تعريفه:
عرفه الزركش في البرهان فقال: هو إيراد القصة الواحدة في صور شتى وفواصل مختلفة ويكثر في إيراد القصص والأنباء.
ومراده في التعريف بالقصة الواحدة: اللفظ القرآني المعيَّن يرد بصور متشابهة. ومعنى التشابه فيها الاختلاف بين ألفاظها بالزيادة والنقص أو الإبدال أو التقديم والتأخير وهذا كله مما يشكل على القارئ الحافظ فيحتاج معه إلى المراجعة ومزيد الضبط، ولهذا يسمى القراءُ هذا النوع المُشكِل .
- وهناك أيضاً [المكرَّر] وهو ما تكرر فيه لفظ بعينه دون اختلاف في عدة مواضع من القرآن كتكرير قوله تعالى : { فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}… (الرحمن:13) وهذا هو التكرار اللفظي من غير اختلاف .
- ومن المكرر ما تكرر فيه المعنى مع اختلاف في الألفاظ بفروق يسيرة متشابهة وهو عين المتشابه اللفظي.
- أما ما تكرر فيه المعنى دون الألفاظ - كتكرار قصص الأنبياء عليهم السلام بأساليب مختلفة وألفاظ متباينة - فهو خارج عن حد المتشابه اللفظي.
أعلى الصفحة
الفرق بين المتشابه اللفظي وغيره من المتشابه:
المتشابه هو علم من علوم القرآن يقابله المحكم من القرآن ولبيان الأمر نذكر تعريف كل من المحكم والمتشابه حتى يتضح الفرق بينهما، ثم الفرق بين المتشابه عموماً والمتشابه اللفظي خصوصاً:
أعلى الصفحة
التعريف لغةَ بالمحكم والمتشابه:
· فالمحكم من الإحكام وهو في اللغة بمعنى الإتقان والمنع.
· والمتشابه في اللغة من التشابه أي المتماثل والمتشابهات هي المشكلات ومن ثَمَّ فإن المتشابه في اللغة يدل على المشاركة والمماثلة والمشاكلة المؤدية إلى الالتباس غالباً.
- وعليه فالقرآن كله محكم باعتبار أنه متقن في نظمه وأسلوبه مانع من دخول غيره فيه ودليل ذلك قوله تعالى: { كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ}
…(هود: من الآية1) .
- وكله متشابه باعتبار أنه متماثل في فصاحته وبلاغته وحلاوته، ودليل ذلك قوله تعالى { اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِها} … (الزمر: من الآية23) .
- وبعضه محكم وبعضه متشابه باعتبار أن بعضه أحكام نصية لا تحتمل إلا وجهاً واحداً ولا يختلط الأمر في فهمها على أحد، وبعضه أحكام تحتمل أكثر من وجه لحكمة سامية وهى التي يقع فيها الاشتباه ويتأتى في فهمها الاختلاط والالتباس ودليل ذلك قوله تعالى: { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ}…(آل عمران: من الآية7) .
فهذا تعريف هو تعريف المحكم والمتشابه لغة أما في الاصطلاح فقد وقع خلاف بين العلماء في المراد بالمحكم والمتشابه.
أعلى الصفحة
التعريف اصطلاحاً بالمحكم والمتشابه:
- قيل المحكم هو الواضح الدلالة الظاهر الذي لا يحتمل النسخ.
أما المتشابه فهو الخفي الذي لا يدرك معناه عقلاً ولا نقلاً وهو ما استأثر الله تعالى بعلمه كقيام الساعة والحروف المقطعة في أوائل السور و قد عز الألوسي هذا الرأي إلى الحنفية
من الفقهاء.
- وقيل إن المحكم ما عرف المراد منه إما بالظهور وإما بالتأويل .
أما المتشابه فهو ما استأثر الله تعالى بعلمه كقيام الساعة وخروج الدجال والحروف المقطعة في أوائل السور ينسب هذا القول إلى أهل السنة فهو المختار عندهم.
- ومنهم من قال إن المحكم ما لا يحتمل إلا وجهاً واحداً من التأويل .
والمتشابه ما احتمل أوجهاً ويعزى هذا الرأي إلى ابن عباس ويجرى عليه أكثر الأصوليين.
- ومنهم من قال إن المحكم ما كانت دلالته راجحة وهو النص والظاهر.
وأما المتشابه فما كانت دلالته غير راجحة وهو المحمل والمؤول والمشكل ويعزى هذا القول إلى الرازى واختاره كثير من المحققين.
فهذه بعض الفروق بين المحكم والمتشابه ولهذا الحديث تفصيل أخر ليس هذا محله.
وظاهر أن المتشابه اللفظي هو ما كان في أحرف اللفظ دون حقائق معناه وهذا هو الفرق بينه وبين المتشابه على الإجمال والذي ورد ذكره في قوله تعالى :{ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ}
… (آل عمران: من الآية7)، وهو الذي وقع فيه الخلاف هل هو مما استأثر الله بعلمه فلا يخوض فيه أحد أم هو مما احتمل معانٍ عدة ولا يخوض فيه 'لا الراسخون في العلم ؟!!
وقد ذكر ابن المثاوى (توفي:336 هجرياً) في كتابه متشابه القرآن العظيم أن المتشابه كائن في أشياء:
1. فمنها متشابه أعراب القرآن.
2. ومنها متشابه غريب حروف القرآن ومعانيه.
3. ومنها متشابه تأويل القرآن وهو الذي يقابل المحكم.
4. ويدخل فيه أيضاً متشابه ناسخ القرآن ومنسوخه وتقديمه وتأخيره وخصوصه وعمومه.
5. ومنها متشابه خطوط المصاحف الأُوَل وحروف كتبت في بعضها على خلاف ما كتبت في البعض الأحر.
أعلى الصفحة
تقسيم المتشابه:
وقد قُسِّم المتشابه تقسيمات مختلفة
فقسمه ابن الجوزي في كتابه [المدهش] إلى فصول:
- أولها: فصل في الحروف المبدلات
وعنى به تشابه اللفظين بأبدال كلمة بكلمة، وَمثَّل له بأمثلة كثيرة إلا أنه لم يقصد الحصر وذلك نحو قوله تعالى: { فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَات}
… (البقرة: من الآية29) وقال تعالى في حم فصلت { فَقَضَاهُنَّ } … (فصلت: من الآية12).
- ثانيها: فصل في الحروف الزوائد والنواقص
كما في قوله تعالى في البقرة { فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ}… (البقرة: من الآية23) وفي يونس: { بِسُورَةٍ مِثْلِهِ } … (يونس: من الآية38) .
- ثالثها: في المقدم والمؤخر
كما في قوله تعالى في البقرة: { وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ }… (البقرة: من الآية58) وفي الأعراف { وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً} … (لأعراف: من الآية161) .
وقسمه الزركش في كتابه [البرهان في أصول القرآن] إلى عدة فصول.
الفصل الأول: المتشابه باعتبار الإفراد، وهو على أقسام:
- الأول: أن يكون في موضع على نظم وفي آخر على عكسه وهو يشبه رَدَّ العَجُز على الصدر، نحو: { وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ} … (البقرة: من الآية62) و{ وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى} … (الحج: من الآية17).
- الثاني: بالزيادة والنقصان.
- الثالث: بالتقديم والتأخير وهو قريب من الأول ومنه تقديم اللهو على اللعب واللعب على اللهو .
- الرابع: بالتعريف والتنكير كقوله في البقرة { بِغَيْرِ الْحَقّ}… (البقرة: من الآية61) وفي آل عمران{ بِغَيْرِ حَقّ} … (آل عمران: من الآية21)
- الخامس: بالجمع ولأفراد كقوله في البقرة { إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً }… (البقرة: من الآية80) وفي آل عمران { مَعْدُودَاتٍ } … (آل عمران: من الآية24).
- السادس: إبدال حرف بحرف غيره كما في البقرة { وَكُلا مِنْهَا} …(البقرة: من الآية35) بالواو وفي الأعراف { فَكُلا} … (الأعراف: من الآية19) بالفاء.
- السابع: إبدال كلمة بأخرى كقوله في البقرة { مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا}… (البقرة: من الآية170) وفي لقمان { وَجَدْنَا } … (لقمان: من الآية21) .
- الثامن: الإدغام وتركه نحو { وَمَنْ يُشَاقِقِ} … (لأنفال: من الآية13) و{ يُشَاقِّ } … (الحشر: من الآية4) و{ يَتَضَرَّعُونَ}… (الأنعام: من الآية42) و{ يَضَّرَّعُونَ} … (لأعراف: من الآية94).
الفصل الثاني: ما جاء على حرفين
ويأتي في هذا الفصل بألفاظ وردت مرتين في القرآن نحو { لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ} … (البقرة: من الآية219)، ويأتي له بأمثلة كثيرة.
ثم يعقد فصولاً بعد ذلك لما جاء على ثلاثة أحرف وعلى أربعة وخمسة وستة وسبعة وثمانية وتسعة وعشرة أحرف وعلى عشرين حرفاً وعلى ثلاثة وعشرين حرفاً وهو آخرها ويأتي في كل نوع بما ورد في القرآن .
وقد تبعه في ذلك السيوطي ولخص كلامه في النوع الثالث والستين من كتابه [الأتقان في علوم القرآن] .