صلاة الكسوف مشروعة بالرؤية وليس بخبر أهل الحساب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:
فقد نشرت صحيفة الرياض في عددها الصادر في يوم الأحد 14 جمادى الأولى 1416هـ، نقلاً عن عبد العزيز بن سلطان الشمري مدير مراصد الأهلة بمعهد بحوث الفلك والجيوفيزياء بمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية أن القمر سيكسف مساء اليوم المذكور، كما نشرت الصحيفة المذكورة في عددها الصادر يوم الاثنين 29 جمادى الأولى 1416هـ، أن عبد الرحمن بن محمد أبو عمة، عميد كلية العلوم في جامعة الملك سعود ذكر للرياض أن الشمس ستكسف صباح يوم الثلاثاء 30 جمادى الأولى 1416هـ.
وبلغني أن بعض أئمة المساجد عملوا بذلك ليلة 15 من الشهر المذكور مع عدم وجود الكسوف، فرأيت أن من الواجب على مثلي بيان الحكم الشرعي في هذا الأمر، فأقول:
قد صحت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأمر بصلاة الكسوف والذكر والدعاء عندما يرى المسلمون كسوف الشمس أو القمر، فقال صلى الله عليه وسلم: ((إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكن الله يرسلهما يخوف بهما عباده، فإذا رأيتم ذلك فصلوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم))، وفي لفظ آخر: ((فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله ودعائه واستغفاره))، فعلق صلى الله عليه وسلم الأمر بالصلاة والدعاء والذكر والاستغفار برؤية الكسوف لا بخبر الحسابين.
فالواجب على المسلمين جميعا التمسك بالسنة والعمل بها والحذر من كل ما يخالفها.
وبذلك يعلم أن الذين صلوا صلاة الكسوف ليلة الاثنين 15/ 5 اعتمادا على خبر الحسابين قد أخطئوا وخالفوا السنة.
ويعلم أيضا أنه لا يشرع لأهل بلد لم يقع عندهم الكسوف أن يصلوا؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم علق الأمر بالصلاة وما ذكر معها برؤية الكسوف لا بالخبر من أهل الحساب بأنه سيقع، ولا بوقوعه في بلد آخر، وقد قال الله عز وجل: وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا، وقال سبحانه: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، وهو صلى الله عليه وسلم إنما صلى صلاة الكسوف لما وقع ذلك في المدينة وشاهده الناس، وقال عز وجل: فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم.
ومعلوم أنه صلى الله عليه وسلم هو أعلم الناس وأنصح الناس، وأنه هو المبلغ عن الله أحكامه.
فلو كانت صلاة الكسوف تشرع بأخبار الحسابين، أو بوقوع الكسوف في مناطق أو أقاليم لا يشاهدها إلا أهلها، لبين ذلك وأرشد الأمة إليه، فلما لم يبين ذلك، بل بين خلافه، وأرشد الأمة إلى أن يعتمدوا على الرؤية للكسوف، علم بذلك أن الصلاة لا تشرع إلا لمن شاهد الكسوف أو وقع في بلده.
ولما شرع الله من بيان الحق والنصيحة للخلق والدعوة إلى سبيل الهدى والتحذير مما يخالف ذلك، جرى تحرير هذه الكلمة.
والله المسئول أن يوفقنا وجميع المسلمين للعلم النافع والعمل به، وأن يعيذنا وجميع إخواننا من القول على الله بغير علم، وأن يصلح أحوال المسلمين جميعا ويمنحهم الفقه في الدين، وأن يولي عليهم خيارهم ويصلح قادتهم، إنه ولي ذلك والقادر عليه. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان.