الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق، بشيرًا ونذيراً وداعياً إليه بإذنه وسراجاً منيراً، اختصه الله بالقرآن ، وميزه بجوامع الكلم وفصاحة اللسان، وفضله على جميع مخلوقاته من مَلَك وإنس وجان، ختم الله به الرسالة، وهدى به من الضلالة، وبصَّر به من العماية، وأرشد به من الغواية، فرض على الناس طاعته، وأوجب عليهم محبته، شرح له صدره ووضع عنه وزره ورفع له ذكره، وأعلى قدره، وجعل الذل والصغار على من خالف أمره، فصلى الله وسلم وبارك عليه، وزاده رفعة ومكانة لديه، ورضي الله عنه آله وصحابته الأكرمين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد:
فمازال الباطل ينفث سمومه من أن لآخر والكفر يطل علينا بوجهه القبيح، فقد تاججت نيران العداوة والبغضاء في قلوب أعداء الإسلام، وغلت مراجل الحقد في صدورهم، وتطاول اللئام على مقام سيد الأنام، مقتفين بذلك نهج أسلافهم من الكفار أتباع أبي لهب وأبي جهل وأنصار مسيلمة الكذاب، قال تعالى: ﴿ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ ﴾ [البقرة: 118].
كل ذلك تحت شعاراتهم الزائفة ومبادئهم الباطلة التي يسمونها الحرية في التعبير، مع أنه لا يجرؤ أحدهم ولا يقوى أن يتطاول أو يتعرض لجناب رئيس أو زعيم عندهم، وكما قال الشاعر:
يقاد للسجن من سب الزعيم ومن سب الرسول فإن الناس أحرارُ
إن الجريمة النكراء والفعلة الشنعاء التي ارتكبها الدنماركيون وغيرهم في حق سيد الأنبياء لهي نذير شؤم عليهم وبلاء، وخراب ودمار في الدنيا والآخرة، فسنة الله ماضية فيمن يستهزئ برسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو يؤذيه أو يتعرض لمقامه الشريف بالقول أو الفعل، فحينما أكرم قيصر كتاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأكرم رسوله ثبت ملكه واستمر زماناً، وأما كسرى فمزق كتاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فمزق الله ملكه بدعوة النبي -صلى الله عليه وسلم- [كما أورد ذلك القاضي عياض في كتابه الشفاء عن الشافعي -رحمه الله-] وهذا مصداق قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا ﴿57﴾﴾ [الأحزاب: 57]. وقوله تعالى: ﴿ إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ ﴿95﴾﴾ [الحجر: 95]، وقوله تعالى: ﴿ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ ﴿3﴾﴾ [الكوثر: 3].
فليسمع "أبرهة" الدنمركي شيئًا مما قاله حسان بن ثابت في الرد على أمثاله دفاعاً عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.
هجوتَ محمداً فأجبتُ عنه وعند الله في ذاك الجزاءُ
أتهجوه ولست له بكفءٍ فشرُّكُما لخيركما الفداء
فإن أبي ووالده وعرضي لعرض محمد منكم وِقَاءُ
هجوت مباركًا براً حنيفًا أمين الله شيمته الوفاءُ
فمن يهجو رسول الله منكم ويمدحه وينصره سواء
[مسلم: 2490] .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في مجموع الفتاوى: إن الله منتقم لرسوله -صلى الله عليه وسلم- ممن طعن عليه وسبه، ومُظهر لدينه ولكذب الكاذبين إذا لم يُمكن الناس أن يقيموا عليه الحد، ونظير هذا ما حدثناه أعداد من المسلمين العدول أهل الفقه والخبرة عما جربوه مرات متعددة في حصار الحصون والمدائن التي بالسواحل الشامية لما حاصر المسلمون فيها بني الأصفر في زمانهم قالوا: كنا نحن نحاصر الحصن أو المدينة الشهر أو الأكثر من الشهر وهو ممتنع علينا حتى نكاد نيأس منه حتى إذا تعرض أهله لسب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والوقيعة في عرضه تعجلنا فتحهُ وتيسر، ولم يكد يتأخر إلا يوماً أو يومين أو نحو ذلك، ثم يُفتح المكان عنوة ويكون فيهم ملحمة عظيمة قالوا: حتى إن كنا لنتبارئ بتعجيل الفتح إذا سمعناهم يقعون فيه مع امتلاء القلوب غيظا عليهم بما قالوا فيه -صلى الله عليه وسلم- [الصارم المسلول: 2 / 233].
مواقف وصور لدفاع الله سبحانه عن نبيه -صلى الله عليه وسلم-
1-عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ألا تعجبون كيف يصرف الله عني شتم قريش ولعنهم يشتمون مذما ويلعنون مذمما وأنا محمداً) [رواه البخاري: 3533].
فكان الكفار من قريش يتركون ذكر النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- الدال على المدح والثناء، ويعدلون إلى ضده ويقولون "مذمم" ولا شك أن هذا من نصرة الله لنبيه -صلى الله عليه وسلم- لأن الله صرفهم عن أن ينطقوا باسمه الشريف، وعن إيقاع الشتم على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
2- وعنه أيضاً -رضي الله عنه- قال: (قال أبو جهل: هل يعفر محمد وجهه «أي يسجد ويلصق وجهه بالعفر وهو التراب» ين أظهركم؟ قال: فقيل: نعم.
فقال: واللات والعزى! لئن رأيته يفعل ذلك لأطأن على رقبتته أو لأعفرن وجهه في التراب، قال: فأتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يصلي، زعم ليطأ على رقبته، قال: فما فجأهم منه إلا وهو ينكص على عقبيه «رجع يمشي إلى الوراء » ويتقي بيديه، فقيل له: مالك؟ فقال: إن بيني وبينه لخندقا من نار وهولاً وأجنحة.
فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لو دنا مني لأختطفته الملائكة عضواً عضواً). {رواه مسلم برقم: 2797، وأحمد: 2/ 370].
3- عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: (لما نزل: ﴿ وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأقْرَبِينَ ﴿214﴾﴾ [الشعراء: 214]، خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى صعد الصفا، فهتف: يا صباحًا -كلمة ينادى بها للاجتماع عند وقوع أمر عظيم-، فقالوا: من هذا؟ فاجتمعوا إليه، فقال: أرأيتم إن أخبرتكم أن خيلاً تخرج من سفح هذا الجبل أكنتم مصدقي؟ قالوا: ما جربنا عليك كذباً، قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد.
قال أبو لهب: تباً لك، ما جمعتنا إلا لهذا؟ ثم قام، فنزلت: ﴿ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ﴿1﴾﴾) [رواه البخاري برقم: 4770]
4- امرأة أبي لهب تقود حملة الإيذاء وتناصب النبي -صلى الله عليه وسلم- العداء:
وكانت امرأة أبي لهب -أم جميل بنت حرب بن أمية أخت أبي سفيان- لا تقِل عن زوجها في عداوة النبي -صلى الله عليه وسلم- ، فقد كانت تحمل الشوك وتضعه في طريق النبي -صلى الله عليه وسلم- وعلى بابه ليلاً، وكانت امرأة سليطة تبسط فيه لسانها، وتطيل عليه الافتراء والدس، وتؤجج نار الفتنة، وتثير حرباً شعواء على النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولذلك وصفها القرآن بحمَّالة الحطب.
ولما سمعت ما نزل فيها وفي زوجها من القرآن أتت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو جالس في المسجد عند الكعبة، ومعه أبو بكر الصديق ، وفي يدها فهر "حجر"، فلما وقفت عليهما أخذ الله ببصرها عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلا ترى إلا أبا بكر، فقالت: يا أبا بكر! أين صاحبك؟ قد بلغني أنه يهجوني، والله لو وجدته لضربت بهذا الفهر فاه، أما والله إني لشاعرة، ثم قالت: «مذمماً عصينا، وأمره أبينا- ودينه قلينا».
ثم انصرفت، فقال أبو بكر: يا رسول الله، أما تراها رأتك؟ فقال: ما رأتني، لقد أخذ الله ببصرها عني) [سيرة ابن هشام: 1/ 335- 336].
5-وعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: (بينما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي عند البيت، وأبو جهل وأصحابه له جلوس، وقد نُحرت جزور بالأمس ، فقال أبو جهل: أيكم يقوم إلى سلا جزور بني فلان فيأخذه فظل في كتفي محمد إذا سجد «والسلا هو المشيمة تكون مع مولود الناقة».
فانبعث شقي القوم «عقبة بن أبي معيط»، فأخذه فلما سجد النبي -صلى الله عليه وسلم- وضعه بين كتفيه، قال: فاستضحكوا، وجعل بعضهم يميل على بعض، وأنا قائم أنظر، لو كانت لي منعة طرحته عن ظهر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والنبي ساجد، ما يرفع رأسه، حتى انطلق إنسان فأخبر فاطمة، فجاءت وهي جويرية، فطرحته عنه ، ثم أقبلت تشتمهم، فلما قضى النبي صلاته رفع صوته ثم دعا عليهم وكان إذا دعا ثلاثاً، وإذا سأل؛ سأل ثلاثاً ، ثم قال: (اللهم عليك بقريش) ثلاث مرات، فلما سمعوا صوته ذهب عنهم الضحك، وخافوا دعوته، ثم قال: (اللهم عليك بأبي جهل بن هشام، وعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، وأمية بن خلف، وعقبة بن أبي معيط)، وذكر السابع ولم أحفظه، فوالذي بعث محمداً -صلى الله عليه وسلم- بالحق! لقد رأيت الذين سمى صرعى يوم بدر، ثم سحبوا إلى القليب «قليب بدر». [رواه مسلم: 1794].
6-عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: (إن الملأ من قريش اجتمعوا في الحجر، فتعاقدوا باللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى ونائلة وإساف، لو قد رأينا محمداً لقد قمنا إليه قيام رجل واحد، فلم نفارقه حتى نقتله، فأقبلت ابنته فاطمة -رضي الله عنها- تبكي حتى دخلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: هؤلاء الملأ من قريش قد تعاقدوا عليك لو قد رأوك لقد قاموا إليك فقتلوك، فليس منهم رجل إلا قد عرف نصيبه من دمك، فقال: يا بنية أريني وَضُوءاً، فتوضأ ثم دخل عليهم المسجد، فلما رأوه قالوا ها هو ذا، وخفضوا أبصارهم، وسقطت أذقانهم في صدورهم وعقروا في مجالسهم، فلم يرفعوا إليه بصراً، ولم يقم إليه رجل، فأقبل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى قام على رؤوسهم، فأخذ قبضة من التراب، فقال: شاهت الوجوه "قبح منظرها" ثم حصبهم بها فما (أصاب رجلاً منهم من ذلك الحصى حصاة إلا قتل يوم بدر كافراً) [رواه أحمد في المسند: 1/ 303، 368، وصححه أحمد شاكر برقم: 2762].
7- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: (لما فتحت خيبر، أُهديت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- شاة فيها سم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: اجمعوا لي من هاهنا من اليهود، فجمعوا له، فقال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إني سائلكم عن شيء فهل أنتم صادقوني عنه؟ فقالوا: نعم يا أبا القاسم، فقال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من أبوكم؟ قالوا: أبونا فلان، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: كذبتم، بل أبوكم فلان، فقالوا: صدقت وبررت، فقال: هل أنتم صادقوني عن شيء إن أنا سألتكم عنه؟ فقالوا: نعم يا أبا القاسم وإن كذبناك عرفت كما عرفت من أبينا، فقال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من أهل النار؟ فقالوا: نكون فيها يسيراً، ثم تخلفونا فيها، فقال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: اخسئوا فيها، والله لا نخلفكم فيها أبداً.
ثم قال: لهم: هل أنتم صادقوني عن شيء إن سألتكم عنه؟ فقالوا: نعم، فقال: هل جعلتم في هذه الشاة سماً؟ فقالوا: نعم، فقال: ما حملكم على ذلك؟ فقالوا: أردنا إن كنت كذاباً أن نستريح منك، وإن كنت نبيا لم تضرك) [أخرجه البخاري برقم: 5777، وأحمد في المسند: 2/ 451].
8- الأرض تتنكر لمن آذى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
عن أنس -رضي الله عنه- قال: (كان رجل نصرانياً فأسلم وقرأ البقرة وآل عمران، فكان يكتب للنبي -صلى الله عليه وسلم-، فعاد نصرانياً، فكان يقول: ما يدري محمد إلا ما كتبت له، فأماته الله، فدفنوه، فأصبح وقد لفظته الأرض فقالوا: هذا فعل محمد وأصحابه لما هرب منهم نبشوا عن صاحبنا فألقوه، فحفروا له، فأعمقوا، فأصبح وقد لفظته الأرض، فقالوا: هذا فعل محمد وأصحابه نبشوا عن صاحبنا لما هرب منهم، فألقوه خارج القبر، فحفروا له وأعمقوا له في الأرض ما استطاعوا، فأصبح قد لفظته الأرض، فعلموا أنه ليس من الناس، فألقوه) [رواه البخاري: 3617].
قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: فهذا الملعون الذي افترى على النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه ما ان يدري إلا ما كتب له، قصمه الله وفضحه بأن أخرجه من القبر بعد أن دفن مراراً، وهذا أمر خارج عن العادة، يدل كل أحد على أن هذا عقوبة لما قاله، وأنه كان كاذبا؛ إذ كان عامة الموتى لا يصيبهم مثل هذا، وأن هذا الجرم أعظم من مجرد الارتداد؛ إذ كان عامة المرتدين يموتون ولا يصيبهم مثل هذا. [الصارم المسلول: 2/ 233].
9- حتى الحيوانات تنتقم لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
كان النصارى ينشرون دعاتهم بين قبائل المغول من أجل تنصيرهم وقد مكن لهم الطاغية هولاكو طريق الدعوة بسبب زوجته الصليبية "ظفر خاتون" وذات مرة توجه جماعة من كبار النصارى لحضور حفل مغولي كبير، عقد لسبب تنصر أحد أمراء المغول، فجعل واحد منهم يتنقص النبي -صلى الله عليه وسلم- ويسبه وكان هناك كلب صيد مربوط فلما أكثر الصليبي الخبيث من ذلك زمجر الكلب ووثب عليه فخمشه فخلصوه منه بعد جهد، فقال بعض من حضر هذا بكلامك في حق محمد -صلى الله عليه وسلم-، فقال: كلا، بل هذا الكلب عزيز النفس رآني أشير بيدي فظن أني أريد أن أضربه، ثم عاد إلى ما كان فيه من سب النبي -صلى الله عليه وسلم- فأطال، فوثب الكلب مرة أخرى على عنق الصلبي وقلع زوره فمات من حينه، فأسلم بسبب ذلك نحو أربعين ألفا من المغول. [الدرر الكامنة لابن حجر: 3/ 202].
10- قصة عجيبة:
يروي الشيخ أحمد شاكر قصة عجيبة عن والده الإمام العلم محمد شاكر والذي كان يعمل وكيلا للأزهر: يقول أن والده كفَّر أحد خطباء مصر وكان فصيحاً متكلماً مقتدراً وأراد هذا الخطيب أن يمدح أحد أمراء مصر عندما أكرم طه حسين، فقال في خطبته: يتملق الأمير وينافقه: «جاءه الأعمى فما عبس بوجهه وما تولى»، وهو يريد بذلك التعريض برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، حيث إن القرآن ذكر قصته مع الأعمى ، فقال تعالى: ﴿ عَبَسَ وَتَوَلَّى ﴿1﴾ أَن جَاءَهُ الأعْمَى ﴿2﴾﴾ [عبس: 1، 2]، فبعد الخطبة وقف الشيخ محمد شاكر أمام الناس وقال لهم: إن صلاتكم باطلة، وأمرهم أن يعيدوا صلاة الجمعة؛ لأن الخطيب كفر بهذه الكلمة التي تعتبر شتماً لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن طريق التعريض لا التصريح.
لكن الله تعالى لم يدع لهذا المجرم جرمه في الدنيا قبل أن يجزيه جزاءه في الآخرة، يقول الشيخ أحمد شاكر: فأقسم بالله لقد رأيته بعيني رأسي بعد بضع سنين وبعد أن كان عاليا منتفخا مستعزاً بمن لاذ بهم من العظماء والكبراء؛ رأيته مهيناً ذليلاً خادماً على باب مسجد من مساجد القاهرة يتلقى نعال المصلين يحفظها في ذل وصغار حتى لقد خجلت أن يراني وأنا أعرفه وهو يعرفني -لا شفقة عليه فما كان موضعاً للشفقة ولا شماتة فيه فالرجل النبيل يسمو على الشماتة، ولكن لما رأيت من عبرة وعظة.
وفي الختام نقول لأمثال أبرهة الدنمركي وغيرهم من تسول له نفسه التطاول على مقام النبي الأمين اخسئوا فلن تعدوا قدركم، فالله حافظ دينه وناصر نبيه، وعلى الحكومات الإسلامية المطالبة بمحاكمة هؤلاء الذين تعرضوا بالأذى لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- في محاكم إسلامية وفقا لشريعتنا المطهرة حتى يكونوا عبرة وعظة لغيرهم.
اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك الصالحين.
والحمد لله رب العالمين.