بتـــــاريخ : 2/21/2009 7:23:36 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 592 0


    مشهد من الحياة الزوجية

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : عصام ضـاهـر | المصدر : www.qudwa1.com

    كلمات مفتاحية  :
    مشهد الحياة الزوجية

    رن جرس الهاتف ، فأسرع نحوه ورفع السماعة ، فإذا بصوت يأتيه من بعيد ، فدهش للوهلة الأولى ، إنه صوت زوجته التي ما اعتادت أن تتصل به في عمله ، ولا في مثل هذا الوقت ، فسُرَّ بذلك وسَعِد سعادة عظيمة ، وانتظر منها أن تخاطبه بكلمات من الحب ، أو أن تهمس في أذنيه بمشاعر رقيقة ، أو أن تناجيه بعبارات الشوق واللهفة كما هي عادتها دائما معه في المنزل .
    ولكن سرعان ما تبدلت سعادته إلى حزن ... وفرحه إلى غم وكرب ... ودهشته إلى صدمة لم يفق منها إلا بعد انتهاء المكالمة...
    إن زوجته لم تتصل به من أجل أن تخبره بما كان ينتظره ... من همسات الحب وعبارات الشوق والحنين !!
    بل اتصلت به من أجل أن يأتيها ببعض متطلبات المنزل ... وبعض الأغراض الضرورية للأولاد ... و أشياء أخرى .. وهو ما يخشى أن ينفق ماله فيه رغبة منه في الحفاظ على أمواله ، وشحا برصيده المدخر .
    فانكفأ على نفسه .. حزينا ... يفكر فيما طلبته زوجته .. وضاقت به الحياة من غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار وإنفاق ما اكتسبه من مال على متطلبات حياته اليومية ، وشعر بأن هناك صراعا يدور بداخله .. وحديث شد وجذب بينه وبين نفسه .. هل ينفذ ما طلبته منه زوجته ؟ ويأتي بالأغراض المطلوبة ؟ أم يتظاهر بأنه قد نسي حفاظا على ماله من الإنفاق ؟؟!
    ولكن جاءه صوت من أعماق نفسه ، خاطبه قائلا :
    مودة ورحمة
    ألم يخبرنا الله سبحانه وتعالى عن الحكمة من تشريع الزواج بين الذكر والأنثى ، فقال تعالى [ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ] " سورة الروم 21 "
    " أي جعل بين الزوجين المودة والرحمة فهما يتوادان ويتراحمان من غير سابقة معرفة ولا قرابة ولا سبب يوجب التعاطف وما شيء أحب إلى أحدهما من الآخر من غير تراحم بينهما إلا الزوجان " لباب التأويل للخازن ".
    فكيف تأتي المودة بين الزوجين دون أن يكون الزوج كريما مع زوجته في أمر النفقة ؟
    فلم لا تتودد إليها أيها الزوج ، وتلبي ما طلبته منك ، طالما أنه ليس فيه إسراف و لا تبذير ، و لا معصية لله تعالى .
    طبق وصية الرسول
    ألست تحب النبي – صلى الله عليه وسلم - ؟ فلِمَ لا تطبق وصيته ، وتنفذ أمره ؟! ولماذا لم تقتدِ بهديه في معاملة أزواجه ؟!
    ألم يوصك – صلى الله عليه وسلم - بالنساء خيرا ،ويضع بين يديك معيار الخيرية في الرجال ؟؟!
    فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :( اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا ) "رواه البخاري "
    وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي ) "رواه الترمذي"
    وأين أنت أخي الزوج من تحذير النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – من تضييع حق المرأة والاستهانة به ؟!
    فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( اللَّهُمَّ إِنِّي أُحَرِّجُ حَقَّ الضَّعِيفَيْنِ الْيَتِيمِ وَالْمَرْأَةِ ) " رواه أحمد "

    يقول المناوي في "فيض القدير" في شرح الحديث: [ بأن تعاملوهما برفق وشفقة ، ولا تكلفوهما ما لا يطيقانه ، ولا تقصروا في حقهما الواجب والمندوب ، وَوَصَفَهُمَا بالضعف استعطافا وزيادة في التحذير والتنفير ، فإن الإنسان كلما كان أضعف كانت عناية الله به أتم ، وانتقامه من ظالمه أشد ] .
    حتى يكتمل إيمانك
    لكي يكتمل إيمانك فلا بد أن تكون رفيقا بزوجتك ، رحيما بها ، تنفق عليها بما يتناسب مع ظروفك المادية ولتضع نصب عينيك حديث النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( إِنَّ مِنْ أَكْمَلِ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا وَأَلْطَفُهُمْ بِأَهْلِهِ ) " سنن الترمذي "
    حق الزوجة
    لقد حدد لنا النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حق الزوجة على زوجها ، وطالبنا بالالتزام بها ، ونهانا عن التفريط فيها ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْقُشَيْرِيِّ، عَنْ أبيه، قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا حَقُّ زَوْجَةِ اَحَدِنَا عَلَيْهِ قَالَ ) أنْ تُطْعِمَهَا إذَا طَعِمْتَ وَتَكْسُوَهَا إذَا اكْتَسَيْت-أو اكْتَسَبْتَ - وَلاَ تَضْرِبِ الْوَجْهَ وَلاَ تُقَبِّحْ وَلاَ تَهْجُرْ إلا فِي الْبَيْتِ) " رواه أبو داود " .
    مهما أنفقت فهو لك صدقة
    كي تسعد بحياتك ، وتنفق من مالك على نفسك وأهلك وأنت راضٍ ، فاعلم أن أي نفقة تنفقها عليهم يجزيك الله تعالى بها من الأجر العظيم ، والثواب الجزيل ، ويدخرها لك كأي صدقة أخرجتها في سبيله عز وجل .
    فعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: قَالَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (ِإذَا أَنْفَقَ الْمُسْلِمُ نَفَقَةً عَلَى أَهْلِهِ وَهُوَ يَحْتَسِبُهَا كَانَتْ لَهُ صَدَقَةً ) " صحيح البخاري"
    قال بعض أهل العلم: إنفاق المال في حقه ينقسم ثلاثة أقسام: فالأول أن ينفق على نفسه، وأهله، ومن تلزمه نفقته غير مقتر عما يجب لهم، ولا مسرف في ذلك، كما قال تعالى: {والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قوامًا} [الفرقان: 67]، وهذه النفقة أفضل من الصدقة، ومن جميع النفقات، لقوله - صلى الله عليه وسلم - : « إنك لن تنفق نفقة تبتغى بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى اللقمة تضعها فِي فيِّ امرأتك » .
    وقسم ثان: وهو أداء الزكاة، وإخراج حق الله تعالى لمن وجب له. وقد قيل: من أدى الزكاة فقد سقط عنه اسم البخل.
    وقسم ثالث: وهو صلة الأهل البعداء ومواساة الصديق، وإطعام الجائع، وصدقة التطوع كلها فهذه نفقة مندوب إليها مأجور عليها، لقوله - صلى الله عليه وسلم - : « الساعي على الأرملة واليتيم كالمجاهد في سبيل الله » .
    فمن أنفق في هذه الوجوه الثلاثة فقد وضع المال في موضعه، وأنفقه في حقه ) " شرح البخاري لابن بطال "
    دينار أعظم أجرا
    ننفق من أموالنا الكثير في وجوه ومصارف شتى ، لكن العظيم في ذلك الأمر ، أن أعظم ما ننفقه أجرا هو ذلك المال الذي ننفقه على أهلنا وأولادنا .
    فَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِم مِنْ حَدِيث مُجَاهِد عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَفَعَهُ ( دِينَار أَعْطَيْته مِسْكِينًا ، وَدِينَار أَعْطَيْته فِي رَقَبَة ، وَدِينَار أَعْطَيْته فِي سَبِيل اللَّه ، وَدِينَار أَنْفَقْته عَلَى أَهْلك ، قَالَ : . الدِّينَار الَّذِي أَنْفَقْته عَلَى أَهْلك أَعْظَم أَجْرًا ) .
    كـن حــذرا
    لم يرد في الشرع تقدير نفقة الزوجة بقدر معين، وإنما بيَّن سبحانه وتعالى أنها تكون بالمعروف،أي بما جرت به عادة أمثالهن في بلدهن من غير إسراف ولا إقتار، كل حسب قدرته في يساره وتوسطه وإقتاره كما قال تعالى: (لينفق ذو سعة من سعته ومن قُدِرَ عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا) " تفسير القرآن العظيم لابن كثير - (ج 1 / ص 634) .
    وحتى لا تقع في إثم من أعظم الآثام ، وذنب من أعظم الذنوب فعليك أن تبادر بالنفقة على أهلك مما رزقك الله به .
    فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْن عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ( كَفَى بِالْمَرْءِ إثما أن يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ‏) " مسند الإمام أحمد "
    ‏ وهنا قام الزوج من مجلسه – بعد انقضاء العمل - وسارع من أجل إحضار ما طلبته زوجته من ضروريات الحياة ، ومتاع الدنيا ، شاعرا بأجر كل قرش يخرجه من جيبه في النفقة على أهله ، واستغفر الله تعالى على ما كان منه من تقتير على زوجته وعزم على أن يكون - دائما - كريما معها .

    كلمات مفتاحية  :
    مشهد الحياة الزوجية

    تعليقات الزوار ()