الأعياد جمع عيد . والعيد اسم لما يعود من الاجتماع العام على وجه معتاد، عائد: إما بعود السنة، أو بعود الأسبوع أو بعود الشهور، أو نحو ذلك، فالعيد يجمع أموراً، منها يوم عائد كيوم الفطر ويوم الجمعة.
يحتفل العالم الإسلامي في كل سنة مرتين بعيدين وهما عيد \"الفطر\" وعيد \"الأضحى\"، والعيدان يجسدان المعني الحقيقي لوحدة هذا العالم المختلف والمثخن بالجراح الداخلية والخارجية، وهذه الوحدة مبعثها الدين الإسلامي الحنيف، أما الخلافات والتناحرات الموجودة في هذا العالم مصدرها الفهم الخاطئ للدين والركون الى الدنيا.
والعيد يحمل الفرح والطرب، والسعادة الحقيقية للذين أكرموا هذا الشهر وأدوا ما عليهم فيه، أما الآخرين الذين لم يصوموا ولم يقوموا رغم أنهم يحتفلون أكثر من الذين صاموا وقاموا ولكن احتفالهم شكلي بحت، وقد ارغم أنوفهم في التراب، وأغضبوا الله من أنفسهم في الوقت الذي أجهدوا أنفسهم في سبيل ارضاء الآخرين (ورضا الناس غاية لا تدرك).
ويمر العراق بجغرافيته الحالية أشد انواع الإبتلاء الداخلي، والتي ظهرت منها أهون وأسهل من المخفي، ولكل ما يحصل سبب ومبرر، وكل ما أخاف منه أن تكون هذه المحنة بعدها الحقيقي مفاهيم وتصورات دينية، (من تراشق التكفير بين الشيعة والسنة)، والذي أتمناه أن تكون من أجل مناصب سياسية بين المكونات فهذا سهل وبسيط.
وما يجمعنا اكثر بكثير من المختلف عليه، فعلى سبيل المثال ما نعيشه اليوم من صيام وقيام والتجاء الى الله واحياء لليالي القدر، كلها نقاط جوهرية تبعث على الوحدة والتوحد، وتنبذ الشقاق والتفرق، عليه فان دعوتي هي أن نستثمر هذا الكورس الإلهي ونأخذ من مدرسة ناشئة الليل ما يفطمنا عن الدم والبغض والكراهية والحقد والضغينة، وندرأ بأنفسنا أن ننزلق الى الدركات السفلى من الطبيعة الإنسانية.
ولنجعل من عيد الفطر عيداً بمعناه الحقيقي في هذا الموسم الوحدوي بين كل المسلمين، ولنتغافر ولنعفو عن بعضنا ونتعالى عن الأمور الجزئية التي لا تسمن ولا تغني من جوع، ونبتعد عن كل ما لا يبنى عليه العمل، فقد رأى علماؤونا الأفاضل كراهية هذا الأمر.
لنرجع الى الواقع العراقي ومشهد عيد الفطر المبارك، رغم كل هذه المآسي والويلات التي طالت أعناق العراقيين وحصدتهم، حتي وصل عددهم في السنوات الثلاثة التي أعقبت احتلال العراق الى 650ألف مواطن عراقي، مع كل هذا فهم يبشرون بيوم جديد وعيد يتحقق فيه معناه، رغم أن لسان حالهم يقول مع الشاعر حسين علي محمد
لا تطلب مني أن أطرب وأغنّي بجميلِ الشِّعرْ
في هذا العيدْ
فالحزنُ شديدْ
آلامى تقهَرُ جبلَ الصَّبْرْ
هل قُضي الأمرْ ؟
فمتى يقضى الأمر ويتفطن الساسة والقيادات الدينية الى مسائل حرمة إيذاء الإنسان، كي يفرح العراقيون مع اخوانهم المسلمين بعيد فطرهم ومن ثم بعيد أضحاهم وكل الأعياد الأخرى، مع كل هذا فالأمل يراودني بأن هذا اليوم آت لا محالة، والغد لناظره قريب.