعالى لنبينا صلى الله عليه وسلم: { وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ } [الذاريات: 55]، كما أمر موسى عليه الصلاة والسلام أن يكون مذكراً لقومه بآيات الله تعالى الدالة على رحمته وإحسانه وآياته الدالة على قدرته وقوته ونقمته: { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآياتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ } [إبراهيم: 5].

    وكما أَمَرَنا الله بالتذكر ويقظة الفكر والقلب؛ نهانا عن ضده وهو الغفلة، وبين لنا أن مشكلة أكثر الناس في الغفلة، وحُذِّرنا من فسادها ونتائجها الخطيرة، في مثل قوله تعالى: { وَلا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ } [الأعراف: 205]، { وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ } [يونس: 92]، { إِنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ * أُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } [يونس: 7-8].

    الوسائل المعينة على التذكر:
    لقد شرع الله تعالى وسائل عمليةً كثيرةً تعين على التذكُّر، وأهمها: قراءة القرآن، والذكر، والتفكر، وصحبة الصالحين والشيوخ المربين الصادقين، وإقامة العبادات وعمل الجوارح بها، وفيما يأتي بيان ارتباط هذه الأمور بالتذكر، وبيان كونها أسباباً له:
    1) قراءة القرآن الكريم:
    قراءة القرآن مع التدبر لما فيه من حقائق ومواعظ وتنبيهات وتذكيرات، قال سبحانه وتعالى : { أَوَ لَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } [العنكبوت: 51] { كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ } [الأعراف: 2] { وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } [الزمر: 27]، { سورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } [النور: 1].

    2) ذكر الله تعالى:
    ذكر الله مع الحضور، واستحضار صفاته، وتعظيم جلاله، ورؤية فضله: { وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً } [الفرقان: 62]، فالأوقات في الليل والنهار خلقها الله تعالى يخلف بعضها بعضاً لتكون محلاً للتذكر ولشكر الله سبحانه.

    3) التفكُّر:
    إن إعمال العقل في التفكر في فعل الله وخلقه، وما يؤدي إلى معرفة صفاته، والله تعالى نبهنا في آيات كثيرة إلى أن المخلوقات والتفكر فيها أسباب للتذكر، في مثل قوله: { وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ } [النحل: 13]، { وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلا تَذَكَّرُونَ } [الواقعة: 62].

    4) صحبة الشيوخ والصالحين والصادقين:
    قال تعالى: { الرحمن فاسأل به خبيراً } فالعارف الخبير بالله تسأله فيعرفك عن الله تعالى ويذكرك به وبصفاته وأفعاله، وتسمع مواعظه ودروسه فيوصل إليك ما أراد الله أن يوصله إليك مما أوحى به على أنبيائه: { وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } [القصص: 51].

    ومن واجب الشيوخ المُرَبِّين أن لا يَكُفُّوا عن تذكير الناس، عسى أن ينتفعوا: { وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى * أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى } [عبس: 3-4].

    وإذا كان من واجب أستاذ العقيدة أن يوصل الحقائق والعقائد، فأستاذ التزكية يُذَكِّر بها أيضاً، وإذا كان من واجب أستاذ الفقه أن يوصل أحكام الأعمال، فأستاذ التزكية يُذَكِّر بوجوب تعلُّمها والعمل بها أيضاً، كما أن من واجب أستاذ التزكية أن يحرك القلوب ويدفعها إلى العمل بمقتضى العقائد والحقائق، كأن يذكرهم بأن إيمانهم بأن الله رقيب سميع بصير يقتضي وجود المراقبة ودوامها في قلب المسلم، ومن واجب أستاذ التزكية أن يدفع النفوس ويُرَغِّبها ويحثها على العمل بأحكام الله وأوامره ويبين لها أجر ذلك وفضيلته وكرامته وحلاوته، فأكثر عمل الشيخ المربي المزكي ترجع إلى القلب والتأثير عليه.

    5) أعمال العبادات:
    إن جميع العبادات التي يؤديها الجسد تذكِّر القلب بمعاني إيمانية، فكل عبادة ظاهرة وكل عمل جسدي شُرِع ليغذِّي معاني قلبية وليذكر بها، فالسجود - مثلاً - يذكر بعظمة الله ويذكِّر بذلة العبد له، والزكاة تذكِّر بهوان الدنيا وإخراجها من القلب والتصدق بها لأجل الله، وتذكر برقة القلب وحبه الإحسان إلى المسلمين الضعفاء، والصيام يذكِّر بفقر الإنسان وحاجته واضطراره إلى الطعام والشراب الذي خلقه الله، ويذكره بأنه ضعيف محتاج إلى نعم الله، ويذكِّر الصيام بوجوب التجرد عن شهوات النفس، ويُذَكِّرُ الجهاد بأن النفس والمال لله، فإذا طلبهما الله من عبده بَذَلَهما له وهو راضٍ مستسلم، ويُذَكِّر الحج بالشكر لله تعالى على نعمة الأنعام، كما يفتح الحج مجالاً واسعاً من الوقت للذكر وللتذلل لله تعالى والإقبال عليه.

    فهذه العبادات وغيرها هي ظروف ومحلّات لِنُدْخِل التذكر من خلالها، فنتذكر الحقائق والعقائد، ونَخرُج بها عن الغفلة والنسيان، فكلّما كثرت العبادات كلّما كثر التذكر وظهرت آثاره في انتباه القلب وحضورِ المعاني التي بها توجَد الأحوال والمقامات والصفات القلبية السليمة، كالشكر والصبر والخوف والرجاء والإخلاص والتوكل والأنس والحب وغير ذلك.

    وكلما قلَّت العبادات كلما قَلَّ التذكر وزادت الغفلة، فتظهر أمراض القلوب والمعاني التي بها توجد الصفات القلبية المذمومة، كالرياء، وجحود النعمة، والتذمر من البلاء ومن الواجبات، والتكبر، والتعلق بالدنيا وبالأسباب، وغير ذلك.

    وتنبيهاً إلى ما في العبادات من تذكر وذكر قال تعالى: { وأقم الصلاة لذكري } ، وقال: { وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ } [الزخرف: 36] وقال: { وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ أَعْمَى } [طه: 124]، فسمى أحكامه والقيام بما أَمَر به ذكراً، لما فيه من تذكير بالله وبما يجب تجاهه.

    منهج السير القلبي للوصول إلى الأحوال القلبية السليمة
    حتى يكون حال الإنسان سليماً فلا بد أن يقوم القلب بواجباته، وواجبات القلب تتلخص في أنه يجب أن يكون فيه رغبة في الخير وميل إليه وحب للحق، ونقصد بالحق العقائد السليمة التي يدرك العقل صوابها وصحتها، فإذا وجدت الرغبة والميل السليم الموافق للحق؛ فقد توجه القلب وجهته الصحيحة.
    وحتى لو لم يكن يعرف الحق، فإن رغبته بالحق والخير تدفعُه إلى معرفة الحق والبحث عنه.
    ثم لا يكفي أن يعرف الحق ويميل إليه، ثم يتركه، بل لا بد أن تكون إرادة القلب متوجهة إلى العمل بهذا الحق والخير، والسعي إليه، فتوجد الإرادة الدافعة إلى قبول هذا الحق ثم العمل به.
    ثم إذا وجد في نفسه معارضة للحق، فلا بد أن يُجبِر نفسه ويخالف نفسه، ويحملها على الحق ويرها إليه.
    ثم لا بد من معالجة الأمراض القلبية والنفسية التي تمنع هذا القلب من الرغبة الصحيحة والإرادة الصحيحة.
    فتتلخص واجبات القلب في هذه الأمور الأربعة: رغبة قلبية صحيحة، وإرادة قلبية صحيحة، ومجاهدة مثمرة، ومعالجة للأمراض القلبية، فإذا فعل الإنسان ذلك وجدت الصفات السليمة في القلب، وكانت أعمال القلب سليمة صحيحة.

    ومن جمع هذه الأمور فقد صَدَق التوجُّه إلى الله، ومن توجه بصدق إلى طلب الخير والحق؛ هداه الله، فحبب إليه الخير والحق والإيمان، إذ لا يملك هذه الهداية والتحبيب إلا من بيده القلوب: { وَلَكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ } [الحجرات: 7].

    1) رغبة صحيحة
    كل إنسان يملك قلباً، وهذا القلب تجول فيه الخواطر والأفكار والأحاديث والهواجس في كل لحظة، كما أن هذا القلب تقتحمه الإلهامات والوساوس دائماً، وكل شيء يمكن أن يخطر في هذا القلب، الخير والشر، والحق والباطل، ووظيفة الإنسان أن يتوجه في قلبه إلى خاطر الخير فيرغب فيه ويقرَّه، ويُبغض في نفسه وقلبه خاطر الشر، وينفر منه وينكره.

    ويستطيع الإنسان أن يجعل كل خواطره في الخير والحق؛ بأن يشغل نفسه وفكره وقلبه بالعبادات التي ذكرناها أنها معينة على التذكر، فيتكلف الإنسان من خلال الحضورِ والخشوع والتدبر والانتباه والتركيز الذهني؛ أن َيشْغَل قلبه بتذكُّر عقائده، التي هي الحقائق المهمة في هذا الوجود.

    وبتذكرها يعمق ميله القلبي إلى الحق والخير، وهذا الميل القلبي إلى الحق والخير لا يمكن أن يوجد إلا نتيجة قناعة عقلية بالحق، وقناعة بالمصلحة والمنفعة المترتبة عليه، والكره القلبي للباطل والشر يوجَد نتيجة القناعة بالمفاسد والأضرار المترتبة عليها.

    فالعمل القلبي الأول أن يحب الخير والحق، ويرغب به ويميل في عاطفته إلى ما جاءه من عند الله لأنه هو الخير والحق، فإذا جاءه خاطر خير، أحبه ورغب فيه، وإذا جاءه خاطر شر رفضه وأنكره وكرهه ولم يسترسل معه، وقد أشار الله تعالى إلى ذلك القلب الذي صحت رغبته في قوله عن بعض عباده الذين تابوا ورجعوا إليه فصححوا رغبتهم فعبروا عن ذلك بقولهم: { إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ } [القلم: 32]، { إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ } [التوبة: 59] أي طالبون الحق والخير الذي عنده، وهذا إبراهيم عليه الصلاة والسلام لما رغب في الحق الذي جاء من الله زهد فيما سواه من الباطل وكرهه ورغب عنه، { قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيّاً } [مريم: 46].

    وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذين النوعين من القلوب في قوله عن الفتن التي تعرض على القلوب وهي خواطر الشر: « تعرض الفتن على القلوب عوداً عوداً كالحصير، فأي قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء » رواه مسلم.

    كما أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن الناس على صنفين؛ راغبٍ في الحق والخير، وراغبٍ في الباطل والشر، في قوله الذي ذكر فيه أنه يقال في رمضان: « يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر » أخرجه ابن خزيمة وحسنه بعض العلماء، فباغي الخير أي طالبه والراغب فيه والمحب له، وباغي الشر طالبه الراغب فيه المحب له.

    - إن حصول القناعة التي ذكرناها يُوجِدُ رجوعاً وإنابة في قلب الإنسان إلى الله وأحكامه، وهذه الإنابة هي التي تُوَلِّدُ الرغبة والخواطر التي أشرنا إليها، فتجعل قلب الإنسان مهتماً بالخير والحق، فيصير القلب في حالة يقظة وتَذَكُّر، وقد نبه الله تعالى إلى ارتباط هذين الأمرين بقوله: { وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ } [غافر: 13]، فالذي لم يرجع إلى الله لن يتذكر ولن يستيقظ، والذي يشغل خواطره بغير الله؛ فهو غافل عن الله منشغل بسواه.

    - وإنما يكون الميل القلبي صحيحاً وتكون الرغبة القلبية صحيحة حينما توافق العلم والحق، فيأخذ القلب ما توصل إليه العقل من حقائق، فإذا لم يكن في القلب مرض يحرف وجهته ويمنع قبوله للحق؛ فالطبيعي أن تنشأ رغبة صحيحة في القلب بناءً على معارف العقل الصحيحة. تجد دليل ذلك في قوله تعالى: { وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ } [البقرة: 130]، فمن يرغب في الحق يكون عاقلاً راشداً، ومن يرغب عنه - فتكون رغبته في سواه من الباطل - فهو سفيه لا يستعمل عقله ولا يهتدي إلى رشده، كما بينت الآية.

    إن العقل يستطيع أن يعرف الحق والخير، ويستطيع أن يميزه عن الشر والباطل، فإذا صار القلب يطلب الحق والخير الذي عرفه العقل فذلك هو الصلاح، وذلك هو القلب العاقل { فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا } [الحج: 46].

    وبهذه الموافقة القلبية للعقل يتحقق الإنسان بحقيقة الإيمان، قال صلى الله عليه وسلم: « لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به » رواه النووي وقال: رويناه بإسناد صحيح.

    والقلب الذي يخالف العقل والحقائق العلمية ويبنى عواطفه وميوله وأهواءه على أساس آخر، فقد انحرف وفسد. لذلك جاء الخطاب للكافرين { أفلا تعقلون } ليردهم إلى العقل وإلى ما يدركه العقل من المعلومات الحقة.

    - ولما كان الحق المطلق هو عند الله، فهو الأعلم بالحق والخير، فلا بد لمن يرغب في الخير أن يرجع إلى الله في طلب الهداية والحق والخير، فلا تكتفِ أيها الصادق بطلب العلم واتخاذ الأسباب من استعمال العقل والتفهم والدراسة التي تستطيع تحصيلها، بل اْلْجَأْ إلى الله العليم الخبير وتوجه إليه، فهو الذي { يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء }، فاطلب الهداية منه إلى الحق والصواب من العلم والفهم، فقد وعد بالهداية من يسأله إياها، كما جاء في الحديث الصحيح القدسي: « فاستهدوني أهْدِكم » أخرجه البخاري.

    فمن توجه بصدق إلى طلب الخير والحق؛ هداه الله، فحبب إليه الخير والحق والإيمان، إذ لا يملك هذه الهداية والتحبيب إلا من بيده القلوب: { وَلَكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ } [الحجرات: 7].

    ومن كانت عنده رغبة قلبية ترجع إلى قناعة عقلية؛ فهو مؤهل لتنمية هذه الرغبة، ويمكن أن تؤثر فيه المواعظ وقراءة القرآن أكثر من غيره، فالأساس العظيم الذي يمكن أن يحركه نحو تزكية نفسه ونحو موافقة الحق موجود، فيحتاج إلى تثبيت وتأكيد وتحريك من خلال التذكير والتنبيه.

    - ولا ينبغي أن يكتفي الإنسان بتوجيه الخواطر التي تخطر في باله توجيهاً صحيحاً، بل لا بد أن يستحضر في خاطره وقلبه الخواطر الصحيحة ويتكلف ذلك ويذكر به نفسه، مع الاستعانة بأسباب التذكير التي ذكرناها سابقاً، فإن الخواطر لا تنفك عن الإنسان كما قال صلى الله عليه وسلم : « تعرض الفتن على القلوب عوداً عوداً كالحصير » فقوله: « عَوداً عَوداً » أي مرة بعد مرة، أو تُقرَأُ : « عُوداً عُوداً » فالخواطر كأعواد الحصير، لا فراغ بينها، فيأتي الخاطر تلو الخاطر، فإن لم تأت أنت بخاطر من عندك كما تريد وكما يريد الله منك؛ جاءك الخاطر من الشيطان أو من شهوات النفس، فعليك أن تبادر بالخاطر الصالح قبل أن يهجِم عليك الخاطر السيء، الذي يشغلك بما لا تريد، وبما لا ينفعك، وتستطيع أن تصنع الخاطر السليم الصالح من خلال شغل نفسك بالعبادات التي تذكرك بالله وصفاته والحقائق المتعلقة بذلك.
    2) إرادة صحيحة
    أول تزكية القلب أن يكون القلب راغباً في الخير والحق، وهذه الرغبة هي التي تُوجِد الإرادة السليمة، فكلما حدَّث الإنسان نفسه بالخير وكلما عمَّق في نفسه حُسْن الخير وجمال الحق، وكلما ذكَّر نفسه بذلك؛ كلما حَمَله ذلك على الإصرار على الخير، فتتولد الإرادة والإصرار على الخير نتيجة كثرة التحديث بالحق والتذكر له، مع الميل إليه والشعور بحُسْنِه وخَيره، ومن أراد شيئاً سليماً فهو صاحب نية سليمة، فإذا تمسك بنيته وأصر عليها فهو صاحب عزيمة، صادقٌ في رغبته في الخير، صَدَّقَ رغبته بأن بنى عليها فأتبعها بإرادة صحيحة ونية عازمة صادقة لا تردد فيها، ثم يصدِّق نيته الصادقة العازمة بعمله وِفْقَها، فلا يترك العمل إلا إذا حيل بينه وبينه لأمر قاهر.

    ولا يزال الإنسان يتذكر الخير والحق، ويتذكر مصالحه ومنافعه، حتى تقوى الإرادة ويوجد القرار بالسعي لها والعمل على ضوئها، فقناعته العقلية بالحق هي إيمانه، توجِد رغبته ونيته الصحيحة المتوافقة مع العقل والعلم والاعتقاد الحق، وهي إرادته القلبية، وإرادته القلبية تدفعه إلى السعي فيحصل العمل الجسدي بما أمر الله، وبهذا تتكامل تزكية الإنسان، وقد ذكر الله تعالى هذه الأمور معاً في قوله: { ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكوراً }، وبالجمع بين هذه الأمور يكون قد أدى حق الله فكان شاكراً لفضل الله وإحسانه وعطائه.

    والإرادة القلبية المطلوبة ترافق كل شيء في حياة الإنسان، فينبغي أن لا يوجد عمل أو قول؛ إلا ومعه إرادة قلبية في أن يكون موافقاً للحق، وإلا أن يكون متوجهاً إلى الله بذلك العمل، فيصير حاله كما قال الله تعالى: { قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } [الأنعام: 162]، فالله هو المراد المقصود بكل عمل وفعل وقول وعبادة وفي كل ما يكون في الحياة، وهذا وصف المؤمنين بحق، الذين أطاعوا الله في كل وقت، وجعلوا قلوبهم مريدة رضا الله ووجهه وجنته، قال تعالى: { وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ } [الأنعام: 52]، طلبوا رضوان الله وبحثوا عنه في كل شيء وفي كل وقت: { أفمن اتبع رضوان الله }.

    ومما سبق تدرك أن الإرادة القلبية تكون في أمرين: إرادة فعل الخير والحق، ثم قصد وجه الله بهذا الخير والحق، وعدم إرادة غيره أو قصد إرضاء غيره في أي فعل.

    فصاحب هذه الإرادة يكون كل تَوَجُّهِه هجرة إلى الله ورسوله: « فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله »أخرجه البخاري ومسلم، ويكون بذلك مقبلاً على الله إقبالاً قوياً كأنما هو هاربٌ فارٌّ من غيره: { فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ } [الذاريات: 50]، وذكر الله قول إبراهيم عليه الصلاة والسلام فقال: { وَقَالَ: إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } [العنكبوت: 26].

    واعلم أن الذي تحقق بالإرادة القلبية الصحيحة، فأراد أن تكون حياته وأعماله كلُّها لله وموافقة للحق؛ فإنه سيكون في كل عمل يعمله حاضر النية لله وموافقاً به شرع الله، وتكون نيته في كل عمل تلقائية جاهزة لا يحتاج إلى تكلف فيها، فمن تحقق بالإرادة القلبية الصحيحة لا يجد صعوبة في استحضار الإخلاص لله في كل عمل، كما لا يجد صعوبة في الاستقامة على أمر الله.

    فالإرادة نية عامة صادقة شاملة لكل الأقوال والأعمال القلبية والجسدية، تصير بها نية كل عمل بمفرده خالصة صادقة.

    واعلم أن أصل التزكية نابع من باطن الإنسان من عقله وقلبه، فأي تزكية في ظاهر الأمر إذا لم تكن نابعة من رغبة الإنسان الباطنية في الصلاح والخير والحق ونبذ الباطل والشر والسوء؛ فليست تزكية، وإنما هي صورةُ تزكيةٍ لا تنفع صاحبها، فمن كانت أعماله موافقة للشرع أو كانت أخلاقه في الظاهر جميلة؛ لكنه لم يكن يريد بها الله، فهي لا تنفعه عند الله، ولا تنجيه في الآخرة.

    وإذا ظن الإنسان أن عنده حالاً قلبياً وعقلياً يُرَغِّبُه بالحق والخير، ويدفعه إليهما؛ ولم تظهر ثمرة ذلك على ظاهر الإنسان وعمله وأقواله؛ فذلك دليل على عدم الصدق في باطنه، فلا يعتبر من أهل التزكية إلا بقدر الصدق في تلك النية والرغبة التي في داخله وباطنه، ومن منعه مانع قاهر من العمل الظاهر لكنه كان صادقاً في باطنه فهو من أهل التزكية، ولا يضره عندئذ عدم ظهور الفعل على جوارحه.

    - إذا صح ميل الإنسان وهواه واتجاهه ونيته وما يريد، فكان لا يريد إلا الخير والصلاح والبر والهداية واللطف والفضيلة والسكينة، والانسجام مع وظيفته التي خلق لها، والانسجام مع الكون الذي سُخِّر له، فذلك القلب الصالح السليم، وإذا وجد هذا القلب اتجهت الجوارح بدءاً باللسان؛ اتجهت إلى الخير والطاعة والصلاح والمصلحة.

    ثم ما تعمله الجوارح من خير يعود على القلب بالحياة والنور ومزيد التقوى، قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } [الأنفال: 24] { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [الحديد: 28]، { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } [البقرة: 21].

    وما تعمله الجوارح من شر يعود على القلب بالظلمة والفساد والقسوة، قال تعالى: { كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } [المطففين: 14].

    3) مجاهدة مُثْمِرة
    - إنه مع وجود الرغبة القلبية في الحق والخير يجد الإنسان اندفاعاً تلقائياً نحو الحق والخير والعمل بهما، فلا يحتاج أن يجهد نفسه بل يجد طمأنينة وانقياداً نحو الخير وارتياحاً واستسلاماً، ففي الوضع الطبيعي السليم للقلب لا حاجة إلى إجهاد النفس وحملها على العمل لوجود الرغبة الدافعة.

    وأما في حالة وجود مرض في القلب، أو وجود ميل إلى الباطل ورغبة فيه، رغم القناعة العقلية بالحق، فإن الإنسان لا بد أن يواجه الرغبة الباطلة في قلبه، ولا بد أن يواجه الموانع القلبية بمخالفتها ومجاهدتها حتى يَحْمِل نفسه على موافقة العقل والحق، لا على موافقة هوى النفس ورغبتها الباطلة.

    ومن هاهنا وجبت المجاهدة للنفس حتى يصل الإنسان إلى الاستقامة والهداية التامة.

    - إنه إذا وجدت الرغبة الصحيحة والميلُ نحو الحق والخيرِ والمصلحة الحقيقية والمنفعة؛ كانت الإرادة صحيحة وسليمة، وذلك إذا لم توجد أيُّ رغبة أخرى في أي شيء من الباطل والشر والشهوة والمفسدة، أما إذا وجدت - ولو رغبة واحدة أو شهوة واحدة أو ميل أو هوىً في النفس - فإنه يصير في القلب تنازع بين الرغبات وتصارعٌ، فيتقلب القلب بين الرغبتين، فتارة توجد إرادة موافقة لهذه الرغبة، وتارة توجد إرادة موافقة للرغبة الأخرى، بحسب المرجحات التي تمدُّ إحدى الرغبتين أو تُذَكِّر بإحداهما، وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم القلوب فذكر منها القلب الذي تتنازعه الرغبات والميول فقال: « وأما القلب المصفح فقلب فيه إيمان ونفاق، فمَثل الإيمان فيه كمثل البقلة يمدّها الماء الطيب، ومثل النفاق فيه كمثل القُرحةِ يمدها القيح والدمُ، فأي المدتين غلبتْ على الأخرى غلبتْ عليه » أخرجه أحمد، وقال ابن كثير: إسناد جيد حسن.

    فيحتاج طالب التزكية إذا كان على هذا الحال أن يقوي أسباب الرغبات الصحيحة ويقطع أسباب الرغبات السيئة، فإذا غلبت على القلب الرغبة بالباطل والشر والشهوة والمفسدة؛ فيجب أن يقابلها بالمجاهدة، ويقطع هذه الرغبة حتى لا تتحول إلى إرادة وعمل منكر.

    وقد نبه النبي صلى الله عليه وسلم إلى مصارعة الإنسان لنفسه ومجاهدته لجانب الباطل فيها إذ قال في الحديث الصحيح: « والمجاهد من جاهد نفسه في الله ».

    - ورغبة الإنسان في أن يجاهد الرغبة الفاسدة تجعل منه متوجهاً إلى الحق راغباً فيه معرضاً عن الباطل، فتنمو هذه الرغبة فتكون مانعة للرغبة الباطلة، فيصل بذلك الإنسان إلى الهداية، وهي الدلالة إلى الحق، إذ لا تبقى للقلب رغبة إلا في حق وخير ومصلحة حقيقية، وقد نبه الله تعالى إلى أن المجاهدة تؤدي إلى الهداية، فقال: { والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا }.



    - من خلال الأمور الثلاثة السابقة، إذا اجتمع معها الاعتقاد الصحيح، وما ينبني عليه من معرفة المصالح، مع ما يرافقها من تَذَكُّر، من خلال أسبابه المعينة عليه؛ تنشأ الأحوال والصفات والأخلاق القلبية السليمة.

    - إن الإيمان بوجود الله وألوهيته وربوبيته وحُكْمِه وقدرته والإيمان بالرسول والإيمان بالقرآن والإيمان بالآخرة، والإيمان بكل حقيقة كبرى؛ يُوَلِّدُ وينشئ صفاتٍ ورغبات وإرادات في القلب، وإذا لم تنشأ تلك الصفات والإرادات فيجب على الإنسان أن يتكلفها ويرغب بها ويَسْتَحْلِيَها ويتذكر الحقائق التي ترسخها في القلب والنفس.

    فيتكلف الإخلاص حتى يصير سجية فيه، ويتصبر حتى يصير الصبر صفة فيه، ويتوكل حتى يصير التوكل على الله عادة ملازمة فيه، ويتخوف حتى يصير الخوف من الله مسيطراً عليه واقياً له من الشرور، ويرجو حتى يصير الرجاء من الله ديدنه الدافعُ إلى توبته الباعثُ له إلى الخير، ويتزهد حتى يصير الزهد سمة فيه، ويُحِبُّ حتى يصير محباً مشتاقاً متعلقاً، ويتورع حتى يصير ورعاً، ويَكْرُمُ حتى يصير كريماً، ويَصْدُق حتى يصير صِدِّيقاً، ويَعِفُّ حتى يصير عفيفاً، وهكذا في سائر المقامات والصفات والأخلاق القلبية.

    أصلح الله قلوبنا وقلوبكم وملأها إيماناً وزينه فيها.
    والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

    كلمات مفتاحية  :
    تزكية القلوب وإصلاحها

    تعليقات الزوار ()