بتـــــاريخ : 2/22/2009 1:30:57 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1645 0


    كتاب بلاغة الكلمة في التعبير القرآني

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | المصدر : www.islamiyyat.com

    كلمات مفتاحية  :

    هذا هو الكتاب الثاني من دراسات بيانية في الأسلوب القرآني وقد جاء في مقدمته:

    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين إمام الهدى وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
    هذا كتاب يبحث في المفردة في القرآن الكريم والمقصود بالمفردة هو الكلمة الواحدة كما هو معلوم.
    إن موضوع المفردة في القرآن في القرآن موضوع واسع متشعب الأطراف متعدد المناحي غير أني آثرت أن أبحث باختصار أموراً أراها ذات أهمية خاصة فيما أحسب وإن كان التعبير القرآني كله مهماً. وهذه الأهمية تعود إلى أكثر من سبب:
    منها: أن قسماً مما بحثته في هذا الكتاب لم أجد المعنيين بدراسة بلاغة القرآن والمعنيين بدراسة المتشابه قد أشاروا إليه فيما وقع بين يدي من المصادر إن كان لا يبعد أن يكون مطروقاً في الأسفار التي لم يُسعفنا الحظ في الوصول إليها وما أكثرها!
    وذلك نحو كثير من أحوال الذكر والحذف في المفردة نحو (تنزّل) و(تتنزّل) و(توفاهم) و(تتوفاهم) و (نبغ) و(نبغي) وغيرها. وذلك كقوله تعالى (تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) القدر) وقوله (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) فصلت). وقوله (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (97) النساء) وقوله (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (28) النحل). وقوله (قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آَثَارِهِمَا قَصَصًا (64) الكهف) وقوله (وَلَمَّا فَتَحُوا مَتَاعَهُمْ وَجَدُوا بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ (65) يوسف).
    ونحو كثير من أحوال الإبدال في المفردة مثل (يضّرّعون) و(يتضرعون) و(يذّكّرون) و(يتذكرون) و(اطّيرنا) و(تطيرنا) وكاستعمال (اللآئي) و(اللآتي) وغيرها كقوله تعالى (قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (18)  يس) وقوله (قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ (47) النمل).
    ولا شك أن كل مفردة وُضعت وضعاً فنياً مقصوداً في مكانها المناسب. وأن الحذف من المفردة مقصود كما أن الذكر مقصود وأن الإبدال مقصود كما أن الأصل مقصود وكل تغيير في المفردة أو إقرار على الأصل مقصود له غرضه كما سنبيّن ذاك ما وسعنا البيان.
    والسبب الآخر الذي دعاني إلى تناول هذه المباحث هو أن قسماً مما بحثته قد طرقه الباحثون قبلي وحاولوا أن يتلمسوا الفروق بين استخدام المفردات غير أني لم أقتنع بقسم من هذه التعليلات ورأيت أن كثيراً منها متكلّف فحاولت أن أُعللها تعليلاً آخر وجدته أشفى لنفسي وأكثر اقناعاً لي وأنا لا أزعم أني أتيت بأحسن مما ذكروه وأن توجيهي أصوب مما ذهبوا إليه ولكني أذكر ما وجدته في نفسي. وهذا نحو توجيه (فعّل) و(أفعل) بمعنى (نزّل) و(أنزل) و(نجّى) و(أنجى) كقوله تعالى (مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (71) الأعراف) وقوله (مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (40) يوسف) وقوله (فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلَائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ (73) يونس) وقوله (فَأَنْجَيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (119) الشعراء).
    وكاستعمال الإفراد والتثنية والجمع كالنخل والنخيل.
    وتعاور المفردات كالعاكفين والقائمين في قوله تعالى (أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (125) البقرة) وقوله (وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (26) الحج) وما إلى ذلك.
    ثم إن هناك أمراً آخر دعاني إلى تناول مثل هذه الأبحاث وهو أني لم أجد في شأن المفردة في القرآن الكريم وتعليل استعمالها كتباً مختصة في حدود ما اطلعت عليه.
    نعم هناك في كتب  التفسير وكتب المتشابه وغيرها إشارات إلى سبب اختيار هذه اللفظة في هذا الموضوع دون غيرها من المتشابه كاختيار (يخرصون) في قوله (وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (116) الأنعام) واختيار (يظنون) في قوله (وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ (78) البقرة) أو استعمال (القسط) في قوله (وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (54) يونس) واستعمال (الحق) في قوله (وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (69) الزمر).
    كما أن هناك كتباً في مفردات غريب القرآن قد تذكر الفرق بين لفظة وأخرى كالفرق بين جاء وأتى والفرق بين الصراط والطريق والسبيل، والفرق بين يفعلون ويعملون ويصنعون وهو أشبه بما يُكتب في الفروق اللغوية. غير أني لم أر كتاباً يبحث في المفردة في القرآن ويُبوبها على الموضوعات ويجمع ما تشابه من ذلك ويدرسه فحاولت أن أضع بداية متواضعة في هذا الموضوع فلعلّه يأتي من يُتم هذا العمل ويتوسّع فيه.
    وقد ترى أن لم أبحث في هذا الكتاب موضوعات كان من المتوقع أن أبحثها كالإدغام والفكّ نحو (من يرتد) و(من يرتدد) وكالفروق اللغوية كالخوف والخشية والشُّح والبخل والصراط والسبيل والإختلاف بين المصادر ونحوها فأقول:لقد حاولت أن أتجنب كثيراً مما بحثته في كتبي السابقة قدر الإمكان كموضوع الإدغام والفك الذي ترددت آياته في أكثر من موضوع في كتاب التعبير القرآني وكتاب الجملة العربية ونحو كثير من معاني الأبنية كالمصادر والجموع وغيرها مما بحثته في كتاب معاني الأبنية في العربية.
    أما الموضوعات الأخرى التي لم أبحث فإن الكلام فيها يتّسع اتساعاً كبيراً فلعلّ الله ييسر لنا أن تكتب فيها شيئاً في قابل الأيام.
    وهناك أمر مهم جدير بأن أنبّه عليه وما كنت لأذكره لولا أني رأيت جملة من حملة العلم أشاروا إليه. وذلك أن في أثناء إلقاء محاضرات من هذا الموضوع على جماعة من أهل العلم وعلى طلبة الدكتوراة وفي مواقف أخرى طرح سؤال وهو أن هذه التعليلات قد تكون مقبولة بموجب الرسم القرآني الذي بين أيدينا فكيف يكون التعليل إذا كان الرسم مختلفاً على قراءات أخرى؟
    فمثلاً قوله تعالى (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (54) القمر) لقد عللنا فيه سبب التعبير بـ (نهر) دون الجمع ( انظر كتاب لمسات بيانية في نصوص من التنزيل) فكيف إذا كانت هناك قراءة أخرى (إن المتقين في جنات وأنهار)؟ وقوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (97) النساء) فكيف إذا كانت هناك قراءة أخرى (تتوفاهم)؟ وقوله (قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آَثَارِهِمَا قَصَصًا (64) الكهف) بحذف الياء فكيف إذا كانت هناك قراءة بإثبات الياء أي (ذلك ما كنا نبغي)؟ وقوله تعالى (قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ (47) النمل) فكيف إذا كانت هناك قراءة إبدال أي (قالوا إنا تطيرنا بك)؟
    وكاستعمال اللآتي واللآئي وذلك كقوله تعالى (مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّئِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (4) الأحزاب) وقوله (وَاللَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا (15) النساء) وما إلى ذلك.
    والجواب أن أركان القراءة الصحيحة كما هو مقرر ثلاثة:
    1. صحة السّند.
    2. موافقة خط المصحف العثماني
    3. موافقة العربية
    ومتى اختل ركن من هذه الأركان الثلاثة أطلق عليها ضعيفة أو شاذة أو باطلة سواء كانت عن السبعة أم عن العشرة أم عمن هو أكبر منهم. هذا هو الصحيح عند أئمة التحقيق من السلف والخلف (انظر النشر في القراءات العشر 1/9). فموافقة رسم المصحف العثماني شرط من شروط القراءة الصحيحة ومتى اختل هذا الشرط فخالفت القراءة رسم المصحف دخلت في الضعف والشذوذ أو البطلان. وبهذا يزول الإشكال فإن كل قراءة تخالف رسم المصحف لا تدخل في الصحيح. وبهذا يتضح أن ليست هناك قراءة صحيحة (إن المتقين في جنات وأنهار) فإن كلمة أنهار تخالف رسم المصحف.وكذلك ما ورد في (توفّهم) و (تتوفاهم) فإن توفّاهم تُكتب يتاء واحدة وتتوفاهم تُكتب بتاءين فلا تكون إحداهما مكان الأخرى لآن ذلك مخالف لرسم المصحف.
    وكذلك قوله (ما كنا نبغ) فإنه ليست هناك قراءة معتمدة بإثبات الياء لأنها رسمت في المصحف بلا ياء. ونحو قوله (اطّيرنا) فإنه لا يصح أن تُقرأ في الموضع نفسه (تطيرنا) لأنها مخالفة لرسم المصحف.
    ونحو اللآئي واللآتي فإنهما في الرسم العثماني مختلفتان: فاللاّئي تُرسم بلا صورة للهمزة (الّئ) أما اللاّتي فتُرسم فيها للتاء صورة (الّتي)
    وكذلك سائر ما ذكرناه فإنه لا يصح أن يٌقرأ بما يخالف رسم المصحف فسقطت الشبهة أصلاً.
    وأود أن أذكر في الختام أمراً تجدر الإشارة إليه وهو أني حاولت أن أعتمد في التوجيه والترجيح على الأمور اللغوية المسلّمة والقواعد المقررة على قدر علمنا المتواضع والإستعانة بالسياق لتلمُس الفروق في الإستعمال وهو مهم جداً في الدلالة على سبب الإختيار لئلا تزِلّ بنا القدم وتذهب بنا بُنيّات الطريق. نسأل الله أن يلهمنا الرُشد ويهدينا الصراط المستقيم. إنه سميع مجيب.
    ويحتوي الكتاب على المواضيع التالية:
    1.       المقدمة
    2.       الذكر والحذف(اسطاعوا واستطاعوا ـ تنزّل وتتنزل ـ توفاهم وتتوفاهم ـ لا تفرّقوا ولا تتفرقوا - تبدل وتتبدلوا ـ تولوا وتتولوا – تصدقوا وتتصدقوا – تستطع وتسطع – أفلا تذكرون وأفلا تتذكرون – ما كنا نبغ وما نبغي – واخشوني واخشون – لولا أخرتني ولئن أخرتن – اتبعن واتبعني – تسئلن وتسألني – عباد وعبادي – الرسول والرسولا – السبيل والسبيلا – الظنون والظنونا.
    3.       الإبـــدال (يضّرعون ويتضرعون – أرسلنا إلى أمم وأرسلنا في قرية – المصّدّقين والمتصدقين – أفلا يتدبرون وأفلم يتدبروا – يزّكى ويتزكى – المطّهرين والمتطهرين – يذّكّر ويتذكر – يذّكرون ويتذكرون – اطّيرنا وتطيرنا – يخصّمون ويختصمون – بكة ومكة – اللآئي واللآتي – بسطة وبصطة – يبسط ويبصط – عتو وعتيّ)
    4.       فعّل وأفعل بمعنى (كرّم وأكرم ـ أوصى ووصى ـ نزل وأنزل ـ نجّى وأنجى – نجاكم وأنجاكم –نجاهم وأنجاهم – نجينا وأنجينا – نجيناه وأنجيناه – نجيناكم وأنجيناكم)
    5.       المبني للمجهول (يُنزفون ويُنزِفون – فاكهة وفواكه – يُطاف ويطوف – طُبع وطبع )
    6.       الوصف (مشتبهاً ومتشابهاً – أعجاز نخل خاوية وأعجاز نخل منقعر)
    7.       الإفراد والتثنية والجمع (إني رسول وإنا رسولا وإنا رسول – طفل وأطفال – بني وأبناء – النخل والنخيل)
    8.       الحركة غير الإعرابية (ومن أوفى بما عاهد عليهُ الله – وما أنسانيهُ إلا الشيطان)
    9.       تعاور المفردات (فانفجرت و فانبجست – ثلاث ليال وثلاثة أيام – الطور والجبل – العاكفين والقائمين)
    وفي صفحة لمسات الكثير من هذه المواضيع التي طرحها الدكتور في حلقات مستقلة ومنها ما كان رداً على بعض أسئلة المشاهدين وسأحاول إن شاء الله لاحقاً أن أُضيف من الكتاب ما لم نعرضه في تلك الصفحة تحاشياً للتكرار في نفس المحور.
    ومن بعض ما جاء في الكتاب:
    قد يستعمل كلمة في موطن ثم يستعملها في موطن آخر مُبدلاً فيها حرف، وذلك نحو مكّة وبكّة واللاتي واللائي وبصطة وبسطة ونحوها وكل ذلك لغرض.
    فقد قال تعالى (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ (96) فِيهِ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آَمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (97) آل عمران)
    وقال (وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (24) الفتح)
    فقال في آية آل عمران (بكّة) وقال في الفتح (مكّة) وسبب إيرادها بالباء في آل عمران أن الآية في سياق الحج (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) فجاء بالاسم (بكّة) من لفظ (البكّ) الدّال على الزحام لأنه في الحج يبكُّ الناس بعضهم بعضاً أي يزحم بعضهم بعضاً، وسُميت (بكّة) لأنهم يزدحمون فيها انظر "مفردات الراغب 57".
    وليس السياق كذلك في آية الفتح بالاسم المشهور لها – أعني (مكة) بالميم – فوضع كل لفظ في السياق الذي يقتضيه والله أعلم (التعبير القرآني 156).
    سبب بناء الفعل (طبع)للمجهول في قوله تعالى (رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ (87) التوبة) وبنائه للمعلوم في وقوله (إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (93) التوبة).
    إن إسناد الطبع إلى الله أشد تمكناً في القلب من بنائه للمجهول. فما أُسنِد إليه صراحة يكون أثبت وأقوى مما لم يُسند إليه. وعلى هذا فهو يسنِد الطبع إلى الله في مواطن المبالغة والتأكيد ويبنيه للمجهول فيما هو أقلّ من ذلك. وذلك واضح في الآيتين المذكورتين وهما قوله: ((رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ (87) التوبة)) وقوله ((إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (93) التوبة)).
    وبالنظر في السياقين يتضح ذلك.
    قال تعالى في سياق الآية الأولى (وَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آَمِنُوا بِاللَّهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُو الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ (86) رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ (87)).
    وقال في سياق الآية الثانية (إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (93) يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لَا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (94) سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (95) يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (96)).
    فأنت ترة أن الآخرين أشدّ ضلالاً وكفراً من الأولين، يدلّك على ذلك ما ذكره من صفاتهم وأحوالهم. فإنه لم يذكر في الأولين سوى أنهم يستأذنون الرسول إذا أُنزِلت سورة تأمر بالإيمان والجهاد، وأنهم يقولون (ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ) وعقب على ذلك بقوله (رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ). في حين ذكر من صفات الآخرين ما يدلُّ على شدة كفرهم وضلالهم، وغضب الله عليهم ما لم يذكره في اللأولين.
    1. فقد طلب الله رد اعتذارهم إذا اعتذروا (قُلْ لَا تَعْتَذِرُوا).
    2. وطلب أن يخبروهم بعدم تصديقهم (لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ).
    3. وأن يخبروهم بأن الله نبّأ المؤمنين بأخبارهم وأحوالهم (َدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ).
    4. وطلب من المؤمنين أن يُعرضوا عنهم (فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ).
    5. ووصفهم بأنهم رجس (إِنَّهُمْ رِجْسٌ).
    6. وذكر عاقبتهم وسوء مآلهم في الآخرة (وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون).
    7. وطلب من المؤمنين ضمناً ألا يرضوا عنهم إذا ما حاولوا استرضاءهم لأن الله غير راض عنهم: (يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ).
    فناسب ذلك إسناد الطبع إلى الله للدلالة على شدة تمكن الكفر في نفوسهم وقلوبهم بخلاف الآية الأخرى.
    هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى أنه مما حسّن بناء الفعل للمجهول أيضاً في الآية الأولى ما قاله فيها (وَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ) ببناء (أُنزِل) للمجهول (انظر ملاك التأويل 1/470). فكما أنه لم يُسند الإنزال إلى الله تعالى لم يسند الطبع إليه، فكان بناء الفعل للمجهول في الآية الأولى أنسب وبناؤه للمعلوم في الآية الثانية أنسب والله أعلم.
    ومن اختلاف المفردة في الموطنين المتشابهين قوله تعالى (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (125) البقرة) وقوله (وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (26) الحج) فقال في سورة البقرة (والعاكفين) وقال في سورة الحج (والقائمين). والعاكفون هم أهل البلد الحرام المقيمون، وقيل هم المجاورون له من الغرباء، وهم الذين عكفوا عنده، أي قاموا لا يبرحون، وقيل: هم المعتكفون فيه (انظر البحر المحيط 1/382، الكشاف 1/237، روح المعاني 1/381، تفسير ابن كثير 1/170، فتح القدير 1/121).
    والقائمون: هم المصلّون كما يقول المفسّرون فعلى هذا يكون القائمون هم الركّع السجود إلا أنه ذكر أهمّ أركان الصلاة: وهي القيام والركوع والسجود.
    جاء في البحر المحيط: والقائمون هم المصلّون ذكر من أركانها أعظمها، وهو القيام والركوع والسجود (البحر المحيط 6/364 وانظر فتح القدير 3/434)
    وجاء في روح المعاني: ولعلّ التعبير عن الصلاة بأركانها من القيام والركوع والسجود للدلالة على أن كل واحد منها مستقل باقتضاء التطهير أو التّبوئة على ما قيل (روح المعاني 17/143).
    والذي يظهر لي والله أعلم أن القيام لا يختص بالقيام في الصلاة وإنما هو يشمل القيام بأمر الدين عموماً والاستمساك به والمحافظة عليه.
    فالقائمون: هم المستمسكون بدين الله الثابتون عليه كما قال تعالى (لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آَيَاتِ اللَّهِ آَنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113)آل عمران).
    جاء في لسان العرب: "معنى القيام العزم.. ومنه قوله تعالى: (وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ (19) الجن) أي لمّا عزم، وقوله (إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ (14) الكهف). أي عزموا فقالوا...والقائم بالدين المستمسك به الثابت عليه...وعليه قوله تعالى (مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ (113) آل عمران). أي مواظبة على الدّين ثابتة (لسام العرب (قوم) 15/398-403)"
    "وكذلك فلانٌ قائم بكذا، إذا كان حافظاً له مستمسكاً به (لسان العرب (قوم) 15/403)".
    أما سبب ذكر (العاكفين) في سورة البقرة و(القائمين) في سورة الحج فذلك أمر يقتضيه السياق.
    إن معنى (العكوف) الإقامة ولزوم المكان. جاء في "لسان العرب": "عكف على الشيء: أقبل عليه مواظباً لا يصرف وجهه عنه. وقيل: أقام، ومنه قوله تعالى (يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ (138) الاعراف) أي يقيمون. ومنه قوله تعالى (ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا (97) طه) أي مقيماً...ويعكف عكفاً وعكوفاً: لزم المكان. والعكوف: الإقامة في المسجد، قال الله تعالى (وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ (187) البقرة). قال المفسرون وغيرهم من أهل اللغة: عاكفون: مقيمون في المساجد لا يخرجون منها إلا لحاجة الانسان، يصلي فيه ويقرأ القرآن. ويقال لمن لازم المسجد وأقام على العبادة فيه: عاكف ومعتكف(لسان العرب (عكف) 11/161)".
    وقد ذكرنا أن العاكفين هم أهل البلد الحرام المقيمون، وقيل: هم المجاورون له من الغرباء. وقد جاءت الآية في سياق ذكر أهل البلد الحرام وسكانه. قال تعالى (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آَمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آَمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ (126) البقرة).
    وذكر ذرية ابراهيم واسماعيل فقال (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127) رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128) رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (129) البقرة).
    وسكان البلد الحرام، هم من ذرية ابراهيم واسماعيل. ومن هؤلاء السكان المقيمين في البلد الحرام، بُعث النبي الأمين r الذي دعا به ابراهيم واسماعيل، فناسب ذلك ذكر العاكفين، وهم أهل البلد الحرام المقيمون أو المجاورون وعموم من لَزَم المسجد الحرام.
    أما في آية الحج، فقد ذكر (القائمين) ولم يذكر العاكفين، ذلك أنه قال قبل هذه الآية: (وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ (25) الحج). فجعل العاكف فيه وغيره سواء فليس من المناسب أن يُفرِد العاكفين، فقال (والقائمين). والقائمون قد يكونون من العاكفين وغيرهم.
    هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، أنه ذكر بعدها فريضة الحج والحجاج الذين يأتونه من كل فج عميق، ولم يذكر أهل البلد الحرام وسكانه، فقال (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (28) ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (29) الحج).
    ومن هؤلاء المذكورين من سيعود إلى أهليهم بعد قضاء فريضة الحج، فلا يناسب ذلك العكوف والاقامة، وإنما يناسبه القيام. والقيام من معانيه القيام بأمر الدين والاستمساك به كما ذكرنا، ومن ذلك القيام بالصلاة والقائمين وفي سورة الحج. والله أعلم.
    مقتطفات ملخّصة من الكتاب (منقول من منتدى قرآني)
    وسنحاول أن نتلمس الفرق بينهما في الاستعمال القرآنيترد في القرآن الكريم أفعال تأني تارة بصيغة (فَعّلَ) وتارة بصيغة (أفعَلَ) ، وقد
    إن بناء (فعّل ( يفيد التكثير والمبالغة غالبا نحو: (قطّع وكسّر وفتّح وحرّق وسعّر)، ومن مقتضياتالتكثير والمبالغة في الحدث استغراقُ وقت أطول، وأنه يفيد تلبثا ومكثا ، فـ (قطّع (يفيد استغراق وقت أطول من (قطَع)، وفي (علّم) من التلبث وطول الوقت في التعلم ماليس في (أعلم). تقول (أعلمت محمدا خالدا مسافرا) وتقول: (علمته الحساب)، ولا تقول أعلمته الحساب
    ومن استعمال فعّل وأفعل نحو (كرّم وأكرم) فإن القرآن وأعميستعمل (كرّم) لما هو أبلغ وأدوم، فمن ذلك قوله تعالى: "ولقد كرّمنا بني آدم" الإسراء، وهذا تكريم لبني آدم على وجه العموم والدوام، وقوله على لسان إبليس : "قالأرأيتك هذا الذي كرمت عليّ" الإسراء، أي فضلته عليّ، في حين قال: "كلا بل لا تكرموناليتيم"، وقال: "فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن" الفجر، وهو يقصد إكرامه بالمال، فاستعمل التكريم لما هو أبلغ وأدوم
    ومنه استعمال (نزّل وأنزل) حيث يفيد (نزّل) التدرج والتكرار، والإنزال عام، وذلك هو الأكثر. ولذلك يوصف نزول القرآن بالتنزل لأنه لم ينزل جملة واحدة بل سورة سورة وآية آية، قال تعالى: "نزّل عليك الكتابَ بالحقّ مُصدّقا لما بين يديه وأنزل التورة والإنجيل" آل عمران، فلفظ (نزل) يفيد التفصيل والتنجيم والتفرق في النزول، أما لفظ (أنزل) فلا يقطع بذلك بل يحتمله. أما التوراة فقد أوتيَها موسى عليه السلام جملة واحدة في وقت واحد، ونجد هذا أيضا في قوله: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ" النساء والمراد التوراة
    ومنه استعمال (نجّى وأنجى) فإن الملاحظ أن القرآن الكريم كثيرا ما استعمل (نجّى) للتلبث والتمهل في التنجية، ويستعمل (أنجى) للإسراعفيها. فإن (أنجى) أسرع من (نجّى) في التخليص من الشدة والكرب،
    ومن أمثلة ذلك قوله تعالى: "وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ. وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ" البقرة:5
    فإنه لما كانت النجاة من البحر تحتاج للسرعة ولم تستغرق وقتا طويلا استعمل (أنجى) فقال "فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون" بخلاف البقاء مع آل فرعون تحت العذاب فإنه استغرق وقتا طويلا ومكثا فاستعمل له (نجّى) "وإذ نجيناكم من آل فرعون"
    وكذا إن قارنا الآية السابقة بآية شبيهة في سورة إبراهيم وهي قوله تعالى:
    "وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ""اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَيَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَنِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْعَظِيمٌ
    ومثلها أيضا في الأعراف "وَإِذْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ"
    نلحظ استعمال (أنجى) في هاتين الآيتين اللتين تتحدثان عن أمر واحد، والسبب فيه أنه في هاتين الآيتين ذكر العذاب مضاعفا عما في البقرة فاقتضى ذلك الإسراع في الإنجاء، أما البقرة فكان العذاب المذكور فيها أقل، فإنه في البقرة فسّر سوء العذاب أنه تذبيح الأبناء واستحياء النساء، أما في الأعراف وإبراهيم فقد جعل التذبيح شيئا آخر غير سوء العذاب بعطف التذبيح على سوء العذاب بالواو مما يدل على أن هناك عذابا سيئا آخر غير ما ذكر
    فالعذاب ها هنا أشد من العذاب الذي ذكره في البقرة فاستدعى الأمر ذكر السرعة في النجاة فقال (أنجيناكم وأنجاكم)، والأمر نسبي حسب لحالة التي نتحدث عنها أو المنظار الذي نشاهدها به في موطن معين يختلف عن موطن آخر، فإننا قد نقول في مقام (الدنيا طويلة) ونقول في مقام آخر (الدنيا قصيرة) فلكل مقام مقال

     

     

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()