بتـــــاريخ : 3/16/2009 10:51:18 AM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 3083 0


    تفسير الجزء السادس عشر

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : د. عبد الرحمن بن معاضه | المصدر : www.idaleel.tv

    كلمات مفتاحية  :

    بسم الله الرحمن الرحيم .. الحمد لله رب العالمين ، وصلى وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ...
     الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وببركة عونه وتوفيقه تتكامل الأعمال والحسنات ، فله الحمد واجباً وله الدين واصباً .. اليوم أيها الإخوة المشاهدون هو اليوم السادس عشر من أيام شهر رمضان المبارك من عام تسعة وعشرين وأربعمائة وألف ، وحديثنا هذا اليوم - بإذن الله تعالى - سيكون حول الجزء السادس عشر من القرآن الكريم فهو يبدأ من الآية الـ 75 من سورة الكهف مع سورة مريم حتى نهاية سورة طه .
    قبل أن أعرض الموضوعات التي تناولها هذا الجزء أريد أن أذكركم أيها الإخوة المشاهدون بأرقام الهواتف التي يمكن أن تتواصلوا عن طريقها من داخل السعودية 012085444 أو من خارج السعودية 009661459666
     أبرز الموضوعات التي يتناولها الجزء السادس عشر .. نهاية قصة موسى - عليه الصلاة والسلام - مع الخضر وما فيها من العبر .. ثم قصة الملك الصالح ذي القرنين .. ثم ختمت السورة بالحديث عن يوم القيامة وأحوال الكافرين والمؤمنين في الآخرة .
    أما سورة مريم فتدور حول رحمة الله بخلقه .. ومسائل التوحيد والإيمان بوجود الله - تعالى - ووحدانيته .. وبيان منهج المهتدين .. ومنهج الضالين ، وأما سورة طه ، فقد تناولت موضوع توحيد الله والنبوة والبعث والنشور ، وتنزيل الكتب السماوية على الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - ... هذه هي أبرز الموضوعات التي تناولتها سور هذا الجزء .. وهي طه ومريم وجزء من سورة الكهف.
     
    يسعدني في بداية هذه اللقاء القرآني الذي أسأل الله - سبحانه وتعالى - أن يجعله خالصاً لوجهه ، وأن يجعله عوناً على فهم كتابه .. يسعدني أن أرحب بأخي الكريم .. ضيف هذا اللقاء فضيلة الشيخ الدكتور/ إبراهيم بن صالح الحميضي «الأستاذ المساعد بجامعة القصيم .. والمتخصص في الدراسات القرآنية .. وعضو مجلس إدارة الجمعية العلمية السعودية للقرآن الكريم وعلومه .. فحياك الله يا أبا سلمان في هذا اللقاء.
    الضيف : الله يحييكم ويبارك فيكم ، وأشكر لكم هذه الاستضافة وأشكر لقناة دليل اهتمامها بتفسير القرآن الكريم في هذا الشهر.. شهر القرآن.

    المقدم : بارك الله فيك يا دكتور/ إبراهيم وحياك الله وأستأذنك في أن أنبه في لقاء الأمس وردنا سؤال من أحد المتصلين وهو الأخ عبد الله - فيما أذكر - سألنا عن لفتة بلاغية في الحقيقة في قصة موسى - عليه السلام - مع الخضر وهي عندما ركب السفينة .. وعندما بدأ يبين لموسى - عليه الصلاة والسلام - أسرار تلك التصرفات التي استغربها موسى - عليه الصلاة والسلام - فقال عندما بين له أمر السفينة .. قال :[أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي البَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا * وَأَمَّا الغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا * فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا * وَأَمَّا الجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي المَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا] {الكهف:79-82} فكان المفسرون يا دكتور/ إبراهيم دائماً يقولون فأردت أن أعيبها نسب العيب إلى نفسه ، ولم ينسبه إلى الله - سبحانه وتعالى - وهو الذي أمره ؛ تأدباً مع الله - سبحانه وتعالى - على ألا ينسب إليه العيب والإفساد في ظاهره.
    الضيف : وإن كان الله أمر به.
    المقدم : وإن كان أمر به .. ولكن هذا تأدب في الخطاب مع الله ، وأما قوله ( فأراد ربك أن يبلغا أشدهما )في قضية بناء الجدار فهذه ظاهرة أيضاً في أنه نسب هذا الفعل - لأنه فعل بر ظاهر-  إلى الله - سبحانه وتعالى - كما أن الإحاطة بنشأة هذين الغلامين ليحصلا على الكنز أمر ليس في يد الخضر ، وإنما هو بيد الله - سبحانه وتعالى - الذي هو أعلم بهما .. لكن السؤال كان لماذا عبر الله هنا فقال فخشينا أن يرهقهما فأردنا أن يبدلهما لماذا عبر بنون الدالة على الفاعلين وهو مفرد ؟ والأخ استعجلنا في الحقيقة في الجواب .. فأنا بادرته .. وأنا وقعت الحقيقة في خطأ ... أنبه دائماً عليه ووقعت فيما أنبه عليه ... لأن الحديث عن كتاب الله - سبحانه وتعالى - ليس بالعجلة .. العجلة ليس لها موضع في مثل هذه الأجوبة .. ولكن الذي يخفف الأمر .. هو أن فعل هذه اللطائف البلاغية هي اجتهادية .. ولا يستطيع أحد من المفسرين أن يجزم بأن ما ذهب إليه من هذا التوجيه البلاغي .. أو الاستنباط هو المفهوم الصحيح الذي لا يصح غيره.
     إنما هي اجتهادات حتى القول .. بأردت أن أعيبها فأراد ربك إنها من أجل هذه العلة أيضاً قد يخالف فيها .. فإنا قلت للأخ فأردنا فخشينا .. كأنه يشير إلى نفسه الذي هو الخضر ويشير إلى من أمره بذلك .. فجاءني أحد الإخوة الفضلاء - حفظه الله - اسمه عتيق وأنا أشكره أنه استدرك الجواب وقال يا شيخ عبد الرحمن أنت قلت فخشينا له ولمن أمره والله - سبحانه وتعالى - لا تنسب إليه الخشية مع العجلة ما فصلنا في الموضوع وأنا أريد أن أقول .. فخشينا في هذه الآية ليست على بابها ؛ لأن الخشية تأتي بمعنى العلم والخشية تأتي بمعنى الإشفاق والرحمة .. وذكر أبو عبيدة معنى قال خشينا في هذا الموقع بمعنى كرهنا .. فعلى هذا يصح هذا التوجيه الذي ذكرته وابن عاشور يقول إنها فخشينا فأردنا .. إنها إشارة إلى أنه .. أو عفواً الرازي .. أنه إشارة إلى نفسه .. وقد أشار إليها بالتعظيم .. للإشارة إلى أنه ما أتى هذا الفعل وهو القتل إلا على علم وعن معرفة .. وعن وحي أوحاه الله إليه ... وعلى كل حال الذي استفدته من مثل هذا الموقف .. أني أحب أن أشكر الإخوة المشاهدين الذين يتابعونا عبر هذه الشاشة وأنا أؤكد يا دكتور/ إبراهيم دائماً للإخوة الزملاء والذين هم أعلم منا .. بما نتكلم عنه وراء الشاشة .. أشكرهم وأطلب منهم .. إذا سمعوا ما يخالف .. أو ما يستدرك عليه .. أو ما يمكن أن يثري الموضوع أكثر .. فيمكنهم التواصل معنا عبر الهاتف .. أو رسالة عبر الهاتف الجوال .. ونحن أسعد ما نكون بالرجوع إلى الصواب والحق .. فنحن ما تصدينا لهذا لأننا بكل شيء عالمون ، وإنما نحن نتدارس ونتناقش في مثل هذه القضايا .. خاصة في مثل هذه القضايا الاجتهادية التي تتسع فيها وجهات النظر .. اليوم معنا يا دكتور/ إبراهيم قصة الملك الصالح ذي القرنين في نهاية سورة الكهف ومعنا سورة مريم ومعنا سورة طه .. نريد يا دكتور / إبراهيم في بداية هذا اللقاء كمدخل أن نتحدث عن موضوع سورة مريم وموضوع سورة طه وكيف نربط هذه الصور مع بعضها مع الكهف كمدخل لهذا اللقاء.
    الضيف : بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. أما بعد ..
     بداية الجزء السادس عشر هو إكمال لقصة موسى والخضر وهنا ننبه الإخوة المشاهدين إلى أن تقسيم أجزاء القرآن لم يبن على المعاني ، وإنما هو مبني على عدد الحروف والكلمات ولذلك ينبغي للدارس للقرآن الكريم أو الحافظ أو المتعلم ألا يتقيد بهذه الأجزاء والأحزاب إنما يراعي المعاني .. يراعي المعاني فإذا كان نهاية الجزء مرتبطاً بأول الجزء الذي بعده يكمل وهكذا .. ويعني لا يقف سواءً في القراءة أو في المدرسة على نهاية الجزء إذا كان مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بما بعده .. في نهاية هذه السورة الكريمة المكية .. وهو - على الراجح - أنه ليس نبياً وإنما هو ملك عظيم ملك الأرض جميعاً ، وهو أحد الملوك الأربعة وأحد الملكين المسلمين اللذين ملكا الأرض جميعاً .. هو وسليمان - عليه السلام - كما في بعض كتب التاريخ .. انطلق إلى جهة المغرب ثم وجد قوماً وبين لهم أن من آمن وعمل صالحاً فله جزاءً الحسنى ، وأن من كفر وأعرض فإن له العذاب في الدنيا والآخرة ، ثم انطلق إلى مطلع الشمس ووجدها تطلع على قوم ليس لهم سترٌ وكنٌ يكنهم منها .. ثم وجد قوماً استغاثوا به أن يجعل بينهم وبين يأجوج ومأجوج - وهم أمة عظيمة من بني آدم - سداً يحجزهم عنهم ؛ لكيلا يؤذوهم ويفسدوا في الأرض فاستجاب وبنى هذا السد العظيم .. في نهاية السورة ذكر الله - عز وجل - بعض مشاهد القيامة ثم بين مظهراً من مظاهر عظمته العظيمة - سبحانه وتعالى - :[قُلْ لَوْ كَانَ البَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ البَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا] {الكهف:109} .. لو كان ماء البحر ثم كتبت به كلمات الله - عز وجل - لنفدت هذه البحار .. ولو جئنا بمثلها مدداً كما قال الله - تعالى - في سورة لقمان : [وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ] {لقمان:27} .
     سورة مريم سميت بمريم - عليها السلام - لأنها ذكر فيها هذه القصة العجيبة وهي ولادة مريم - عليها السلام - لعيسى من غير أب .. وهي من القصص العجيبة ..وهذه السور المكية يذكر الله - عز وجل - منها قصص الأنبياء تسلية للنبي - صلى الله عليه وسلم - ويؤكد جوانب العقيدة والإيمان بالبعث وقدرة الله - عز وجل - .. وتلاحظ يا دكتور أن القرآن المكي أو السور المكية هي أكثر بكثير من السور المدنية من حيث العدد .. ومن حيث المقدار أيضاً .. وهذا ينبهنا وينبه الدعاة إلى الله - عز وجل - إلى أمر مهم وهو الاعتناء بقضايا العقيدة والإيمان ؛ لأنه إذا صح الإيمان صحت العقيدة .. صحت الفروع والسلوك والأحكام .. والعكس بالعكس ... ذكر الله - عز وجل - في بداية سورة مريم - وهي من المثاني - قصة زكريا - عليه السلام - وأنه استغاث الله - عز وجل – وطلب منه أنه يهب له غلاماً زكياً ثم أيضاً دعا متذللاً متخشعاً بصوت خاشع خفي متذللاً لله - عز وجعل - أن يهب له غلاماً زكياً ؛ ليرث منه النبوءة والعلم ، وليس المراد المال لأنهم لا يورثون فاستجاب الله - عز وجل - دعاءه مع العلم أن هناك ما تعين من الولادة في ذلك الوقت أولهما أن امرأته كانت عاقراً عظيماً ثم أيضاً هو بلغ من الكبر عتيا ، ولكن الله - عز وجل - أجاب دعاءه لأن هذا الأمر هين على الله - عز وجل - لأنه إذا أراد شيئاً قال له كن فيكون ثم بعد ذلك رزقه الله يحيى - عليه السلام - وجعله نبيًّا ..ذكر الله - عز وجل - بعد ذلك قصة مريم العجيبة التي ثناها الله -عز وجل - في مواضع من القرآن الكريم وأنه أرسل إليها بشراً وهو جبريل - عليه السلام - فنفخ في صب درعها فحملت فولدت عيسى - عليه السلام - من غير أب ..وهذا من العجائب.
    المقدم : وأذكر يا دكتور / إبراهيم أن هذه السورة من أول ما نزل على الرسول - عليه الصلاة والسلام - بدلاً له قصة المهاجرين إلى الحبشة أنه لما جاء عمرو ابن العاص ومعه رجل من قريش يريدون أن يسترجعوا المهاجرين من الحبشة فكان جعفر بن أبي طالب هناك والمهاجرين فناداهم النجاشي وقال : ماذا تقولون في عيسى وفي مريم فإنهم وشوا بهم فقالوا : ما نقول فيها إلا ما قال الله ، ثم تلا عليه سورة مريم فبكى النجاشي ما زاد وما نقص على ما في التوراة قبل أن ندخل في سورة طه يا دكتور / إبراهيم نأخذ الأخ عبد الله من السعودية تفضل يا أخ عبد الله.
    المتصل : السلام عليكم .. نشكر لكم هذا البرنامج وعندي ثلاثة أسئلة لو سمحت بالنسبة لآخر سورة مريم آية 84 و 85 وآخر سياق الآية في 95 أريد تفسير هذه الآيات والفرق بينهم وبالنسبة لسورة طه من هو السامري؟ وما المقصود بأولي النهي؟
    المقدم : معنا الأخ أبو شهد من السعودية تفضل.
    المتصل : السلام عليكم .. حياكم الله وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال.
     يا شيخ عندي سؤال ..الأنبياء ذكروا في آيات كثيرة لا يأتيهم الأنبياء إلا بعد عمر طويل إبراهيم عليه السلام .. [أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الكِبَرُ] {الحجر:54} وزكريا أيضاً ... هل في سبب معين؟
    المقدم : هل ترى يا دكتور/ إبراهيم أن نلقي ضوءاً على سورة طه قبل أن يدركنا الوقت ثم نبدأ في التفاصيل ...
     الآن سورة مريم يا دكتور .. [ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا] {مريم:2} ثم تلاحظ أن كل القصص التي جاءت بعدها تظهر فيها هذه الرحمة.
    الضيف : بلا شك تكررت كلمة الرحمة عدة مرات في هذه السورة ، وأيضاً لطف الله - عز وجل - بعبده زكريا ثم بمريم - عليهما السلام - ثم إبراهيم - عليه السلام - الذي ذكرت قصته في هذه وتودده لأبيه ودعوته باللين ، ولكن هذا الأب قابل هذا اللين في غاية القسوة والشدة فقال : [لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا] {مريم:46} ، نعم .. أيضاً في نهاية السورة [إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا] {مريم:96} سيكتب الله لهم الجد والود في قلوب الناس -وإن لم يعرفوهم- وهذه من الفضائل المعجلة في الدنيا.
    المقدم : هذه سورة مريم بالنسبة لموضوعها يمكننا أن نقول : إن سورة مريم تتحدث عن رحمة الله في خلقه.
    الضيف : لاشك هذا من المقاصد الكبيرة في هذه السورة.
    المقدم : طيب وسورة طه برأيك.
    الضيف : سورة طه أيضاً هي من السور المكية التي تخاطب قوماً مشركين معرضين كافرين بالبعث فالله - عز وجل - بدأ بالحروف المقطعة طه ... ليس صحيحاً أن هذا اسم من أسماء النبي - عليه الصلاة والسلام - ومن أسماء الله في بعض الأقوال .. ثم قال الله - عز وجل - : [مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ القُرْآَنَ لِتَشْقَى * إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى* تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ العُلَا  * الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى * لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى  * وَإِنْ تَجْهَرْ بِالقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى  * اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى] {طه:2-8}  انظر روعة المقاطع وجزالتها وعذوبتها وحلاوتها وكأنها نزلت الساعة.. تهز القلوب هزاً وتزلزل الجبال.
    المقدم : أليست هذه السورة هي سبب إسلام عمر بن الخطاب  .
    الضيف : بلى ورد أنها سبب إسلام وعموماً هذا القرآن العظيم كان سبب إسلام الكثيرين من العرب والعجم ، وأنك تعجب من قوم اشتغلوا بالإعجاز العددي وعبر الحروف والكلمات وغير ذلك من أنواع الإعجاز الحادثة ، وغفلوا عن هذا الإعجاز العظيم..الإعجاز البلاغي اللغوي الذي هو لب الإعجاز في القرآن الكريم.
    ذكر الله - عز وجل - قصة موسى بتفاصيل كثيرة في هذه السورة ؛ ولذلك سميت ( سورة موسى ) لأن الله - عز وجل - فصل هذه القصة في هذه السورة أكثر من غيرها .. ذكرها بالتفاصيل وكيف دعا فرعون .. وكيف هرب منه ثم مكّن الله له وأغرق فرعون .. هذه القصة العجيبة وهي تسلية للنبي - عليه الصلاة والسلام - الذي كان بحاجة في العهد المكي إلى مثل هذه القصص .. كذلك غيره من المؤمنين المستضعفين.
    المقدم : جميل جداً .. إذا هذا بصفة عامة يمكن مثلاً أن نقول عن سورة طه .. ( طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى ) ثم بدأت بذكر الأنبياء - عليهم السلام - وما أنزل عليهم من الكتب..موسى وغيره من الأنبياء هل ممكن أن نقول يا دكتور/ إبراهيم إنها تتحدث عن نزول الكتب السماوية على الأنبياء - عليهم السلام - وما فيها من الغير.
    الضيف : ذكر الله - عز وجل - فيها قصة موسى وكذلك قصة آدم في نهايتها لاشك أن فيها دلالة على تأييد الله - عز وجل - لأنبيائه بالمعجزات ..ومنها الكتب السماوية كذلك عاقبة المكذبين بالرسل.
    المقدم : هنا سؤال يا دكتور / إبراهيم وردنا عن ما يتعلق بسورة الكهف في قصة ذي القرنين .. يقول : ما معنى قوله فاتبع سببا فاتبع سبباً وما سر تكرارها؟
    الضيف : نعني اتخذ طريقاً آخر .. نظراً لأن الله أعطاه من القوة والعدة والعتاد انطلق أخذ طريقاً إلى المشرق ثم إلى المغرب .. ذهب إلى يأجوج ومأجوج وبنى هذا السد فهو ملك عظيم يتجول في البلاد ويتحرك.
    المقدم : هل يمكننا يا دكتور أن نقول فاتبع سببا أي اتخذ الأسباب الممكنة أي معنى أنه كان يتخذ لكل موقف إن كان جرباً أو مسلماً يأخذ له عدته وأسبابه.
    الضيف : نعم للقول نظر من أقوال المفسرين وإن هذا يعم جميع الأسباب ولا يصح أن عصبة بسبب معين بل هي الطرق الموصلة إلى ما يريد.
    المقدم : نعني قد يسأل سائل فيقول : أنتم تقولون إن ذي القرنين هذا ملك عظيم ولديه إمكانيات كبيرة .. لماذا عندما طلب منه أصحاب السد هؤلاء عندما طلبوا منه أن يبني السد قالوا : ( هل نجعل لك خرجاً على أن تجعل بيننا وبينهم سدا ) فقال : [مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا] {الكهف:95}  ... قد يقول قائل : إذا كان عنده إمكانيات لماذا استعان بهؤلاء المساكين فأتعبهم وأحضروا الحديد.
    الضيف : يبدو أنه مهما أوتي فهو بشر عنده ضعف وعنده نقص فكمل هذا النقص لكن يقول : أنا أريد وجه الله لا أريد أجرة على هذا العمل ، ولكن أريد إعانتكم.
    المقدم : وأيضاً أنا أذكر ... قرأت لبعضهم إضافة لما تفضلتم به وتوسعة له .. نقول : إنه لو كان بناه لهم مجاناً ثم أهداه لهم لكانت قيمته أقل في نظرهم ، لكنه عندما استخدمهم واشتغلوا فيه معه ، وأحضروا الحديد وتعبوا منه علموا مقدار الجهد الذي بذل ... وهذه لفتة تربوية ..إشراكهم في العمل.
     هنا سؤال في سورة مريم التي نتحدث عنها الآية في الآية الـ 75 من السورة يسأل سائل ويقول : ما معنى قوله - سبحانه وتعالى- : [قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا] {مريم:75} .
    الضيف : إن الله - عز وجل - يمهل المستمر على الضلال وعلى الكفر وعلى الفجور .. يمد له الله - سبحانه وتعالى - بمعنى أنه يمهله وهذا الإمهال ليس رحمة به ، ولكنه زيادة في العذاب عليه ؛ لأنه كلما أملى له ازداد إثماً ..قال - تعالى - : [إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا] {آل عمران:178}  ليزدادوا فكلما تأخر هذا الفاجر ازداد من المعاصي فزادت عقوبته في الآخرة .. وهذا من العقوبات الدنيوية .. إن الله - عز وجل - يختم على قلب الإنسان ..هذا المعرض فلا يعرف معروفاً ولا ينكر منكرا.
    المقدم : معنا الأخ الدكتور/ عبد الله من الأردن.
    المتصل : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. موضوع : ( أعينوني بقوة ) الذي ذكرتم قبل قليل التوجيه الذي ذكرتم لطيف جداً ..جزاكم الله خيرا .. أقول يعني لعله كذلك فيه إشارة إلى أن ذا القرنين يريد أن يشرك كل واحد من هؤلاء في مكافحة الفساد .. ولعل هذا أحد الأسرار التي أشار إليها القرآن في هذا المجال حقيقة سورة الكهف محملة بالأسرار والمعاني الكثيرة جداً .. ولعل القصص الخمس الموجودة فيها .. يمكن الواحد يتساءل لماذا القصص الخمسة الموجودة في هذه السورة .. تتأمل تجد أنها تشترك في جوانب .. باختصار ولا أريد أن آخذ شيئاً من وقت البرنامج ، لكن أقول تجد أن كل قصة تحكي لنا هجرة من جانب معين فقصة أصحاب الكهف كانت هجرة في سبيل العقيدة والدين .. وقصة صاحب الجنتين كانت هجرة للشهوات ، وقصة موسى والعبد الصالح هجرة لطلب العلم ، وذي القرنين هجرة جهادية .. وتجد تكامل هذه الأمور التي تريد أن ينشرها هذا الدين شرقاً وغرباً .. ولعل منها بقصة ذي القرنين ما يحمل لنا هذه الأسرار والمعاني في هذا المقام.
    المقدم : جزاك الله خيراً يا دكتور / عبد الله طبعاً هذا الدكتور عبد الله بن محمد الجلوب وله كتاب قيم جداً وهو : " التعبير القرآني والدلالة النفسية " .
    وأنا أحسب سورة مريم مليئة بالدلالات النفسية من خلال عبارتها شكر الله لكم يا أبا البراء .. نعود يا دكتور / إبراهيم إلى أسئلة الإخوة .. الأخ أبو شهب أشار إشارة جميلة وهي مناسبة لحديثنا عن سورة مريم الآن وهي لفتة تدور في ذهني كثيراً ، وهي لماذا يذكر الله عن الأنبياء .. أو يذكرفي قصصهم أنه يبتليهم أنه لا يرزقهم بالأولاد إلا على كبر بدءاً بإبراهيم - عليه السلام - فلم يرزق بإسماعيل إلا وعمره 86 سنة ورزق بإسحاق وعمره 100 سنة .. عندك الآن زكريا - عليه الصلاة والسلام - ما رزق بالولد إلا على كبر وأظن أمثلتهم كثيرة فما هو التعليل برأيك لهذا الابتلاء؟
    الضيف : أولاً هذه ليست صفة غالبة على الأنبياء أنهم لا يرزقون الأولاد إلا في الكبر الثابت هو ما حصل لإبراهيم - عليه السلام - وهنا زكريا .. ولكن هنا قاعدة إن الله - عز وجل - يبتلي عباده بقدر إيمانهم الأمثل فالأمثل .. أشد بلاءً الأنبياء.. والله - عز وجل - ابتلى الأنبياء بأنواع من الابتلاء .. منها الفقر ، ومنها تكذيب الأقوام ، ومنها أيضاً هذا وهو حرمناهم من الأولاد في أوائل أعمارهم ... وهذا من جملة ما ابتلي به الأنبياء وفيه تسلية للنبي - صلى الله عليه وسلم - إن غيرك من الأنبياء قد ابتلوا بمثل ما ابتليت به ، كما قال - تعالى - :( ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك )ابتلوا أيضاً بالعقم في أول حياتهم ..ابتلوا بتكذيب الأقوام .. بل بعض الرسل - عليهم الصلاة والسلام - قتل.
    المقدم : هنا أسئلة مع موضوع مهم يا دكتور/ إبراهيم في بداية سورة مريم وهو قصة آداب الدعاء ، كما في قوله : [إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا] {مريم:3} .. نريد أن نفيد الإخوة المشاهدين بآداب الدعاء من خلال موقف زكريا - عليه السلام - وأيضاً يسأل سائل ويقول ما معنى : [وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا ] {مريم:4} لماذا عبر هنا وقال : [وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا ] ؟
    الضيف : أما الدعاء فله آداب كثيرة ليس المقصود ذكر آداب الدعاء ، ولكن المقصود الإشارة إلى أدب الدعاء هذا وهو التذلل لله - عز وجل - وأيضاً خفض الصوت ؛ لأن الله - عز وجل - سميع بصير ، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " إنكم لا تدعون أصمّ ولا غائباً .. إن الذي تدعون أقرب إلى أحدكم من شراك نعلمه ".. فالمقصود أن الإنسان إذا أراد أن يلجأ إلى الله وأن يسهل عليه أن يعظم الرغبة ويتذلل لله - عز وجل - ويذكر ضعفه وهو أنه وأيضاً ورد في الحديث قصة الرجل الأشعث الأغبر الذي يمد يديه إلى السماء .. قال العلماء : هذه من أسباب الإجابة أنه أشعث أغبر ومتذلل لله - عز وجل - أيضاً ليس هناك داعِِ لرفع الصوت والصياح والجزع - وإن كان الإنسان مصاباً- وإنما يتأدب مع الله - عز وجل - .
    والإنسان كلما كان أكثر تذللاً وخشية لله خفض صوته ولاسيما إذا كان الإنسان بين الناس .. إن رفع الصوت قد يورث التكبر والرياء وأيضاً قد يشوش على الناس ..( اشتعل الرأس شيبا ) ؛ أي انتشر الشيب في رأسه وكثر كما تشتعل النار بالهشيم .. في هذا الوقت في الغالب أن الإنسان إذا كبر أنه ينقطع نسله ويتوقف.
    المقدم : وكأنه - والله أعلم - يا دكتور/ إبراهيم فيه إشارة إلى أنه عم رأس كله اشتعل بمعنى أنه ما ترك مكاناً إلا وقد علاه .. اذكر كلمة جميلة لابن جرى.
     واشتعل المبيض في مسودة مثل اشتعال النار في جزل الغضا.
    الضيف : وأيضاً هذا من التذلل لله - عز وجل - أني أضعفت.
    المقدم : إي نعم ..عندنا الأخت أم عبد الله من الجزائر تفضلي يا أخت أم عبد الله.
    المتصلة : السلام عليكم ممكن سؤال الشيخ أريد تفسير الآية التي في سورة الأحزاب في قوله - تعالى - : [يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ المُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا] {الأحزاب:59} فما المقصود بهذه الآية .. الخمار ، أم عباءة الرأس ؟
    المقدم : الأخت نورة من السعودية تفضلي طيب .. نعود يا دكتور إلى الآيات في أول السورة .. [إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا] {مريم:3} نقول : هذا أول أدب وهي قضية خفض الصوت وهذه بالمناسبة يا دكتور / إبراهيم .. نحن الآن في رمضان أنا ألاحظ أن بعض أئمة المساجد تجد أن الصوت رتيب في طيلة الصلاة ، ثم إذا جاء الدعاء تسمع الصياح ..ربما تسمع صياح وبكاء وعويلاً أحياناً حتى ربما تخاف أحياناً ... وهذا في رأيي أنه يخالف هذا الأدب الرباني فما رأيك؟
    الضيف : هو لاشك أن الآثار والأحاديث والنصوص تدل على أن الداعي متذلل لله - عز وجل - ومن شأن المتذلل أن لا يرفع صوته بالصياح وخاصة في مجمع الناس ، ثم هذه القضية الأخرى أن الإنسان يخشى على نفسه أن يكون بين الناس يتكلف البكاء ويتكلف الخشوع ..وكان السلف- رحمهم الله - مع ما آتاهم الله من رقة القلب والخشوع إلا أنهم كان يدافعونه ما استطاعوا حتى إن جليسه الذي بجانبه لا يعلم أنه بكى من خشية الله - عز وجل - .. فالإنسان إذا جلس وحده لا بأس أن يتباكى وأن يتخشع ، لكنه بين الناس يتكلف .. هذا يخشى عليه من الرياء كما أنه ليس فيه أدب إذا رفع الصوت رفعاً مزعجاً..
    المقدم : يأتي سؤال عن آية 95 قال : الآية رقم 85 من سورة مريم وهي قوله - تعالى - : [يَوْمَ نَحْشُرُ المُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا] {مريم:85} وقال في الآية 95 [وَكُلُّهُمْ آَتِيهِ يَوْمَ القِيَامَةِ فَرْدًا] {مريم:95} لماذا قال عن المتقين يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا وقال عن المجرمين وفوق المجرمين آل جهنم وردا ..  سر التفريق في العبارة؟
    الضيف : الله - عز وجل - يكلم المتقين ويحشرهم كما يحشر الوفد .. يكرمون كما تكرم الوفود العزيزة على الإنسان .. وأما المجرمون فإنهم يحشرون كما يحشر العطشان .. فهم يحشرون عطاشا .. وردا أي يحشرون عطشاني غاية الذل.
    المقدم : وأيضاً لاحظ يا دكتور فسوق كأنهم يساقون كالدواب وأيضاً كما تفضلت أنهم يردون إلى الماء وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل.
     الأخت نورة من السعودية تفضلي ..
    المتصلة : لو سمحت أسأل عن آخر سورة البقرة الآية 230 [للهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ ....]. 
    المقدم : هنا في الآية في وصف الله - سبحانه وتعالى - بالمكر في قوله : [وَاللهُ خَيْرُ المَاكِرِينَ] يسأل أحد الأخوة ما معنى : ( والله خير الماكرين) ؟
    الضيف : هذه الصفة ذكرت في القرآن في جانب المقابلة .. فمن احتال على الله - عز وجل - في مخالفة شرعه وفي أذى عباده وأوليائه ، فإن الله يمكر به ويرد خديعته ومكره.
     وهذه من الصفات التي لا تثبت مفردة لله - عز وجل - فلا يقال إن الله ماكر - تعالى الله - ولا يقال إن الله يخادع ولا يقال إن الله يستهزئ ، لكنها تثبت لله في مقابلة من يفعل ذلك .. الله - عز وجل - يمكر فمن يمكر به ؟ وتكون صف جمال في هذه الحال ولا يوصف الله بأنه مكار ولا يسمى بذلك وكذلك صفة الخداع والاستهزاء.
    المقدم : الأخ أبو أحمد من السعودية تفضل.
    المتصل : السلام عليكم ... كيف حالكم .. حياكم الله عندي سؤال في سورة مريم آية 76 [وَيَزِيدُ اللهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ] {مريم:76} في مريم وخير مردا وفي الكهف وخير أملا ما الفرق في سياق الآيتين ؟
     السؤال الثاني في سورة طه [فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى] {طه:44} المقابلة هذه في التذكر والخشية ما الحكمة ؟ وفي آخر السورة لعلهم يتقون أو يحدث لهم نكر المقابلة هذه أيضاً. ما الحكمة ؟
     آخر سؤال في سورة طه قول [وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى] {طه:132} ما العلاقة بين الأمر بالصلاة ومسألة الرزق، قرن بين مسألة الأهل بالصلاة ومسألة الرزق.
    المقدم : معنا الأخ يوسف من السعودية.
    المتصل : السلام عليكم .. تفسير سورة الإسراء آية 85.
    المقدم : نعود إلى بعض الأسئلة التي لم نتعرض لها في سورة طه الأخ عبد الله قال : من هو السامري؟
    الضيف : السامري هو رجل من قوم موسى لما ذهب موسى للقاء ربه قبض قبضة من أثر الرسول .. من أثر جبريل - عليه السلام - لما أتى جبريل يعذب فرعون وقومه ثم أخذ هذه القبضة ورماها في الحلى .. حلي قوم فرعون الذي استعاره بنو إسرائيل فكان له خوار له صوت كما تخور البقرة فعبده بنو إسرائيل فهو من قوم موسى.
    المقدم : سأل أيضاً ما المقصود بأولى النهى؟
    الضيف : النهى هي العقول أولى النهي أولي العقول.
    المقدم : وهذه ملحوظة في القرآن الكريم ..إن في ذلك لآيات لأولى الألباب [وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الأَلْبَابِ] {البقرة:269} ومثل هذه أولى النهى للدلالة على أنه لا تستفيد ولا تنفع وهذه الآيات العظيمة إلا أصحاب العقول.
    الضيف : هناك لفت نظر إن كنتم فعلاً عقلاء فاستفيدوا من عقولكم ، واستدلوا بها على صدق الرسل وعلى وحدانية الله - عز وجل - .
    المقدم : استأذنك يا دكتور/ إبراهيم واستأذن الأخوة المشاهدين في عرض كتاب على أبصارهم لعلهم يستفيدون منه في فهم القرآن الكريم ، ثم نعود إليكم في هذا الفاصل.
    الفاصل
    خصائص التعبير القرآني وصفاته البلاغية
    مؤلفه : هو الأستاذ الدكتور/ عبد العظيم بن إبراهيم بن محمد المطغي المتوفى في شهر رجب من هذا العام.
     وهو رسالته التي تقدم بها لنيل درجة الدكتوراه من ( كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر ) .. وقد اشتمل الكتاب على كثير من أسرار الحذف في القرآن الكريم وخصائصه ، وعلى كثير من أسرار التقديم في القرآن الكريم وخصائصه ضمن سورتي البقرة والأعراف ، وعلى علم البديع في القرآن الكريم وأهم موضوعاته ..وقد صدر الكتاب عن مكتبة وهبة في القاهرة بطبعته الأولى عام 1405هـ.
    المقدم : مرحباً بكم أيها الأخوة المشاهدون مرة أخرى في برنامجكم التفسير المباشر الذي يأتيكم على الهواء مباشرة في قناة دليل الفضائية من الرياض وأكرر الترحيب بالضيف.
     كما نلاحظ يا دكتور / إبراهيم اتساع الجزء وضيق الوقت وكثرة الأسئلة؛ لذلك فنحن نجيب على أسئلة الأخوة المشاهدين بقدر ما نستطيع ، ونحاول ترتيبها بحيث إنها لا تطغي على الأسئلة التي تخرج عن موضوع الجزء على الجزء نفسه الأخ أبو شهد سبق أن أجبنا على سؤاله وهو لماذا وهب الله إبراهيم الأنبياء عند اعتزال قومه .. وأنت قد نبهت عندما ذكرنا أن الأنبياء يبتلون بعدم الذرية إلى سن متأخرة هل لديك إضافة.
    الضيف : ليس لدي إضافة لكن هناك كثير من الأسرار التي يعقلها القرآن لعدم الحاجة إليها .. فهذه قاعدة بعض الناس يلجأ إلى الإسرائيليات لسد الخلل الموجود أو النقص .. هذه التفاصيل لو كان فيها خير وفائدة تعود على الناس في أمر ديني ودنيوي لذكرها الله - عز وجل - كما ذكر  بين تمعن عيني إن ثبت لنا سر من الأسرار فالحمد لله ، وإن لم يثبت فلا نتكلف.
    المقدم : معنا الأخت أم عبد الرزاق من السعودية.
    المتصلة : السلام عليكم .. نشكركم على البرنامج ونقترح عليكم أن يستمر البرنامج بعد رمضان.
     سؤال في سورة طه : [فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى] {طه:7} الفرق بين السر وأخفى بالنسبة للسؤال الثاني الكتب التي تعرضونها بالنسبة لنا نحن المبتدئين أول كتاب وثاني كتاب نشتريه تنصحونا فيه أن نتعلم منه.
    المقدم : الأخ أبو أحمد سألت سؤالين ... وبالمناسبة الأخ أبو أحمد دائماً يسألنا أسئلة دقيقة ونستفيد منها أكثر مما يفيد يقول في سورة مريم .. [وَيَزِيدُ اللهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا] {مريم:76} ... وقال في الكهف : [وَالبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا] {الكهف:46}. هل هناك أن يكون سر في ها التفريق؟
    الضيف : هنا يبدو لي من باب تنويع الأساليب فهي خير مردا وخير أملا.. ولا تعارض بينهما.
    المقدم : وفي تصوري أنه لو يتعمق النظر في السياق التي وردت فيه .. نحن لا نشك أن فيها حكماً وإن كل كلمة في القرآن لا يصلح غيرها محلها ؛ لأنه كلام حق ولازم الحق حق ولا يأتيه الباطل من بين يديه ومن خلفه ولكن تتفاوت الأنظار في استنباط العلل والأسرار البلاغية .. أيضاً في قوله : [لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى] {طه:44} هل تكفي إحداهما وقال في آخر السورة : [لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا] {طه:113}. أليس الخشية هي ثمرة للتذكر؟
    الضيف : نعم ولكن الخشية تكون لأمر مرغوب والتذكر يكون لأمر منسي أو مجهول أو يغفل عنه الإنسان .. فالله - عز وجل - قد أرسل رسله بالدلائل المتنوعة ففيها ذكر وفيها خشية ، وفيها ترغيب وفيها ترهيب .. فهو إن لم يتذكر يخش وإن لم يسمع ير.. هذا الظاهر لي ، والله أعلم.
    المقدم : يسأل أيضاً ويقول ما هي العلاقة بين الأمر بالصلاة وقوله [لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا] {طه:132}.]
    الضيف : ما يظهر لي سر.
    المقدم : ألا يمكن أن نقول عندما يشتغل الإنسان بطلب الرزق وهذا كثير أنه قد يضيع الصلاة في كثير من الأحيان .. كثير منا الآن يشتغل بعمله ويشتغل بأعماله العقارية فتفوته الصلوات وهو بين جيئة وذهاب ..فالله - سبحانه وتعالى - يشير إلى أن المأمور به هو إقامة الصلاة ، وأن أمر الرزق قد تكفل الله به فلا يلهك أمر طلب الرزق عن إقامة الصلاة ... لذلك أنا ألاحظ وقد ذكر الدكتور/ عيسى عبد ربه في إحدى الجلسات في التفسير المباشر ذكر لي قصة رجل من الأثرياء ، لكنه من أهل القرآن أيضاً .. فقال لا يمكن أبدا أن يبقى في مكتبه أو يعقد صفقة بعد الأذان للصلاة .. يوم من الأيام تأخر عليه صاحبه هذا الذي وعده أن يوقع معه عقداً لصفقة تجارية ضخمة .. فأذن المؤذن ولم يحضر الرجل فذهب مباشرة إلى المسجد هذا الرجل ، فجاء الرجل بعد خمس دقائق أين فلان قالوا : ذهب إلى المسجد وترك الصفقة ... كأن هذا غضب منه لماذا يترك وهذا مبلغ ضخم بالملايين قالوا فبقى يمكن ربما أسبوع أو أسبوعين فجاءه هذا الرجل وجاءه بعرض أقل وبربح أكثر مرة أخرى .. فهذا يبدو لي - والله أعلم - أنه نوع من الارتباط لقوله : [وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى] {طه:132} حتى كلمة واصطبر فيها إشارة إلى أن المحافظة على الصلاة ما هي بسهلة ، وإنما تحتاج إلى رباط فذلكم الرباط فذلكم الرباط لا نسألك رزقا نحن نرزقك هذا الذي يظهر لي والله أعلم ماذا توجه به.
    الضيف : مع المعنى العام يحتمل هذا.
    المقدم : الأخت أم عبد الرزاق تسأل .. فتقول ما الفرق بين هو يعلمه السر وأخفى وما هو الذي أخفى من السر؟
    الضيف : ذكر بعض المفسرين أن السر ما أخفاه الإنسان عن الناس بينه وبين نفسه وأخفى ما لم يعلمه يعني ما قدر الله - عز وجل - من الأمور ... ما لم يخطر على باله من الأمور المستقبلية بعضهم قال هو حديث النفس .. الذي لم يتكلم به ولم يعزم عليه ، وهو أخفى من السر.
    المقدم : أيضاً هي سألت سؤالاً آخر تقول أنت تذكرون كتباً .. بالمناسبة أنا اخترت ثلاثين كتاباً في حلقات البرنامج ونوعتها .. شيء في التفسير وشيء في معاني الكلمات .. وشيء في دفع المشكل .. ودفع الموهم في القرآن الكريم وبعضها للمبتدئين وبعضها للمتقدمين ذكرت من الكتب المتميزة للمبتدئين التفسير الميسر وذكرت كتاب( السراج في غريب القرآن ) للشيخ / محمد الخضيري .. وهذا يصلح للمبتدئين وذكرت أيضاً تفسير ( زاد المسير ) يصلح للمتوسطين ( جامع البيان ) للطبري ذكرته للمتقدمين ذكرت أيضاً ( ملاك التأويل ) لأبي الزبير الغرناطي وهذا كتاب يصلح لدفع المشكل والموهم في القرآن الكريم ..وهو رائع جداً.
     كما ذكرت كتاب ( المعين على تدبر القرآن الكريم ) ..وهذا كتاب قيم حديث الصدور ، وفيه نفع والحقيقة الحديث عن الكتب التي تصلح للمبتدئين والمتقدمين هذا حديث يطول.
    الضيف : وأيضاً المشاهدون ليسوا على درجة واحدة ما يجاب به فلان يختلف عما يجاب به فلان ، ولكن الإنسان يتدرج ويمكن للأخت السائلة أن تسأل بعد أن يعرف المجيب مستواها العلمي يدلها على الكتاب المناسب.
    المقدم : لدينا سؤال الذي سأله الأخ يوسف وهو الآية 85 من سورة الإسراء [وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ العِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا] {الإسراء:85} يقول ما معنى الآية؟
    الضيف : الكلام عن الروح كلام طويل جداً والمسألة شائكة للمتقدمين والمتأخرين وهل الروح هي النفس أو غير ذلك .. المعنى العام أن هذه الروح أو حقيقة الروح هذه من الأمور الخفية التي لا يدركها الإنسان.
     نفس الإنسان التي بها حياته هذه معروفة ، لكن الحقيقة مم تتكون الروح وكيف تخرج من العبد ثم يموت الإنسان ثم تعود إليه ؟ هذه من الأمور التي أخفاها الله - عز وجل - .
    المقدم : يلفت نظري يا دكتور وهذا توجيه في آداب الأسئلة في القرآن الكريم تلاحظ في سورة البقرة ..يسألونك يسألونك .. يسألونك عن الآهلة .. هذا موضوع عملي وليس تنظيراً .. يسألونك عن الخمر والميسر .. يسألونك عن اليتامى .. يسألونك عن المحيض ... يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه .. فتلاحظ أن كلها أسئلة يترتب عليها عملي أسئلة عملية لكن هذا السؤال الذي في سورة الإسراء .. ويسألونك عن الروح الحقيقة أن معرفة حقيقة الروح يتمنى كل واحد أن يعرفها لأنها سر من أسرار خلق الله لكن الجواب في غاية الإيجاز والوضوح .. ( قل الروح من أمر ربي )هذا توجيه لي وللأخوة أد السؤال تلاحظ كثير من الأسئلة وأن فيها تدبراً إلا إنها لم تكن من منهج السلف .. استحضر عمر-رضي الله عنه - عندما قال لنفسه يوماً : ما هو الأبّ في قوله : ( فاكهة وأبا ) ثم قال لنفسه : إن هذا لهو التكلف يا عمر ما أمرنا بهذا فرأى أن سؤاله عن معنى الأب - مع أنه نوع من علف البهائم - أنه نوع من التكلف ... لذلك تلاحظ أسئلتنا الآن لماذا ذكر الله كذا ولماذا ذكر الله كذا ؟ مع أنها تدل على التدبر والحرص إلا أنها في نهاية المطاف أحس أحياناً .. ربما لا يترتب عليها عمل ؛ ولذلك جاء رجل إلى الإمام أحمد فسأله سؤالاً من هذا النوع لماذا ذكر الله كذا فسأله سؤالاً في الوضوء للصلاة .. فلم يجب الرجل فقال : يا بني عليك بما يهمك في يومك وليلتك فتفقه فيه وهذه الحقيقة عندما استأثر الله بالعلم في أمر الروح فيه تنبيه ------ للمسلم أن لا يكثر من الأسئلة التي لا ثمرة لها.
    الضيف : وفي قوله - تعالى - : [وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ العِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا] {الإسراء:85}  فيه إشارة لطيفة ومفيدة جداً أن الإنسان مهما أوتي من العلم لا يدرك جميع ما في هذا الكون من الأسرار ويوماً بعد يوم يكتشف العلم الحديث أشياء ما كانت تخطر له على بال .. هناك أشياء مجهولة وستظل مجهولة للإنسان حتى يموت .. لم يطلع الله عليها أحداً من الخلق خذ مثلاً حقيقة عذاب القبر .. علم الله - عز وجل - قد حجبه عن الناس وغير ذلك من الأسرار الموجودة في هذا الكون.
    المقدم : شكر الله لكم يا دكتور/ إبراهيم ما تفضلتم به .. شكرالله لكم أيها الإخوة المشاهدون اهتمامكم ومتابعتكم  ، وأسأل الله أن يتقبل منا ومنكم.
     وفي ختام هذا اللقاء أشكر فضيلة الدكتور/ إبراهيم بن صالح الحميضي «الأستاذ المساعد بجامعة القصيم والمتخصص في الدراسات القرآنية وعضو مجس إدارة الجمعية السعودية للقرآن الكريم وعلومه» وأشكركم أنتم أيضاً .. وأسأل الله أن يتقبل منا ومنكم.
    واستودعكم الله وألقاكم غداً - بإذن الله تعالى - وإلى اللقاء ،،،
    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()