من يتحمل المسئولية؟
الغرض من الخطبة:
إثارة الهمم إلى العمل لدين الله ، وتحمل مسئولية ذلك.
مقدمة الخطبة:
الوصية المادية الخاصة:تكون في الأموال والأملاك لقوله –صلى الله عليه وسلم- (ما حق امرئ مسلم يبيت ليلتين، وله شئ يريد أن يوصي فيه إلا و وصيته عند رأسه)
الوصية المعنوية العامة: وتكون فيما هو أعم من ذلك، وأعظمها، الوصية بطاعة الله ، ونشر دينه في الأرض، وهي وصية الأنبياء والعلماء وحملة الدين، قال تعالى عن إبراهيم وذريته (إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (البقرة 132:131) وقال النبي –صلى الله عليه وسلم- ( أيها الناس خذوا عني مناسككم لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا) وكان الرسول –صلى الله عليه وسلم- إذا ودع أصحابه في سفر وصاهم بدين الله (استودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه).
تحمل مسئولية إقامة الدين من أخلاق المؤمنين الصادقين:
ـ تحمل أبي بكر الصديق المسئولية عند وفاة الرسول –صلى الله عليه وسلم- ساعة الوفاة، حرب المرتدين ومانعي الزكاة. من أقواله –رضي الله عنه- :" أيها الناس لقد مات محمد –صلى الله عليه وسلم-، فمن كان يعبد محمدا فإنه قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت."، "والله لو منعوني عقال بعير، كانوا يؤدونها لرسول الله –صلى الله عليه وسلم- لقاتلتهم عليها"، "والله لأنفذن جيش أسامة، ولو تخطفا الطير"، "... أينقص الدين، وأنا حي؟".
ـ تحمل الطفيل بن عمرو الدوسي المسئولية بعد إسلامه بلحظات: قصة إسلام الطفيل وقوله –رضي الله عنه- "يا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- علمني من الإسلام ما أدعو به قومي."
ـ البكاءون يريدون تحمل المسئولية حتى ينزل فيهم قرآنا: قال تعالى (لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضَى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ) (التوبة92:91).
الهروب من مسئولية إقامة الدين من أخلاق المنافقين:
ـ هروب المنافقين يوم بدر، ويوم أحد، ويوم الأحزاب، قال تعالى (وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ) (آل عمران167:166) وقال تعالى (وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلا غُرُوراً وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلا فِرَاراً) (الأحزاب13:12)
اعتقاد أن ليس لك دور في تحمل المسئولية من التأويلات الشيطانية:
ولو لم يكن لك تأثير، ودور ، ولو قليل، ما عاقب الله ورسوله الثلاثة الذين خلفوا، مع أن عدد الجيش كان عشرة ألاف مقاتل، وفي رواية ابن إسحاق ثلاثين ألف مقاتل. قال تعالى (وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) (التوبة:118) وقال تعالى) انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (التوبة:41)
تخلفك يهبط الهمم ويثبط الآخرين:
قال تعالى (وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (آل عمران122:121)
الأشخاص يغيبون أو يتغيرون والمنهج لا يتغير:
دروس عظيمة على ذلك من مواقف الصحابة لما أشيع خبر موت النبي –صلى الله عليه وسلم- يوم أحد، تعبر عن تحملهم للمسئولية ولو مات الرمز والرأس، فالدين لا يموت لأن له من يحمله.
أنس بن النضر وإنكاره على المرتبطين بالرمز دون الارتباط بالمنهج. قال "اللهم إني أعتذر إليك مما فعل هؤلاء، وأبرأ إليك مما فعل هؤلاء."، ثم قال لإخوانه "قوموا فموتوا على مثل ما مات عليه رسول الله –صلى الله عليه وسلم- "
الأنصاري الذي مر وقال لإخوانه المنهزمين بالقعود يوم أحد "إن كان محمد قد قتل فقد بلغ، فقوموا فقاتلوا عن دينكم."
كلمة الختام :
لا تقل ذهب الرموز وهم أفضل منا، وليس في الإمكان أفضل مما كان ، لا بل من الممكن أن يكون الذي خلفهم أفضل منهم.
مثال: خالد بن الوليد يتولى في أصعب الظروف يوم مؤتة، بعد مقتل القادة الثلاثة، وهم أفضل منه، فيفتح الله به، وفيه قال النبي –صلى الله عليه وسلم- (أخذ الراية زيد، فأصيب. ثم أخذها جعفر، فأصيب. ثم أخذها ابن رواحة، فأصيب . وعيناه تزرفان. حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم."
المرجع:
كتاب الرحيق المختوم، كتاب رياض الصالحين، كتاب حياة الصحابة.