فضل الدعاء عند تكالب الأعداء (خطبة مقترحة)
كتبه/ سعيد محمود
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،
1- مقدمة عن فضل الدعاء أثناء الحرب وإقبال الناس عليه في الصلوات وغيرها:
- الدعاءُ طاعة لله، قال -تعالى-: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)(غافر:60).
- الدعاءُ سلامة من الكبر، قال -تعالى-: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)(غافر:60-61).
- الدعاءُ سببٌ لرفع غضب الله، قال -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ لَمْ يَسْأَلِ اللَّهَ يَغْضَبْ عَلَيْهِ) رواه الترمذي، وحسنه الألباني.
- الدعاءُ ثمرتهُ مضمونة، قال -صلى الله عليه وسلم-: (ما مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلاَ قَطِيعَةُ رَحِمٍ إِلاَّ أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلاَثٍ إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الآخِرَةِ وَإِمَّا أَنُْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا. قَالُوا: إِذاً نُكْثِرُ. قَالَ: اللَّهُ أَكْثَرُ) رواه أحمد، وقال الألباني: حسن صحيح.
- الدعاء سببٌ لرفع البلاء قبل نزوله وبعد نزوله، قال -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ الدُّعَاءَ يَنْفَعُ مِمَّا نَزَلَ وَمِمَّا لَمْ يَنْزِلْ فَعَلَيْكُمْ عِبَادَ اللَّهِ بِالدُّعَاءِ) رواه الترمذي، وحسنه الألباني.
2- من دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- عند تكالب الأعداء -[مع شرحه واستخراج الفوائد منه]-:
- فعن عبد الله بن أبي أوفى قال: دعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الأحزاب فقال: (اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ ومُجْرِىَ السَّحَابِ، وهَازِمَ الأَحْزَابِ، سَرِيعَ الْحِسَابِ، اللَّهُمَّ اهْزِمِ الأَحْزَابَ، اللَّهُمَّ اهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ) رواه البخاري.
- بيان كيف توسل النبي -صلى الله عليه وسلم- لله -عز وجل- بصفاته العلا لنيل حاجته وطلبه، وهذا باب عظيم من دواعي إجابة الدعاء.
- قوله -صلى الله عليه وسلم-: (اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ):
- لأن هذه معركة بسبب إقامة الكتاب المنزل توسل به (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ)(الحديد:25).
- بيان أن الكفار لا يريدون إقامة الكتاب في الأرض (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ)(المائدة:48).
- وهنا سيفصل منزل الكتاب؛ ليحكم كتابه وينصر رسله، والمؤمنين (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ)(غافر:51).
- قوله -صلى الله عليه وسلم-: (ومُجْرِىَ السَّحَابِ):
- لأن نظر الناس إلى الأرض أكثر من نظرهم إلى السماء، فقد يظن البعض أن الملك فيها لأهلها (وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا)(يونس:24).
- وكثرة سلطان الكفرة قد يجعل بعض الناس يظنون أن الغلبة لهم فينهزمون نفسيا (قَالُوا لا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ)(البقرة:249).
- لذا كان التنبيه في هذا التوسل إلى رفع البصر وتقليبه في ملكوت السماوات (وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ)(الأنعام:75).
- وعند ذلك سيعلم أن الذي يملك السموات والأرض هو الله (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ)(البقرة:107).
- وإذا كان هو المالك فهو المتصرف في ملكه (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)(آل عمران:26).
- قوله -صلى الله عليه وسلم-: (وهَازِمَ الأَحْزَابِ):
- الأحزاب هم كل من تجمع لحرب الإسلام من الكفار والمنافقين.
- بيان أن أحزاب اليوم قد يئسوا من القضاء على المسلمين؛ ولذلك يريدون القضاء على الإسلام في نفوسهم، قال -تعالى-: (الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ)(المائدة:3)، ولذلك يرفعون رايات أخرى في حربهم على الإسلام: "الشرعية الدولية - تحرير الشعوب - ونحو ذلك..."؛ لأنهم لا يقدرون على حرب دينية بالرغم من ضعف المسلمين الحالي، قال -تعالى-: (لأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ)(الحشر:13)، وقال: (وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الأَدْبَارَ)(الفتح:22).
- قوله -صلى الله عليه وسلم-: (سَرِيعَ الْحِسَابِ):
- لما كان كثير من الكفار يظن أنه لا حساب، أو أنه بعيد عن الحساب توسل بذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- (إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا . وَنَرَاهُ قَرِيبًا)(المعارج:6-7).
(وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ)(إبراهيم:42)، (فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ)(آل عمران:25).
- قوله -صلى الله عليه وسلم-: (اللَّهُمَّ اهْزِمِ الأَحْزَابَ، اللَّهُمَّ اهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ):
- ذكر الآيات من سورة الأحزاب (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا . إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا... ) إلى قوله -تعالى-: (وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا)(الأحزاب:9-25).
3- شرح موجز لغزوة الأحزاب مع التركيز على هذه المعاني:
1- نعمة الله بنصر المسلمين مع قلتهم وضعفهم، وتكالب الجيوش الكافرة عليهم.
2- بيان حراجة الموقف من خلال: (وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا)، وموقف قريظة ونقض العهد.
3- حال المنافقين ومحاولات التوهين والتضعيف لصفوف المسلمين من خلال: (يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا..)، (إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ)، (مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلا غُرُورًا)، (وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلا يَسِيرًا).
4- بيان حال المؤمنين أثناء الحصار: (وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا)، (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا).
5- هزيمة الأحزاب -بفضل الله وحده- (وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا).
6- ظهور المسلمين بقوة بعد الأحزاب، قال -صلى الله عليه وسلم-: (الآنَ نَغْزُوهُمْ وَلاَ يَغْزُونَنَا، نَحْنُ نَسِيرُ إِلَيْهِمْ) رواه البخاري.
4- خاتمة:
- تدور حول فضل دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- أيام الأحزاب مع التذكير بفضل الدعاء مرة أخرى من المقدمة.
فاللهم انصر دينك وكتابك، وعبادك المؤمنين.