الصوفية ينتسبون لأهل الصفة، و يوالون شاتميهم
كتبه/ عبد المنعم الشحات
الحمد لله، والصلاة و السلام على رسول الله، وبعد،
تصاعدت الحملة ضد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلم نجد من الصوفية الذين يزعمون أنهم أهل (المحبة المحمدية) إلا استجداء الكفار أن يكفوا عن سباب الأموات الذين لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم. علماً بأن الصوفية يرون أن حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- البرزخية كحياته الدنيا تماماً. وأن أولياءهم يلتقون به -صلى الله عليه وسلم- ويسألونه عن تصحيح الأحاديث، وغير ذلك ولما انتبه منتبههم لذلك؛ قال: بل هو حي، ولكن أفضل وسيلة للرد هو الصفح الجميل.
ثم كانت تلك الحملة الشرسة على الصحابة -رضي الله عنهم- و منهم أبو هريرة -رضي الله عنه- الذي عيرته إحدى هذه الصحف بفقره، وأنه كان من أهل الصفة، وكان يتبع النبي -صلى الله عليه وسلم- على طعام بطنه، وبالتالي فهو من وجهة نظرهم الخبيثة غير مؤتمن أن يضع الحديث على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- طلباً لطعام فلان أو فلان.
سكوت الصوفية عن الطعن في النبي -صلى الله عليه وسلم- وعامة الصحابة أمر ليس بجديد عليهم، ولعلهم يخدعون أنفسهم بأن الوهابين سوف يذودون عن النبي -صلى الله عليه وسلم- والصحابة.
ولكن الذي يدعو إلى العجب أن الصوفية الذين يزعمون أنهم وحدهم وارثو أهل الصفة -رضي الله عنهم- زاعمين في ذلك أن اسم الصوفية قد اشتق من اسم أهل الصفة -وليس نسبة للصوف، ولا الفلسفة الإشراقية و لا غيرها- قد صمتوا صمت أهل القبور إزاء هذه الإساءة إلى أهل الصفة بصفة عامة و أبى هريرة بصفة خاصة.
والأعجب من هذا استمرار حالات الود مع الغرب الصليبي، ومع الشيعة الذين يقودون ويمولون الحملات المشبوهة على الصحابة -رضي الله عنهم-، فكان لقاء الشيخ حسن الشناوي شيخ مشايخ الطرق الصوفية مع السفير الأمريكي في القاهرة، ثم كان هذا الحوار الذي أجراه موقع العربية نت مع شيخ مشايخ الطرق الصوفية، وكان مما جاء فيه أنه قال حول لقائه بالسفير الأمريكي: "أنا لم أسع للسفير الأمريكي بأي طريقة وهو الذي طلب مقابلتي، فهل أرفضه؟..(لا يليق هذا وإلا صرتَ رافضياً!!!) وافقت وحددت له موعداً، وأبلغت مباحث أمن الدولة في مصر، فحضر منها مسئول في صورة شخص عادي، وسجل كل ما دار باللقاء. وقال: إن هدف اللقاءات هو معرفة مدى عمق الطرق الصوفية داخل المجتمع المصري، وعددهم ومدى تأثير الفكر الصوفي على المصريين (تحت أي مسمى تمت هذه المساءلة؟!) ولقد زارني في مدينة طنطا مرتين(92كم شمال القاهرة)، منها مرة أثناء احتفال الطرق الصوفية بمولد السيد أحمد البدوي، وقد حضر السفير الأمريكي برفقة زوجته وابنته وخطيبها(!!!!) وتفقد بعض المشروعات التي تم إنشاؤها بالمدينة".
وجاء في الحوار أيضا أنه نفي أن يكون الصوفية بوابة خلفية للتشيع ثم استطرد قائلا: "نحن نحترم الشيعة كإخوان في الإسلام، ولا فرق بيننا وبينهم، بل هم يزيدون علينا في حب التعلق بأهل البيت، ويحرصون على زيارة مقابر أولياء الله الصالحين والتعلق بها مثلنا، وذلك لا ضرر فيه فالرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: "القبر إما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار"، والذي يزور قبر ولي صالح كأنه يزور روضة من رياض الجنة". (استووا معكم في التعلق بالقبور وفاقوكم تعلقا بآل البيت كما زعمت، فلماذا لا يتشيع الصوفي الذي يريد الزيادة في حب آل البيت إن كان الأمر على ما ذكرت)
ومما جاء في هذا الحوار حول علاقة الشيعة بالإخوان المسلمين: "ونفى زعيم الصوفية وجود علاقة بين الصوفية والإخوان المسلمين مؤكداً أنه ليس هناك علاقة بالإخوان المسلمين كتيار سياسي إطلاقاً، ولم أقابل أحداً من قادة الإخوان، فهم لهم اتجاه ونحن لنا اتجاه معاكس تماماً، إن علاقتنا بهم تقريباً منعدمة لأنني شخصياً لا أريد سياسة، فالتصوف والسياسة لا يتفقان".
وهذه النقطة تثير الكثير من الشجون، فإذا كان الرجل ينفى لقاءه بأحد من الإخوان، معللاً ذلك بأن اتجاه الصوفية مصادم تماماً لاتجاه الصوفية، فهل يعنى هذا أن المساحة المشتركة بينه وبين السفير الأمريكي، و زوجته، وابنته، و خطيبها أكبر من المساحة المشتركة بينه وبين الإخوان المسلمين رغم كل ما قدمه الإخوان من تنازلات في مسائل المساجد المبنية على القبور و مسائل التوسل و غيرها؟؟
وإذا كانت تهمة الإخوان التي جعلت الرجل يفر من إثبات حتى معرفتهم فراره من الأسد هي عملهم بالسياسية فإن الشيعة يعملون كذلك بالسياسية، ومع ذلك فقد أعلن الرجل ولاءه التام لهم.
وبقيت نقطة هامة ينبغي أن يعيها الصوفية وكذلك الإخوان، وهي أن المنهج الذي سوف يأتي بدعم أمريكي سوف يكفيه عاراً أن يوصم بأنه أمريكي. هذا لو كان صحيحاً في ذاته، فكيف إذا كان مشتملاً على كثير من الخلل؟؟ وإن كان ثمة فرق هام جداً بين الدعم الكلي الذي يرجوه الصوفية من الأمريكان لمنهجهم، و بين الدعم السياسي الذي يرجوه الإخوان لحركتهم من وراء لقاءاتهم المتكررة مع السفير الأمريكي؛ إلا أن المحصلة في النهاية واحدة، موالاة لأعداء الله، والسماح لهم بمعرفة شئوننا الداخلية، وإعطائهم الفرصة لكي يطلبوا منا تفصيل دين جديد لا يتعارض مع معطيات الحضارة الأمريكية.
بقي أن نشير إلى هذه الفقرة الهامة التي ذكرها موقع العربية نت في مستهل هذا التحقيق وهي: "جدير بالذكر أنه قد تردد في الأوساط السياسية العالمية آراء مفادها أن الولايات المتحدة الأمريكية وضعت إستراتيجية مستقبلية لدعم (الإسلام الصوفي)، في مواجهة (الإسلام السياسي) بعد صعود الإسلاميين في الانتخابات المصرية ووصول 88 منهم إلى مقاعد البرلمان".
فمتى يفيق المسلمون من تخدير الصوفية؟! ومتى ينتبه الإسلاميون إلى عدم جدوى الانخراط في اللعبة السياسية التي تمسك بخيوطها الأيدي الأمريكية؟!
وإلى أن يحدث ذلك يجب على أتباع المنهج السلفي أن يعلموا أن الجميع منشغل عن قضايا الدفاع عن تاريخ السلف، وأنه ليس لهذه القضية الآن إلا هم، فليقدروا للأمر قدره وليعدوا له عدته.
|