بتـــــاريخ : 2/28/2009 5:02:42 PM
الفــــــــئة
  • الصحــــــــــــة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1485 0


    هل هي البدانة؟ أم غول البدانة؟

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : د.وائل أبو هندي | المصدر : www.maganin.com

    كلمات مفتاحية  :
    غول البدانة

    هكذا تطالعنا عناوين المقالات الصحفية والإليكترونية: سدس سكان العالم يعانون البدانة، التلفزيون يساهم في زيادة ظاهرة البدانة بين الأطفال، وقدرت إحصاءات منظمة الصحة العالمية أن حوالي مليار شخص في العالم يعانون من إفراط الوزن، ولاحظ المفتشون أن هؤلاء الأشخاص يتوزعون في مناطق مختلفة من العالم حتى في الدول التي تعاني من المجاعات، ولا تتوفر إحصاءات شاملة عن مدى انتشار البدانة في العالم العربي، وأن كانت نسب هذا الانتشار تتفاوت بين بلد عربي وآخر، وتشكل البدانة مصدر قلق بالغ في العالم العربي، لكن التعاطي معها لا يتمّ على أساس أنها مرض تعدّدت أسبابه ومضاعفات، كل هذا كلام صحيح مليح، لكن الحلول التي تقدم ليست كذلك، والرسائل الإعلامية التي تحملها معها تلك العناوين ليست أيضًا على الأغلب موضوعة ولا علمية دقيقة أكيدة.

    وسأكتفي في هذا المقال بذكر بعض الإحصاءات خاصة المتاحة عن عالمنا العربي، متحريا الدقة في الرسائل المضمنة، لكنني أنبه أيضًا إلى أن هناك في العالم وفي مجتمعاتنا الإسلامية تتضخم مشكلة تعادل مشكلة انتشار البدانة في ضررها النفسي وأثرها على حياة الناس وهي مشكلة انتشار واستفحال ظاهرة الخوف من البدانة وكثيرا دون داعٍ منطقي، فكثيرات من مريضاتي ومرضاي من طبيعي الوزن يعيشون في ما يشبه الحمية الدائمة خوفا من غول البدانة، وأنا من أجل مناقشة ومحاولة دراسة ظاهرة "الخوف من غول البدانة
    " هذه أدع كل صديقات
    مجانين إلى المشاركة كلٍّ بخبرتها من خلال بريد المشاركات أو على بريد مجانين الموقع maganin@maganin.com ، وكذلك أدعو أصدقاء مجانين.

    بينت دراساتٌ غربيةٌ وشرقيةٌ عديدةٌ زيادةَ معدلات البدانة بشكلٍ مقلقٍ في العقدين الأخيرين على مستوى العالم، ويعاني من البدانة ما يقارب عشرين بالمائة من الناس في الغرب (WHO,2000)، فقد تضاعفت معدلات انتشار البدانة في إنجلترا بين 1980و1991 وما تزال في زيادةٍ مطردةٍ (Bennett, et al.,1995) كما أن المعدلات فضلاً عن زيادتها من 12% سنة 1991 إلى 17.9 % سنة1998 أصبحت تصل إلى خمسين بالمائة من النساء في الولايات المتحدة الأمريكية (Kuczmarski, et al.,1994) وفي كندا زادت معدل انتشار البدانة من 5.6 % سنة 1985 إلى 14.8% سنة 1998 أي أنه أكثر من تضاعف (Annual demographic statistics, 2000) كما أن هناك زيادةٌ مرعبةٌ في معدلات البدانة في الأطفال وليس فقط في البالغين في معظم الدول الصناعية (Tremblay & Willms 2000)، وأما أحدث التقارير الأمريكية فتشير إلى أن 31%من البالغين الأمريكيين يعانون من البدانة (منسب كتلة الجسد فوق 30 كجم/متر مربع) أي ما يقارب واحدًا من كل ثلاثة، بينما يصل الرقم إلى اثنين من كل ثلاثة( 64,5%) إذا حسبنا كل زائدي الوزن من البالغين(منسب كتلة الجسد أعلى من 25 كجم/متر مربع) (Griffiths , 2003).

    وأما في البلدان العربية فهناكَ عدةُ دراساتٍ أجريت في مصر على الطلاب في مراحل التعليم المختلفة بما فيها الجامعات، منها دراستان أجريتا على طالبات الجامعة المقيمات في المدن الجامعية إحداهنَّ في جامعة أسيوط (El-Fishawy & Yossef,1988) وبينت معدل انتشارٍ لزيادة الوزن بلغ 21,8% منهن 14% في مرحلة ما قبل البدانة و 7,8% بدينات بالفعل، وفي دراسةٍ أحدث(Farahat & Abou El-Fath, 2001) أجريت في جامعة المنوفية ظهرَ أعلى معدل انتشارٍ للوزن الزائد والبدانة في الدراسات العربية التي بين يديَّ حيثُ كانت نسبةُ زائدات الوزن 57,3% منهن 44,4% في مرحلة ما قبل البدانة و13,4% بدينات بالفعل، كما أوضحت الدراسةُ الأخيرةُ أن من بين العوامل المحددةِ لزيادة الوزن والبدانة بين الطالبات عدم ممارسة الطالبات للرياضة وانتشار الأمية والسمنة بين أمهات الطالبات وكذلك زيادةُ السن فقد كانت نسبةُ زائدات الوزن أعلى كلما كان عمر البنت أكبر وهوَ ما تؤيدهُ نتائجُ دراسةٍ مصريةٍ أخرى (Fahmy et al.,2000) أجريت على طلبةِ المدارس الإعدادية، وكذلك تؤيدهُ النتائجُ الأولية لدراسةٍ أخرى (Abdo , 2003)شملت طلبة المرحلة الثانوية إضافةً إلى الإعدادية فكانت معدلات الوزن الزائد (منسب كتلة الجسد أعلى من 25 كجم/متر مربع) في الدراسة الأخيرة ففي الفئة العمرية 11-14 عاماً كانت النسبة المئوية لزائدي الوزن 36,7% وارتفعت إلى40,3% في الفئة العمرية 15-17عامًا وإلى 62% قي الفئة العمرية 17-20 عاماً.

    وقد كشف بحث علميّ أعدّه الدكتور عزت خميس -أستاذ تكنولوجيا الأغذية بأكاديمية البحث العلمي بالقاهرة- تحت عنوان "الرؤية المستقبلية للتغذية على مستوى الشرق الأوسط"- عن انتشار البدانة بين السيدات والفتيات في العالم العربي خلال السنوات الأخيرة بدرجة ملحوظة أكثر من الرجال، وتتراوح معدلات انتشار السمنة بين السيدات من قطر إلى آخر داخل عالمنا العربي، فالعُمانيات هن أكثر السيدات سمنة، حيث يصل المعدل هناك إلى 64% من السيدات، تليهن سيدات مصر بنسبة 49% ثم سيدات الكويت 42%، والبحرين 40 %، والإمارات 38%، و37% في السعودية، وجاءت سيدات لبنان الأفضل من ناحية الرشاقة حيت تتدنى نسبة البدينات في لبنان إلى 27% من إجمالي النساء، أما الرجال فتشير الدراسة إلى أن رجال الكويت هم الأعلى في البدانة بنسبة 15% ثم رجال البحرين بنسبة 14%.

    وتشير الدراسة إلى أن أهم أسباب إصابة سيدات العالم العربي بالسمنة مقارنة بسيدات أوروبا وأمريكا هو "الإفراط" في تناول الطعام مع قلة الحركة والنشاط، خاصة في دول الخليج العربي التي تتميز بصيف طويل حار يمنع ممارسة الأنشطة الرياضية إلا في الصالات المغلقة، إلى جانب طبيعة المجتمع الشرقي التي تنظر بطريقة سلبية إلى ممارسة المرأة للرياضة، هذا غير انتشار الأجهزة المنزلية الكهربائية التي تقلل من الجهد الذي تبذله المرأة عمومًا أثناء أداء الأعمال المنزلية، ومن أسباب زيادة معدلات السمنة أيضًا -كما تكشف الدراسة- انتشار ظاهرة "الفلبينيات" في منطقة الخليج العربي، واعتماد المرأة الخليجية على الخادمة في القيام بالكثير من الأعمال المنزلية، بالإضافة إلى انتشار ظاهرة الرضاعة الصناعية التي حرمت السيدة من العودة لوزنها الطبيعي الذي كان يحدث بالرضاعة الطبيعية.

    وأهم ما يلفت النظر في الدراسة هو أن السمنة تكون مصاحبة لفقر الدم Anemia في سيدات العالم العربي، مما يدل على أنهن يتناولن كميات كبيرة من عناصر غذائية لا تحتوي على العناصر الهامة مثل الحديد وحامض الفوليك، وأوضحت الدراسة قيام الحكومات العربية بنشر التثقيف الصحي من خلال التليفزيون وكل وسائل الإعلام، وإضافة معلومات غذائية في مراحل التعليم، للتأكد من تناسق هذه البرامج مع حاجة المجتمعات من الغذاء والتغذية، وتشجيع إنشاء جمعيات أهلية تحارب السمنة بين السيدات
    (عبير صلاح الدين، 2002 ).

    إلا أن الدراسات المسحية التي تجرى على عامة الناس في بلادنا العربية شحيحةٌ إن وجدت، وبعضها كانَ يقصدُ قياسَ أحد الأمراض التي تشتهرُ البدانةُ بكونها أحدُ عوامل خطورتها كمرض السكر مثلاً، فهناكَ حسب بحثي دراسةٌ مصريةٌ (Herman et al.,1995) وهناك دراسةٌ كويتيةٌ(Al-Isa,1995)ودراسةٌ سعودية (Al-Nuaim et al.,1996)aوأخرى بحرينية(Al-Musaiger,1996) وأيضًا دراسةٌ أردنيةٌ(Ajlouni et al.,1998)، ونتائجُ هذه الدراسات كلها تشيرُ إلى زيادةٍ مرعبةٍ في معدلات انتشار البدانة بينَ النساء خاصةً في المناطق الحضرية، وهناكَ دراسةً سعوديةً(Al-Nuaim et al.,1996)b اهتمت بدراسة البدانة في الذكور فأجريت على طلبة المدارس من الذكور وبينت معدل انتشارٍ للبدانة(منسب كتلة الجسد فوق 30 كجم/متر مربع) بلغَ 15,8%، من بين 27,5% هيَ نسبة زائدي الوزن بشكلٍ عام وهذه أيضًا نتائجُ مرتفعة، وهناكَ دراسةٌ كويتيةٌ حديثةٌ على طالبات الجامعة الكويتيات أظهرت أن نسبةَ زائدات الوزن تبلغُ 40,9% منهن 32% لا يصلن إلى حد البدانة و8,9% بدينات(Al-Isa,1999)، وأجريت دراستان على أهل الضفة الغربية في فلسطين أخراهما على قاطني المناطق الحضرية (رام الله المحتلة) وبينت معدل انتشارٍ يبلغ 49% في النساء و30% في الرجال(Abdul-Rahim et al.,2001)، وأما الدراسةُ الأولى (Stene et al.,2001) التي أجريت على أهل الضفة الغربية في فلسطين فقد أجريت على قاطني المناطق الريفية وبينت وجود معدل انتشارٍ بلغَ 42,1% في النساء و19,5% في الرجال(Palestinian Central Bureau of Statistics,1999).

    ورغم أن أسباب ذلك الانتشار المخيف للبدانة غير معروفةٍ بشكلٍ محددٍ وكامل ومتفقٍ عليه إلا أن الاستغناء عن المجهود البدني هو أحد الأسباب المهمة وإن كانت النزعة التي تربت ونمت للنهم أو الشره أيضًا خاصةً في العقود الأخيرة لا يمكن استبعادها (Andersen,2000)، خاصةً وأن شركات إنتاج الغذاء تتبارى في إغراء المستهلك على مستوى العالم، كما بينا في مقال:
    الجوع والشهية ومعاملُ الشبع، ومن عجبٍ أنه في نفس الوقت الذي يشجع فيه كل شيء في العالم على البدانة، نجد كل شيء أيضًا يحاربها ويخيف الناس منها، ببساطة لأن النموذج الذي حاز على شهادة الأيزو في كل شيء هو النموذج النحيل كما بينا في مقال
    البدانة من الجمال إلى القبح.

    وفي مقال تالٍ سوف أحاول عرض المعلومات المتاحة عن أسباب حدوث البدانة على مستوى الفرد وأسباب زيادة معدلات البدانة على مستوى المجتمع، لكنني أنصح رواد
    مجانين، بقراءة ما سبق ظهوره على باب البدانة والنحافة تحت العناوين التالية:
    هل هناكَ تعريفٌ طبيٌّ موضوعيٌّ للبدانة ؟ / مسارُ البدانة من الصحة إلى المرض / أكذوبةٌ اسمها أغذيةُ الحمية المنحفة / هل البدانة مرض ؟

    وأسأل في الختام هل معدلات انتشار البدانة كما نلمسها في واقعنا اليومي المعاش تستحقُّ فعلا أن تنتج ظاهرة "الخوف من غول البدانة
    " كما نلمسها أيضًا في مجتمعاتنا وربما خاصة في بناتنا الجائعات أكثر الأحيان؟ أليس خوفنا من الغول مبالغا فيه؟ أم أنه مبررٌ بما تفرضه علينا طبيعة الحياة المرتخية التي اشتريناها وفضلناها، ونحن بصراحة لا نستطيع التغيير، وإلا أصبحنا
    مجانين فعلا، أنتظر مساهماتكم على مجانين

    كلمات مفتاحية  :
    غول البدانة

    تعليقات الزوار ()