مؤشرات نمو الصيرفة الإسلامية
أصبحت الخدمات المصرفية الإسلامية تكتسب سمعة طيبة كملاذ للاستقرار خاصة مع استمرار البحث عن نظام مالي جديد لمرحلة ما بعد الأزمة المالية العالمية. ومع وصول الأزمة المالية العالمية إلى ذروتها، فإن المزيد من السياسيين والاقتصاديين متفقون على أن النظام المالي العالمي المستقبلي سيشهد اختلافات كبيرة عما كان عليه في الماضي، ونعتقد هنا أن هذا الدور ستلعبه الصيرفة الإسلامية وبكل جدارة.
أرقام الصيرفة الإسلامية
بلغ حجم الصيرفة الإسلامية العام الماضي 2008م نحو 800 مليار دولار أمريكي، ومن المتوقع لها أن ترتفع إلى تريليون دولار أمريكي العام 2009م الجاري، وإلى حوالي تريليون ونصف التريليون في العام 2010م، وذلك تماشياً مع ما تشهده المنطقة من استراتيچيات تستهدف تنويع مصادر الدخل.
وفي العام 2007م، بلغ حجم الصيرفة نحو 600 مليار دولار أمريكي، استحوذت أصول البنوك الإسلامية على نسبة 31% والنوافذ الإسلامية التابعة للبنوك التقليدية على 25%، والصكوك على 4% والصناديق على 1% والأسهم المتوافقة مع الشريعة الإسلامية على 38% والتكافل على 1%.
وهذه النسب تم احتسابها استناداً إلى الخطة الإستراتيچية الـ 20 التي أعدها المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب التابع للبنك الإسلامي للتنمية في عام 2005م. وبلغ حجم القطاع المالي الإسلامي على المستوى العالمي، في عام 2006م نحو 400 مليار دولار أمريكي.
الصكوك
أما سوق الصكوك الإسلامية، فقد بلغت في نهاية العام 2007م (آخر إحصاءات متوافرة كما نشرتها صحيفة الرياض مؤخراً) نحو 100 مليار دولار أمريكي، استحوذت دول الخليج العربي على 32% منها بواقع 32 مليار دولار أمريكي، في حين يتوقع أن تكون قد جاوزت حاجز 46 ملياراً خلال عام 2008م الماضي.
وتعتبر الصكوك القطاع الأكثر ظهوراً وعلى الأرجح الأسرع نمواً، فالصك، تقريباً، مكافئ للسند وتأتي الصكوك في مجموعة كبيرة من الصيغ التي تغطي معظم الاحتياجات.
وتمتلك ماليزيا أكبر سوق في العالم للصكوك بواقع ثلثي القيمة، إلا أن الجهات المعنية والسلطات المالية في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية لحقت بالركب مبكراً، وبدأت تتنافس فيما بينها على هذا السوق المربح، حيث نشطت فيها إمارة دبي ومملكة البحرين. ومع ذلك فإن حجم الصكوك ما زال متواضعاً أمام سوق السندات التقليدية التي تصل إلى 43 تريليون دولار أمريكي.
المؤسسات والمصارف
أما عدد المؤسسات المالية التي تعمل وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية، فيصل إلى 339 مؤسسة، منها 300 مصرف، والبقية تعمل في مجالات مالية أخرى كالتمويل العقاري والتكافل.
ويتوقع وصول هذا العدد إلى نحو 800 مؤسسة بحلول العام 2015م، وذلك تماشياً مع الطلب المرتفع على أعمالها.
الغرب يتسابق على الصيرفة الاسلامية
تتسابق جميع الدول بما فيها الدول الغربية إلى جذب صناعة الصيرفة الإسلامية وقدّرت أهميتها وسرعة نموها، حيث سنت التشريعات والقوانين الناظمة لها. وتسعى العاصمة البريطانية لندن لأن تصبح وجهة رئيسية لاجتذاب خدمات التمويلات المصرفية المطابقة لأحكام الشريعة الإسلامية والتي تضاعفت حول العالم ثلاث مرات خلال العقد الأخير.
وأوضحت دراسة حول التمويل الإسلامي أعدتها مؤسسة الخدمات المالية الدولية أن العاصمة البريطانية لندن تتمتع بمقومات مهمة لاجتذاب التمويلات الإسلامية أبرزها وجود المصارف الإسلامية والنوافذ التابعة للبنوك التقليدية، إلى جوار تسع مؤسسات لإدارة المحافظ المالية وعدد من المؤسسات القانونية الدولية التي تقدم خدمات مطابقة لأحكام الشريعة الإسلامية.
ويوجد في بريطانيا 3 مصارف مطابقة بالكامل لأحكام الشريعة الإسلامية تأسست منذ عام 2004م، وهي المصرف الإسلامي البريطاني والمصرف الأوروبي للاستثمار الإسلامي وبنك لندن والشرق الأوسط، إضافة إلى 20 بنكاً تقدم الخدمات الإسلامية من خلال نوافذ خاصة.
ويضاف إلى ذلك وجود سوق ثانوية في الصكوك الإسلامية بتعاملات تصل قيمتها إلى ملياري دولار شهرياً إلى جانب سوق متنامية لخدمات الرهن العقاري بالتجزئة حسب الأصول الإسلامية.
وتشير الدراسة إلى أن حجم التعاملات اليومية في السلع عبر بورصة لندن للمعادن يعد من المقومات الجوهرية لإدارة الأصول والسلع بالأنظمة الإسلامية، منوهة إلى أن حجم المصارف البريطانية ال23 مجتمعة يبلغ أربعة أضعاف مثيلاتها في أي من بلدان أوروبا الغربية. وتتنافس هذه المصارف لخدمة نحو مليوني مسلم في البلاد.
وقامت بورصة لندن بإنشاء مؤشر (داو جونز إسلامي) لقياس حجم التعاملات على الأوراق المالية الإسلامية (الصكوك) وهو ما يبشر بزياد الإقبال على التعامل المالي وفقاً للشريعة الإسلامية في أوروبا.
وتعكف السلطات البريطانية حالياً لمراجعة القوانين المصرفية ومساواة البنوك الإسلامية بالتقليدية فيما يتعلق بالضرائب والتسهيلات، ما يمثل خطوة عملية لجذب الصناعة.
وأظهرت دراسة قام بها بنك لويدز تي إس بي البريطاني تزايد اهتمام المصارف البريطانية بالتمويل الإسلامي الذي نما في لندن بنسبة 25%. وتبحث فرنسا هي الأخرى إجراء تعديلات مالية وقانونية تتيح للمؤسسات المالية مزاولة أنشطة التمويل الإسلامي في البلاد من خلال خلق البيئة المناسبة.