تفاقمت مشكلة البطالة في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية إلى حد يثير القلق في الآونة الأخيرة، وقد صدر العديد من التقارير التي تحذر من التداعيات الخطيرة لتفاقم هذه المشكلة؛ ومنذ سنوات والتحذيرات تخرج من هنا وهناك، تدق ناقوس الخطر من العواقب السلبية لمشكلة البطالة على الأمن القومي العربي، ومع ذلك فإن معدلات البطالة تتزايد يومًا بعد يوم، ومن أسوأ صور البطالة في أمتنا حاليا هي أوضاع العمالة في الأراضي الفلسطينية، نظرًا لما يتعرض له العالم العربي من تحديات العولمة والصهيونية العالمية، وما تفرضه من واقع جديد على مختلف أوجه الحياة الإنسانية، ومنها مجال العمل والعمالة.
12.5 مليون عاطل عربي!
الواقع أن ظاهرة البطالة باتت تؤرق أغلب البلدان العربية والإسلامية، وتوضح إحصاءات منظمة العمل العربية مدى خطورة هذه الظاهرة على النحو التالي:
ا - تصل نسبة البطالة حاليًا إلى 14% من إجمالي القوى العاملة العربية البالغة 90 مليونًا؛ مما يعني وجود 12.5 مليون عاطل عن العمل، معظمهم من الشباب، ويتوقع ارتفاع هذا العدد بالنظر إلى أن حجم القوى العاملة العربية في ازدياد مطرد؛ فقد ارتفع من 65 مليون نسمة عام 1993، إلى 89 مليونًا في العام 1999، ويتوقع أن يصل إلى 123 مليونًا في العام 2010، فيما يقدر حجم الداخلين الجدد في سوق العمل العربية بنحو 3 ملايين عامل سنويًا، وتقدر حجم الأموال اللازمة لتوفير فرص عمل لهم أكثر من 15 مليار دولار سنويًا.
ب - غالبية العاطلين عن العمل من الداخلين الجدد في سوق العمل، أي من الشباب، ويمثل هؤلاء تقريبًا ثلاثة أرباع العاطلين عن العمل في دولة البحرين و84% في الكويت، وما يزيد على الثلثين في مصر والجزائر، أما معدلات البطالة بين الشباب نسبة إلى القوى العاملة الشابة فقد تجاوزت 60% في مصر والأردن وسورية وفلسطين و40% في تونس والمغرب والجزائر.
فضلاً عن ذلك، فقد برزت منذ سنوات بطالة حملة الشهادات التعليمية، واستفحلت في العديد من الدول العربية والإسلامية؛ حيث تبلغ معدلاتها الضعفين في الأردن، وثلاثة أضعاف البطالة بين الأميين في الجزائر، وخمسة أضعاف في المغرب، وعشرة أضعاف في مصر.
جـ - تستحوذ دول اتحاد المغرب العربي على الجانب الأكبر من قوة العمل العربية بنسبة 37.8%؛ حيث يوجد بها حاليًا 33.5 مليون عامل، من المتوقع زيادتها إلى 47 مليونًا عام 2010، ثم دول مصر والأردن واليمن والعراق، وبها 25.2 مليونًا تصل إلى 35 مليونًا عام 2010 بنسبة 27.7 %، ودول مجلس التعاون الخليجي، وبها 8.3 ملايين تصل عام 2010 إلى 11.4 مليونًا بنسبة 9.3 % من قوة العمل، فيما يتوزع الباقي، وهم 22.6 مليونًا، على بقية الدول العربية، ومن المنتظر زيادتهم إلى 30 مليونًا عام 2010.
أسباب تفشي البطالة
هناك قواسم مشتركة أدت إلى ارتفاع نسبة البطالة في الدول العربية وفي بعض الدول الإسلامية الأخرى؛ أهمها: الأمية، وتدني المستوى التعليمي، وتخلف برامج التدريب، وعدم مواكبة السياسة التعليمية والتدريبية لمتطلبات سوق العمل المتجددة والمتغيرة، وإلى جانب هذه القواسم المشتركة يرجع الخبراء تفشي ظاهرة البطالة في العالم العربي والإسلامي إلى الأسباب التالية:
أولاً: فشل برامج التنمية في العناية بالجانب الاجتماعي بالقدر المناسب، وتراجع الأداء الاقتصادي، وتراجع قدرة القوانين المحفزة على الاستثمار في توليد فرص عمل بالقدر الكافي، إضافة إلى تراجع دور الدولة في إيجاد فرص عمل بالحكومة، والمرافق العامة وانسحابها تدريجيًا من ميدان الإنتاج، والاستغناء عن خدمات بعض العاملين في ظل برامج الخصخصة والإصلاح الاقتصادي التي تستجيب لمتطلبات صندوق النقد الدولي في هذا الخصوص.
ثانيًا: ارتفاع معدل نمو العمالة العربية والإسلامية، مقابل انخفاض نمو الناتج القومي؛ ففي الوقت الذي يبلغ فيه نمو العمالة 2.5 في المائة سنويًا، فإن نمو الناتج القومي الإجمالي لا يسير بالوتيرة نفسها، بل يصل في بعض الدول العربية والإسلامية إلى الركود، وأحيانًا يكون سالبًا؛ فالدول العربية والإسلامية التي يتوافر فيها فائض العمالة تعاني من الركود الاقتصادي وعدم توافر أموال الاستثمار، وازدياد البطالة والديون؛ حيث يصل معدل النمو السنوي لدخل الفرد العامل في مصر إلى 2.1 %، وفي المغرب 3.5 %، وفي الأردن 3.6 %، وفي سورية 5%.. وهذا التراجع في مستوى معيشة العامل العربي له آثاره السلبية على إنتاجيته ودوره في الاقتصاد الوطني.
وكان من بين الآثار السلبية لهذه العمالة: تفشي البطالة بين الشباب الخليجي في ظل تشبع القطاع الحكومي والتباين في الأجور وشروط العمل بين العامل الوافد والوطني؛ مما أدى إلى عدم النجاح الكامل لسياسات توطين الوظائف.
تتباين تجارب الدول العربية في علاج ظاهرة البطالة حسب ظروف كل دولة ومدى تفاقم الظاهرة بها من عدمه؛ فالدول الخليجية- على سبيل المثال- لجأت إلى توطين العمالة الوطنية محل العمالة الأجنبية تدريجيًا، محققة نجاحًا ملموسًا في هذا الشأن.
أما الدول التي تتفاقم فيها الظاهرة؛ فقد انتهجت سياسة متعددة الأبعاد لإيجاد حلول للظاهرة من خلال تشجيع إنشاء الصناعات الصغيرة والمتوسطة، وحث الشباب للتوجه للعمل الخاص، أو من خلال إنشاء المشروعات القومية الكبرى القادرة على استيعاب الأعداد المتزايدة من الداخلين إلى سوق العمل سنويًا.
إن مشكلة البطالة تعد بمثابة قنابل موقوتة تهدد الاستقرار في العالم العربي والإسلامي، وأياً كانت التجارب العربية والإسلامية للتصدي لها، فإن المطلوب وضع إستراتيجية عربية وإسلامية شاملة في هذا الشأن آخذة في الاعتبار عدة أمور منها:
أولاً: ضرورة الإسراع بإنشاء السوق العربية أو الإسلامية المشتركة التي طال انتظارها؛ لأن إنشاءها يساعد في تشجيع تبادل الأيدي العاملة، وانتقال رؤوس الأموال بين الدول العربية و الدول الإسلامية؛ مما يؤدي إلى التقليل من حدة الظاهرة.
ثانيا: تحسين الأداء الاقتصادي العربي والإسلامي، وتحسين مناخ الاستثمار في الدول العربية والإسلامية، وإزالة القيود التنظيمية والقانونية التي تحول دون اجتذاب الأموال العربية والإسلامية في الخارج، والتي يقدرها بعض الخبراء بأكثر من 800 مليار دولار، ولا شك أن عودة هذه الأموال للاستثمار في الدول العربية والإسلامية سوف يساهم في كبح جماح مشكلة البطالة، ويساعد على توفير فرص عمل لا حصر لها للشباب العربي وشباب العالم الإسلامي بصورة عامة.
لكن هذه التقارير ومعها الكثير من الأنشطة والفعاليات التي تحض الدول المختلفة على إيجاد حلول ناجعة لهذه المشكلة لم تنجح حتى الآن في بلورة سياسات محددة لحلها، ويمكن معالجة هذه القضية من خلال التساؤلات والمحاور التالية: ما أسباب تفاقم مشكلة البطالة في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية مثلا رغم تمتع تلك الدول بفوائض مالية وأسواق عمل واعدة تجتذب ملايين الوافدين؟، هل تبذل الحكومات الخليجية الجهود اللازمة لحل تلك المشكلة؟ وهل ثمة مسؤولية على العمالة المواطنة في دول الخليج في تفاقم تلك المشكلة؟ وما تداعيات مشكلة البطالة المستقبلية وتأثيراتها في الأمن القومي الخليجي؟، وكيف يمكن مواجهة هذه المشكلة وإيجاد حلول لها أو التقليل من مخاطرها وتأثيراتها السلبية؟.
أثر البطالة في البناء الاجتماعي
دراسة تحليلية للبطالة وأثرها في المملكة العربية السعودية؛
البطالة ظاهرة وجدت في أغلب المجتمعات الإنسانية في السابق والحاضر، ولا يكاد مجتمع من المجتمعات الإنسانية على مر العصور يخلو من هذه الظاهرة أو المشكلة بشكل أو آخر؛ لذا يهدف هذا البحث إلى تحديد حجم البطالة ونسبتها في المملكة العربية السعودية، وتحليل طبيعة العلاقة بين حالة البطالة ومستويات التأهيل العلمي للقوى العاملة والعاطلين عن العمل، إضافة إلى تحليل العلاقة بين حالة البطالة وحدوث الجريمة في المناطق الإدارية للمملكة، وذلك من خلال توظيف بيانات إحصاءات النتائج التفصيلية للتعداد العام للسكان والمساكن بالمملكة لعام 1413هـ، 1992م، وأكدت نتائج تحليل الانحدار أن الحالة التعليمية للقوى العاملة تعد المتغير الأساسي الذي يسهم في تفسير اختلاف حجم البطالة ونسبتها في المناطق الإدارية، كما أكدت وجود علاقة طردية بين ارتفاع نسبة البطالة والجريمة وقضايا المخدرات، وتتبلور هذه العلاقة من خلال الحالة التعليمية للمتعطلين عن العمل، بحيث كلما انخفض المستوى التعليمي للعاطلين عن العمل ارتفع عدد قضايا المخدرات في المنطقة.
مشاكل العمل التي تواجه شباب أمتنا:
في الحقيقة أن شباب العالم العربي والعالم الإسلامي يمر بظروف صعبة بعض الشيء كل في بلده، عل سبيل المثال كثير من الشباب يظل يعاني من عدم الحصول على وظيفة بعد التخرج ويمر في إحباطات عديدة من أصحاب العمل، السبب يعود إلى عدم توعية هؤلاء الشباب بجانب التطوير المهني؛ فلعدة سنوات لم يكن في العالم العربي ولا في كثير من دول العالم الإسلامي مراكز إرشاد مهنية، ولم يتوفر هذا النوع من الإرشاد المهني أو الوظيفي في المدارس وبالتالي فماذا يقدم المجتمع؟!، وماذا تقدم الدول للشباب حتى يستطيع الشاب أن يقدم وينافس؟!.
السؤال: هل لدينا مبدعون وموهوبون وأصحاب مؤهلات؟!، نعم لكن ينقصنا معرفة كيفية المنافسة والتي تحتاج إلى دراية وعلم وفن ولا يأتي ذلك إلا من خلال إعادة البناء في المجال المهني ليكسب الفرد المهارات الأساسية والإمكانات التي تجعله يدخل المنافسة.
رحلة البحث عن عمل لا تخلو من الإحباط وهي تحتاج إلى الصبر بجانب الاهتمام بتنمية المهارات والقدرات التي يمتلكها الشاب حديث التخرج، وعدم حصول الشباب حديثي التخرج على فرص عمل له أسباب عديدة منها أن أصحاب العمل يبحثون عن جانب الخبرة وهذا لا يتوفر في الشباب حديث التخرج.
تمر عملية البحث عن عمل بخطوات منها: كتابة السيرة الذاتية وهي أساسية إلا أن كثيرا من الشباب يجهلها، وفي إحدى الدورات التي قُدِّمت في مجال البحث عن عمل طُلِب من الحضور أن يكتبوا السيرة الذاتية إلا أن كثيرا منهم كتبها بشكل لا يؤهله للحصول على أي وظيفة.
إن أهمية السيرة الذاتية تكمن في أنها الصورة التي تصل عنك إلى أصحاب العمل قبل وصولك لهم فإذا حازت على إعجابهم اتصلوا بك لتحديد موعد المقابلة الشخصية، وهي الخطوة الثانية من خطوات البحث عن وظيفة، والمقابلة هي بالفعل فرصتك لإثبات ذاتك وتوضيح قدراتك فلا بد من استغلالها، أمر آخر أود الإشارة إليه وهو ماذا تفعل الآن هل أنت تجلس منتظر دون عمل شيء؟، أرجو أن تستثمر وقتك في الاستزادة من المهارات، يمكنك التطوع مثلا في عمل ما حيث تعطي الآخرين فرصة التعرف عليك عن قرب ومعرفتهم لك ولإمكاناتك، وفي الوقت ذاته تكتسب خبرة وتضيفها إليك.