بتـــــاريخ : 3/14/2009 9:26:29 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1393 0


    جهود أهل السنة في المحافظة على القرآن الكريم

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : مجلة التوحيد | المصدر : www.quranway.net

    كلمات مفتاحية  :

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
    فالقرآن الكريم مصدر عزٍ وكرامةٍ للمسلمين وهو سر سعادتهم في الدنيا والآخرة، ولذا فقد أولوه اهتمامهم البالغ وعنايتهم الفائقة وأنزلوه المنزلة اللائقة به ولم يحظ أى كتاب غيره من الكتب بمثل ما حظي به القرآن الكريم من العناية الشديدة والاهتمام البالغ، فقد وجه المسلمون كل جهودهم، وبذلوا كل ما في وسعهم من أجل حفظ القرآن والحفاظ عليه كما أنزله الله تعالي على رسوله الأمين الذي عرف بامانته حتى قبل بعثته عليه أفضل الصلاة والسلام وشهد به عدوه قبل مُواليه، إلي أن وصل إلينا القرآن سالما محفوظاً، وإلي أن يرث الله الأرض ومن عليها سيبقي القرآن الكريم موضع اهتمام المسلمين وعنايتهم دائما وأبداً .

    عناية النبي -صلى الله عليه وسلم- بالقرآن الكريم
    وتتجلى عناية المسلمين بالقرآن الكريم وجهودهم في المحافظة عليه في الخطوات التي اتبعوها تجاه القرآن الكريم بدءا برسول الله -صلى الله عليه وسلم- نفسه، ثم أصحابه الكرام رضي الله عنهم، فمن جاء بعدهم من التابعين لهم بإحسان إلي يومنا هذا، فالنبي صلي الله عليه وسلم الذي هو أمين الأرض قد بلغ من عنايته بالقرآن وحرصه على حفظه وسلامته وشدة اهتمامه به أنه كان يتابع جبريل عليه السلام عند تلقي الوحي منه، ويقرأ معه قبل أن ينتهي جبريل عليه السلام، وكان -صلى الله عليه وسلم- يفعل ذلك كله حرصا منه على حفظ ما يأتي به جبريل من القرآن لئلا ينساه ويتفلت منه بسبب نسيانه، فكان يعالج من نزول القرآن أشد المعالجة، إلي أن طمأنه الله تعالي وضمن له بقاء القرآن محفوظا، وتكفل بجمعه في صدره وبيانه، وأنه لا ينسى منه شيئا إلا ما أراد نسيانه فلا شئ عليه في ذلك.
    قال تعالي: ﴿لا تحرك به لسانك لتعجل به﴿16﴾ إن علينا جمعه وقرآنه ﴿17﴾ فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ﴿18﴾ ثم إن علينا بيانه﴾ [القيامة: 16- 19]، وقال تعالي: ﴿ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل رب زدني علم﴾ [طه:114]، وقال تعالي: ﴿سنقرؤك فلا تنسى ﴿6﴾ إلا ما شاء الله إنه يعلم الجهر وما يخفى﴾ [الأعلي:6-7]

    هكذا كان حرصه -صلى الله عليه وسلم- على القرآن واهتمامه به فجمع الله القرآن في صدر رسوله الكريم -صلى الله عليه وسلم- وأراحه من العناء الذي كان يجده في نفسه من خوف نسيان القرآن وانفلات بعض أجزائه.

    وكذلك كان جبريل عليه السلام يعارضه القرآن كل سنة مرة في شهر رمضان، وفي السنة التي توفي فيها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عارضه فيها مرتين، إيذانا بقرب أجله -صلى الله عليه وسلم-، وتأكيدا لحفظ القرآن الكريم في صدره الشريف وبقاء ما لم ينسخ منه، كما وردت بذلك الأحاديث الصحيحة، منها: ما رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: (كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أجود الناس بالخير وأجود ما يكون في شهر رمضان لأن جبريل كان يلقاه في كل ليلة في شهر رمضان حتى ينسلخ يعرض عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- القرآن، فإذا لقيه جبريل كان أجود بالخير من الربح المرسلة) [صحيح البخاري مع الفتح، كتاب فضائل القرآن 9/34]

    وروي البخاري أيضا من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: (كان يعرض علي النبي -صلى الله عليه وسلم- القرآن كل عام مرة، فعرض عليه مرتين في العام الذي قبض فيه، وكان يعتكف في كل عام عشراً، فاعتكف عشرين في العام الذي قبض فيه). [صحيح البخاري مع الفتح، كتاب فضائل القرآن 9/34]

    كُتَّاب الوحي
    وكذلك يدل على عناية النبي -صلى الله عليه وسلم- بالقرآن اتخاذه كُتَّابًا، كانوا يعرفون بـ "كُتاب الوحي" وهم كثيرون، منهم: الخلفاء الراشدون الأربعة، ومعاوية بن أبي سفيان، وأبي بن كعب، وغيرهم رضي الله عنهم.

    فكان -صلى الله عليه وسلم- إذا نزلت عليه آية أو سورة من القرآن أمر من حضر من هؤلاء الكتاب بكتابتها مع إرشاده إياهم إلي موضع الآية من سورتها، فكانوا يكتبون كل ذلك فيما يتيسر لديهم من أدوات الكتابة وقتذاك، كالرقاع، واللخاف، والأكتاف، والعسب، وما أشبه ذلك من أدوات الكتابة التي كانت متيسرة عندهم في زمانهم ذلك. [فتح الباري للحافظ ابن حجر 9/22]

    ولم ينتقل النبي -صلى الله عليه وسلم- إلي الرفيق الأعلي إلا والقرآن كله مجموع، وإن كان متفرقا في الرقاع والعسب وغيرها. كما كان -صلى الله عليه وسلم- يحرص على إقراء الصحابة رضي الله عنهم القرآن الكريم وتحفيظهم إياه مع بيان معانيه لهم وأحكامه فكثر منهم حفاظ القرآن الكريم، إما كله وإما أجزاء منه، كل بحسب ما تيسر له منه، فضمن الحفاظ على القرآن بالحفظ في الصدور وبالكتابة في السطور.

    هذا قليل من كثير من عناية النبي -صلى الله عليه وسلم- بالقرآن الكريم وبسلامته.

    عناية الصحابة رضي الله عنهم بالقرآن الكريم
    وأما عناية الصحابة رضوان عليهم بالقرآن الكريم فهي استمرار لما بدأه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فإنه -صلى الله عليه وسلم- مهد لهم الطريق ورباهم على ذلك.

    ويتمثل ذلك في عدة أمور منها:
    1- حرصهم الشديد على تلقي القرآن مشافهة من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لفظا ومعني واجتهادهم في حفظ ما يتلقون من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الآيات والعمل بأحكامها، فتعلموا القرآن من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لفظا ومعني وعملا كما جاءت الأحاديث الكثيرة التي تحدثت عن حرص الصحابة على حفظ القرآن الكريم .

    يقول ابن الجزري -رحمه الله-: «ولما خص الله تعالي بحفظه من شاء من آله أقام له أئمة ثقات تجردوا لتصحيحه وبذلوا أنفسهم في إتقانه وتلقوه من النبي -صلى الله عليه وسلم- حرفا حرفا لم يهملوا منه حركة ولا سكونا ولا إثباتا ولا حذفا، ولا دخل عليهم في شئ منه شك ولا وهم وكان منهم من حفظه كله، ومنهم من حفظ أكثره، ومنهم من حفظ بعضه، كل ذلك في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم-». [النشر في القراءات العشر 1/6، وانظر الاتقان في علوم القرآن للسيوطي]

    وهكذا لا يوجد جزء من القرآن الكريم إلا وهو محفوظ في صدور الصحابة رضي الله عنهم.

    جمع القرآن وكتابته
    2- ولشدة حرصهم على القرآن الكريم فإنهم لم يكتفوا بحفظهم للقرآن في صدورهم فحسب، بل أضافوا إلي ذلك الكتابة في السطور، حيث كان بعضهم يكتب القرآن في أدوات الكتابة المتيسرة لديه من الرقاع واللخاف والأكتاف وغيرها، كل ذلك مبالغة في المحافظة على بقاء القرآن سالما كاملا كما أنزله الله تعالي على نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم-.

    ويؤكد ذلك ما قاموا به من جمع القرآن الكريم في الصحف بعد أن كان في أشياء متفرقة، لما خافوا عليه ضياع بعض أجزائه بسبب موت حفاظه في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه، حيث أشار إليه بذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما استحر القتل بقراء القرآن في معركة اليمامة مع مسيلمة الكذاب، كما هو واضح من حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه في جمع القرآن علي عهد أبي بكر رضي الله عنه عند البخاري رحمه الله تعالي. [صحيح البخاري مع الفتح (9/01، 11)، كتاب فضائل القرآن باب جمع القرآن]

    وكذلك ما قاموا به في عهد عثمان رضي الله عنه من جمع الناس على مصحف واحد لما خافوا الفتنة التي كادت أن تحدث بين المسلمين بسبب اختلافهم في وجوه القراءات، كما ورد بذلك حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه حيث قال لعثمان بن عفان رضي الله عنه : " يا أمير المؤمنين، أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصاري…». [المرجع السابق 9/11 فضائل القرآن لابن كثير ص33]

    كل هذا يؤكد لنا أنهم كانوا يسهرون على القرآن الكريم وعلى حمايته من أى شئ يكدر صفوه وينقص من قدره، وذلك حتى يظل القرآن منيع الجانب مصون الحمى.

    كما كانوا رضوان الله عليهم حريصين على إقراء الناس القرآن الكريم من التابعين وغيرهم ممن لم يتمكنوا من تلقيه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فعقدوا مجالس كثيرة لتدريس القرآن ومدارسته كما تلقوه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأخذ عنهم التابعون الذين كانوا أيضا حريصين على التفقه في الدين وتعلم أحكامه، وحريصين على قراءة القرآن وحفظه وفهم معانيه حتى تخرج علي أيديهم أئمة جهابذة في العلم بالقرآن لفظا ومعني وعملا، تولوا فيما بعد إقراء من جاء بعدهم القرآن الكريم ومدارسته.

    هكذا أخذ المسلمون القرآن جيلا عن جيل مشافهة ولم يعتمدوا على المكتوب في المصاحف فقط، وإنما كان الاعتماد في قراءة القرآن على تلقيه مشافهة إلي أن يرث الله الأرض ومن عليها.

    وهكذا كانوا شديدي الحرص على قراءة القرآن وحفظه في صدورهم، فكثر حفاظ القرآن من المسلمين في كل جيل وفي كل بلد من مشارق الأرض ومغاربها، لا توجد بقعة معمورة على وجه الأرض فيها مسلمون إلا وفيهم حفاظ القرآن الكريم، إما كاملا وإما أجزاء منه.

    هذا مما يتعلق بحفظ القرآن في الصدور الذي هو المعتمد عند المسلمين في المحافظة على القرآن الكريم .

    عصر التدوين
    وأما ما يتعلق بكتابة القرآن في السطور، فإن الذين جاءوا من بعد عصر الصحابة رضوان الله عليهم الذين أخذوا القرآن عنهم، والذين اتبعوهم بإحسان إلي يوم الدين فإنهم أيضا لم يهملوا هذا الجانب المهم في المحافظة على سلامة القرآن الكريم، ولم يغفلوه بل نشطوا في ذلك نشاطا فاق كل الوصف، لا سيما فيما يعرف بعصر التدوين.

    وقد أصبحت الكتابة ميسرة وفي متناول كل أحد يرغب في الكتابة لتوفر أدوات الكتابة وتنوعها، فاتجهوا إلي القرآن الكريم بكل عناية، فدونوا في جميع مجالاته مؤلفات كثيرة لم يشهد لها مثيل في تاريخ البشرية.

    عناية المسلمين بالقرآن في الوقت الحاضر
    وتتجلى عناية المسلمين بالقرآن الكريم واهتمامهم به في هذه العصور المتأخرة بالإضافة إلي ما درج عليه سلفنا الصالح من الخطوات المتبعة في حفظ القرآن الكريم ومدارسته في المساجد والكتاتيب وغيرهما من الوسائل المتاحة لكل أهل عصر، تتجلي تلك العناية في:

    1- إنشاء مدارس خاصة لتعليم القرآن الكريم ودراسة كل ما يتعلق به من العلوم من تجويده، والقراءات والتفسير، وغيرها من العلوم المتعلقة به في جميع مراحل التعليم، الابتدائي والمتوسط والثانوي والجامعي، مثل مدارس تحفيظ القرآن الكريم في المملكة العربية السعودية للبنين والبنات.
    ومعاهد القراءات في جمهورية مصر العربية، كما توجد بها أيضا مكاتب لتحفيظ القرآن الكريم. وفي غيرهما من الدول الإسلامية .

    2- كما أنشأت بعض الجامعات الإسلامية كليات خاصة لتحفيظ القرآن الكريم ودراسة علومه والقراءات وغيرها من العلوم المتعلقة بالقرآن الكريم، ككلية القرآن الكريم في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة وكلية علوم القرآن الكريم جامعة الأزهر، كما خصصت جامعات أخري أقساما خاصة بدراسة القرآن وعلومه كالقراءات وغيرها.

    3- إنشاء إذاعات متخصصة لإذاعة القرآن الكريم على الناس، وكذلك تخصيص بعض القنوات لتلاوة القرآن الكريم في معظم الدول الإسلامية.

    مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف
    4- وتتمثل كذلك في إنشاء مطابع لطباعة القرآن الكريم بكل عناية ودقة وأحدثها وأدقها وأوثقها في وقتنا المعاصر : مجمع الملك فهد ابن عبد العزيز لطباعة المصحف الشريف باسم مصحف المدينة، تحت إشراف لجنة مكونة من كبار العلماء في علم القراءات وعلوم القران الكريم،وتحت مراقبة فنيين مهرة لضمان خروج المصحف سالما وخاليا من الأخطاء،ثم توزيعها على المسلمين في جميع أقطار المعمورة .
    كما يقوم المجمع كذلك بترجمة معاني القران الكريم إلى لغات كثيرة.
    وكذلك يقوم المجمع بانتاج تسجيلات صوتية لتلاوة القران الكريم بأصوات كبار القراء.

    5- وكذلك تتمثل العناية بالقران الكريم في هذه العصور المتأخرة فيما تقوم بها بعض الدول وبعض الجمعيات الإسلامية من تنظيم مسابقات محلية ودولية لحفظ القران الكريم وتجويده وأبرز هذه المسابقات مسابقة القران الكريم الدولية التي تنظمها المملكة العربية السعودية بمكة المكرمة كل سنه لتلاوة القران الكريم وتجويده وتفسيره وحفظه.

    كل هذا يعكس مدى عناية المسلمين بالقران الكريم والمحافظة على سلامته من أي تحريف أو ضياع،فقد بذلوا كل ما في وسعهم في ضمان بقائه كما أنزله الله تعالي بكل حرص واهتمام بالغ، كيف لا! والقران الكريم مصدر عزهم في الدنيا وسعادتهم في الآخرة، لأنه المصدر الأول لتشريع أحكام دينهم والمنظم لأمور دينهم ودنياهم وهو كذلك شفاء لما في الصدور .

    6- الترغيب والحث على قراءة القرآن إلى جانب ما ورد من الترغيب والحث على قراءة القران وإقرائه وما في ذلك من الثواب العظيم، والدرجة الرفيعة لحاملها كما وردت بذلك أحاديث كثيرة صحيحة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- منها ما رواه الشيخان واللفظ للبخاري -من حديث أبي موسي الأشعري رصي الله عنه عن النبي صلي الله علية وسلم قال: (مثل الذي يقرأ القران كالأترجة، طعمها طيب وريحها طيب، والذي لا يقرأ القرآن كالتمرة طعمها طيب ولا ريح فيها، ومثل الفاجر الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانه ريحها طيب وطعمها مر، ومثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة طعمها مر ولا ريح له).[رواه البخاري 9/56، 66]
    وما روى البخاري من حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «خيركم من تعلم القران وعلمه»، قال: وأقرأ أبو عبد الرحمن السلمي في إمرة عثمان حتي كان الحجاج، قال: (وذاك الذي أقعدني مقعدي هذ) وما رواه أيضا في صحيحه من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (لا حسد على اثنتين رجل أتاه الله الكتاب وقام به آناء الليل، ورجل أعطاه الله مالا فهو يتصدق به آناء الليل والنهار).
    وروي الإمام مسلم في صحيحه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (اقرأوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه).
    إلى غير ذلك من الأحاديث التي وردت في فضل القران وأهله،وبيان ثواب قراءته مما كان حافزا كبيرا للمسلمين على أن يتسابقوا إلى قراءة القران وحفظه حتي يفوزوا بهذه الدرجات الرفيعة والثواب العظيم الذي أعد لحامل القران الكريم .

    استذكار القرآن وتعاهده
    كما جاءت أحاديث كثيرة جدا في الحض على استذكار القران الكريم وتعاهده حتي لا يتعرض للنسيان، فمن ذلك: ما رواه الشيخان من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: (إنما مثل صاحب القران كمثل صاحب الإبل المعقلة، إن عاهد عليها أمسكها وإن أطلقها ذهبت).
    ورويا أيضا من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (بئس ما لأحدهم أن يقول : نسيت آية كيت وكيت، بل نسي، واستذكروا القرآن فإنه أشد تفصيا من صدور الرجال من النعم).
    إلى غير ذلك من الأحاديث الواردة في الحث على تعاهد القران الكريم واستذكاره .

    قال الحافظ بن كثير -رحمة الله- بعد أن ذكر جملة من الأحاديث الواردة في ذلك: «ومضمون هذه الأحاديث الترغيب في إكثار تلاوة القرآن الكريم واستذكاره وتعاهده لئلا يعرضه حافظه للنسيان فان ذلك خطأ كبير نسأل الله العافية منه» [فضائل القرآن لأبن كثير ص 135]

    هذا بالإضافة إلى عوامل أخرى كثيرة ساعدت المسلمين على المحافظة على القران الكريم، كالتعبد بقراءته، والأمر بقراءته في جميع الصلوات فرضا كانت أو نفلا وكذلك ما تميز به عن سائر كلام الخلق من البلاغة والفصاحة في معانيه وألفاظه وفي أسلوبه وحلاوته التي لا ينقضي القارئ من إعجابه بها ولا يسأم من تكرارها كما يحصل لأي كلام آخر وفوق ذلك كله :وعد الله تعالي بحفظ كتابه العزيز وتكفله بسلامته وضمان بقائه، وتيسير حفظه على الناس.
    قال تعالي: ﴿إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون﴾ [الحجر:9] ، وقال تعالي: ﴿ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر﴾ [القمر: 32] .

    هذه نبذة يسيرة من جهود أهل السنة والمسلمين للمحافظة على القران الكريم تحقيقا لوعد الله تعالي بحفظه. نسأل الله تعالي أن يجعلنا من حفاظ كتابه العزيز، ومن المحافظين عليه، إنه سميع مجيب الدعاء. والله من وراء القصد

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()