لا تـُشْرِكْ بِاللَّهِ (خطبة مقترحة)
دروس من وصايا لقمان لابنه
كتبه/ سعيد محمود
مناسبة هذه الوصايا:
- لما بين -سبحانه وتعالى- فساد اعتقاد المشركين وسلوكهم، ذكر هنا وصايا هذا العبد الصالح الذي أسس بنيانه على أعظم أسس، فكانت هذه الوصايا لولده.
الوصية الأولى: لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ:
قال -تعالى-: (وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)(لقمان:13).
1- أهمية أعظم الوصايا:
قال ابن كثير -رحمه الله-: أوصاه أولاً بعبادة الله وحده لا شريك له، ثم قال محذراً له: (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ).
- التوحيد هو الميثاق الأول على العباد: قال -تعالى-: (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى....)(الأعراف:172-174).
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لأَهْوَنِ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَوْ أَنَّ لَكَ مَا فِى الأَرْضِ مِنْ شَىْءٍ أَكُنْتَ تَفْتَدِى بِهِ فَيَقُولُ نَعَمْ . فَيَقُولُ أَرَدْتُ مِنْكَ أَهْوَنَ مِنْ هَذَا وَأَنْتَ فِى صُلْبِ آدَمَ أَنْ لاَ تُشْرِكَ بِي شَيْئًا فَأَبَيْتَ إِلاَّ أَنْ تُشْرِكَ بِي) متفق عليه.
- التوحيد فطرة الله التي فطر العباد عليها:
قال -تعالى-: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)(الروم:30).
وقال -صلى الله عليه وسلم-: (مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلاَّ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ، كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ) متفق عليه.
- التوحيد مهمة الرسل:
قال -تعالى-: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ)(النحل:36).
وقال -تعالى-: (رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا)(النساء:165).
وقال -صلى الله عليه وسلم-: (أُمِرْتُ أَنْ أُقاتِلَ النَّاسَ حَتّى يَشْهَدوا أَنْ لا إِلهَ إِلاّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ، وَيُقيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ، فَإِذا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ إِلاّ بِحَقِّ الإسْلامِ، وَحِسابُهُمْ عَلى اللهِ) متفق عليه.
2- خطر الشرك وعاقبته:
الشرك أعظم الظلم: قال -تعالى-: (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)، وعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: (لمَّا نَزَلَتِ: (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ) قَالَ أَصْحَابُ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- أَيُّنَا لَمْ يَلْبِسْ إِيمَانَهُ بِظُلْمٍ فَنَزَلَتْ (لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) متفق عليه.
- كل الذنوب تغفر إلا الشرك: قال -صلى الله عليه وسلم-: (قال الله: يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لاَ تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً) رواه الترمذي، وصححه الألباني.
وقال -صلى الله عليه وسلم-: (بَيْنَمَا كَلْبٌ يُطِيفُ بِرَكِيَّةٍ كَادَ يَقْتُلُهُ الْعَطَشُ، إِذْ رَأَتْهُ بَغِي مِنْ بَغَايَا بَنِى إِسْرَائِيلَ، فَنَزَعَتْ مُوقَهَا فَسَقَتْهُ، فَغُفِرَ لَهَا بِهِ) متفق عليه.
الشرك يمنع دخول الجنة: قال -تعالى-: (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ)(المائدة:72).
3- فضل التوحيد:
- أصحابه مهتدون في الدنيا آمنون في الآخرة: (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ)(الأنعام:82).
- السبب الأعظم في تفريج الكربات في الدنيا والآخرة: قال -تعالى-: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى)(طه:120).
- السبب الوحيد لنيل رضا الله وثوابه: وإن أسعد الناس بشفاعة محمد -صلى الله عليه وسلم- (مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ أَوْ نَفْسِهِ) رواه البخاري.
4- التوحيد قبل التوحد:
- هناك من يعترض على من يقدم التوحيد في دعوته، ويعتبره أصل دعوته ببعض الشبهات، ومنها:
1- أن الناس الآن موحدون، والأنبياء قدموا التوحيد لأجل أنهم كانوا يدعون كفارا.
2- المسلمون في العالم مضطهدون ويقتلون ويُحاربون، فلا وقت لتعليم الناس التوحيد، ولكن الاهتمام بتدعيم هؤلاء.
والجواب في نقاط يفصلها الخطيب:
- أن دعوة التوحيد لم يتركها الأنبياء مع المؤمنين والكافرين.
- عدد الكفار في العالم يفوق المسلمين أكثر من خمسة أضعاف، فأين أنت من دعوتهم؟
- أحوال المسلمين في الأرض وما عليه كثير منهم من صور الشرك، وإليك من ذلك:
1- اعتقاد كثير منهم حرية اختيار نظما للدين والدنيا تخالف شرع الله، (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)(النساء:65).
2- اعتقاد طوائف منهم أن للأرض أقطابا يتصرفون في الكون ويملكون الضر والنفع... (الأضرحة - الأولياء - الصوفية - الشيعة).
3- صرف كثير منهم كثيرا من العبادات لغير الله (النذر - الذبح - الدعاء - التوسل... وغير ذلك).
4- تدريس مناهج أهل البدع في أكثر المدارس والجامعات الإسلامية في العالم (الأشعرية - الماتريدية وغيرهم... ).
وغيرها كثير في الرد على من يلقي هذه الشبه... ثم إن تجربة توحيد الكلمة قبل كلمة التوحيد باطلة، فاشلة شرعاً وواقعاً...
نسأل الله أن يجمعنا على التوحيد، وأن يوحد صفونا بالتوحيد.